شكلت عودة وزير الداخلية في حكومة طرابلس فتحي باشاغا، إلى ممارسة مهامه من جديد بعد التوقيف على ذمة التحقيق، فصلا جديدا من فصول الصراع على السلطة مع رئيس الحكومة فايز السراج.
ووصل “باشاغا” إلى طرابلس وسط تعزيزات أمنية كبيرة أمس الخميس، حيث تم التحقيق معه. وتم تطويق مقر حكومة الوفاق طيلة فترة التحقيق. وأكدت مصادر ليبية مطلعة، أن حكومة الوفاق قرّرت إعادة وزير الداخلية الموقوف فتحي باشاغا إلى منصبه، مرجحة أنها أعادته تحت الضغط، عقب تهديداته الأخيرة بفضح الفساد.
ونقلت قناة ليبيا 24 أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج التقى باشاغا في المقر الرئاسي بطريق السكة لإخراج سيناريو إعادته إلى منصبه، حيث لم تعلن بعد حكومة طرابلس عن ذلك.
ويرى مراقبون أن عودة ” باشاغا” تهدف إلى تجنب حرب وشيكة بين ميليشيات مصراتة التي يحتمي بها باشاغا وميليشيات طرابلس الموالية لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج.
وكانت حكومة السراج أوقفت وزير الداخلية عن العمل احتياطيّا في 28 أغسطس الماضي، وإحالته إلى تحقيق إداري نهاية الشهر الماضي، على خلفيّة إطلاق مسلحين النار على متظاهرين سلميين في طرابلس، خرجوا للمطالبة بتحسين حياتهم المعيشية.
ومن جانبه رحب “باشاغا” بالتحقيق معه، مطالبا بأن تكون جلسة المساءلة والتحقيق علنية ومنقولة إعلاميّا على الهواء مباشرة وذلك بموازاة استعراضات قامت بها ميليشيات مصراتة (مدينته) لدى عودته من تركيا.
وفي مواجهة توقيفه عن العمل قال باشاغا في تصريحات سابقة، إن السبب الرئيسي وراء ذلك، يرجع إلى حديثه من قبل عن وجود فساد في جميع مؤسسات الدولة، وأن الشعب الليبي لديه مشاكل، وعلى الحكومة وضع برنامج ومشروع تسير عليه، خاصة أن المواطنين تحملوا أياما صعبة إبان حرب طرابلس، وما زالوا يتحملون، لكن “علينا إعطاؤهم أملا وأفقا مشروعا يتم من خلاله حل مشكلات الكهرباء والصحة وكورونا” وغيرها.
وتشير المعلومات إلى أن مبعوث الرئيس التركى إلى ليبيا لعب دورا مهما في رأب الصدع بين السراج ووزير الداخلية.
تعينات السراج
وأجرى السراج تعيينات كثيرة في الأيام الماضية في محاولة لتحشيد مدن غرب ليبيا تحسبا لمواجهة مصراتة حيث عين على سبيل المثال علي سالم القناصة وهو من الزنتان وزيرا للإسكان وهي وزارة جديدة استحدثتها حكومة الوفاق، إلى جانب تعيين صلاح الدين النمروش وهو يتحدر من الزاوية وزيرا للدفاع.
ولكن هذه التعيينات لا تحجب محاولات السراج كذلك التهدئة مع مصراتة عبر الآلية نفسها التي يصعد بها مع المدينة، حيث نصب أحمد معيتيق نائبه في المجلس الرئاسي وهو من مصراتة رئيسا لمجلس أمناء صندوق الإنماء الاقتصادي.
تدفق السلاح إلى ليبيا
ومن ناحية أخري، أفادت الممثّلة الخاصة للأمين العام للأمم المتّحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بأنه منذ الثامن من شهر يوليو/تموز، وصلت إلى قوات المشير خليفة حفتر حوالي 70 رحلة إمداد عسكري حلت بالمطارات الشرقية، في حين أرسلت 30 رحلة إمداد إلى مطارات في غرب ليبيا لدعم قوات حكومة الوفاق الوطني. فضلا عن وصول تسع سفن شحن دعما لحكومة الوفاق الوطني، وثلاث سفن شحن لمساندة حفتر. فيما يعتبر مواصلة لانتهاك الحظر الدولي للسلاح المفروض على ليبيا منذ عام 2011. وأعربت عن أسفها للانتهاكات المتواصلة للحظر الأممي المفروض منذ 2011 على إرسال أسلحة إلى هذا البلد.
ولفتت المبعوثة الأممية إلى أنّ “الجهات الخارجية الراعية تقوم بتحصين أصولها في القواعد الجوية الليبية الرئيسية في الشرق والغرب”، معربة عن أسفها لأنّ كل هذه الأنشطة “تشكّل خرقا خطيرا لسيادة ليبيا، وانتهاكا صارخا لحظر التسليح الذي فرضته الأمم المتحدة” على هذا البلد في 2011.
ومنذ سقوط نظام معمّر القذافي في العام 2011، تشهد ليبيا نزاعات متتالية أرهقت شعب البلد الذي يملك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا.
وأوضحت “وليامز” أنّ بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي يفترض أن يتمّ تجديد ولايتها في منتصف أيلول/سبتمبر الجاري “لا تزال تتلقّى تقارير عن وجود مرتزقة وعملاء أجانب على نطاق واسع، ممّا يزيد من تعقيد فرص التوصّل إلى تسوية في المستقبل”.