أسدلت الهيئة الوطنية للانتخابات الستار على انتخابات مجلس الشيوخ، بعد إعلان نتائج جولة الإعادة، لتكتب بها شهادة وفاة لكافة الأحزاب السياسية التي شاركت في العملية الانتخابية، في مقدمتها:”الوفد، والتجمع، وحماة وطن، والمصري الديمقراطي”، وغيرهم، فالأحزاب صاحبة التاريخ السيساسي الطويل، فشلت في حصد أي مقاعد داخل المجلس الجديد، سوى المحدد لها بالقائمة الوطنية من أجل مصر، والتي حصلت خلال على الفتات.
الوفد، صاحب العمر الطويل، اكتفى في المجلس الجديد، بـ6 مقاعد فقط، بالقائمة، مطيحًا بكل تاريخه السياسي، وقيمته الاجتماعية، ومثله الحزب المحسوب على المعارضة “المصري الديمقراطي”، والذي لم يجمع سوى 3 مقاعد فقط لا غير، كان نصيبه من قائمة المئة مقعد، فضلاً عن حزب “حماة وطن” والذي دفع بنحو 72 مرشحًا على المقاعد الفردية لم ينجح منهم أحد.
مستقبل وطن
حزب “مستقبل وطن”، كان صاحب النصيب الأكبر في تورتة القائمة الموحدة والتي تشمل 100 مقعد، إذ حصل وحده على حوالي 60% من مقاعد القائمة بإجمالي 59 مقعدًا، يليه حزب الشعب الجمهوري بـ15% بعدد 15 مقعدًا، ثم الوفد بـ6%، بعدد 6 مقاعد فقط داخل القائمة، التي فازت بعد حصولها على 5% فقط من إجمالي أصوات الناخبين، لعدم وجود قائمة أخرى منافسة.
الصراع على مقاعد الفردي في الانتخابات، كان محسومًا لصالح “مستقبل وطن”، فالحزب حديث العهد بالحياة السياسية، جمع 68 مقعدًا في الجولة الأولى للانتخابات و20 مقعدًا في الجولة الثانية، بإجمالي 88 مقعدًا في الجولتين، من إجمالي 93 مرشحًا تم الدفع بهم من قبل الحزب في الانتخابات على مقاعد الفردي.
الشعب الجمهوري
حزب الشعب الجمهوري، والذي تأسس في عام 2012، تفوق على العديد من الأحزاب المصرية صاحبة التاريخ السياسي الطويل، إذ حصد الحزب في القائمة 10 مقاعد، كما جمع الحزب 5 مقاعد في انتخابات الفردي في الجولة الأولى، فضلاً عن مقعد واحد في جولة الإعادة، ليصبح إجمالي ما جمعه 16 مقعدًا بالقائمة والفردي.
ولم تشهد الانتخابات التي مرت بهدوء كبير، فوز أي من الأحزاب الأخرى سواء المشاركة في الانتخابات مع القائمة الوطنية من أجل مصر، ومقاعد الفردي أو التي شاركت على مقاعد الفردي فقط، حصد أيًا منهم مقعدًا واحدًا في الانتخابات، فالوفد الذي دفع بـ 24 مرشحًا على مقاعد الفردي خرج “صفر اليدين”، وكذلك حزب المؤتمر الذي حصد 4 مقاعد في القائمة، ودفع بـ18 مرشحًا بالفردي، لم يحصد أي مقعد في الفردي نهائيًا.
المستقلون
وعلى خلاف التوقعات، كانت نتائج مرشحي المقاعد الفردية من المستقلين أكثر ظهورًا، فرغم ضعف العديد منهم ماديًا، وسياسيًا إلا أنهم تمكنوا من التفوق على المرشحين بالأحزاب ذائعة القوة السياسية والقدرة المادية، إذ تمكن عادل محمد حجازي، مستقل، خلال جولة الإعادة من التفوق على مرشح “مستقبل وطن”، عصام الدين عبد الغني عبد الكريم.
ونجح “المستقل” في محافظة قنا عبد الفتاح حسن دنقل، في التفوق على مرشح “حماة وطن”، و”الشعب الجمهوري”، و “المؤتمر” خلال جولة الإعادة، كما فاز في محافظة الأقصر المستقلين: محمد عطا الله إسماعيل، ومحمد عبد العليم حسين، على مرشحي “مستقبل وطن”: الضوي أحمد الضوي عديسي، ومحمد فتحي أحمد عبد القادر.
