تتجه الحكومة المصرية إلى رقمنة مختلف قطاعاتها، وهو الأمر الذي لم يبعد بشكل كبير عن المناخ العام للمستثمرين والمصنعين الذين اجتمعوا لبحث أدوات الارتقاء بالقطاع الصناعي المصري، وكان أحد عوائق ذلك الأمر هو إتاحة البيانات وتوفيرها بما قد يفتح آفاقًا جديدة للصناعة المحلية في مواجهة موجة الإغراق العالمية التي تعاني منها مختلف البلدان دون استثناء.
البداية جاءت من اتحاد المستثمرين الذي اجتمع وقرر إنشاء أول قاعدة بيانات تضم جميع المصانع بالمناطق الصناعية المصرية، بما يكفل كسر أهم عوائق الإنتاج المحلى وهو توفير البيانات اللازمة كاملة عن القطاع الصناعي.
آفاق جديدة
أسامة حفيلة رئيس جمعية مستثمري دمياط، أكد أن إنشاء قاعدة بيانات للمصانع المحلية سيحدث فارقًا كبيرًا في السوق المحلية، وسيفتح آفاقًا في السوق الخارجية، مضيفًا أن وجود قاعدة بيانات سيساهم بشكل كبير في فتح الأسواق التصديرية الجديدة فضلاً عن وضع معلومات دقيقة عن حجم الإنتاج المحلي والإعلان عن أنواع المنتجات المحلية لدراسة إمكانية استخدامها بديلا عن المنتج المستورد خاصة إذا كانت تفي بالغرض.
وقال “حفيلة” إن هناك توجه نحو العمل على إنشاء قاعدة البيانات بداية من الأسبوع المقبل بعد اتخاذ اتحاد المستثمرين قراره بالتعاقد مع إحدى الشركات لإنشاء بوابة إلكترونية ليتم بعدها إدراج جميع المصانع في المناطق الصناعية المصرية ومن ثم تتاح بيانات جميع المنتجات المحلية.
أمل الجميع
“فتحي الطحاوي” عضو شعبة المستوردين ونائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية، أكد أن الحديث عن قاعدة بيانات للوهلة الأولى أمل جميع من يعملون في القطاع التجاري والصناعي المصري، وذلك لأن أهم عنصر مفقود في الاقتصاد المحلى هو إتاحة البيانات عن الإنتاج وحجمه وأنواعه، وهو ما يتطلب جهدًا غير طبيعي للوصول إليه خاصة مع وجود الكثير من أوجه الروتين والبيروقراطية في المؤسسات الحكومية على وجه الخصوص، وإتاحة البيانات من شأنه أن يساهم في الترويج للمنتج المحلي واستخدامه بديلًا عن المستورد، خاصة إذا كان هناك بديل مناسب كما أنه سيكسر حالة الركود التي سيطرت على السوق المحلية خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
واعتبر “الطحاوي” أن السوق المحلية في مناخ أقرب للتوقف، فهناك تراجع كبير في القوى الشرائية للمستهلكين نتيجة ما يعانونه من نقص في السيولة المالية وتدني الأوضاع المعيشية خاصة خلال العام الجاري بالتزامن مع جائحة كورونا، معتبرًا التوجه نحو إنشاء قاعدة بيانات للمنتج المحلى والتسويق الإلكتروني سيخلق حالة أقرب إلى تحريك الماء الراكد، وهو ما ستصب نتائجه في دعم وتأمين الاقتصاد المحلي.
التسويق الإلكتروني ودوره المرتقب
“حفيلة” عاد وأكد أن جائحة كورونا جعلت للتسويق الإلكتروني دور كبير وبديل آمن عن نزول المواطنين من منازلهم، وهو الأمر الذي لاقى قبولًا كبيرًا لدى المصنعين والتجار في آن واحد، لما يوفره من موارد مهدرة على العملية التجارية، كما ساهم أيضًا في سعي الكثير من المصانع إلى تسجيل البيانات الخاصة بها، للتمكن من عرض البيانات الخاصة بها في طريق السعي لزيادة مبيعاتهم وفتح المجال أمامهم للتصدير للخارج.
