أكد الرئيس السوري، بشار الأسد، خلال لقائه لافروف، وزير الخارجية والوفد الروسي، عزم الحكومة السورية على مواصلة العمل مع الحلفاء الروس بغية تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين، بما في ذلك إنجاح الاستثمارات الروسية في سوريا”.
زيارة الوفد الروسي تأتي في وقت تشهد فيه سوريا أزمة اقتصادية خانقة تفاقمها العقوبات الاقتصادية وآخرها التي فرضتها واشنطن بموجب قانون قيصر. وتعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إلى دمشق أمس الإثنين، في أول زيارة له إلى البلاد منذ عام 2012.
وتأتي زيارة لافروف غداة وصول وفد من الحكومة الروسية برئاسة نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف، والممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط نائب وزير خارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف.
وبحسب الرئاسة السورية، قال الرئيس الأسد خلال اجتماعه بلافروف وبوريسوف إنه يريد زيادة الاستثمارات الروسية لمساعدة بلاده على تحمل العقوبات الجديدة المفروضة على اقتصاد بلاده المتعثر بالفعل، والتي تهدد بتقويض المكاسب العسكرية التي تحققت بمساعدة موسكو.
كما جري بحث المساعي للتوصل إلى اتفاقيات جديدة، بما يساهم في تحقيق مصالح البلدين والتخفيف من آثار سياسة العقوبات القسرية التي تنتهجها بعض الدول.
وأضافت الرئاسة أنه كان هناك اتفاق على أهمية البدء بتنفيذ الآليات الكفيلة بتجاوز الحصار الاقتصادي والضغوطات على الشعب السوري”، من دون توضيح ما هي الآليات وطريقة تنفيذها.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف وبوريسوف، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم: “أستطيع أن أؤكد… أن مستقبل العلاقات مع الأصدقاء في روسيا واعد ومبشر بالخير فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والسياسي”. وأضاف أبشّر شعبنا بأن الوضع الاقتصادي العام سوف يجد تحسناً خلال الأيام والأشهر المقبلة”.
ووقعت موسكو في السنوات الماضية اتفاقات ثنائية مع دمشق وعقوداً طويلة المدى في مجالات عدة أبرزها الطاقة والبناء والنفط والزراعة. وأقر مجلس الشعب السوري في صيف 2019 عقدا مع شركة روسية لإدارة واستثمار مرفأ طرطوس، الأكبر في البلاد. وسبق أن فازت الشركة ذاتها بعقد لاستثمار واستخراج الفوسفات من مناجم منطقة تدمر (شرق) لخمسين عاماً.
وتحدث بوريسوف خلال المؤتمر عن “اتفاقية جديدة” لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري تقدمت بها روسيا بانتظار الرد السوري عليها وتوقيعها في زيارة أخرى يقوم بها لدمشق نهاية العام الحالي. وأشار إلى مشاريع إعادة إعمار 40 منشأة بنى تحتية خاصة في مجال الطاقة، وإلى عقد عمل مع شركة روسية لاستخراج النفط من المياه السورية لا يزال ينتظر المصادقة عليه.
وتحدث لافروف بدوره عن أولويات جديدة في سوريا في مقدمها “إعادة الإعمار” والحصول على دعم دولي لتحقيق ذلك. ويدرك لافروف أن تحقيق هذا الهدف منوط أساسا باستجابة الأسد للمطالب الدولية وعلى رأسها القانون عدد 2254.
وعن اللجنة الدستورية، التي انعقدت جولتها الثالثة الشهر الماضي، قال لافروف إن “ليس هناك جدولا زمنيا” لإنهاء عملها. فيما أوضح المعلم أنه “فيما يتعلق بالدستور القادم، فهذا شأن ما سيتوصل إليه أعضاء اللجنة الدستورية (..) إذا كانوا يريدون تعديل الدستور القائم أو إنتاج دستور جديد، في كلتا الحالتين، المنتج سيعرض على الاستفتاء الشعبي”.
وزار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوريا مرتين، في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول 2017 ومطلع العام الجاري، حيث عقد اجتماعا مع الأسد في مقر قيادة القوات الروسية بدمشق.
وتشارك القوات الروسية البرية والجوية والبحرية منذ عام 2015 إلى جانب القوات الحكومية السورية في معارك ضد فصائل المعارضة المسلحة وتنظيم داعش الإرهابي.
وتشير الدوائر إلى أن زيارة لافروف كان هدفها الأساسي الضغط على دمشق بشأن ضرورة إظهار جدية فيما يتعلق بعمل اللجنة الدستورية المكلفة بوضع دستور جديد للبلاد، ونجح على ما يبدو الوزير الروسي في تحقيق هذا الهدف لجهة تأكيد نظيره السوري وليد المعلم على عدم ممانعتهم في ذلك.
وهذه المرة الأولى التي يبدي فيها النظام السوري انفتاحا على صياغة دستور جديد للبلاد، بعد أن كان يرفض بالمطلق هذه الخطوة، ويعتبر أن دور اللجنة الدستورية هو تعديل الدستور الحالي. وكان لافروف استبق زيارة دمشق بلقاء مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير فيدرسون لبحث ما تحقق في الجولة الأخيرة من اللجنة الدستورية.