” الأمومة”.. حلم يراود الكثير من الفتيات منذ نعومة أظافرهن، الأمر الذي يجعلهن أحيانًا في قلق من تأخر الزواج، خوفًا من التأثير السلبي الذي يلاحق هذه الرغبة شديدة الإلحاح، الأمر الذي جعل عددًا من الفتيات يلجأن للحل الطبي الذي يتحدث عن: ” تجميد البويضات”، لمن تحلم بالأمومة ولكن لم يحن الوقت لزواجها.

وخلال اليوميين الماضيين، عاد الجدل مجددًا حول أمر تجميد البويضات الذي طرأ جديدًا على المجتمع المصري، وهذا بعد التصريحات الدينية التي أطلقتها الدكتورة آمنة نصير، أستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة في جامعة الأزهر، إذ أكدت على أن:” تجميد النساء للبويضات لعدم وجود الزوج المناسب جائز شرعًا”.

وأشارت أستاذة الفلسفة والعقيدة الإسلامية، خلال لقائها مع الإعلامية هند فرحات، في برنامج “يومين وبس”، المذاع على قناة “المحور إلى أن المرأة يأتي عليها أيام وينتهي العمر الافتراضي للإنجاب فإذا خافت البنت تأخير الزواج، وأرادت الحفاظ على بويضاتها في معمل أو مكان آمن إلى أن تتزوج وتسترد البويضات لا مانع وجائز شرعًا.

عدد عقود الزواج خلال هذا الشهر 63.2 ألف عقد، مقابل 84.7 ألف عقد في يونيو 2018

لكنها أيضًا أكدت على أن:” بيع هذه البويضات غير مقبول وجريمة تُمثل خلطًا في الأنساب”، موضحةً في حديثها أن تجميد البويضات تعتبر من التطورات العلمية الجديدة في مجال الإنجاب الصناعي، مما يتيح للزوجين فيما بعد أن يكررا عملية الإخصاب عند الحاجة، دون إعادة عملية تحفيز المبيض لإنتاج بويضات أخرى.

 

الدكتورة آمنة نصير
الدكتورة آمنة نصير

ريم مهنا.. أول فتاة مصرية تجمد بويضاتها

في سبتمبر الماضي، وتحت عنوان: “جمدي بدل ما تلبسي”، أعلنت الشابة المصرية ريم مهنا، عن تجميد بويضاتها إلى حين وجود عريسًا مناسبًا تستطيع الزواج منه.

وتعتبر ريم (39 عامًا)، أول مصرية تخضع لمثل هذه النوعية من العمليات.

وتشهد مصر حالة عزوف عن الزواج، وفقًا لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامـة والإحصاء من تراجع معدل الزواج خلال يونيو 2019 بنسبة 25.4% مقارنة بالشهر ذاته من عام 2018، إذ بلغ عدد عقود الزواج خلال هذا الشهر 63.2 ألف عقد، مقابل 84.7 ألف عقد في يونيو 2018.

وفي السنوات الماضية أيضًا، شهد عام 2018 تراجعًا بمعدلات الزواج بنسبة 2.8% مقارنة بعام 2017، فيما شهد العام ذاته (2017) تراجعًا في معدلات الزواج بنسبة 3.7% مقارنة بعام 2016، وترتب على ذلك انخفاض نسبة المواليد 3.3% في عام 2019 عن عام 2018.

عن تجميد البويضات وحالات اللجوء لها

الدكتور منير عجينة، الأستاذ في علم الأجنة والمسؤول عن وحدة طب الإنجاب بأحد المستشفيات في تونس، قال في تصريحات صحفية سابقة، إن عملية تجميد البويضات تبدأ أولاً بتحفيز المبيض على إفراز البويضة، فيقع تجفيفها من الماء كليًا بعد الحصول عليها.

وأضاف: يجب أن تتم العملية في بضع دقائق بهدف المحافظة على شكل البويضة، ثم تحفظ في درجة حرارة منخفضة 196 درجة تحت الصفر، وتستخدم العديد من مضادات الصقيع الخلوية قبل أن توضع البويضة في سائل الآزوت، وعندما ترغب المرأة لاحقًا في إنجاب أطفال، يذاب ثلج البويضة ويتم تخصيبها.

طرحت قضية لجوء الفتيات إلى تجميد البويضات، لأول مرة على المستوى الفني، من خلال مسلسل “سابع جار”

ووفقًا للدراسات والتقارير العلمية فإن أي امرأة يمكنها أن تختار الاحتفاظ ببويضاتها، لكن ثمة فئات تُنصح بضرورة إجراء هذه العملية، وهم:” من يعانين من أمراض وراثية أو أمراض في الدم من شأنها التأثير على عدد وجودة البويضات، أو تسبب العقم، المصابات بالسرطان اللاتي يخضعن للعلاج الكيميائي، إذ يمكن لهذا النوع من العلاج التسبب في الإصابة بالعقم”.