كما قال “الطحاوي” إن المستقبل التجاري والصناعي سيكون للقادرين على تسويق منتجاتهم إلكترونيًا، معتبرًا أن الأزمة الحقيقية التي تواجه الكثير من المتجهين نحو التسويق الإلكتروني هو عدم استيفاء إجراءات التسجيل، وهو الأمر الذي تم البدء على إنجازه بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.
وأضاف “الطحاوي” أن التسويق الإلكتروني لم يكن له أي قبول في الشارع المصري خلال الأعوام السابقة، إلا أنه ومع الوقت أثبت قدرته ليكون بديلًا في ظل الأزمات التي قد تطرأ على غرار جائحة كورونا، معتبرًا أن السوق بمختلف فئاتها تتجه نحو التسويق الإلكتروني للمنتج لأنه لا يفتح فقط آفاقًا محلية بل ودولية أيضًا، فضلًا عن كونه يوفر الكثير في العملية التجارية من حيث “الكهرباء والمياه والعمالة”، وهو ما يعود بالنفع على المستهلك لأن كل هذه التكلفة يتم تحميلها للسلع.
عقبة الإنترنت
“حفيلة” أكد أن سرعة الإنترنت قد تعيق الكثير من الاحتياجات التي باتت ضرورية للمواطنين الذين توجه قطاع كبير منهم نحو العمل من المنزل فضلًا عن تحويل الكثير من الاجتماعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كأحد نتائج جائحة كورونا، مطالبًا وزارة الاتصالات بالعمل على استكمال خطة تطوير القطاع الذي أصبح حيويًا بالنسبة لقطاع الأعمال المصري.
أما “الطحاوي” فذكر أن أحد عوائق استكمال عملية التعامل عن بعد من خلال الشبكات الاجتماعية التي واجهتهم مؤخرًا هي الإنترنت، وهو ما قد يقف عائقًا أمام محاولات التطوير المرتقبة خاصة فيما يتعلق بالتسويق الإلكتروني وإنشاء قاعدة بيانات للمصانع المصرية.
وأكد “الطحاوي” أن الاعتماد على الإنترنت أصبح كبيرًا وعدم قدرته على استيعاب كم الإقبال عليه قد يتسبب في أزمة حقيقية خاصة بعد التأكد من ضرورة وأهمية ومدى جدوى التواصل عن بعد، وما يوفره من وقت وموارد، معتبرًا الإنترنت بالفعل وقف عائقًا أمام إتمام الكثير من الاجتماعات والمشاركات، لذا فتطويره هو الخطوة التي لابد من إتمامها قبل البدء في تحويل مسارات العمل إلى إلكترونية وطرح التسويق الإلكتروني كبديل.
شبكة داخلية
“وائل النحاس” الخبير الاقتصادي، أكد أنه للدخول في هذا التوجه نحو التعامل الرقمي أو التسويق الإلكتروني وإتاحة البيانات عبر بوابة إلكترونية وهو ما تسعى الدولة بشكل عام إلى العمل على تحقيقه، يحتاج إلى ربط إلكتروني بعيد عن شبكة الإنترنت، خاصة أن الإنترنت في مصر يحتاج إلى تكنولوجيا العمل معه بشكل أفضل باعتباره أحد أكبر الأزمات التي تقف في طريق التحول الرقمي بشكل عام، مشيرًا إلى أن إنشاء شبكة داخلية سيكون الحل الأمثل لمعالجة أزمة الإنترنت التي حالت دون الكثير من الأعمال، وساهمت في تعطيل ملحوظ لها، بعد الاعتماد عليه في العمل عن بعد، وإقامة المؤتمرات واللقاءات من خلال شبكاته الاجتماعية.