رحيل جونسون عن الحكم وسياسة جديدة لنيكسون
رأى عبد الناصر، أن يُظهر للولايات المتحدة استعداده لفتح صفحة جديدة معها، بعد رحيل ليندون جونسون، فبادر بإرسال برقية تهنئة إلى الرئيس الجديد ريتشارد نيكسون، الذي كان عبد الناصر يعرفه معرفه شخصية من قبل، عندما حضر لزيارة مصر قبل سنوات، وزار السد العالي في أسوان، مصرحًا بعد ذلك بأن قيام الولايات المتحدة بسحب تمويلها للسد العالي، كان غلطة كبرى.
كما بادر نيكسون من جانبه إلى إيفاد وليام سكرانتون- الصديق الشخصي له- ليقوم بجولة في الشرق الأوسط، والاجتماع بالرئيس جمال عبد الناصر. وجاء سكرانتون مبشرًا، بأن على الولايات المتحدة أن تتبع سياسة متوازنة بالنسبة لأزمة الشرق الأوسط، وكان ذلك هو ما نطلبه من الولايات المتحدة. إلا أن سكرانتون اختفى من الحياة السياسية بعد عودته. وتقدم الاتحاد السوفيتي بمشروع، يتضمن جدولًا زمنيًا لتطبيق قرار مجلس الأمن 242، وعندما رفضت الولايات المتحدة المشروع، وافق الاتحاد السوفيتي على الإسراع بتزويد مصر بالأسلحة والمعدات التي سبق أن طلبتها منه.
في مارس 1969 قرر عبد الناصر إيفاد الدكتور محمود فوزي مساعد رئيس الجمهورية، لحضور جنازة الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور وصهر نيكسون، تعبيرًا عن تقديرنا للدور الحاسم الذي قام به خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، إلا أن عبد الناصر لم يجد أي تغيير في الموقف، يشجعه على عودة العلاقات.
لكن عام 1969 شهد تغيرات جوهرية في المنطقة، فقد قام الجيش في السودان بانقلاب في السودان تزعمه جعفر نميري في مايو عام 1969، ثم تبعه انقلاب آخر في ليبيا في سبتمبر من نفس العام بقيادة معمر القذافي. وكلاهما قاما لدعم مصر. وحدثت في نفس العام 1969 محاولة انقلاب قام بها ضباط في القوات الجوية السعودية، وينسب لها البعض تعيين أنور السادات نائبًا لرئيس الجمهورية، لطمأنة السعودية بموقف مصر، نظرًا لصداقته بكمال أدهم رئيس المخابرات السعودي.
فبدلًا من أن يؤدي عدوان إسرائيل، إلى انقلاب داخلي في مصر، فقد أدى في الواقع إلى ثورات، تتعهد منذ اللحظة الأولى لقيامها، بتقديم مزيد من التأييد لمصر. فلم تؤد الهزيمة العسكرية إلى عزل مصر، وسقوط النظام المصري، بل أدت إلى مزيد من الالتفاف العربي حوله. والذي بدأ يعاني من العزلة في الشرق الأوسط، لم يكن عبد الناصر وإنما المصالح الأمريكية. فكان قيام الثورتين في كل من ليبيا والسودان، ليس دعمًا سياسيًا لمصر فحسب، بل كانا يمثلان كذلك من الناحية العسكرية عمقًا استراتيجيًا لها. فقد تم نقل الكلية الحربية إلى السودان، والكلية البحرية إلى ليبيا، حتى لا يتعرضا لغارات إسرائيل الجوية. وكانت أمريكا تسيطر على ليبيا سياسيًا وعسكريًا، وتستخدم قاعدة عسكرية ضخمة هناك، هي قاعدة هويلس التي تمكنها من إحكام السيطرة على البحر المتوسط ومساندة الأسطول السادس، وقد قام القذافي بإنهائها.
