وافقت الجمعية العمومية غير العادية لشركة الوطنية للإسكان للنقابات المهنية، في جلستها يوم 22 يوليو 2020، على تعديل شروط برنامج سداد قيمة صفقة بيع فندق “مريديان هليوبوليس”، لشركة “إيمكس إنترناشونال” مقابل 605 مليون جنيه.
أثارت الصفقة، غضبًا شديدًا وسط عمال الفندق البالغ عددهم 350 عاملًا، حيث لم تنص شروط الصفقة على أي ضمان لحقوقهم، على العكس اشترط المشتري التخلص من العمال قبل إتمام الصفقة، كما أثار ثمن الصفقة وشروط السداد، تحفظ ممثلي الجهاز المركزي للمحاسبات، أثناء حضورهما الجمعية العمومية الأخيرة.
الشركة الوطنية للإسكان للنقابات المهنية، المالكة لفندق “مريديان هليوبوليس”، شركة مساهمة مصرية يمثل مجلس إدارتها ثلاثة بنوك تستحوذ على معظم أسهم الشركة
بداية الصفقة وتغيير شروط السداد
الشركة الوطنية للإسكان للنقابات المهنية، المالكة لفندق “مريديان هليوبوليس”، شركة مساهمة مصرية يمثل مجلس إدارتها ثلاثة بنوك تستحوذ على معظم أسهم الشركة، وهي “البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، وبنك قناة السويس”، بواقع ثلاثة مقاعد للبنك الأهلي صاحب الحصة الأكبر، ومقعدين لبنك مصر، ومقعد واحد لبنك قناة السويس.
ودخلت الشركة، منذ أكثر من عام في مفاوضات مع عدد من الشركات، لبيع فندق “مريديان هليوبوليس”، كما عقدت مزادين علنيين لم يصلا إلى سعر مرضي لإدارة الشركة، وفي جلستها غير العادية في 12 ديسمبر من العام الماضي 2019، اعتمدت الجمعية العمومية للشركة، بيع الفندق مقابل 605 مليون جنيه على أن يتم سداد 50% من قيمة الصفقة بعد تحرير العقد الابتدائي وتسليم الفندق للمشتري، وسداد باقي الثمن خلال 5 سنوات، وهي الشروط التي تم تعديلها لصالح “إيمكس إنترناشونال”، خلال انعقاد الجمعية العمومية الأخيرة، حيث سيتم سداد 25% فقط من ثمن الصفقة بقيمة 151 مليون جنيه، ويسدد باقي الثمن على 5 سنوات مع اعتبار السنة الأولى “سنة سماح”، على أقساط ربع سنوية وبفائدة 2 بالمائة زيادة على سعر افائدة المعلن من البنك المركزي المصري.
تشريد العمال
يقول عبد الفتاح خطاب، رئيس اللجنة النقابية بفندق مريديان هليوبوليس: “شركة إيمكس إنترناشونال، اشترطت أمرين حتى يتم إبرام الصفقة أولهما: إنهاء إدارة شركة “ماريوت العالمية” صاحبة حق إدارة الفندق بموجب التعاقد المبرم بينها وبين الوطنية للإسكان للنقابات المهنية، منذ إنشاء الفندق عام 1987، وهو التعاقد الذي تم تجديده في عام 2012، والساري حتى 2027، وثانيهما استلام الفندق بدون عمال، ما يعني تشريد 350 عامل من أكفأ العاملين في المجال الفندقي”.
ويضيف خطاب: “اللجنة النقابية بالفندق، تحركت في وقت مبكر فبمجرد سماعنا بإرسال الشركة الوطنية للإسكان للنقابات المهنية، إخطارًا إلى إدارة الفندق بفسخ العقد، توجهنا لإدارة المفاوضة الجماعية، بوزارة القوى العاملة، لضمان حقوق العمال كاملة، وعقدنا مؤخرًا جلستين للمفاوضة الجماعية، جلسة بتاريخ 12 أغسطس، وأخرى منذ أيام بتاريخ 30 أغسطس، ضمت الجلستين ممثلين عن العمال باللجنة النقابية بالفندق، والشركة الوطنية مالكة الفندق، وشركة ماريوت العالمية شركة الإدارة، والنقابة العامة للعاملين بالسياحة والفنادق، إضافة لممثلي وزارة القوى العاملة”.
ويستكمل خطاب: “انتهت الجلستين على إصرار غريب من الشركة الوطنية على تبعية العمال لشركة الإدارة، حيث تنصلت الشركة الوطنية، من أي التزامات قانونية تجاه العمال، عليها أو على المالك الجديد حال إتمام الصفقة، تنفيذًا لشروط الأخير”.
خلاف وقع خلال جلسات التفاوض، بين مالك الفندق الشركة الوطنية، وبين شركة الإدارة ماريوت العالمية حول، إلى من تؤول تبعية العمال بعد البيع
خلاف “الوطنية” و”ماريوت”.. القانون في صف من؟
ويشير “خطاب”، إلى أن خلاف وقع خلال جلسات التفاوض، بين مالك الفندق الشركة الوطنية، وبين شركة الإدارة ماريوت العالمية حول، إلى من تؤول تبعية العمال بعد البيع، فالشركة الوطنية تريد تسليم الفندق للمالك الجديد بدون عمال تلبية لشروطه ولا يشغلها تشريدهم، وتدعي أن العمال يتبعون الإدارة لأن عقودهم مع شركة ماريوت، بينما تصر “ماريوت” على أن العمال يتبعون المالك.
