على عكس المتوقع، شهدت انتخابات مجلس الشيوخ، مفاجأة كبيرة بإعلان فوز مرشح واحد “مستقل” بمقعد الفردي بمحافظة القاهرة، هو المهندس هادي لويس جريس، صاحب التاريخ السياسي “الضعيف”، والقدرة المالية المحدودة، مقارنة بمنافسيه من المنتمين لأحزاب ذات تاريخ سياسي كبير، كمرشحي حزب الوفد، وأصحاب المال الوفير من مرشحي حزب الشعب الجمهوري، فضلًا عن المستقلين من أصحاب المناصب العسكرية والاقتصادية الكبيرة.
عضو مجلس الشيوخ، يشرح كيف خاض المعترك الانتخابي، كما يكشف سر دعم حزب مستقبل وطن له، وخطته للعمل داخل المجلس الجديد في ضوء الاختصاصات الممنوحة له.
يرى عضو مجلس الشيوخ، أن القدر كان صاحب اليد العليا في فوزه بعضوية مجلس الشيوخ
مرشح القدر
تنافس المهندس هادي لويس بباوي مرجان، صاحب الـ66 عامًا، والمولود في نوفمبر عام 1954 بمحافظة الفيوم، والحاصل على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية عام 1979، مع 97 مرشحًا في انتخابات مجلس الشيوخ بالقاهرة، بعضهم من أصحاب الخبرة والشهرة في المجال السياسي، مثل الدكتورة منى مكرم عبيد، مرشحة حزب الوفد، وفؤاد سعد القاضي مرشح حزب الشعب الجمهوري، فضلًا عن عدد من أصحاب المناصب العسكرية الكبيرة، ورغم ذلك حصد الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى ليكون المرشح المستقل الوحيد الذي يفوز في الجولة الأولى، رغم مشاركة 551 مستقلًا في الانتخابات.
المرشح الذي حمل رقم 41 في انتخابات الشيوخ، والحاصل على بكالوريوس العلوم اللاهوتية عام 1997، ودبلومة المشورة الأسرية وعلم النفس عام 2002، بدأ حياته العملية بعد إنهاء خدمته العسكرية مباشرة، بإحدى شركات المقاولات قبل أن يتجه إلى خوض تجارب أخرى في العمل الحر بمجالات متعددة مثل صناعة الملابس والحلويات، والتي أكسبته خبرة حياتيه كبيرة، مكنته من خوض المعترك الانتخابي.
يرى رمز العصفور في انتخابات مجلس الشيوخ بالقاهرة، أن القدر كان صاحب اليد العليا في فوزه بعضوية مجلس الشيوخ، لافتًا إلى أن العلاقة التي جمعته بأهالي دائرته من المسلمين والمسيحيين، من تعاون وود على مدار السنوات الماضية، هي التي مكنته من تحقيق الفوز وكسب ثقتهم.
التاريخ السياسي
مرجان، ذكر أنه بدأ العمل السياسي في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، لإيمانه بأن كل مواطن مصري لا بد أن يشارك ويكون له دور في بناء مصر، مشيرًا إلى أنه ترشح في انتخابات مجلس الشورى عام 2012، لكنه لم يتمكن من الفوز بمقعد في المجلس، بسبب سيطرة تيار الإسلام السياسي على الساحة.
وأكد مرجان، أنه قرر الابتعاد عن العمل السياسي في انتخابات مجلس النواب عام 2015، رغم إعداده جميع الأوراق والمستندات المطلوبة للترشح، بعد نصيحة عدد من المقربين له بعدم خوض الانتخابات في ظل ترشح عدد من الأسماء ذات الثقل السياسي والاجتماعي، ما يصعب مهمته في الفوز.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أنه رغم عدم نجاحه في انتخابات مجلس الشورى، سعى إلى توطيد علاقاته بأهالي دائرته بشكل أكبر، ومن ثم كون قاعدة انتخابية مكنته من خوض الانتخابات.
“مشاهد الناخبين الداعمين لي في الانتخابات كانت مفاجئة”.. هادي لويس مرجان
سر الفوز
المرشح المستقل الوحيد الذي حظى بمقعد في مجلس الشيوخ، أسس صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” في 6 أغسطس الماضي، وتحديدًا قبل أقل من أسبوع من موعد إجراء الانتخابات في الداخل والتي تمت بين يومي 10 و11 أغسطس الجاري، ولم تلقى رواجًا كبيرًا، حيث أن عدد متابعيه لم يتجاوز الألف متابع حتى الآن، إلا أنه تمكن من الحصول على 2 مليون و100 ألف صوت في الانتخابات.
