أعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر، كما قرر اعتبار السودان منطقة كوارث طبيعية، وتشكيل لجنة عليا لدرء ومعالجة آثار السيول والفيضانات لخريف ٢٠٢٠ برئاسة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وعضوية كل الوزارات والولايات والجهات ذات الاختصاص لتنسيق وتوظيف الموارد وتكامل الأدوار المحلية والاقليمية والعالمية. بحسب وكالة الأنباء السودانية. جاء ذلك خلال اجتماع المجلس مساء أمس الجمعة بالقصر الجمهوري واستعراضه لتقارير الخريف والفيضانات لهذا العام.
وفي ظل الارتفاع غير المسبوق لمنسوب النيلين الأزرق والأبيض، أصبحت معظم المناطق القريبة من النهرين تحت تهديد الفيضانات. وتحاول قوات الدفاع المدني مسنودة بمئات المتطوعين من السكان، وضع المتاريس للحد من الخسائر، في وقت تشهد فيه العاصمة السودانية ومدن البلاد الأخرى تدهورا كبيرا في الخدمات والبنى التحتية والمعينات الصحية اللازمة للتعامل مع مثل هذه الحالات.
يذكر أن رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، كان أكد الأحد الماضي أن “مناسيب النيل وروافده هذا العام وبحسب وزارة الري والموارد المائية غير مسبوقة منذ 1912.” كما أشار إلى أن فيضان هذا العام أدى لخسائر مفجعة وموجعة في الأرواح والممتلكات.
تحولت قرى ومدن سودانية إلى جزر من النيل بعدما غمرتها الفيضانات التي دمرت آلاف المنازل
وتحولت قرى ومدن سودانية إلى جزر من النيل بعدما غمرتها الفيضانات التي دمرت آلاف المنازل، كما أدت الفيضانات الموسمية التي تضرب السودان منذ أكثر من شهر إلى غرق جزء من أم درمان، تحت المياه.
وتهطل أمطار غزيرة عادة في السودان من حزيران/يونيو إلى تشرين الأول/أكتوبر ما يتسبب بفيضانات شديدة كل عام.
تضرر أكثر من نصف مليون نسمة وانهيار كلي وجزئي لأكثر من ١٠٠ ألف منزل
وقالت لينا الشيخ، وزيرة العمل والتنمية الاجتماعية، في تصريحات صحفية عقب مجلس الأمن والدفاع السوداني إن المجلس اعلن حالة الطوارئ لثلاث أشهر واعتبار البلاد منطقة كوارث طبيعية ،وذلك بعد استماعه للتقارير المتعلقة بفيضانات هذا العام ووقوفه على حجم الخسائر البشرية والأضرار المادية التي أسفرت عن تأثر ١٦ ولاية من ولايات السودان، ووفاة ٩٩ مواطنا وإصابة ٤٦ آخرين، وتضرر أكثر من نصف مليون نسمة وانهيار كلي وجزئي لأكثر من ١٠٠ ألف منزل، حيث تجاوزت معدلات الفيضانات والأمطار لهذا العام الأرقام القياسية التي رصدت خلال العامين (١٩٨٨-١٩٤٦) مع توقعات باستمرار مؤشرات الارتفاع.
وتعيش معظم مناطق الولايات حالة مأساوية خصوصا في ظل محدودية إمكانيات الحكومة المحلية والدمار الكبير الذي لحق بالمؤسسات والأنشطة الخدمية كالكهرباء والمراكز الصحية والأسواق ومواقع الإنتاج.
تتوقع وزارة المياه السودانية أن يكون فيضان هذا العام أكبر من فيضان 1998 الذي دمّر عشرات الآلاف من المنازل في ولايات عدة وشرّد أكثر من مليون شخص.
وأبدى نشطاء تخوفهم من انتشار العديد من الأمراض بسبب سوء الأحوال البيئية وتوالد الناموس والحشرات، وأشاروا إلى الحاجة العاجلة لتوفير المأوى والغذاء لعشرات الآلاف من السكان المتضررين وخصوصا الأطفال وكبار السن.
وتتزايد المخاوف أكثر في ظل الارتفاع المتواصل في منسوب النيل الأزرق بفعل كثافة الأمطار في الهضبة الأثيوبية، الأمر الذي انعكس أيضا على الأوضاع في مناطق أخرى كالجزيرة والخرطوم التي سجل فيها المنسوب صباح الخميس الماضي 17.58 مترا وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
وشهد العديد من مناطق السودان فيضانات كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية مما زاد من الخسائر المادية والبشرية لموجة الفيضانات الحالية التي بدأت نهاية يوليو.