وفي محافظة الإسماعيلية تفوق رمضان غنيم، مستقل، على مرشح “مستقبل وطن” عادل عبد الغني، ليبلغ إجمالي المقاعد التي حصدها المستقليين في الجولة الأولى للانتخابات وجولة الإعادة 6 مقاعد.
وخاض جولة الإعادة 52 مرشحًا بانتخابات مجلس الشيوخ، تنافسوا خلالها على 26 مقعدًا بالنظام الفردي في 14 محافظة، وهي:”الجيزة، والقليوبية، وبورسعيد، والإسماعيلة، والمنوفية، وكفر الشيخ، ودمياط، وبني سويف، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، ومطروح”.
مشاركة تجميلية
المحلل السياسي مجدي حمدان، قال إن الأحزاب التي شاركت في انتخابات مجلس الشيوخ، سعت لـ”المشاركة التجميلية”، ليس إلا، وتخلت عن أهدافها ومبادئها التي أسست من أجلها، مشيرة إلى أن النتائج كشفت مدى ضعفها، وسيطرة الأحزاب ذات القدرة المالية الأكبر.
ورأى الكاتب الصحفي، أن انتخابات مجلس الشيوخ شهدت إحجامًا من الناخبين على المشاركة في الانتخابات رغم التهديدات المتتالية بتوقيع غرامات، إذ شهدت الانتخابات مشاركة نحو 13% ممن لهم الحق في الإدلاء بأصواتهم، والمقدرين بنحو 63 مليون ناخب على مستوى الجمهورية.
وأوضح “حمدان” أن نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ “ضعيفة جدًا”، رغم أن الانتخاب تجرى في مناخ هادئ وبعيد عن أية صراعات، لافتًا إلى أن الناخب المصري عزف عن المشاركة وممارسة حقوقه السياسية، بسبب رؤيته للمشهد العام، واستمرار الوجوه القديمة.
وأكد أن العدد الكبير من الأصوات الباطلة التي جاءت في انتخابات مجلس الشيوخ، كانت إبطالاً عن عمد، ودليل على وجود حالة رفض من قبل المواطنين، لافتًا إلى ضرورة النظر بعين الاعتبار إلى تلك النسبة، وفهم الرسائل الضمنية المراد توجيهها إلى المسؤولين عن العملية الانتخابية.
ضعف حزبي
وذكر المحلل السياسي، أن عدد كبير من الأحزاب التي شاركت في انتخابات الشيوخ، وانضمت إلى “القائمة الوطنية من أجل مصر”، كانت تسعى فقط إلى التواجد داخل المجلس، بغض النظر عن إمكانية تحقيق أهداف التنمية، أو قدرتها على تحقيق أي تغيير يصب في صالح العملية السياسية المصرية.
وتابع: “الأحزاب المشاركة في الانتخابات سعت إلى المشاركة فقط، بدعوى المصلحة الوطنية، بغض النظر عن جدوى تلك المشاركة من عدمها”، لافتًا إلى أن الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها ورفضها المشاركة في الانتخابات، قرأت المشهد من بعيد وعلمت ما سيحدث، لذلك أثبتت النتائج صحة موقفها.
انتخابات البرلمان
وشدد “حمدان” على أنه لا ينبغي البناء على النتائج الحالية لمجلس الشيوخ، والإشارة إلى أن انتخابات البرلمان المقبلة ستكون بنفس الشكل والطريقة، مشيرًا إلى وجود تحركات قوية ستظهر ثمارها خلال الفترة المقبلة، لإحداث حالة من التنافسية الانتخابية في مجلس النواب، والسعي إلى الإصلاح بدلاً من الأداء الذي كان عليه مجلس الشيوخ.
واختتم المحلل السياسي، تصريحاته بالإشارة إلى أن الناخب المصري لن يقبل بأن يصبح مجلس النواب الجديد، شبيه بالمجلس الجديد، والذي كان يوافق على شتى القوانين والاتفاقيات التي تقدم له، دون النظر إلى ما يحتاجه المواطن، مبينًا أن المجلس المقبل سيختلف تمامًا عن سابقه.