حافظت الهيئة الوطنية للانتخابات، على الوتيرة السريعة التي تبنتها خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، إذ أعلنت اللجنة فتح باب الترشح في الانتخابات 17 سبتمبر الجاري لمدة أسبوع، على أن تجرى الانتخابات على مرحلتين لن تستغرق الجولة الأولى من المرحلة الأولى منها سوى 38 يومًا، والثانية 50 يومًا، في الوقت الذي أكد فيه مراقبون أن إجراء الانتخابات بناءً على تلك المواعيد يواجه شبهة عدم الدستورية، لمخالفته المواعيد المقررة في الدستور.
مواعيد الانتخابات
رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار لاشين إبراهيم، أعلن إجراء انتخابات مجلس النواب على مرحلتين سواء داخل أو خارج مصر، على أن يتم فتح باب تلقي طلبات الترشح اعتبارًا من الخميس المقبل 17 سبتمبر الجاري، حتى 26 سبتمبر من التاسعة صباحًا وحتى الخامسة مساءً، عدا اليوم الأخير حتى الثانية ظهرًا، بمقر المحاكم الابتدائية.
وأشار رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات في مؤتمر صحفي، إلى أن المرحلة الأولى بالنسبة للمصريين في الخارج ستكون أيام 21 و22 و23 أكتوبر المقبل، وفي الداخل يومي 24 و25 أكتوبر المقبل على أن تعلن النتيجة أول نوفمبر المقبل، لافتًا إلى أن جولة الإعادة في المرحلة الأولى بالنسبة للمصريين بالخارج ستكون أيام 21 و22 و23 نوفمبر، وفي الداخل يومي 23 و24 نوفمبر المقبل على أن تعلن النتيجة يوم 30 نوفمبر.
وأفاد “إبراهيم” بأن المرحلة الثانية، ستكون الجولة الأولى بها بالنسبة للمصريين بالخارج أيام 4 و5 و6 نوفمبر المقبل، وفي الداخل يومي 7 و8 نوفمبر المقبل، وتعلن النتيجة يوم 15 نوفمبر المقبل، منوهًا بأن الإعادة في المرحلة الثانية سيكون التصويت فيها أيام 5 و6 و7 ديسمبر المقبل، وفي الداخل يومي 7 و8 ديسمبر المقبل، على أن تعلن النتيجة 14 ديسمبر المقبل.
ومن المقرر، أن تكون انتخاب مجلس النواب بواقع 284 مقعدًا بالنظام الفردي، و284 مقعدًا بنظام القوائم المغلقة المطلقة، بعد إقرار مجلس النواب الحالي وتصديق الرئيس على تعديلات القانون رقم 46 لسنة 2014 بشأن انتخابات مجلس النواب، والذي حدد أن تجرى الانتخابات بنظام القوائم المطلقة بدلاً من القوائم النسبية، كما تمنح 50% للفردي و50% للقائمة، فضلاً عن إقرار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية لمجلس النواب رقم 174 لسنة 2020.
يذكر أن قانون تقسيم الدوائر، قسم جمهورية مصر العربية إلى 143 دائرة انتخابية تخصص للانتخابات بالنظام الفردي، و4 دوائر انتخابية فقط بنظام القوائم، وهو ما لاقى اعتراضًا كبيرًا من جانب الأحزاب المدنية، بسبب اتساع دوائر الانتخابات، وعدم قدرتها على مقارعة أحزاب الموالاة، وأصحاب رأس المال السياسي.
المرحلة الأولى
ووفقًا للجنة الوطنية للانتخابات، ستجرى عملية الانتخابات في المرحلة الأولى في دوائر 14 محافظة، هي: “الجيزة، والفيوم، وبني سويف، والمنيا، وأسيوط، والوادي الجديد، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر، والإسكندرية، والبحيرة، ومطروح”، أيام 21 و22 و23 أكتوبر المقبل في الخارج، ويومي 24 و25 أكتوبر المقبل في الداخل، وفي حالة الإعادة تجرى الانتخابات أيام 21 و22 و23 نوفمبر المقبل في الخارج، ويومي 23 و24 نوفمبر المقبل في الداخل.
المرحلة الثانية
وتجرى عملية الانتخاب في المرحلة الثانية في 13 محافظة، هي: “القاهرة، والقليوبية، والمنوفية، والغربية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس، وشمال سيناء، وجنوب سيناء”، على أن تكون الانتخابات أيام 4 و5 و6 نوفمبر المقبل بالنسبة للمصريين في الخارج، ويومي 7 و8 نوفمبر للمصريين في الداخل، وفي حالة الإعادة لهذه المرحلة تجرى الانتخابات أيام 5 و6 و7 ديسمبر المقبل في الخارج، ويومي 7 و8 ديسمبر في الداخل.