ويوضح خطاب: “عقودنا بالفعل مع شركة ماريوت، لكن طبقًا للمادتين 8 و9 من قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003، فإن العمال يتبعون العين، وليس الإدارة، فلو تم تغيير الإدارة أو تغيير المالك فنحن نتبع العين، أي أننا نتبع 51 شارع العروبة ـ مقر مبنى الفندق، مهما حدث للمكان، وتستمر عقودنا بقوة القانون”.
“الأجر هو أحد الالتزامات الجوهرية التي تقع على عاتق صاحب العمل، ولا يجوز المساس به لأنه مصدر دخل العامل”.. عبد الفتاح خطاب
رأي ممثل القوى العاملة
حديث “خطاب”، أكده ممثل وزارة القوى العاملة في جلستي المفاوضة الجماعية المشار إليهما، والتي حصلت “مصر 360” على نسخة من محضرهما، حيث يقول ممثل الوزارة: “الأجر هو أحد الالتزامات الجوهرية التي تقع على عاتق صاحب العمل، ولا يجوز المساس به لأنه مصدر دخل العامل، وأن استمرار علاقة العمل للعاملين بالفندق تظل مستمرة مع أي من كان مديرًا أو مالكًا للفندق طبقًا لأحكام القانون حيث يُجمع الفقه على أن نفاذ عقود العمل تجاه صاحب العمل الجديد وامتداد مدة خدمة العامل بالتالي تفترض أن المنشأة ظلت باقية بالرغم من تغيير رب العمل، وطبقًا للقواعد العامة التي تحكم عقود العمل الخاضعة للقانون المدني فإن تغير رب العمل بناء على تصرف قانوني لا يترتب عليه انقضاء عقود العمل التي تربط بين صاحب العمل السابق والعامل”.
تحفظ الجهاز المركزي على ثمن البيع
أبدى عمرو صلاح الدين الزيات، ممثل الجهاز المركزي للمحاسبات، في جلسة الجمعية العمومية غير العادية، بتاريخ 22 يوليو 2020، تحفظه على قرار المساهمين ببيع الفندق نظرًا لانخفاض القيمة البيعية للصفقة عن متوسط التقييمات المعتمدة من مجلس إدارة الشركة الوطنية للإسكان للنقابات المهنية، وهو التحفظ الذي رد عليه صلاح الحجار، عضو مجلس الإدارة الممثل عن البنك الأهلي قائلًا: إنه كان يوجد ثلاثة تقييمات وتم أخذ متوسط التقييمين دون التقييم الأعلى، مشيرًا إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار انخفاض إيرادات الفندق خلال السنوات الماضية، مع تخفيض الدرجة السياحية للفندق من 5 نجوم إلى 4 نجوم.
“إيمكس إنترناشونال” هي شركة تجارية تعمل بنظام المناطق الحرة، وتختص بمجال الطاقة، وعمليات تجارية ووكالات لتمثيل شركات أجنبية داخل مصر
تهرب من دفع ضريبة القيمة المضافة لصفقة البيع
الأمر الأكثر غرابة في صفقة بيع “مريديان هليوبوليس”، هو ما تضمنه محضر اجتماع الجمعية العمومية للشركة الوطنية للإسكان للنقابات المهنية، بتاريخ 22 يوليو 2020، والذي حصلت “مصر 360” على نسخة منه أيضًا، من إصرار الشركة الوطنية على تمرير الصفقة بشكل يجعلها لا تخضع لضريبة القيمة المضافة، حيث أوصت “الشركة الوطنية” شركة “ايمكس انترناشونال” بإضافة نشاط جديد للشركة بالسجل التجاري لها وهو “تملك وتشغيل الفنادق والمنشآت السياحية”، ثم تقوم شركة “ايمكس” بالحصول على خطاب من الهيئة العامة للاستثمار موجه لمصلحة الضرائب يفيد بإعفاء فندق “مريديان هليوبوليس” من الخضوع لأحكام قوانين الضرائب والرسوم السارية في مصر بما فيها الضريبة على القيمة المضافة، بوصفها عملية بيع وليست عملية متاجرة في الفنادق.
مع العلم أن “إيمكس إنترناشونال”، والتي تأسست عام 1979، هي شركة تجارية تعمل بنظام المناطق الحرة، وتختص بمجال الطاقة، وعمليات تجارية ووكالات لتمثيل شركات أجنبية داخل مصر، ويبلغ رأسمالها الحالي 100 مليون دولار، ولم تعمل يومًا في مجال إدارة الفنادق والمنشآت السياحية ، بما يعني أن الصفقة تعتبر صفقة تجارية وليست عملية بيوع كما تدافع الشركة الوطنية للإسكان للنقابات المهنية.