لا تزال أزمة الفيضانات التي يواجهها السودان تتفاقم، إذ خرج النيل الأزرق عند ولاية سنار عن السيطرة
لا تزال أزمة الفيضانات التي يواجهها السودان تتفاقم، إذ خرج النيل الأزرق عند ولاية سنار عن السيطرة ومسح قرى بالكامل، وغمر أحياء واسعة من مدينة سنجة، التي تبعد نحو 250 كيلومترا عن الحدود السودانية الإثيوبية.
وقال مسؤول في وزارة الري السودانية، إن فيضانات هذا العام الاستثنائية تؤكد ضرورة الإصرار على وجود اتفاقية تنسيق ملزمة بشأن سد النهضة الإثيوبي، لضمان تبادل البيانات التشغيلية اللازمة لسلامة تصرفات خزان الروصيرص السوداني القريب من الحدود الإثيوبية.
وقال والي سنار، سليمان الماحي إن آلاف الأسر أصبحت بلا مأوى، فيما تستمر جهود كبيرة لإنقاذ السكان القاطنين قرب مجرى النهر في عدد من مناطق الولاية. وأشار الماحي إلى أن الأمر “أصبح أكبر بكثير من قدرة السلطات المحلية، في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها السكان هناك”.
وحول سبب الارتفاع الكبير الحالي في منسوب النيل الأزرق، أوضح مدير إدارة المياه بوزارة الري السودانية، عبد الرحمن صغيرون، أن الأمر يتعلق بسقوط أمطار كثيفة واستثنائية في منطقة الهضبة الإثيوبية، مشيرا إلى أن الوضع أصبح “حرجا للغاية” في ظل استقرار مناسيب نهر النيل عند أعلى مستوى منذ أكثر من 100 عام.
وفي ذات السياق، أكد مدير إدارة الخزانات في الوزارة، أحمد الصديق، اتخاذ إجراءات سريعة لكسر حدة الفيضانات، لكنه نبه إلى أنه لا يمكن حجز أو تمرير مياه خزاني سنار والروصيرص دون الالتزام بالقواعد الفنية اللازمة.
ومن جانبها، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها تسعى لتوزع مواد الاغاثة التي وصلت الخرطوم مساء أمس الجمعة بأسرع ما يمكن على المتضررين جراء السيول والفيضانات من النازحين واللاجئين والمجتمعات المحلية.
وكانت شحنة من الدعم الانساني لضحايا السيول والفيضانات وصلت الخرطوم مساء أمس من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشتمل على حوالي 100 طن من مواد الايواء والخيام والاغطية والمشمعات التي تكفلت دولة الامارات بتكلفة شحنها جوا الى السودان بعدما جهزتها المفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة كدعم عاجل للسودان.
وتضم الشحنة 100 طن متري من مواد الإغاثة، بما في ذلك 16000 بطانية و16000 غطاء بلاستيكي وما يقرب من 6000 مشمع للنوم وسيتم توزيع المواد الاغاثية التي مولها صندوق السودان الإنساني على كل ضحايا الفيضانات الأخيرة من النازحين وغيرهم من المواطنين بالإضافة إلى اللاجئين.
وتشير اخر الاحصاءات الى تضرر ما يقدر بنحو 85000 من النازحين داخليًا و40.000 لاجئ إلى جانب الآلاف من المجتمعات المضيفة من السودانيين، لا سيما في شرق السودان والنيل الأبيض ودارفور والخرطوم حيث تقوم الحاجة الماسة إلى المأوى والمساعدات الطارئة مرة أخرى عقب الامطار والسيول التي ضربت مناطق عدة وبشكل خاص في شمال دارفور، مما ترك ما يقدر بنحو 35000 من النازحين والسكان المحليين واللاجئين بحاجة إلى المساعدات العاجلة.
وتقدم المفوضية وشركاؤها، بالتعاون مع حكومة السودان، مساعدات طارئة للسكان المتضررين في النيل الأبيض، بما في ذلك الأغطية البلاستيكية لـ 3500 لاجئ في مخيم الجامعة و65000 آخرين من النازحين والمجتمعات المضيفة في الولاية.