لاتزال شهادات الناجيات من التحرش تتوالى على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم مرورعدة أشهر من انطلاق الحملة الإلكترونية الرافضة للانتهاكات الجنسية التي تتعرض لها الفتيات سواء في أماكن العمل وغيرها، لكن أكثر من لفت الانتباه هو قصص التحرش التي ظهرت مؤخرًا من داخل أماكن العمل سواء الصحفية، أوالحقوقية، أوعيادات أطباء مشهورين، أو مكاتب محاميين.
وصلت بعض تلك الشكاوى إلى ساحات المحاكم، لكن غيرها ظلت حبيسة مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفضل أغلب الناجيات البوح والشكاوى بطريقة مجهلة عن الظهور للعلن وتقديم البلاغات، خوفًا من المصير المجهول للشكوى القانونية وأيضا من ردود الأفعال عليها وتعريضهن للفصل التعسفي من العمل أحيانًا
تعرض 48% من الصحافيات لشكل من أشكال التحرش الجنسي في عملهن
مذكرة إلى نقابة الصحفيين ومطالبة بلجنة تحقيق
تقدم عددًا من الصحفيات تحت شعار حملتهن: “بيئة عمل آمنة للصحفيات”، بمذكرة إلى مجلس نقابة الصحفيين، السبت الماضي، مطالبين بضرورة فتح تحقيق عاجل في وقائع التحرش الجنسي التي ظهرت مؤخرًا على أحد الصحفيين المشهورين، لكن حتى الآن ورغم انعقاد اجتماع مجلس النقابة الثلاثاء الماضي، إلا أن المذكرة حتى الآن النقابة مصيرها مجهولاً.
وجددت مجموعة “صحفيات مصر”، مطالبهن بضرورة تدشين لجنة المرأة داخل نقابة الصحفيين، لحماية الصحفيات من العنف الجنسي داخل المؤسسات الصحفية، ويخول لتلك اللجنة تلقي شكاوى التحرش والانتهاكات الجنسية التي تتعرض لها الصحفيات داخل المؤسسات الصحفية.
بدأ النائب العام تحقيقًا رسميًا بشأن بلاغ تقدم به بعض الرجال يتهمون فيه طبيب أسنان شهيرًا بالتحرش بهم جنسيًا
كما طالبت الحملة نقابة الصحفيين بضرورة إقرار سياسة لمكافحة التحرش والعنف الجنسي ضد الصحفيات سواء من عضوات النقابة أو العاملات في المجال من غير النقابيات، على أن تشمل آليات واضحة للتحقيق وفرض العقوبات، بما يضمن حماية الشاكيات وإخفاء هويتهن، وهو ما يستوجب أيضًا تعديلاً لقوانين تنظيم الصحافة والإعلام ولوائح تنظيم النقابة، لإلزام جميع المؤسسات الصحفية باتباعها.
لكن ورغم انعقاد اجتماع مجلس “الصحفيين”، إلا أنه حتى الآن لم يصدر من النقابة موقفًا واضحًا حول المذكرة المذكورة، أو موقفها تجاه التحقيق مع الصحفيين المتهمين بمثل هذه النوعية من الجرائم.
ووصفت إيمان عوف، عضو حملة صحفيات مصر( بيئة آمنة للصحفيات)، أداء النقابة مع هذه النوعية من القضايا بـ”السيئ جدًا”، خاصةً وأن “الصحفيين” تتعامل مع مثل هذه النوعية من القضايا، باعتبارها تشويه للمهنة”، قائلة:” وكأن كشف التحرش والتحقيق فيه هو التشويه والفضيحة ليس الفعل نفسه!”.
وأضافت عضو الحملة الإلكترونية:” أن نظرة المجلس لهذه القضايا ينعكس طول الوقت على تحركاتهم، ففي عام 2014 صدر قرارًا بإنشاء لجنة مرأة داخل النقابة، لكن الأمر توقف دون سبب معلن، وجاء بعد ذلك سيطرة الذكور على عضوية مجلس النقابة، ما تسبب في تنحية مشاكل الصحفيات جانبًا وأصبحت غير مطروحة من الأساس على أجندة المجلس”.
وأشارت إلى أن مجلس “الصحفيين” لديهم العديد من المشاكل في فكرة التعامل مع الصحفيات، وهذا كارثي، لافتة إلى ما وصفته بـ”المهازل” التي حدثت أثناء اجتماع مجلس النقابة الماضي الذي تغاضى عن مناقشة المذكرة التي حملت 150 توقيعًا للصحفيات مطالبات بالتحقيق في تلك الوقائع، بالإضافة إلى مطلبهم بضرورة إنشاء مجلس مرأة، كما زعموا عدم معرفتهم بتلك الوقائع، واختصر موقف النقابة على تلاشي المذكرة وعدم النظر فيها.
وفي دراسة استبيانيه لعامي 2013-2014 كشفت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، عن تعرض 48% من الصحافيات لشكل من أشكال التحرش الجنسي في عملهن، 83% منهن لم يبلغن عن حوادث التحرش، وفقًا للدراسة.
كما أكدت الدراسة على تعرض 64 % منهن للتحرش اللفظي، و24% تعرضن للتحرش الجسدي، 29 % من النساء اللاتي تعرضن لاعتداء جنسي قمن بالإبلاغ عن الحادث، لافتة لى أن العنف ضد النساء في أماكن العمل ينتهك حق المساواة والعمل بحرية.
