بدأ الجيش التركي أمس الأحد تدريباته السنوية في “جمهورية شمال قبرص التركية” التي لا تعترف بها سوى أنقرة، وسط تصاعد التوتر مع اليونان في منطقة شرق البحر المتوسط.
وتجري تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية مناورات «عاصفة البحر الأبيض المتوسط» بين 6 و10 سبتمبر الجاري، وتشارك في المناورات التي تجري في شمال قبرص قوات جوية وبرية وبحرية تركية.
ويأتي إجراء المناورات في وقت تشهد فيه منطقة شرقي البحر المتوسط، توترًا إثر مواصلة اليونان اتخاذ خطوات أحادية مع الجانب الرومي من جزيرة قبرص وبعض بلدان المنطقة بخصوص مناطق الصلاحية البحرية.
وأدى سعي تركيا للعثور على احتياطيات الغاز والنفط في مياه تطالب بها اليونان، إلى زيادة حدة التوتر في العلاقة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.
وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس السبت، تهديدا جديدا لليونان، على خلفية التوترات المتصاعدة في شرق المتوسط، وعشية بدء قواته مناورات عسكرية في المنطقة.
وقال خلال افتتاحه مدينة طبية في اسطنبول “سيدركون أن تركيا تملك القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية لتمزيق الخرائط والوثائق المجحفة التي تفرض عليها”، في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها بين تركيا واليونان.. لافتا إلى أن “تركيا وشعبها مستعدان لأي سيناريو والنتائج المترتبة عليه. وقال أكدنا دوما استعداد تركيا لكل أشكال التقاسم شرط أن يكون عادلا.
وفى خطوة اعتبرها مراقبون تراجعا في الموقف التركي، طلب الرئيس التركي من المجلس الأوروبي إقناع اليونان ودول أوروبية أخرى بالتراجع في شرق المتوسط، جاء الطلب مع اقتراب موعد مناقشة الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على أنقرة لتعديها على المناطق الاقتصادية لمياه اليونان وقبرص والقيام بعمليات تنقيب عن النفط والغاز بشكل غير قانوني.
ومن جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، أمس الأحد، أن المجلس الأوروبي المقرر عقده في نهاية أيلول/سبتمبر سيخصص في المقام الأول للمسألة التركية والتوتر في شرق البحر المتوسط، خاصة دراسة فرض عقوبات على أنقرة. وأوضح قائلاً: “لقد أعددنا هذا الملف التركي منذ عدة أيام مع وزراء الخارجية في برلين لتعداد أدوات الرد التي يمكن أن نستخدمها حيال تركيا”. بحسب إذاعة “فرانس أنتر”.
وتشهد علاقات عدة دول في الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها فرنسا، مع تركيا توتراً شديداً خاصة حول القضية الليبية ومسألة الهجرة فضلاً عن احتياطيات الغاز في شرق البحر المتوسط. وتُتهم أنقرة باتباع سياسة توسعية.
وأضاف لودريان: “نقول لتركيا: من الآن وحتى عقد المجلس الأوروبي يجب إبداء القدرة على مناقشة ملف شرق المتوسط أولاً”، معتبراً أن “أمر مناقشة هذه المسألة يعود للأتراك.. هذا ممكن.. حينها، ندخل في مرحلة فعالة لحل جميع المشاكل المطروحة”.
ورفض لودريان تحديد طبيعة العقوبات المحتملة التي قد يفرضها الاتحاد الأوروبي على تركيا. وأكد أن “هناك سلسلة كاملة من الإجراءات التي يمكن اتخاذها. وقال لسنا عاجزين على الإطلاق، وهو يعرف ذلك جيداً”، في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. لكنه ألمح إلى مجموعة من العقوبات الاقتصادية، متهماً أردوغان بخلق جو قومي يهدف إلى “إخفاء حقيقة الوضع الاقتصادي” في تركيا.
يعقد المجلس الأوروبي، الذي يضم رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، اجتماعا يومي 24 و25 أيلول/سبتمبر الحالي.
ومن جانبه، دعا رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، شارل ميشيل، أثناء اتصال هاتفي مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى عقد مؤتمر متعدد الأطراف بشأن الوضع في شرق المتوسط.
شدد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية على ضرورة استخدام قوة الاتحاد لردع تركيا، معتبرا أن العقوبات ستكون إحدى وسائل الردع. وأضاف أن تركيا وروسيا تريدان إحياء إمبراطوريات الماضي.
قبيل ذلك قال دبلوماسي أوروبي إن “القمة الأوروبية المقبلة ستبحث آليات العصا والجزرة للتعامل مع تركيا”. وأضاف أن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان آليات العقوبات وعرض الحوار الشامل. كما دعاه إلى خفض التوتر ووقف الأعمال الاستفزازية”.
ومن جانبه، أكد نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، أهمية الحلول الدبلوماسية في شرق البحر المتوسط، مُشددًا على أنه لا يمكن التنازل عن الأولويات الأمنية لبلاده ولجمهورية شمال قبرص التركية.
وأضاف أوقطاي في تغريده على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بمناسبة بدء التدريبات العسكرية «أتمنى التوفيق لجنودنا الأبطال الذين يمثلون إرادتنا الصلبة ضد الساعين لحبس تركيا في خليج أنطاليا ولتجاهل القبارصة الأتراك، ويشكلون ضمانة للسلام في البحر المتوسط».