للمرة الثانية وبعد إعادة الإجراءات، تنحت المحكمة عن قضية السيدة سعاد ثابت، والملقبة بسيدة الكرم، حيث قررت إحالة القضية لدائرة جديدة، وحجزها لجلسة 24 أغسطس، ورغم سماع المرافعات، إلا أنها قررت إحالة القضية لدائرة أخرى للمرة الثانية.
ترجع الأحداث إلى قرية الكرم، التاعبة لمركز أبو قرقاص، بمحافظة المنيا، حيث أحرقت منازل مسيحيي القرية كعقاب جماعي لهم، كما تم الاعتداء على السيدة سعاد الملقبة بسيدة الكرم، والبالغة من العمر 68 عامًا آنذاك، بالضرب والسحل وتجريدها من ملابسها، بالإضافة لحرق منزلها وتهديدها بالقتل في حالة عودتها إلى القرية، وذلك بعد ترديد شائعات عن وجود علاقة بين نجلها وسيدة مسلمة في منتصف عام 2016.
“النيابة حفظت المحضر الذي تقدمت به السيدة سعاد في بداية الأمر لعدم كفاية الأدلة”.. المحامي مكاريوس لحظي
استشعار الحرج دون سبب
المحامي مكاريوس لحظي، محامي المفوضية المصرية للحقوق والحريات، يقول إن النيابة حفظت المحضر الذي تقدمت به السيدة سعاد في بداية الأمر لعدم كفاية الأدلة، بعد تظلمات ووقت طويل، وصلت القضية لمحكمة الاستئناف، وهو أمر طبيعي في هذا التوقيت باعتبار الأمر جناية فلابد من تحويل القضية لمحكمة الاستئناف، وبالفعل حكم على المتهمين بالسجن 10 سنوات.
وأضاف “لحظي”، أن المتهمين طلبوا إعادة الإجراءات لأن الحكم كان غيابيًا، وبالفعل تمت إعادة الإجراءات، وقبل الحكم مباشرة استشعرت هيئة المحكمة الحرج وتركت القضية لدائرة جديدة، ونظرت الدائرة الثانية القضية وتم حجزها للحكم، ولكن للمرة الثانية تترك الدائرة القضية لنفس السبب وهو استشعار الحرج.
وتابع “لحظي”، أن استشعار الحرج هنا غير مفهوم، فمن المتعارف عليه أن المحكمة تستشعر الحرج عند وجود قريب أو شخص معرفة في القضية أو لوجود مصلحة تجعل الهيئة غير محايدة، فهنا يمكن ترك القضية واستشعار الحرج، ولكم في قضية سيدة الكرم لا يوجد سبب قرابة بين الهيئة والمتهمين، أو بين الهيئة والسيدة، وهنا يصبح الأمر غير مفهوما، ويستدعي أسئلة عدة، دون إجابة ولا وضوح لأسباب استشعار المحكمة الحرج.
كان قد تم تأجيل القضية عدة مرات، وتم حفظها في عام 2017 لعدم كفاية الأدلة إلا أن ممثلو السيدة القانونيون قدموا تظلم وتمت إعادة فتح القضية مجددًا، وفي مارس 2019 قررت محكمو جنايات المنيا التنحي عن نظر القضية لاستشعار الحرج للمرة الأولى، ونظرت القضية دائرة جديدة وخرجت بنفس القرار للمرة الثانية.
قضية سيدة الكرم، شهدت غضبًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تنحي المحكمة للمرة الثانية عن نظر القضية
مطالب بضبط الجناة
مؤسسة مصريون في وطن واحد، أصدرت بيانًا جاء به أنه بعد مرور 4 سنوات من ارتكاب فظائع دون ضبط الجناة رغم معرفة الأجهزة الأمنية بهم وكذلك أهالي القرية، وغياب المحاكمات العادلة الناجزة، وتقديم الحماية الملائمة للضحايا، يفتح الباب أمام ارتكابها مرة أخرى كما يجعل من خطوات الدولة لتعزيز قيم المواطنة خطوات غير مكتملة أو فعالة، ويشجع استمرار استخدام النساء وخاصة من الأقليات الدينية كأداة للعقاب الجماعي والتشهير، وتستبدل فيها منظومة العدالة بجلسات الصلح العرفية التي تسلب المتضررين حزم من الحقوق يصعب استردادها في ظل اختلال موازين القوة لأطراف هذه الجلسات بالرغم من توفير الدستور والقانون ضمانة فى غاية الأهمية وهى مساواة الأشخاص أمام القانون.
وطالبت المؤسسة، بسرعة تحديد الدائرة المحالة إليها القضية، وتوفير الحماية اللازمة للسيدة سعاد ثابت، مع ضرورة إجراء المحاكمات الناجزة في القضية وكافة قضايا العنف، وجبر الضحايا المتضررين، وأيضا معاقبة المسئولين الذين لم يحولوا دون حدوث تلك الجرائم وتركهم المجرمين ومنعهم من الإفلات من العقاب.
