أصحابي حذروني من إني اتكلم في الموضوع ده أو أكتب فيه، وسكت شوية لكن كنت بسأل نفسي هي المبادئ والقيم بظهر إمتى؟
أكيد مش في أوقات الراحة ولا المناظرات الخائبة. في مواقف الحياد فيها خيانة، وعلشان كده قررت اتكلم مهما أصحابي لاموني أو الناس هاجمتني.
من يومين كنت رايحة مشوار، معايا عربية صغيرة بتكفيني شر الزحمة، وعلى كورنيش المعادي عند المحكمة الدستورية وفيه زحام شديد، قررت أولع سيجارة، وكان فيه موتوسيكل عليه اتنين شباب، شكلهم بيشتغلوا في النجارة أو الألوميتال كانوا شايلين معاهم حاجات تشبه كده.
طبعًا الشابين الجُمال لقوا ست سايقة عربية وبتدخن، وكان القرار إنهم مش هيسيبوني في حالي، أبطء السرعة يستنوني.. أسرع يلحقوا بيّ، وكلام كتير فعلاً، أنا قررت ما اسمعهوش، ولغاية طرة، قررت أدخل شمال وهم بيمشوا، واحد فيهم قالي باي يا حبيبة قلبي.
موقف زي ده ممكن يوتر ست تانية، ممكن تحصل حادثة، ممكن الاتنين دول نفسهم يكونوا ضحايا الحادثة، هل وقتها لو قلت إنهم كانوا بيلاحقوني وبيضيقوا عليّ حد هيصدق؟
إحنا بنتعاقب علشان نوعنا، علشان إحنا ستات في بلد الست فيها بتحاسب على كل الفواتير، من أول قوانين محكمة الأسرة اللي بتخذل الأمهات، لغاية الأهل اللي بيتعاملوا مع البنت إنها لعنة أصابتهم!
آخر عشر سنين أصدقاء كتير من الرجالة بيحلموا يخلفوا بنات، وبيفرحوا جدًا لما يخلفوا بنت، وبرضة آخر عشر سنين القمع والعنف والتحرش ضد الستات بيزيد!!
أنا بخاف جدًا، بخاف وأنا ماشية في الشارع، ببقى نفسي أتقوقع داخل روحي، ببقى خايفة من أي حد يلمسني ولو بالغلط، خايفة لأني عارفة إن محدش هيقف جنبي، وإن الشارع هينحاز للراجل، وهيلاقوا ميت سبب يطعنوا به في الست.
الست اللي بتشتغل وتشقى وتربي وتصون البيت، ولو زميلها اتحرش بيها واتكلمت تترفد من شغلها وسمعتها تبوظ، الست اللي بتنزل تتطحن وتروح من سوق لسوق علشان توفر كام جنيه، فتلاقي نفسها مستباحة، ولو حد تطاول عليها وجت تتكلم، تلاقي بجاحة وقلة أدب، وأكتر مساعدة ممكن تلاقيها إن الناس تقولها روحي لحالك!
هي ليه الناس مش واخدة بالها إن الحياة ذكر وأنثى؟
هي الدنيا كده والله! ليه الذكور يظلموا ويبغوا، والستات تضعف وتنزوي؟
طيب لو الرجالة تقدر تمشي الدنيا لوحدها، ما تمام يالا نرجع لوأد البنات، ولا نعزل الستات في أماكن لوحدهم، طالما إحنا مش عارفين نربي أولادنا إن الست زيها زيه، لها حقوق مش بس عليها مسئوليات.
كام ابن مد إيده على أخته، ويمكن كمان أمه؟ كام راجل ضرب مراته قدام عياله، وكام أب ضرب مراته وبنته؟، الموضوع أبعد من تحرش وانتهاك للجسد، الموضوع انتهاك لوجود الست أصلاً.
إنتم محتاجين الستات ليه؟ علشان ننضّف ونطبخ ونخلف ونشتغل ونتطحن؟ وتفرغوا رغباتكم الجنسية فينا؟ كام راجل ممكن يقف في الشارع ويرفع صوته لما يشوف واحد بيتحرش بست؟ وكام راجل بيدافع بجد عن حقوق الست؟ ليه نوعنا اللي ملناش أي دخل فى تحديده يصبح أداة عقابنا؟ أنا فعلا بقيت خايفة، حتي الستات اللي بتحاول تتكلم بتتحول من ضحية لمتهمة، حتى رموز الدفاع عن الستات بتسقط. دي أخطاء تربية وثقافة بلد و لا دي إيه؟
الغلط بادئ من التربية، من الفصل بين البنات والأولاد وهم صغيرين، والتعامل مع البنات إنها مصاصة ولا حاجة مكشوفة الدبان هيلوثها، من اللحظة اللي كل عيلة بتتعامل مع بنتها إنها عبء ومسئولية وعار.
طيب ما هي الستات لو عار ما تموتنا يا جماعة ونخلص، بدل الهم ده، أبقى نازلة محصنة نفسي من الكلام والنظرات، وأبقى ماشية خايفة ومرعوبة، علشان عارفة إن لو حد أذاني محدش هيدافع عني، ولا حتى هيسبوني أجيب حقي. والستات اللي بتطحن بعضها، إيه يا جماعة كم الغل دا؟، إزاي مش قادرة تستحملي إن ست زيك تدافع وتطلب أبسط حقوقها إنها تكون آمنة في الشارع وفي شغلها؟.
موضوع الموتوسيكل ده مش أول مرة تحصل لي، قبل كده برضه واحد كان بيضايقني بعربيته، وفلت بأعجوبة إني أقع من كوبري أكتوبر، لكن لي صديقة عملت حادثة علشان تحاول تهرب من واحد بيلاحقها بعربيته، ده إحنا بنتكلم في ستات مش ماشية على رجليها ولا حتى بتستعمل مواصلات عامة، لما الوضع بالسوء ده في مواصلتك الخاصة، اللي تبعًا للقانون توازي شقتك، الستات في الشارع بتتهان وتتبهدل قد ايه؟
بقول لكل ست ما تسكتيش لحد ولا تثقي برضه في حد، الحكايات بتوقع نماذج كتير، ناس كنا بنشوفهم رسل الإنسانية، طلعوا مزيفين والتماثيل بتقع وتنكسر ونكتشف إنها كانت جبس ومفرغة من جوه!
ما تثقيش في حد ولا تروحي لمكان يخصه مهما كانت الأسباب ولا أدوات التطمين، ما تسكتيش لحد مهما ارتفعت حواليكي الأصوات بتدينك، وهم بقي لو مش عاجبهم يموتنا ونخلص. موتونا وارتاحوا!