يحبس أصحاب الاستثمارات السياحية في جنوب سيناء، أنفاسهم، مع خطط التطوير المتسارعة التي بدأتها السعودية في جزر البحر الأحمر، والتي تستهدف تحويلها خلال مدى زمني قصير إلى “مالديف العرب“.
تخطط شركة البحر الأحمر للتطوير، السعودية، حاليًا لإنشاء أكبر محمية بحرية في البحر الأحمر بمساحة تفوق ٥ آلاف كيلو مترًا لأغراض سياحية بيئية، تعتمد على الطاقة المتجددة بشكل كامل، وتحظر استخدام المنتجات الملوثة للبيئة مثل البلاستيك.
ووضعت الشركة، أيضًا خطة لإنشاء 16 فندقًا خلال مرحلة أولى ستوفر 3 آلاف غرفة في خمس جزر، تبدأ استقبال السائحين بعد عامين فقط، على أن يكتمل بشكل نهائي عام 2030 لتوفير 8 آلاف غرفة فندقية على 22 جزيرة.
في الوقيت ذاته، تتخذ الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالسعودية، خطوات حثيثة لتطوير 1420 جزيرة سياحية، بينها 1285 بالبحر الأحمر، تمثل نحو 89% من إجمالي جزر المملكة، في مقدمتها جزيرة فرسان، التي تعتبر أجمل الجزر السعودية، وتشهد نشاطًا في صيد اللؤلؤ والأسماك، كما أنها غنية بمادة العنبر الخام.
ويتوقع خبراء سياحيون، أن تتسم المشروعات السياحية السعودية بطابع خاص مُخالف للأعراف والقوانين الخاصة بالمملكة، فيما يتعلق بالاختلاط بين الجنسين، واشتراطات الزي بحيث يسمح فيها بارتداء ملابس البحر سواء للرجال أو النساء أو حرية تحركهم بملابس مكشوفة في الشوارع.
ومن المفترض أن تستثمر السعودية، الموارد المالية الضخمة التي تمتلكها حاليًا في التسويق لمشروعاتها الجديدة عبر حملة إعلانية مكثفة في وسائل الإعلام الغربية لتغيير الصورة النمطية الراسخة عنها، واللعب على وتر رغبة الكثيرين في استكشاف التغيرات العنيفة التي تشهدها أكثر الدول الإسلامية محافظة حتى وقت قريب، والتي تضمنت السماح بالحفلات والعروض السينمائية وحضور السيدات مباريات كرة القدم وقيادتهم السيارات وغيرها.
جزر السعودية والسائح الخليجي
يقول مدير فندق سياحي بخليج نعمة في جنوب سيناء، إن المقاصد السياحية المصرية عليها الاستعداد من الآن لمنافسة السعودية والتي ستؤثر بالتأكيد على السياحة الخليجية الوافدة لمصر، وتلك السياحة تمثل رقمًا كبيرًا من إجمالي عائدات السياحة المصرية باعتبارها الأكثر إنفاقاً بين السائحين الوافدين.
واستقبلت مصر، نحو 1.84 مليون زائر من دول التعاون الخليجي عام 2019 أغلبهم من السعودية التي سجلت وحدها 1.410 رحلات عام 2019، كان يتوقع ارتفاعها إلى 1.8 مليون سائح بحلول 2024، بمعدل نمو سنوي مركب 5%.
وأنفق السائحون السعوديون في مصر 633 مليون دولار عام 2019؛ وكان من المتوقع ارتفاع الرقم إلى 1.13 مليار دولار حتى 2024، بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 11%؛ وذلك وفقا لدراسة لشركة كوليرز إنترناشيونال أعلنتها على هامش معرض سوق السفر العربي الأخير.
ويقول مدير الفندق، إن السعودية ستستقطب أيضًا قدرًا لا بأس به من السياحة الإسلامية الوافدة لمصر، والتي ستتأثر بفكرة السياحة الحلال أو المتوافقة مع الشريعة، أو ضرب عصفورين بحجر واحد بالقيام بالسياحة الدينية عبر القيام برحلة الحج أو العمرة ثم السياحة التقليدية بعدها أو قبلها.
خندق السائح الروسي
ويخشى أصحاب الفنادق السياحية المصرية، أن يظلوا أسرى للسائح الروسي الذي يعتبر الأقل إنفاقًا في العالم ويلعب بورقة الأفواج الضخمة فقط، مؤكدين أن إنفاق السائح الروسي طوال رحلة إقامته في مصر التي تمتد إلى خمسة أيام لا تتجاوز 40 دولارًا.
وبدأت مصر خطوات موازية للاستفادة من الجزر المصرية بالبحر الأحمر تمهيدا لتطويرها هي الأخرى للمنافسة على السائحين الراغبين في الخصوصية والباحثين عن العزلة في سياحة الجزر الصغيرة.
مصر تبدأ في التطوير
وانتهت وزارة المالية، قبل شهور، من تسعير عدد من أراضي المحميات الطبيعية ضمن 30 محمية تمتلكها ذات قيمة ثقافية واقتصادية، للبدء في طرحها على المستثمرين للاستفادة الاقتصادية منها بنظام المزايدة العلنية.
كما تتبنى الدولة، تطوير منطقة الساحل الشمالي التي تتسم بجودة شواطئها الرملية على عكس البحر الأحمر ذو الشواطئ الصخرية الضيقة المناسبة للغوص أكثر من السياحة، لفتح مجال أوسع أمام السائح في الاستمتاع برحلات بحرية متنوعة ومتكاملة.
البحر الأحمر، يضم أكثر من 521 جزيرة بحرية، تمتلك مصر 39 منها، وتمتاز 13 منها بالتجمعات السمكية الفريدة، إضافة إلى الدلفين والسلاحف وأسماك القرش ويمكن الصيد بمحيطها، والباقي تحيط بأعماقها وشواطئها شعاب مرجانية وتضم أفضل مناطق للغوص في العالم وتصلح للأنشطة.
المنافسة بين مصر والسعودية
وحول تأثير المنافسة بين السياحة المصرية والسعودية، يقول ماجد الجمل، رئيس جمعية مستثمري طابا السياحية، إن التطورات التي تشهدها السوق السياحية السعودية لن تتضح تأثيراتها إلا بعد بدء العمل على أرض الواقع، فما زال لدينا عامين على الأقل حتى يتم الانتهاء من تطوير أول جزيرة هناك.
لكن الجمل، يرجح أن تكون العلاقة بين المقاصد السياحية في البلدين قائمة على التعاون والتكامل وتسيير رحلات مشتركة أكثر من التنافس استغلالًا لعنصر القرب بينهما، خاصة في ظل مشروعات مشتركة بينهما كمشروع تدشين كوبري بطول البحر الأحمر الذي يسمح بتحركات الحافلات السريعة ذات التكلفة الأقل بين مقاصد البلدين.
ويرى قطاع من الخبراء، أن السعودية لا تسعى للمنافسة بقدر مواجهة البطالة، في القطاع السياحي الذي يستهدف توفير 260 ألف فرصة وظيفية خلال السنوات الثلاث المقبلة ترتفع إلى مليون وظيفة بحلول 2030، كما وضعت السعودية استراتيجية للوصول إلى 100 مليون زيارة سنوية داخلية وخارجية في 2030.