شروط الترشح
ويشترط الدستور المصري، في الراغبين في الترشح في انتخابات مجلس النواب، أن يكون متمتعًا بالجنسية المصرية منفردة، ومتمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون مُدرجًا بقاعدة بيانات الناخبين بأي من محافظات الجمهورية، وألا يكون قد طرأ عليه سبب يستوجب حذف أو رفع قيده طبقًا للقانون المنظم لذلك وألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن 20 عامًا.
وحدد القانون أن يكون المترشح حاصلاً علي شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي على الأقل، وأن يكون أدى الخدمة العسكرية، أو أُعفي من أدائها قانونًا وألا تكون قد أسقطت عضويته بقرار من مجلس النواب أو من مجلس الشيوخ بسبب فقد الثقة والاعتبار أو بسبب الإخلال بواجبات العضوية، ما لم يكن قد زال الأثر المانع من الترشح قانونًا، في حالتين، هما: “انقضاء الفصل التشريعي الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية، وصدور قرار من مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، بحسب الأحوال، بإلغاء الأثر المانع من الترشح المترتب على إسقاط العضوية بسبب الإخلال بواجباتها، ويصدر القرار في هذه الحالة بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، على النحو الذي تنظمه اللائحة الداخلية للمجلس المختص بإلغاء الأثر المانع”.
مستندات الترشح
وطالب قانون الانتخابات، الراغبين في الترشح بنظامي القوائم الفردي، أن يقدموا بيانًا بالسيرة الذاتية للمترشح، توصف فيه خبراتهم العلمية والعملية، وبيان ما إذا كانوا مستقلين أو منتمين إلى أحزاب، وأسماء الأحزاب، وإقرار ذمة مالية له ولزوجته وأولاده القصر، فضلاً عن الشهادة الدراسية الحاصل عليها، وشهادة تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، أو ما يفيد الإعفاء من أدائها طبقًا للقانون.
وأقر القانون ضرورة إيداع المرشح لنظام الفردي مبلغ 3 آلاف جنيه، في خزانة المحكمة الابتدائية المختصة بصفة تأمين، وإيداع المرشح للنظام القائمة المخصص لها 15 مقعدًا مبلغ 6 آلاف جنيه بصفة تأمين، ويرتفع 3 أضعاف للقائمة المخصص لها 45 مقعدًا.
شبهة عدم الدستورية
وفي ظل المواعيد المعلنة من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات، فأكد عدد من الخبراء أنها مخالفة للمادة 106 من الدستور المصري الذي تم إقراره عام 2014، والتي تنص على أن “مدة عضوية مجلس النواب 5 سنوات ميلادية، تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، ويجرى انتخاب المجلس الجديد خلال الستين يومًا السابقة على انتهاء مدته”، وهو ما يتعارض مع مجلس النواب الحالي، والذي من المفترض أن ينهي مدته القانونية في 9 يناير المقبل، وبالتالي فإنه من المفترض أن تتم الانتخابات في 9 نوفمبر المقبل.
وأكد أستاذ القانون الدستوري، الدكتور محمد الذهبي، أن نص المادة 106 في الدستور واضح في تلك الجزئية، وأنه ليس تنظيمي كما يردد بعض السياسيين، وأنه يجب الالتزام بالموعد المقرر في الدستور، خاصةً أنه يتعلق بأحد سلطات الدولة الـ3، مشيرًا إلى أنه يجب أن تبدأ الانتخابات في 10 نوفمبر المقبل.
وأضاف “الذهبي” أن المجلس الجديد إن تم إجراء الانتخابات في موعد آخر غير المقرر بالدستور سيواجه شبهة “عدم الدستورية”، ومن ثم نواجه الأزمة التي تعرض لها المجلس الحالي قبل بدء انتخاباته والتي أجلت الانتخابات نحو 9 أشهر، ومن ثم عقد أولى جلساته في يناير وليس في أكتوبر كما كان مقررًا.
وتابع: “نص المادة 106 يتضمن قواعد دستورية جازمة جزائها البطلان، فلا يجوز ونحن نتحدث عن السلطة التشريعية ونقول إن النص الوارد في الدستور (تنظيمي)، فضلاً عن وجود أعراف وتقاليد برلمانية نسير عليها منذ 150 عامًا، ومحددات لبدء الدورة التشريعية يجب الالتزام بها“.
لا أمل
في الوقت الذي أكد فيه حزبيون، أن إجراء الانتخابات على النحور المقرر، سيجعل الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة للأحزاب، والتي تحتاج إلى فترة لتجهيز تحالف انتخابي بالنسبة لنظام القوائم، فضلاً عن اختيار المرشحين لمقاعد الفردي، وأن أسبوعين فقط لاختيار المرشحين وتقديم أوراق الترشح غير كافيين.
وذكروا أن المواعيد المقررة لا تتناسب مطلقًا مع الأحزاب، وأنها تستهدف أحزابًا بعينها جهزت قوائمها وحددت مرشحيها وكانت تعلم المواعيد بشكل مسبق، متوقعين أن المجلس الجديد لن يختلف عن مجلس الشيوخ الحالي في ظل اعتماده على أحزاب الموالاة فقط.