توسيع العمليات العسكرية: خلال ذلك العام استطاعت مصر إتمام إعادة بناء جيشها، بعد أن حصلت على كميات ضخمة من الأسلحة السوفيتية. وقامت قوات الصاعقة المصرية، في العاشر من يوليو 1969، باقتحام موقع إسرائيلي في سيناء، ورفعت عليه العلم المصري، وانسحبت بعد أن كبدت القوات الإسرائيلية أربعين قتيلًا وجريحًا، وعادت ومعها عدد من الأسرى، ثم قامت أربعون طائرة مصرية في 24 يوليو بقذف المواقع الإسرائيلية في سيناء. وفي خلال الأسابيع التالية، قامت إسرائيل بنحو ألف غارة جوية فوق الجبهة المصرية.
وفي نفس العام، بدأ الشرق الأوسط يشهد أول حرب إليكترونية، عندما زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالأجهزة الإليكترونية، لمعونة طائراتها في الإغارة على المواقع المصرية.
وفي أواخر عام 1969، كانت إسرائيل تلقي على مصر ما يقرب من ألف طن من القنابل يوميًا، حسب تقدير الخبراء العسكريين، تبلغ قيمتها مليون جنيه إسترليني، بهدف إرغام مصر على وقف حرب الاستنزاف. وفي فجر 9 سبتمبر 1969، وبينما كانت الجبهة مشتعلة بالقتال اليومي المستمر، قام العدو بإنزال سرية دبابات على الشاطئ الغربي لخليج السويس في منطقة صحراوية خالية من القوات المصرية، واتجهت القوة المعادية برًا في اتجاه الزعفرانة، حيث تتمركز قوة صغيرة من خمسة أفراد، وتمكنت من قتلهم جميعًا، ثم قامت بتدمير موقع رادار على بعد حوالي مائة كيلو جنوب السويس، واستمرت قوة الإغارة حوالي 6 ساعات على الضفة الغربية لخليج السويس، تحت حماية كثيفة من السلاح الجوي الذي كان يقدم لها المعاونة الجوية، ثم عادت قوة الإغارة إلى الشاطئ الشرقي لخليج السويس. ونتيجة لهذه الإغارة، تقرر إعفاء اللواء أحمد إسماعيل رئيس الأركان، ولم يكن قد أمضى في المنصب ستة أشهر، وتعيين اللواء محمد صادق رئيسًا للأركان، كما أعفي اللواء فؤاد ذكري من قيادة القوات البحرية، وتولى قيادتها اللواء بحري محمود فهمي، بالإضافة لإجراءات شديدة، اتخذت في المستويات الأدنى.
وفي 16 نوفمبر 1969، وتنفيذا لمخطط الإغارات، قامت المجموعة 39 بقيادة العقيد إبراهيم الرفاعي من مجموعات الصاعقة، بإغراق وإصابة ثلاث سفن إنزال بحرية إسرائيلية في ميناء إيلات.
في 9 نوفمبر عام 1969، تلقى محمود رياض وزير الخارجية المصري، من وليام روجرز وزير الخارجية الأمريكي مبادرته الأولى، رفضتها إسرائيل. وتتضمن مقترحات أمريكية، لتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 من عشر نقاط، وبعد أن تقدم روجرز بمقترحاته إلى مصر والأردن، التي كانت أول تفكير أمريكي في تسوية شاملة، أعلن أن دور الولايات المتحدة هو إقناع الأطراف بالتوصل إلى اتفاق تفاوضي، ثم أيد نيكسون هذا الاتجاه في تصريح له في يناير 1970.
يقول محمود رياض: “ولم يقتصر الأمر على تراجع واشنطن عن مقترحاتها، بل قامت بتحرك استفزازي مفاجئ، ففي يوم 22 فبراير1970، جاء برجس المشرف على رعاية المصالح الأمريكية برسالة، تمثل تهديدًا صريحًا من الحكومة الأمريكية، تنصحنا بقبول قرار وقف إطلاق النار في يونيو عام 1967، كما حدده قرار مجلس الأمن، وإلا فإن الغارات في العمق المصري وضد المدنيين سوف تستمر، وربما بصورة أكبر مدى، ليشمل أهدافًا تضر بالاقتصاد المصري بصورة أساسية”.
