بيقولوا فيلم “جعلوني مجرمًا” ساهم فى إن الحكومة تعدل القوانين وتلغي السابقة الأولى، واللي فاكر الفيلم هيفتكر إزاي فريد شوقي أو سلطان ودا اسمه فى الفيلم حياته اتحولت لجحيم بسبب حكم عليه بانه لص، مش بس فيلم جعلوني مجرمًا، فيه فيلم تاني اسمه الحاقد، الأب فيه بيختلس ويموت بعد ما يتم اكتشاف سرقته فيقوم الناس بالحكم على الابن إنه حرامي زي ابوه، أو ابن الحرامي، وينتهي به الحال إنه يكون حرامي فعلًا.
الحكاية بتخرج من الأحكام الخاصة بالقانون لأحكام فى كل حاجة، أحكام بعضها بيكون وصمة عار، ويفضل صاحبها فى موقف المدافع، وممكن حياته تنتهي أو يتحول علشان يكون زي الحكم اللي بيتقال عليه.
الناس مياليين لإصدار الأحكام، جزء من دا نفسي، كل واحد نفسه يمتلك سلطة، ونفوذ وبيحقق دا فى منطقته ومساحته، اللي أولها إنه يصنف الناس ويحكم عليهم، وجزء تاني استسهال وكسل، فكرة التنميط اللي اتكلمت فيها قبل كدا، الناس بتحكم علشان تريح دماغها، واحيانا بتعتمد أحكام الاخرين برضه علشان تريح دماغها، فلو واحد اتقال عنه إنه جدع، فتلاقي الجميع يقصدوه لجدعنته، وهكذا بقي، جدع وحرامي ومرتشي، ومحترمة، وقليلة الأدب، وبخيلة، وكل الصفات والأمور اللي ينفع توصف الانسان وتحطه فى خانة تصنيف ما بيطلعش منها.
مشكلة الأحكام دي إنها بتحرمنا من إننا نعرف الناس علي حقيقتها، لأن كل واحد فينا بيتعامل مع شخص وفق حكم صدر من شخص آخر، وبالتالي مش بيشوف حاجة بره الحكم دا.
نقول مثال فى السبعينات كانت المطلقة إشارة إن الست مش كويسة، ولا يصح الارتباط بها، وعائلات كتير كانت بترفض إن أبناءها يرتبطوا بمطلقات، دا خلي صناع السينما قدموا فيلم اسمه المطلقات اتعرض سنة 1975 وكان بطولة شمس البارودي وشكري سرحان وممثلين كتير، الفيلم كان بيقول ان المطلقة ست كويسة، وإن الطلاق عادي إنه يحصل، حكم زي اللي حصل دا أكيد أثر علي حياة ستات كتير وقتها، ومع إن الطلاق دا نهاية علاقة وله أسباب كتير جدًا وبيختلف من علاقة للتانية، إلا إن اصدار حكم شوه وجعل حياة ستات كتير جحيم لفترة مش قصيرة، ومثال تاني برضه فى فترة قديمة كانت سمعة الممرضات إنهم ستات مش كويسة، لمجرد إن الممرضة تبعا لشغلها فلازم تسهر وترجع متأخرة أو تبات بره البيت، دا قلل الاقبال علي مدارس التمريض، ونتج عنه نقص فى مهنة التمريض، دلوقتي الصورة اتغيرت لأن خريجي مدارس التمريض بيلاقوا شغل فورًا وفرصهم أكتر بكتير، ودا خلى تنسيق دخول مدرسة التمريض أعلي من تنسيق الثانوي العام.
صحيح إن الأحكام اللي بيطلعها البعض علي شخص ولا مهنة بتكون مريحة فى التعامل، بتخلينا نلغي دماغنا وما نفكرش، بنتعامل زي ما بنسمع، لكن دا بيحرمنا الخبرة الشخصية، اللي أكيد مهمة.
مشكلة الأحكام علي الأشخاص، إن دا فيه ظم كبير خاصة لو الأحكام سلبية، لأن الانسان بطبيعته بيتغير، الانسان بكتسب خبرة وبينضج، وفيه ناس ممكن تصلح عيوبها واخطاءها.
إننا نحكم علي انسان ولا نسمح بانتشار الحكم دا أشبه بسجن شخص سجن وهمي، لو حد نعرفه راح شغل وما كملش فيه وراح بعده شغل تاني وبرضه ما كملش، علي طول تلاقي اللي حواليه يقولوا عليه مش بتاع شغل، ودا ممكن يحرمه من إيجاد فرصة تانية.
زي برضه لو فيه حد شاطر فى شغله، فجأة تلاقي طلع عليه سمعة دا أجره غالي، الكلمة دي كفيلة بابعاد ناس كتير عنه، ولو فكرت مرة تكسر الحاجز وتسأله هو إنت بتاخد كام، هتكتشف إن أجره هو العادي، وتبقي انت حرمت نفسك إنك تاخد خبرته وكفاءته وحرمته هو كمان من فرصة شغل.
ناس كتير بتقعد من غير شغل رغم إنهم محتاجين الفرصة، ودا بسبب الأحكام اللي ما نعرفش مصدرها واللي بتلزق بشكل مدهش أصله مش بتاع شغل، أصله أجره غالي، دي بتدلع، دا نصاب، دا كذا كذا وكذا.
صحيح إن بعض الأحكام بيكون مستند علي خبرة شخصية، لكن مين قالك إن أول شخص أصدر الحكم دا هو علي حق، لو شخص قال علي غيره إنه بخيل، ما يمكن البخيل دا كان فى موقف مش معاه فلوس، ولا في موقف لو انت نفسك كنت فيه هتعمل نفس اللي عمله.
الأحكام القطعية مضرة حتي الأحكام الإيجابية برضه مضرة، لأنها بتمنح ثقة مفرطة بدون تجربة، وبتسبب خساير وانكسارات لأن الثقة بتعلي سقف التوقعات، ولما بيخيب أملنا بيكون الانكسار جامد.
طيب والحل؟
الحل إننا نسمع لكن الأحكام ما تبقاش هي طريقتنا فى التعامل، ناخد الحكم اللي بنسمعه ملاحظة علي جنب، بلاش ثقة مفرطة، ونخوض تجربتنا بنفسنا، ولو عندنا فرصة نسأل الشخص اللي بيقولنا خبرته، هو إنت بتقول عنها مش محترمة ليه، فى الغالب مش هتلاقيه عنده سبب، وهتلاقيه سمع كدا من حد تاني.
فكر وانت بتسمع حكم على شخص تاني إنك برضه فيه اللي بيحكم عليك.