وأفادت مصادر داخل مجلس نقابة الصحفيين بأن المجلس لم يرفض المذكرة ولم يرفض ما يخص إنشاء لجنة مرأة، ولكنه أرجأ النقاش في هذه الاقتراحات للاجتماع المقبل، والذي لم يحدد موعده بعد.
نقابة طب الأسنان على استعداد.. ولكن!
بدأ النائب العام تحقيقًا رسميًا بشأن بلاغ تقدم به بعض الرجال يتهمون فيه طبيب أسنان شهيرًا بالتحرش بهم جنسيًا خلال زياتهم لعيادته الخاصة قبل سنوات. وقال المغني الشاب تميم يونس، والفنان عباس أبو الحسن وآخرون، إنهم تعرضوا لتحرش جنسي من ذلك الطبيب.
وقال يونس إن الطبيب طلب منه “أن يخلع السروال لإعطائه حقنة مخدر”، لكنه فوجئ بالطبيب يمسك العضو الذكري للمغني، على حد وصفه.
تلك الواقعة قدمها يونس عبر صفحته على موقع “إنستجرام”، وقال إنه تعرض للتحرش الجنسي من جانب الطبيب “ب.س”، خلال خضوعه للكشف في عيادته الخاصة قبل سنوات.
تداول مواقع التواصل الاجتماعي شهادة للاجئة سودانية، تروي خلالها تفاصيل اغتصابها على يد محامٍ
كما نشر الفنان عباس أبو الحسن روايته عن الطبيب المذكور على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أيضًا على تعرض لمحاولة تحرش جنسي من جانب هذا الطبيب، ويملك 6 شهادات أخرى ضده، الأمر الذي استدعى تحريك دعوى قضائية عبر تقديم بلاغ إلى النيابة العامة عن طريق أحد المحامين.
من جهة أخرى، أنكر الطبيب هذه الوقائع تمامًا، قائلاً في بيان له نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي: إنها محاولة للتشهير به والنيل من سمعته.
وأكد محمد بدوي عضو مجلس نقابة طب الأسنان، على أن النقابة على استعداد تام لتلقي مثل هذه الشكاوى والتحقيق فيها، لكن لم تستطع النقابة فتح أية تحقيقات، إلا بعد تقديم شكوى رسمية من المتضررين بطلب التحقيق.
وأشار إلى أن نقابة طب الأسنان ليس لديها أي مانع فيه التحقق من أي انتهاكات تحدث من أعضائها من أجل الحفاظ على ميثاق ومبادئ المهنة، مؤكدًا على أن النقابة أيضًا لديها لجنة تحقيق لمثل هذه النوعية من الشكاوى بالإضافة إلى لجنة مرأة لتلقة الشكاوى في حال تعرض اي من زميلات المهنة لأية انتهاكات أو اعتداءات.
المحاميين: لجنة المرأة تعلن عن نفسها
خلال الأيام القليلة الماضية تداول مواقع التواصل الاجتماعي شهادة للاجئة سودانية، تروي خلالها تفاصيل اغتصابها على يد محامٍ أثناء إنهائه بعض الإجراءات الخاصة بإقامتها، وروت اللاجئة التي أقدمت على الانتحار بعد كشف النقاب عما تعرضت له، أن الاغتصاب تم للمرة الأولى أثناء تواجدها في مكتبه الخاص، الأمر الذي أثار جدلاَ كبيرًا على موقع التواصل الاجتماعي، وتساءل آخرون عن موقف النقابة تجاه هذا الفعل.
وبالسؤال عن الطرق التي لابد لنقابة المحامين اتباعها للتصدى لشكاوى التحرش بين صفوف أبناء المهنة، يرى ياسر سعد، المحامي، ضرورة إعادة نشاط لجنة المرأة التي كان قد تم تجميدها من قبل بأمر نقيب المحاميين السابق سامح عاشور للعمل مرة أخرى، ويكون مخول لها تلقى الشكاوى من المحاميات اللاتي يتعرض لأي انتهاك جنسي داخل أماكن عملهن، وبدورها تقوم اللجنة بعمل تقرير بتلك الشكاوى لمجلس النقابة للتحقيق والبت في أمرها.
طالبت “صحفيات مصر” بضرورة إقرار سياسة لمكافحة التحرش والعنف الجنسي ضد الصحفيات
ويضيف:” ويكون مصير تلك البلاغات إما الإحالة للمحكمة التأديبية باعتبار أن ما حدث يعتبر اعتداء من زميل على زميلة في المهنة، أو يتم تحريك بلاغات للنيابة العامة هذا على اعتبار أن الزميل المعتدي عضو بالجمعية العمومية، لكن في الحقيقة هذا سيتصادم مع الخطر الأكبر داخل نقابة المحامين وهي عدم ضبط علاقات العمل، وخصوصًا ان أغلب المحاميين الذين يعملون داخل مكاتب محاماة لا يحررون عقود عمل”.
من جانبها، قالت فاطمة الزهراء غنيم، عضو مجلس نقابة المحاميين، إن النقابة بالفعل أعادت فتح لجنة المرأة من جديد، وأصبحت على أتم الاستعداد لتلقى مثل هذه النوعية من الشكاوى، مشيرة إلى أنها أصبحت المسؤولة عن تلك اللجنة، مبدية استعدادها للتحقيق في شكاوي وتحويلها للنيابة العامة إذا استلزم الأمر، سواء الإساءة حدثت في حق زميلة مهنة أو موكلة.