كما يستخدم تجميد البويضات كبديل لعملية تجميد الأجنة (أي تجميد بويضات مخصبة بحيوان منوي) التي يرفضها البعض لأسباب عقائدية، بالإضافة إلى المتحولين جنسيًا من إناث إلى ذكور، بحيث يصبح بمقدورهم الإنجاب لاحقًا، إلى جانب النساء اللاتي يخشين التقدم في السن وتراجع فرصهن في حدوث حمل طبيعي.

مطالب بتشريعه والإفتاء بـ”إجازته”

للحديث عن أمر تجميد البويضات، فقد ينقسم إلى جزأين الأول: الشأن التشريعي والخاص بتقنين أمر تجميد البويضات من عدمه، والثاني: على المستوى الديني.

فحتى الآن لا يوجد في مصر أي تشريع في القانون يتيح أو يجرم أمر تجميد البويضات، فبالرغم من تعرف دول العالم عليه منذ سنوات عديدة، إلا أنه في مصر لايزال أمرًا غريب يتعرف الناس عليه، وكان الدكتور هشام العناني، أستاذ نساء وتوليد، طالب بتجديد قوانين مهنة الطب التي وضعت منذ أكثر من 70 عامًا، ولم يتغير فيها شيء حتى الآن، رغم التطور العلمي الذي شهدته المهنة خلال القترة الماضية.

طفل مولود حديثا
طفل مولود حديثا

وأشار إلى أنه حتى الآن لا يوجد أي تشريع قانوني لتجميد الأجنة والبويضات في مصر، رغم أن عمليات أطفال الأنابيب والحقن المجهري تجرى بشكل يومي، وانتشرت مراكز طبية كثيرة متخصصة في هذا الأمر.

ويرى “العناني”، أن تشريع قانون لمثل هذه الأمور، هو بمثابة حماية للأطباء والمراكز الطبيبة من الغلق.

شهد عام 2018 تراجعًا بمعدلات الزواج بنسبة 2.8% مقارنة بعام 2017

من ناحيتها، كانت دار الإفتاء، أكدت في فتوى لها، على تجميد البويضات حلال شرعًا ما لم يكن هناك مخالفة في هذا الشأن، محددة تلك الموانع في 4 نقاط.

وتابعت دار الإفتاء في فتواها التي نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “الذي نراه أن القيام بعملية التجميد ليس فيه محظور شرعي؛ وهذا الجواز مقيد ببعض الضوابط”، وهي:” أن تتم عملية التخصيب بين زوجين، وأن يتم استدخال اللقيحة في المرأة في أثناء قيام الزوجية بينها وبين صاحب الماء، ولا يجوز ذلك بعد انفصام عرى الزوجية بوفاة أو طلاق أو غيرهما”.

إلى جانب أن تحفظ هذه اللقائح بشكل آمن تمامًا تحت رقابة مشددة؛ بما يمنع ويحول دون اختلاطها عمدًا أو سهوًا بغيرها من اللقائح المحفوظة، وألا يتم وضع اللقيحة في رحم أجنبية غير رحم صاحبة البيضة الملقحة لا تبرعًا ولا بمعاوضة”.

وأخيرا؛ ألا يكون لعملية تجميد الأجنة آثار جانبية سلبية على الجنين نتيجة تأثر اللقائح بالعوامل المختلفة التي قد تتعرض لها في حال الحفظ؛ كحدوث التشوهات الخلقية، أو التأخر العقلي فيما بعد.

تجميد البويضات في أول عمل فني” سابع جار”

طرحت قضية لجوء الفتيات إلى تجميد البويضات، لأول مرة على المستوى الفني، من خلال الجزء الأول من مسلسل “سابع جار”.

وتحدثت عن هذه القضية أثناء حلقات المسلسل “هالة” التي جسدتها الفنانة رحمة حسن -إحدى شخصيات المسلسل.

حتى الآن لا يوجد في مصر أي تشريع في القانون يتيح أو يجرم أمر تجميد البويضات

وجاءت شخصية هالة (35عامًا)، تعمل في منصب مهم بإحدى شركات التسويق الكبرى، حققت كل ما تتمناه في مجالها العملي، واستطاعت أن تمتلك سيارة وشقة خاصة بها من وظيفتها، ولكن بعد وصولها لهذا السن بدأ القلق ينتابها فهي تتمنى أن تصبح أمًا، ولكن لم تقابل الرجل المناسب، فقررت أن تتجه إلى طبيب وتناقشه في مسألة تجميد بويضاتها، ولكنها بعد ذلك تعدل عن الفكرة حينما تلتقي زميلاً لها في العمل؛ فتقرر أن تطرح عليه الزواج حتى تنجب طفلاً ثم تنفصل عنه.