تضامنت الكنيسة الكاثوليكية بالمنيا، مع المُضارين من أحداث الفتنة في قرية الكرم، بمركز أبوقرقاص، وحرق المنازل وتجريد سيدة مسنة من ملابسها، وقالت حينها أن ما تم يتنافى مع كل قيم الدين والأخلاق والإنسانية، وطالبت الجهات الرسمية باللجوء إلى تفعيل القانون، واستعادة هيبة الدولة، وخضوع المتسببين في الأحداث للتحقيق العادل، للوقوف على حقيقة الموقف، ولإحالة المجرمين للقضاء العادل والناجز، لإحقاق الحق، ولتمكين العدل الذي هو سبيل السلام والأمان، مع مطالبة بالتحقيق النزيه والشفاف والقضاء والقصاص العادل من الجناة الذين يرفضهم جموع المصريين الشرفاء.
قضية سيدة الكرم، شهدت غضبًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تنحي المحكمة للمرة الثانية عن نظر القضية، وكتب العديد من النشطاء السياسيين تعليقات ومنشورات تطالب بعودة حق السيدة، وتفسير لماذا تستشعر المحكمة الحرج للمرة الثانية.
“محدش يفرق بين المصريين وبعضهم، والقانون هياخد مجراه”.. الرئيس عبدالفتاح السيسي
السيسي يعتذر لسيدة الكرم
الرئيس عبدالفتاح السيسي، علق على الواقعة، قائلًا: “من فضلكم، لا يليق أن اللي حصل ده يحصل في مصر، أو يتكرر مرة تانية، أي حد هايغلط هايتحاسب، أرجو أن السيدة المصرية متاخدش على خاطرها، ولا هي ولا كل سيدات مصر، تأكدوا أن إحنا في مصر نكنّ لكم التقدير والاحترام، ولا نقبل يتكشف سترنا بأي شكل ولأي سبب، محدش يفرق بين المصريين وبعضهم، والقانون هياخد مجراه، كلنا هانتحاسب، اللى يغلط يتحاسب”، فقدم له الأنبا مكاريوس، الأسقف العام لمطرانية المنيا، الشكر لاعتذاره للسيدة.
تحقيقات النيابة، جاءت تارة تؤكد الواقعة ومرة أخرى تنفيها، لتظل سيدة الكرم تحاول الوصول لحكم يداوي ما تعرضت له، المتهم الرئيسي الحاصل على دبلوم تجارة والذي يبلغ من العمر 35 عاما، قال في تحقيقات النيابة إنه علم بوجود علاقة بين زوجته وأشرف دانيال، أما المتهم الثاني فنفى التهم الموجهة له بحرق المنازل والتعدي على الممتلكات، ونفى أيضا شاهد واقعة التعري الاتهامات المنسوبة له، والتي أكدت قبلها أنه رأي السيدة تتعرى فحاول تغطيتها، مما يؤكد حدوث الواقعة.
تحقيقات ومتهمين جدد
وفي يونيو 2016، قدمت إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن المنيا، تحريات جديدة تتضمن وجود متهمين جدد منهم « بقال تمويني، ومقيم بقرية الكرم، طلق زوجته ربة منزل، بسبب شائعة تتضمن ارتباطها بعلاقة مع شاب يبلغ من العمر 32 عاما، يعمل صاحب محل أدوات منزلية، وتردد صداها بين قاطني القرية وتناولتها الألسنة.
التحريات حينها ذكرت، أن بعض أفراد عائلة الزوج، اتفقوا على ارتكاب جريمتهم، بالتوجه ناحية مساكن وملحقات أسرة الشاب، وعندما لم يعثروا عليه مزقوا ملابس والدته سيدة الكرم حتى تعرت تماما، بغرض هتك عرضها، ثم قامت سيدة مسلمة تدعى “عنايات” بسترها وإدخالها منزلها.
وضمت التحريات 7 متهمين جدد للقضية، متورطين في الأحداث، وتم عرض أسمائهم على نيابة المنيا الكلية؛ لاستصدار أمر ضبط وإحضار لهم لإلقاء القبض عليهم وضمهم للقضية ليصل إجمالي المتهمين في القضية إلى 31 متهما، بعد استبعاد 3 متهمين.
منى مينا، وكيل مجلس نقابة الأطباء الأسبق، كتبت عبر صفحتها الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: ” لثاني مرة تتنحى المحكمة عن نظر قضية الإعتداء على السيدة سعاد ثابت المعروفة بسيدة الكرم و التي تم الاعتداء عليها بالضرب وتعريتها و حرق منزلها في أحداث قرية الكرم في مايو 2016 أي منذ أكثر من 4 سنوات ، ثم تم الحكم على ابنها بالسجن، وتنحت محكمة جنايات المنيا لاستشعار الحرج أول مرة أثناء نظر القضية في 17 مارس 2019 و امت بتحويل القضية لدائرة جديدة، وثاني تنحي قامت خلاله محكمة جنايات المنيا بتحويل القضية إلى إستئناف بني سويف”.
وتابعت مينا: “السؤال هو بماذا تشعر هذه السيدة التي تحاول منذ أكثر من 4 سنوات الوصول لحقها ورد الظلم والإهانة والإذلال والإيذاء الذي لحق بها، وبماذا يشعر كل مظلوم ضعيف يأمل في رد حقه”.