يدين تحالف “دعم مصر” المكون من الهيئات البرلمانية لأحزاب الموالاة بالكثير من الفضل لأعضاء التحالف البرلماني المعارض 30/25، الذين ضبطوا إيقاع بعض جلسات مجلس النواب في فصوله التشريعية الخمس، بخطبه الحماسية، وشغب بعضهم الذي أضفى نوعًا من الإثارة الغائبة عن مجلس “موافقون موافقون”.
وعلى الرغم من عددهم الصغير الذي لم يتجاوز الـ 16 نائبًا وضعف تأثيرهم أمام قرارات الأغلبية، إلا أنهم استطاعوا أن يخرقوا حالة الصمت والموافقة الدائمة التي صاحبت مجلس النواب منذ يومه الأول، وهو ما حفز أحزاب المعارضة على تكرار هذه التجربة في البرلمان المقبل، بزيادة أعداد الشخصيات المعارضة التي تدافع عن أهدافي ومبادئ ثورتي 25 يناير و 30 يونيو في البرلمان المقبل.
عزوف الناخبين عن المشاركة في انتخابات الشيوخ كانت رسالة قوية للسلطة بعدم الرضا
خرج التحالف من رحم من التضييق الذي واجهه بعض نوابه في أولى جلسات المجلس، ليجدوا أنفسهم في بوتقة واحدة يدافعون عن حقهم في الكلام وتحقيق أهداف الثورتين فكان تحالفهم الذي يرمز اسمه إلى المزيج بينهما.
وبرز التحالف بشكل لافت من معارضته لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتي منحت جزيرتي تيران وصنافير للمملكة بعد احتجاجات محدودة في بعض الميادين، كما تصدر مشهد المعارضة في كافة مناقشات مشاريع القوانين المثيرة للجدل داخل مجلس النواب، مثل: مشروع قانون الخدمة المدنية، والضريبة على القيمة المضافة، وتحصين عقود بيع شركات القطاع العام، وتمييز وتحصين قيادات المؤسسة العسكرية، وصندوق مصر السيادي.
وتصدى التحالف كذلك إلى التعديلات الدستورية الأخيرة، إذ رفض أعضاؤه زيادة المدد الرئاسية والالتزام بدورتين فقط، وهي التعديلات التي أعادات مجلس الشورى إلى الحياة من جديد في ثوب “مجلس الشيوخ”.
أمانة المجلس والرئيس علي عبد العال، لم يمنحا الفرصة الكاملة لنواب المعارضة
هيثم الحريري، عضو مجلس النواب عن محافظة الإسكندرية، شارك منذ البداية في تشكيل هذا الائتلاف لتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة، باعتباره من المحسوبين على التيار اليساري في مصر، يؤكد أن تجربة التحالف المعارض كانت مصدرًا للفخر رغم عدم حصولهم على الفرصة الكاملة وتعرضهم لحملات تشويه نالت من أمن أسرهم خلال فترة عمل المجلس.
الحريري، رأى في حواره مع “مصر 360” إن البعض يتعامل مع منصب عضو مجلس النواب على أنه مغنم وهدف في حد ذاته لتحقيق النفوذ، لكنه لا يراه أكثر من مجرد وسيلة لخدمة أهدافه السياسية والاجتماعية، لذا يتردد كثيرًا قبل اتخاذ قراره بإعادة ترشحه للمجلس المقبل الذي جرى الاستعداد له من قبل الأحزاب والمستقلين.
“البعض حسبنا كمعارضين أعداء بسبب دفاعنا عن بعض القضايا العامة التي تهم المواطنين، لكننا مخلصين محبين لهذا الوطن، نفس الأخطاء التي ننتقدها يفضل البعض الصمت عليها لكن الصمت هنا خيانة للوطن والواجب”، يقول “الحريري” عن حملات التشويه التي تعرض لها الائتلاف على مدار 5 سنوات، إذ أحيل أغلبيتهم إلى لجان القيم والتحقيق في وقائع مختلفة كما اتهمهم بعض النواب بأنهم يصدرون بيانات تحريضية تشكك في المجلس ويقلب الرأي العام ضدهم.
ديكتاتورية الأغلبية
وبحسب “الحريري”، فإن الائتلاف لم يسلم من التشويه منذ بداية عمله، معتبرًا أن تهديدهم بالإحالة للجنة القيم ما هو إلا شكل من أشكال الإرهاب الفكري الذي مورس ضدهم من أجل المصادرة على آرائهم داخل البرلمان، مؤكدًا أن مصر كلها عانت من ديكتاتورية الأغلبية وليس نواب الائتلاف فقط، حيث نوقشت القوانين بسرعة شديدة ولم تأخذ حقها الكافي في المشاورات المجتمعية، كما أن إدارة الجلسات كانت تعترف بالعدد وليس الفاعلية في مخالف للائحة المجلس، ولم يسمح لنواب المعارضة بالترشح للجان النوعية كغيرهم من النواب.
