تواجه تجربة السيارات الكهربائية بمصر، سلسلة من العوائق التشريعية والتقنية والإجرائية، التي تحول دون انتشارها وفق مستهدفات الحكومة، وتجعل تطبيقها قاصرًا على المناطق السياحية فقط، خاصة منطقة أهرامات الجيزة، التي تخضع حاليًا لخطة تطوير كاملة.
رغم إعلان الحكومة عن خطة لتعميم محطات الشحن الكهربائية منذ ثلاثة أعوام، إلا أن عدد الشركات التي توفرها حتى الآن لا تتجاوز ثلاث شركات فقط، وسط مخاوف من أن يؤدي تعميم انتقال السيارات التقليدية، من البنزين والسولار إلى الغاز الطبيعي، إلى تقليل الإقبال على مشروع “السيارات الخضراء”.
عزوف المواطنين
يفتقر المصريون إلى ثقافة التعاطي مع السيارات الكهربائية حتى الآن، ويفضلون السيارات التقليدية عليها لاعتبارات تتعلق بالأسعار في المقام الأول، خاصة أن أسعارها تزيد عن المركبات التقليدية في الفئة ذاتها بمقدار الضعف.
يخشى الكثيرون من تجربة السيارات الكهربائية لاعتبارات تتعلق بالتهالك أيضًا فالمركبات التقليدية يتسم “موتورها” بعمر افتراضي طويل، ويمكن لأي ورشة صغيرة التعاطي مع أعطالها، وحلها على عكس السيارات الخضراء، التي تمثل البطارية نحو ٦٠٪ من إجمالي قيمتها.
غياب التشريعات
لا تمتلك مصر حتى الآن تشريعات قانونية تحدد كيفية التعامل مع وترخيص السيارات الكهربائية، لأنها لا تمتلك “موتور” بالمعنى التقليدي، فالقانون الخاص بالمرور ينص على وجود محرك بطريقة تثبيت معينة وبسعة لترية محددة، أما السيارات الخضراء فتعمل بالجهد الكهربائي ولا يوجد ما ينظمها.
تحقق السيارات الخضراء عوائد اقتصادية للحكومة على المدى البعيد في ظل فائض الكهرباء الذي تملكه حاليًا، فتشغيل السيارة الواحدة منها أقل تكلفة من الوقود التقليدي بمقدار الثلثين، كما تقل الانبعاثات الضارة بالبيئة الصادرة عنها.
محطات الشحن
يحتاج انتشار السيارات الكهربائية إلى شبكة كبيرة من محطات الشحن، فالسيارة الواحدة تحتاج إلى نحو 5.5 ساعات ونصف في المتوسط لشحن البطاريات الخاصة بها، والتي تكفيها لرحلة لا تتجاوز 120 كيلو مترًا على أقصى تقدير.
وتقدم خدمات الشحن بمصر حاليًا ثلاث شركات، أولها “ريفولتا” التي لديها 30 شاحنًا، و”إنفينيتي إي” بإجمالي 7 محطات تقريبًا، أما الشركة الأخيرة فهي “درشال”، لكنها تعاني حتى الآن في ظل عدم تحديد سعر تكلفة الشحن ما أوقع بعضها في مديونية مصرفية وخسائر مستمرة.
ووضعت الحكومة خطة لانتشار المنتج المحلي للسيارات الكهربائية ليصل إلى 65% بنهاية عام 2030، وتصنيف مصر مركزًا إقليميًا لتصديرها بعد 20 عامًا عبر التعاون مع إحدى الشركات الصينية.
كان يفترض أن تعلن الحكومة سلسة حوافز بداية الشهر الحالي للتشجيع على اقتناء السيارة الكهربائية، مع الإعلان أيضًا عن خطة لنشر محطات الشحن فى 60 موقفًا بالقاهرة الكبرى، لكن لم يتم الكشف عن تفاصيلها حتى الآن.
ويطالب خبراء سوق السيارات بأن تتضمن الخطة الحكومية تسعيرة مغرية للكهرباء وتكلفة الشحن، مع إمكانية تقديم دعم لمقتنيها بشكل غير مباشر عبر شحن مجاني لفترة، أو تسهيلات بنكية طويلة وبفائدة متدنية لمن يرغب في شرائها.
كما دعوا أيضًا إلى تسهيل الاستيراد بأسعار مناسبة وحصول الصناعات المغذية الخاصة بها على الإعفاء الجمركي وإلغاء الضرائب عليها تمامًا، ما يتيح الفرصة أمام الدولة لبدء التصنيع، وتشجيع البنوك على تمويل شراء السيارات الكهربائية حيث تتحاشى حاليًا الدخول لذلك المجال .
يطالب خبراء الحكومة بالتمهل فيما يتعلق بنشر السيارات الكهربائية، حيث إن دول مثل ألمانيا لا تزال تنشرها مرحليًا، حتى أنها تتضمن وحدة شحن لكل 5 آلاف سيارة.
عودة النصر
تراهن الحكومة على شركة النصر للسيارات، التي تم إحياؤها بعد تصفيتها، لإنتاج “موديل” واحد من السيارات الكهربائية بالتعاون مع إحدى الشركات الصينية بإجمالي 25 ألف سيارة كهربائية سنوية وبمكون محلي 50% في البداية.
وتسعى الشركات المحلية هي الأخرى لطرح مجموعة من السيارات المستوردة من الخارج مثل “جي بي غبور أوتو ” التي طرحت أخيرًا سيارة رياضية بخيارين، الأول بمدى سير 290 كيلو للشحنة الواحدة، والثاني بمدى سير 450 كيلو بأسعار تتراوح بين 655 و745 ألف جنيه حسب مدى السعر.
وترى بعض الشركات العالمية بمصر، سوقًا واعدة للترويج لإصدارتها القديمة من السيارات الكهربائية المستعملة، على اعتبار أن إصدارتها الحديثة مرتفعة الثمن ولن تجد صدىً مع الأوضاع الاقتصادية لغالبية المصريين.
وسمحت الحكومة بفتح استيراد السيارات الكهربائية المستعملة، بشرط ألا يتجاوز عمرها عن ثلاث سنوات بخلاف سنة الإنتاج، وبدأت العديد من الشركات المصرية التفاوض بالفعل على الاستيراد لكنها تراجعت مجددًا انتظارًا لمعرفة نوايا التنفيذ.
كما تسعى بعض التوكيلات المحلية حاليًا للترويج للسيارات الهجينة التي لا تلقى قبولًا كبيرًا عالميًا بسبب حاجتها إلى صيانة دورية لمحرك الوقود ومحرك الكهرباء، مما يجعل صيانتها مكلفة مقارنةً بالسيارات الكهربائية والسيارات التقليدية، على حد سواء.