وقال عضو مجلس الشيوخ، إن نجاحه في الانتخابات كان معبرًا عن حب أهالي دائرته له في ظل سعيه إلى خدمة الجميع قبل أي منصب، مشيرًا إلى أن الجميع حرص على المشاركة في الانتخابات والتصويت له سواء من المسلمين أو المسيحيين، وحشد الناخبين للتصويت له، وهذا ما رجح كفته في الانتخابات ومكنه من تحقيق الأغلبية المطلقة، رغم أنه كان يتوقع أن يخوض تجربة الإعادة ولم يخطر بباله الفوز من الجولة الأولى.
وتابع: “مشاهد الناخبين الداعمين لي في الانتخابات كانت مفاجئة، في ظل حرص الجميع على المشاركة والإدلاء بأصواتهم، مهما كانت الأعذار التي قد تعيق مشاركتهم”، منوهًا إلى أن تلك المشاهد أثبتت له مدى وعي الناخبين، ودعمهم له، وهو ما يحمله مسؤولية كبيرة.
وأكد أنه خلال فترة الانتخابات لم يطلق وعودًا صارخة مثلما يحدث في العملية الانتخابية عمومًا، فكان صريحًا مع أبناء دائرته، مستطردًا: “لم أعد الناس بأي شئ، أو أدعي امتلاك برنامج انتخابي لأن مجلس الشيوخ ليس جهة تشريعية أو تنفيذية، وعندما كان يسألني الناخبين عن برنامجي الانتخابي أو المقر الخاص بي، كنت أخبرهم أن المجلس الجديد جهة استشارية لا تشريعية ولا تنفيذية وبالتالي فلا أحمل لهم الوعود المعتادة في انتخابات البرلمان”.
“أنا معنديش فكرة عن توجهات مستقبل وطن ومبادئه السياسية، وأنا رجل مستقل ولا أنوي الانضمام إلى أي كتلة حزبية”.. عضو مجلس الشيوخ
التعاون مع مستقبل وطن
حزب مستقبل وطن، والذي حصل على حوالي 127 مقعدًا في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، أعلنت أمانته في القاهرة في 5 أغسطس الماضي، وتحديدًا قبل أقل من أسبوع من بدء الانتخابات عن موافقة الأمانة المركزية للحزب علي مقترحها بتأييد المرشح المهندس هادي لويس مرجان، خلال الانتخابات علي المقعد الفردي لمحافظة القاهرة في إطار التحالفات الانتخابية التي يقوم بها الحزب.
ولفت مرجان، إلى إنه لا يعلم كيف وصل إليه الحزب، وأنه فوجئ بدعمهم له على صفحة أمانة الحزب في القاهرة، وهو ما أدهشه في البداية من اختياره رغم وجود العديد من المنافسين، مشيرًا إلى أن قيادات الحزب التي التقاها أخبرته أن السيرة الذاتية، هي التي دفعتهم لدعمه، خاصة في ظل امتلاكه كتلة تصويتية جيدة، ما جعل الانتفاع متبادلًا، مؤكًدا أن دعم حزب مستقبل وطن كان فارقًا معه بالتأكيد.
وعن إمكانية انضمامه لكتلة مستقبل وطن في المجلس، قال: “أنا معنديش فكرة عن توجهات مستقبل وطن ومبادئه السياسية، وأنا رجل مستقل ولا أنوي الانضمام إلى أي كتلة حزبية داخل المجلس”، لافتا إلى أن الحزب لم يطلب منه التحالف معهم أو الانضمام إليهم.
“سأعمل على نزع الفتنة الطائفية التي تحاول استغلالها الجماعات المتشددة لزعزعة أمن واستقرار الشعب المصري وإنهاء كلمة مسلم ومسيحي”.. هادي لويس مرجان
خطة المجلس
وبشأن خطته التي يسعى لتنفيذها خلال الفترة المقبلة، قال: “أنا آمين مع نفسي، عندي خبرة في أمور معينة وتجارب سابقة، لكن تجربة مجلس الشيوخ جديدة بالنسبة ليّ، وأحتاج أولًا إلى خوض التجربة العملية، الاحتكاك بالزملاء، ومعرفة طريقة تفكيرهم والتوجهات الموجودة، لكن ما أقدرش أحكم دلوقت”.
ولفت عضو مجلس الشيوخ، إلى أن أكثر الملفات التي تحظى باهتمام بالغ لديه هو ملف ترسيخ مبدأ المواطنة، ونزع الفتنة الطائفية التي تحاول استغلالها الجماعات المتشددة لزعزعة أمن واستقرار الشعب المصري، وإنهاء كلمة مسلم ومسيحي، مشيرًا إلى أنه سيسعى إلى تكوين كيان أو لجنة أو مجموعة تهتم بهذا الملف الخطير، متابعًا: “نحن في معركه بناء وطن، وأمنيتي أن أتمكن من القضاء على كلمة مسلم ومسيحي، وأن يكون التعامل في ضوء الإنسانية”.