أثارت خطبة خطيب الحرم المكي، عبد الرحمن السديس، التي ألقاها أمس الجمعة، حالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول عدد من النشطاء مقطع فيديو للخطبة، وسط سخط وغضب كبير.
اعتبر نشطاء التواصل الاجتماعي، خطبة السديس تمهيدًا للتطبيع مع إسرائيل، في ظل محاولات الإدارة الأمريكية لإقناع دول مجلس التعاون الخليجي، بقبول التطبيع السعودي مع الكيان الصهيوني.
فيديو السديس وتمهيد التطبيع
ظهر فيديو من خطبة السديس مدته دقيقتان ونصف، بدأه خطيب الحرم، قائلًا: “من التنبيهات المفيدة في مسائل العقيدة عدم الفهم الصحيح في باب الولاء والبراء ووجود اللبس فيه بين الاعتقاد القلبي وحسن التعامل في العلاقات الفردية والدولية كما هو مقرر في المقاصد المرعية والسياسة الشرعية والمصالح الإنسانية”.
وأضاف السديس: “إذ لا يتنافى مع عدم موالاة غير المسلم معاملته معاملة حسنة تأليفا لقلبه واستمالة لنفسه للدخول في هذا الدين، فيكون المسلم محسنا إليه ليستميل قلبه إلى الدين القويم”.
وتابع: “وقد توضأ صلى الله عليه وسلم من مزادة مشركة ومات ودرعه مرهونة عند يهودي وعامل يهود خيبر على الشطر مما يخرج من زروعهم وثمارهم وأحسن إلى جاره اليهودي مما كان سببا في إسلامه”.
واستطرد: “وهكذا في وقائع كثير متعددة تؤكد أن حقائق الدين تستقى من الأدلة الصحيحة والبراهين الصريحة فأين هذا المنهج الأبلج من الركون للعواطف المشبوبة والحماسات الملهوبة؟ بل علم وعقل وحكمة وبصيرة ونظر في العواقب واعتبار للمآلات وحين يغفل منهج الحوار الإنساني تذكى جوانب صدام الحضاري وتسود لغة العنف والإقصاء والكراهية”.
وأكمل: “أمة الإسلام ومن أبرز معالم العقيدة الصحية المهمة وأسسها لزوم الجماعة وحسن السمع للإمام والطاعة خلافا لمنهج الخوارج المارقين والبغاة المقيتين والأحزاب الضالة وجماعات العنف المسلحة والطائفية البغيضة الذين يكفرون الولاة ويخرجون على الأئمة ويسفكون الدماء”.
كما أشار السديس، إلى أن قضية فلسطين والمسجد الأقصى هي القضية الإسلامية الأولى التي يجب ألا تُنسى في جديد الصراعات والتحولات والمتغيرات دون مزايدات إعلامية أو مبالغات صحفية أو معارك إلكترونية.
https://www.youtube.com/watch?v=0qzl1M51QQ0
ردود فعل غاضبة
الدكتور عبدالله العمادي، كاتب صحفي ومؤلف سعودي، قال في تغريدة عبر موقع التدوينات المصغرة “تويتر”: “السديس في خطبة سجعية من الحرم المكي، وفي وقت له دلالته، كأنما يمهد الأجواء لاستمرار الهرولة نحو التطبيع مع الذين أحرقوا الحرم القدسي. استحضار قصص السيرة لتشفع لرأيه، محاولة مكشوفة لاستغفال العامة. الوقائع تلك حدثت يوم كانت الدولة ممكنة تفرض شروطها لا أن يُفرض عليها وهذا هو الفرق”.
بينما قال دكتور محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف ووكيل اللجنة الدينية بمجلس الشعب السابق وعضو مجلس الشورى، في تغريدة له: “نافق السديس ورب الكعبة، وفي صحة الصلاة خلفه نظر، إذ يلحد في الحرم، ويمهد للتطبيع والخيانة من فوق المنبر المكي الشريف”.
بينما قال مغرد سعودي، يدعى سعيد بن ناصر الغامدي: “هل يظن السُّديس بخطبته المبخرة بعود الغرقد أن الكعبة هي القُلّيس؟ وهل يظن أن من ضايق الإسلام في بلده وسجن علماءه أنه سيطبّع لكي يهتدي ناعوم وشارون وجُرجَيس ؟ وأما القرآن فهو لمن عمل به نور و هدى،ومن تكسّب به فهو في ردى (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمى)”.
وكانت السعودية، أعلنت فتح مجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية القادمة والمغادرة من وإلى الإمارات مع عدم تغير موقفها تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
دلالات سابقة
لم تكن تلك المرة الأولى التي يتطرق فيها خطيب الحرم المكي إلى بعض الأوضاع والمشكلات السياسية، ليتحدث فيها أثناء خطبة الجمعة، حيث تطرق، بشكل غير مباشر إلى حادثة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في عام 2018، أثناء خطبة الجمعة، وتحدث عن الاتهامات التي توجّه للسعودية حول ضلوعها بالقضية.
وقال السديس: “إن أَي محاولات للتهديد وإجهاض التجديد محاولات يائسة، وستنعكس سَلْبًا على الأمن والسلام والاستقرار، وبلادنا المباركة ستظل رائدةً شامخةً، وترديد الاتهامات والشائعات والحملات الإعلامية المُغْرِضَة لن يُثْنِيهَا عن التمسك بمبادئها وثوابتها؛ معتمدةً في ذلك على الله وحده ثم على حكمة قادتها، وتلاحم أبنائها، فهي الكفيلة بإذن الله لمواجهة المزاعم الباطلة، والمحاولات الفاشلة، والتاريخ خير شاهد على ذلك”.
https://www.youtube.com/watch?v=KBbs_LkYOYY&feature=emb_title
ودعا إمام الحرم المكي، الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوصفه بأنه يقود العالم والإنسانية إلى مرافئ الأمن والسلام والاستقرار والرخاء، ودعا له بأن يسدّد الله خطاه ويبارك جهوده، وأن السعودية والملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان مشاركان مع ترامب في خدمة الإنسانية.