وذكر أن أمانة المجلس والرئيس علي عبد العال، لم يمنحا الفرصة الكاملة لنواب المعارضة، إذ أعطى الكلمة للنواب المؤيدين لانتقاد بيان الحكومة وبرنامجها ولم تتح لهم الفرصة، لشرح موقفه الرافض للحكومة في أي من الجلسات كنوع من المصادرة والتمييز.
أخطاء المعارضة
كما أرجع عضو تحالف 25-30 الأخطاء التي وقع فيها إلى عامل قلة خبرة النواب المستقلين في التعامل مع الأزمات التي واجهتهم خلال فترات المنع والتضييق ومصادرة الآراء، يقول: ” نعترف إننا جدد على الحياة النيابية وفي بدايات العمل البرلماني لم نكن نتمتع بالخبرة الكافية”.
ورغم مواقف التحالف المعارضة إلا أن التواصل كان غائبًا بين نوابه وممثلي أحزاب المعارضة التي تتجمع تحت لواء “الحركة المدنية الديمقراطية”، إذ كشف “الحريري” أن التنسيق مع المعارضة كان في أضعف صورة ممكنة، وهو ما اعتبره تقصيرًا من الأحزاب نفسها لعدم سعيها إلا الاستفادة من وجود نواب معارضين تحت القبة، من خلال طرح القوانين والتشريعات، كما لم يستفد التحالف من كفاءات التيار المدني.
ويشير “الحريري”، وهو أحد الأعضاء المؤسسين لحزب الدستور، إلى أن أكثر مراحل التواصل مع أحزاب المعارضة كانت في فترة الاحتجاجات المنددة باتفاقية تيران وصنافير التي مررها مجلس النواب بعد عاصفة من الجدل، كونها من القضايا الشائكة التي تطلبت التفاف الجميع.
رسالة الشيوخ
يعتري النائب السكندري مشاعر قلقة تجاه المشهد البرلماني المقبلة، خصوصًا أن عزوف الناخبين عن المشاركة في انتخابات الشيوخ كانت رسالة قوية للسلطة بعدم الرضا عن المرشحين والعملية الانتخابية برمتها، محذرًا من تكرار هذا المشهد مجددًا في انتخابات مجلس النواب.
كما استبعد “الحريري” نجاح قوائم الحركة المدنية الديمقراطية في حجز تذاكر العبور إلى مجلس النواب في ظل المنافسة الشرسة مع قائمة “مستقبل وطن”، قائلاً: ” احتمال فوز القائمة المنافسة مستحيلة ونزولي على هذه القائمة يحكم بخسارتي، لذا أدعو لمن لديه الشعبية بالترشح في الفردي حتى يتمكن من المنافسة والنجاح كمستقل ثم ينضم إلى تحالف تحت القبة”.
برلمان حكومي بامتياز
إغفال دور المعارضة وتبني وجهة نظر الحكومة دائمًا على مصلحة الشعب أسباب جعلت “الحريري” يصنف مجلس النواب الحالي بأنه برلمان الحكومة وليس الشعب الذي اختار هؤلاء النواب للتشريع والرقابة على السلطة، مدللاً على ذلك بتراجع البرلمان عن موقفه في قانون الخدمة المدنية الذي رفضه الأغلبية ثم عادوا وقبلوا به.
وتابع: “قوة أي نظام سياسي في قوة معارضته، وكلما كانت المعارضة القوية كان النظام قويًا وليس هشًا، وليس طبيعيًا أن ترى مؤسسات الدولة المعارضة أعداء لها، لأن فشل الحكومة فشل للمعارضة، وإذا تمت إدارة المشهد السياسي بحياد نواب المعارضة سيكون لهم فرصة كبيرة”.
مستقبل 25-30
يرتبط استمرار تحالف 25/30 في البرلمان المقبل بمدى قدرة أعضائه الحاليين على كسب ثقة دوائرهم الانتخابية، لكن هيثم الحريري فتح الباب أمام إمكانية حل هذا التحالف وعدم الاعتماد عليه في المستقبل حسب رغبة الأعضاء الفائزين والنواب الجدد، قائلاً: “ربما يتفق النواب على إنهاء عمله والعمل بشكل فردي أو الانضمام لتحالف آخر غير مستقبل وطن بالطبع”، مشيرًا إلى أن استمرار تجربتهم متروكة للناجحين فالبعض تفرق وانسحب من التحالف وآخرون لا يزالوا محافظين على الوثيقة التي تجمعهم