يقول ستيف جرين: “بعد قصف المواقع المدنية، مثل مدرسة بحر البقر الابتدائية، والذي قتل فيه 46 طفلًا في هذه الغارة، رأى القادة العسكريون في إسرائيل، وبينهم أولئك الذين أيدوا الغارات بقوة عام 1969، أن تلك الغارات ذات مفعول عكسي. فقد استهدفت الغارات في الأصل إذلال الشعب المصري، وإظهار حكومته بمظهر العاجز عن حمايته، لعله يطيح برئيسه، ويوافق على اتفاقية سلام، أو على الأقل على وقف لإطلاق النار، حسب الشروط الإسرائيلية. لكن ما حدث كان عكس هذا، فالشعب المصري أيد سياسة مواجهة مع إسرائيل، وأنها رد مشروع على الحكومة الإسرائيلية التي تلجأ للقصف العشوائي. كما أن مصر أدركت أنه لا بديل للمساعدات السوفيتية الضخمة لحماية الأمة، حتى ولو كان ثمنها قواعد أو جلب عدد كبير من المستشارين الروس، وغير ذلك من الأمور التي كانوا يرفضونها، لأنها تذكرهم بقرون من السيطرة الأجنبية”.
كما يقول ستيف جرين في موضع آخر: “هناك قرارات سياسية تعتبر خاطئة، لأنها لا تعود بالنتائج المرجوة، وهناك قرارات تعتبر فاشلة فشلًا تامًا؛ لأنها تؤدي إلى عكس النتائج المرجوة. ومن هذا النوع الثاني كان قرار إسرائيل بقصف العمق المصري في مطلع عام 1970، وقرار نيكسون بدعمها. فقد كانت أهداف إسرائيل من وراء الهجمات في العمق، هي أن تجبر الجيش المصري على الخضوع لقرار وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في نهاية حرب الأيام الستة، وأن ترسي دعائم خط بارليف على أساس ثابت، وأن تحافظ على التفوق الجوي على جانبي القناة. وأن تظهر للشعب المصري، أن حكومة ناصر لا تستطيع حمايته، ولا تستحق تأييده. وأن تظهر للعرب الآخرين، أن سياسة عبد الناصر في المواجهة غير مجدية. وأخيرًا أن تظهر للاتحاد السوفيتي، أن الجيش المصري غير موثوق به كحليف عسكري.
وفي هذا السياق يقول المشير الجمسي: “استشعر الرئيس عبد الناصر خطورة الموقف، منذ بدأت إسرائيل قصف الأهداف المدنية والعسكرية في عمق الدولة. فسافر إلى موسكو يوم 22 يناير 1970 حتى 25 يناير؛ لشرح الموقف للاتحاد السوفيتي، وطلب أسلحة ومعدات دفاع جوي (صواريخ وطائرات ورادارات) أكثر تقدمًا، مما كان متيسر لنا حينذاك. وكان الهدف الرئيسي من هذه الزيارة، هو شرح الموقف العسكري في جبهة القناة، بعد التطورات التي حدثت، بعد زج السلاح الجوي الإسرائيلي في حرب الاستنزاف الدائرة، والحصول على موافقة الاتحاد السوفيتي على تزويد مصر، بنظام متكامل ومتطور للدفاع الجوي، حتى تتمكن من مواجهة التفوق الجوي الكمي والنوعي الإسرائيلي، وبالتالي، تتحمل من الخسائر ما يجبرها على وقف غاراتها الجوية في العمق”.
خلال جلستَي مفاوضات مع القيادة السوفيتية، في لقاء القمة الرابع منذ اللقاء الأول خلال زيارة الرئيس بدجورني في أعقاب الهزيمة، وكان الرئيس عبد الناصر منفعلًا فيهما، مهددًا بترك الحكم إلى زميل له، يمكنه التفاهم مع الولايات المتحدة.
وأمكن للرئيس، أن ينتزع من القيادة السوفيتية الموافقة على الإمدادات التالية: 32 كتيبة صواريخ سام 3 كاملة بأجهزتها ومعداتها وأطقمها السوفيتية، مكونة فرقة دفاع جوي كاملة- 85 طائرة ميج 21معدلة جديدة بأجهزتها ومعدتها وأطقمها وبطاريتها السوفيتية، مكونة 3 لواءات جوية كاملة- 50 طائرة سوخوي 9- 10 طائرات ميج 21 تدريب-4 جهاز رادار (ب 15) للعمل ضد الطيران المنخفض، 50 موتورًا جديدًا- 511 لطائرات الميج 21 الموجودة في مصر تطويرًا للطائرة ميج 21.
