خطف 3 شباب منهم اثنان في منتصف العشرينات، “أحمد” 12 عاما، واحتجزوه لمدة يوم كامل، وأثناء محاولة للهروب منهم قاموا بملاحقته، ومن ثم الانقضاض عليه وتكتيفه واشعال النار في جسده.
والد الحاج محمد صابر، الطفل أحمد: قال ” أنه تم الضغط عليه للتنازل عن المحضر الذي حرره في قسم شرطة أول الفيوم ضد هؤلاء الشباب، لكنه انسحب من القسم دون التنازل ودون اتمام الإجراءات”. مشيرا إلى تدهور الحالة الصحية لطفله بسبب احتياجه لأكياس دم دون غير متوفرة حتى الآن في المستشفى التي يتلقى فيها نجله العلاج”.
وقائع مختلفة
خلال الشهور الماضية شهدت مصر حادث مروع تم بواسطة طفلة عمرها 12 عاما تقيم في أحد شوارع أوسيم، حيث قامت الطفلة المذكورة بقتل أخرى عمرها 4 سنوات في حادثة مريبة وصادمة هزت الرأي العام.
هزت قضية محمود البنا والذي عرف إعلاميا بـ “شهيد الشهامة” الرأي العام
وفي أكتوبر من العام الماضي، هزت قضية محمود البنا، والذي عرف إعلاميا بـ “شهيد الشهامة” الرأي العام بسبب ما تعرض له الشاب صاحب الـ 17 عاما، والذي قتل على يد شاب أخر يدعى محمد راجح وعمره 18 عاما بمعاونة أثنين أخرين، بعدما تربص الأخير بالبنا وقتله عمدا، بسبب مشاجرة جمعت بينهما دافع فيها محمود البنا عن فتاة تحرش بها راجح أثناء سيرها في الشارع.
وفي يوليه الماضي، شهدت قرية امياي التابعة لمركز طوخ بالقليوبية حدثا مروعا أيضا في حق أحمد أمين، الطالب بكلية الحقوق، والذي يبلغ من العمر 20 عاما، تذوق مرارة البلطجة التي أصبحت منتشرة في العديد من المناطق الشعبية في مصر، فقد طال “أحمد” العديد من الجروح وصلت إلى 80 غرزة في أنحاء متفرقة في جسده بعد مشاجرة انتهت بحمل السلاح في وجهه ومن دافع عنه وفقا لرواية داليا موسى ابنة خالة المجني عليه.
يبدو أن ظاهرة البلطجة أصبحت من أكثر الظواهر السلبية المنتشرة في مصر، وفقد الشارع المصري الأمان الذي كان يشتهر به، وتمثل خطورة شديدة على المجتمع، لكن الأكثر خطورة وسوءا هو تأثر المراهقين وصغار السن بهذا النمط في التعامل، ما انعكس بالفعل على تكوين شخصياتهم، الأمر الذي دفع بعضهم لقيام ببعض جرائم البلطجة في ظل غياب وعي الأهل والمحيطين.
توالت تلك الأحداث خلال الفترة الأخيرة منها ما أصبح قضية رأي عام وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بها، وسلطت الضوء عليها.
البلطجة في عين القانون
من جانيه يقول المحامي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ياسر سعد، إن قانون العقوبات عرف الجريمة بأنها:” الأفعال التي من شأنها الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة”.
وأضاف أن القانون نص على عقوبات البلطجة في مادته 375 مكرر على أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجنى عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادى أو معنوي به أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام، أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب في نفس المجنى عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره”.
وتابع سعد؛ أن عقوبة الحبس لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو باصطحاب حيوان يثير الذعر، أو بحمل أية أسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أو مواد حارقة أو غيرها من المواد، أو إذا وقع الفعل على أنثى، أو على من لم يبلغ 18 عاما.
تصل العقوبة إلى الإعدام إذا تقدمت الجريمة المنصوص عليها في المادة 375 مكررا أو اقترنت أو ارتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (234) من قانون العقوبات.
القاهرة الأعلى
كانت وزارة الداخلية في مصر قد أصدرت تقريرا عام 2018 يتناول ارتفاع لمعدل الجريمة في مصر، وبحسب التقرير فقد تصدرت القاهرة والجيزة والقليوبية والغربية والدقهلية، أكثر المحافظات ارتفاعًا لمعدلات ارتكاب الجرائم، وجاءت مدن الرحاب و6 أكتوبر والبساتين والمعادي والشيخ زايد والمرج والسلام على رأس القائمة.
وأرجع التقرير أسباب ارتفاع معدلات الجرائم إلى انتشار الأسلحة النارية، والإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي، والتأثيرات الناجمة عن الأعمال الفنية من الأفلام والمسلسلات وانعكاسها على تقليد المواطنين لها، والظروف الاقتصادية والمتغيرات المحيطة بالدولة، وظهور أنماط جديدة للجريمة وغياب الوعي الاجتماعي والثقافي، وغيرها من الأسباب.
وأشار التقرير إلى احتلال مصر المركز الثالث عربيا في عام 2016، والمرتبة الخامسة عالميا، وفقا لموقع موسوعة قاعدة البيانات «نامبيو»، في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال 2017. كما أكد التقرير الصادر عن قطاع الأمن العام في الحصاد السنوي للجهود الأمنية، ارتفاع مستوى الجرائم بنسبة 5% في 2015، وبنسبة 7% في 2016، و10% مطلع 2017، بالإضافة إلى زيادة ملحوظة في عام 2018.
تزايد البلطجة أو استخدام العنف بشكل عام خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لعدة أسباب من أهمها تزايد الألعاب الالكترونية مثل بابجي بحسب دكتور فتحي قناوي
زحمة الحياة وغياب الوعي
الحياة الاقتصادية ومطبات الحياة أحد أسباب انتشار البلطجة عموما في مصر، هكذا بدأ أحمد أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع، عن انتشار البلطجة في مصر خلال السنوات الأخيرة، وأضاف:” أن هناك أسباب عديدة أدت إلى انتشار البلطجة بين الشباب والمراهقين ووصلت مؤخرا إلى الأطفال، من بين تلك الأسباب انتشار العشوائيات وازدحامها، الأمر الذي ساهم في تفاقم الأزمات وانتشار استخدام البلطجة لحل مشاكلهم وازماتهم بين بعضهم البعض”.
وتابع:” إلى جانب غياب الوعي بين الأهالي مما أثر على أبنائهم، وغياب الدور الإعلامي والفني، بل تزايد الأعمال الفنية التي تستخدم البلطجة كنوع من انوع حل المشاكل، والتفاخر بهذا”.
أما دكتور فتحي قناوي، استاذ الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، فيرى:” أن البلطجة أو استخدام العنف بشكل عام تزايد خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لعدة أسباب من أهمها تزايد الألعاب الالكترونية مثل بابجي وغير من الألعاب التي يلجـأ لها صغار السن والمراهقين لملأ فراغهم، وفي الحقيقة أن هذه الألعاب تحتوي على كثير من العنف، وأن الفائز والرابح هو من يقتل أكثر، الأمر الذي يؤثر بالطبع على شخصية الأطفال والمراهقين”.
وأضاف:” أن العنف له أشكاله وأنواعه، فليس العنف الجسدي فقط المنتشر بين الأطفال والمراهقين، بينما يوجد أيضا العنف اللفظي والذي يعد التنمر جزء منه”، ويوضح أستاذ علم الجريمة “أن غياب الوعي والثقافة وتعلم التسامح والإنسانية من أبرز الأشياء التي ساهمت من تزايد حالات العنف التي وصلت إلى حد البلطجة”.