وكانت هذه أكبر صفقة أسلحة تمت بين مصر والاتحاد السوفيتي، منذ بدء التعاون والصداقة معه. بل لم يسبق للاتحاد السوفيتي، أن قدم مثلها لدولة صديقة منذ الحرب العالمية الثانية. وكان التواجد السوفيتي والدعم العسكري ردعًا سياسيًا وعسكريًا لكل من إسرائيل وأمريكا، نتيجة لتهديد الشعب المصري في العمق. وقد حدث في 18 إبريل 1970 اعتراض جوي في منطقة عتاقة جنوب السويس، لتشكيل جوي إسرائيلي، كان متجهًا لقذف أهداف في العمق المصري، وتم اعتراضه بواسطة تشكيل جوي سوفيتي، أمكنهم تمييزه من سماع اللغة الروسية بين طياري التشكيل، فلم يحاول التشكيل الاشتباك، وعاد من حيث أتى.
وكانت الخطوة التالية بعد وصول الصواريخ سام 3 والطائرات الجديدة ميج 21 المعدلة، والدعم الجوي الآخر، هي بناء شبكة الدفاع الجوي في منطقة القناة، حماية للتجمع الرئيسي للجيشين الثاني والثالث، وهما يستعدان لتصعيد العمليات العسكرية ضد إسرائيل. وكانت إسرائيل تعمل بكل قواها؛ لمنع إقامة شبكة الصواريخ وتجميعها غرب القناة، إذ أنها ستكون غطاءً منيعًا، عندما يحين الوقت لعبور قواتنا قناة السويس وتحرير الأرض .
شيئًا فشيئًا، بدأت شبكة الصواريخ الجديدة، تأتي بنتائجها في الإيقاع بخسائر في الطيران الإسرائيلي. فأسقطنا طائرة استطلاع إليكترونية، كانت الولايات المتحدة قد زودت إسرائيل بها لتحديد مواقع الصواريخ المصرية، وبدأ المزيد من الطائرات الأمريكية يتساقط. وأدى هذا التصاعد المستمر للقتال على الجبهة المصرية، إلى مزيد من تعبئة المشاعر العربية ضد السياسة الأمريكية.
كانت الأهداف الأمريكية، أن تُبقي السوفيت خارج المنطقة. وأن تتوصل ما أمكن إلى طريقة للنيل من عبد الناصر، فكانت النتيجة ضم 20 ألف عسكري ومستشار سوفيتي للجيش المصري، ومواجهة الطيارين الإسرائيليين حاجزًا من الصواريخ أشد تعقيدًا، يصل مداه إلى مسافة 15 و20 ميلًا. وهي التي تتيح الفرصة للإعداد لهجوم- على حد قول الفريق سعد الشاذلي- أي أن طريق حرب الغفران قد افتتحت، زد على ذلك أن حرب الاستنزاف قد رفعت معنويات القوات المصرية، ودرجة كفايتها التدريبية، ولا سيما وحدات الكوماندوز، التي ستقود عملية عبور القناة بعد ثلاث سنوات”.
يقول رياض: “في مطلع عام 1970، ومن خلال لقاءاتي مع عبد الناصر والفريق فوزي، كان الموقف السياسي والعسكري على النحو التالي: استكملت قواتنا تدريباتها على الأسلحة التي تسلمتها من الاتحاد السوفيتي. وأن الولايات المتحدة لن تسمح لنا مطلقًا بتحقيق تفوق في الجو على إسرائيل، ولا حتى بتحقيق تعادل جوي، وكلما حصلنا على صفقة من الاتحاد السوفيتي، بادرت الولايات المتحدة بشحن طائرات أكثر تطورًا لإسرائيل. مع ذلك فقد بدأنا نحظى بنسبة معقولة في إعداد المقاتلين الطيارين، حيث أصبح لدينا ثلاثة طيارين مصريين لكل طائرتين. ولذلك، فإن تعزيز شبكة صواريخ الدفاع الجوي في منطقة قناة السويس سيكون حاسمًا في العبور. ويضيف رياض: إن القوات المسلحة المصرية قد وصل حجمها إلى 540 ألف مقاتل، منهم نسبة كبيرة من خريجي الجامعات والمدارس المتوسطة، وذلك بعد أن كان حجمها 170 ألف مقاتل قبل حرب يونيو. وإن الخطة القائمة سوف تجعل هذا الحجم يصل قبل نهاية 1970، إلى ثلاثة أرباع مليون مقاتل”. ويقول المشير الجمسي: “لقد تحولت عملية إنشاء تحصينات وتجهيزات مواقع صواريخ الدفاع الجوي إلى ملحمة وطنية، أثبتت قدرة الإنسان المصري وإرادته على البذل والعطاء، وإصراره على تنفيذ مهامه، مهما كانت المصاعب والتضحيات”.
وفي صباح يوم 30 يونيو 1970، أسقطت قوات الدفاع الجوي ثلاث طائرات إسرائيلية، ودمرت طائرتين يوم 2 يوليو وثلاث طائرات يوم 3 يوليو. ومن هنا بدأ الحديث في إسرائيل، عن تآكل دور السلاح الجوي الإسرائيلي، وارتفعت الروح المعنوية لقواتنا المسلحة، للنتائج التي حققتها قوات الدفاع الجوي بنجاح. وفي الجانب الإسرائيلي، صرخت جولدا مائير في حيرة وهي تقول: “إن كتائب الصواريخ المصرية كعش الغراب، كلما دمرنا إحداها، نبتت أخرى بدلًا منها. إن المصريين زرعوا كل الأرض غرب القناة بالصواريخ”.
لقد أصدر رئيس الأركان حاييم بارليف تعليماته، ببذل جهود كبيرة من أجل منع إقامة أو نصب بطاريات الصواريخ الأرض/ جو على طول القناة، وقام سلاح الطيران الإسرائيلي بتنفيذ هجمات على بطاريات الصواريخ المصرية التي كانت تقترب من قناة السويس، ولكن الهجمات لم تحقق سوى نجاح محدود فقط، وتكلفت ثمنًا كبيرًا من الخسائر.
ويقول الطيار الإسرائيلي أليعازر كوهين: “في شهر يوليو 1970 آخر شهور حرب الاستنزاف، كان يتم إسقاط طائرات فانتوم بمعدل وكميات غير متوقعة. ما أدى إلى ضياع أفضل الطيارين والملاحين، وإلى زعزعة هيئة الأركان والقيادة السياسية، وإلى خفض الروح المعنوية، وبث الرعب في قلوب صانعي القرارات من اتخاذ مبادرات جديدة”. ويقول إيلي زعيرا: “وفور بدء سريان وقف إطلاق النار، لجيش الدفاع الإسرائيلي، أن المصريين يقومون بتحويل وتقريب الصواريخ أرض/ جو إلى القناة، ولقد نفذوا هذه العملية بذكاء ومكر. فعلى طول القناة أقام المصريون عددًا كبيرًا من البطاريات الهيكلية للصواريخ، وقواعد الإطلاق والرادارات المصنوعة من الخشب، وأحيانًا يضعون رادارات حقيقية داخل بطارية هيكلية، وفور سريان مفعول وقف إطلاق النار، أدخلوا قواعد إطلاق وصواريخ ورادارات حقيقية، إلى مبان ودشم البطاريات الهيكلية. وفي نهاية هذه العملية وجد سلاح الطيران الإسرائيلي نفسه ممنوعًا من الاقتراب من القناة، لأنها كانت مغطاة ومحمية بواسطة الصواريخ أرض/ جو. وقد خلق هذا وضعًا استراتيجيًا جديدًا، أصبح فيه سلاح الطيران محيَّدًا، ما دام لم يتم تدمير الصواريخ”.
في الحلقة الأخيرة، هل كان قبول مبادرة روجرز تراجعا عن العمل العسكري نحو الحل السلمي؟
اقرأ في هذه السلسلة:

