تتعرض الأحزاب السياسية المصرية خلال الشهور الأخيرة لموجة استقطاب حادة من قبل رجال الأعمال الراغبين في احتلال المراكز القيادية في صفوفها، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة تحت عباءة حزبية.
قبل أيام، اتفق أربعة برلمانيين لهم علاقة بالبيزنس في مجلس النواب الحالي مع أحد الأحزاب السياسية المصرية للحصول على أعلى المناصب القيادية داخله مقابل 4 ملايين جنيه، لكن الصفقة لم تتم بسبب تقديم أحد أعضاء الحزب شكوى للجنة شئون الأحزاب.
حاول النواب استغلال اسم الحزب الشبابي في مداعبة خيالات الأجيال الشابة من الناخبين واستغلال الفقر المالي للحزب الذي تأسس في عام 2005، والحصول على وجاهة أمام الناخبين لكنها كانت أخر صورة لسلسلة من عمليات الاستحواذ على الأحزاب تمت في الشهور الأخيرة.
قبل عدة أشهر، تم الإعلان عن اختيار رجل الأعمال مدحت بركات، رئيسًا لحزب أبناء مصر، الذي كان يحمل اسم “المواجهة سابًقا” بإجماع الهيئة العليا التي أعطته صلاحيات واسعة في وضع السياسات والخطط المستقبلية ومن يومها بدا الحزب في افتتاح مقار له في المحافظات بعدما كان بعيدًا عن الأضواء.
غزوة رجال الأعمال
شهد الأحزاب المصرية غزوة من رجال الأعمال لشغل مناصبها القيادية، بعدما انزووا على مدار الأعوام التسع الماضية، مع تغيرات في طبيعة الممارسة السياسية تميل نحو التركيز على الدور الاجتماعي الاقتصادي لجذب الجماهير أكثر من لعب أدوار تتعلق بالانتقاد أو السعي نحو اقتناص السلطة.
انضم رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، أخيرًا، إلى حزب الشعب الجمهوري ليتولى على الفور منصب نائب رئيس الحزب، ويعلن الحزب عن استقطاب 50 سياسيا معروفين لتزيين قوائمه في ضوء التمويل المستجد الذي يدخل إلى عروقه، وهو الأمر ذاته الذي حدث في حزب مستقبل وطن الذي انضم إليه رجل الأعمال محمد أبوالعينين في منصب نائب رئيس الحزب أيضًا ولكن للشئون النيابية.
يشبه انضمام رجال الأعمال للأحزاب بعلاقة تكافلية، فالأخيرة تعرف أن الانتخابات حاليا أصبحت معركة صعبة تحتاج لتمويل ضخم فيما بتعلق بالدعاية الانتخابية وامتلاك فريق لبناء صورة ذهنية إيجابية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومواجهة الدعاية السلبية، وأصحاب البيزنس يريدون واجهة سياسية تعود افتقار بعضهم للتاريخ السياسي.
يرى بعض السياسيين أن الأحزاب القوية حاليًا تحتاج لرأسمال يقف ورائها، فالأحزاب التي تأسست بعد ثورة 25 يناير أصبحت هي الأقوى بفضل رجال الأعمال الذين وقفوا ورائها ونجحوا في تمويل أنشطتها، ولا يزالون يدعمونها حتى الآن مثل نجيب ساويرس في حزب “المصريين الأحرار”.
104 حزب على الورق
يوجد في مصر نحو 104 أحزاب حاليًا أغلبيتهم غير معروفين، ويفتقرون للقاعدة الجماهيرية باستثناء مجموعة منها تقربت من الجماهير عبر بوابة الخدمات الاجتماعية، كمعارض السلع المخفضة وبضائع السلع الاستهلاكية، والتي تتطلب بالطبع تجهيزات من نوعيات خاصة لا تستطيع تدبيرها مؤسسات حزبية تعتمد على اشتراكات أعضائها فقط.
يدلل باحثون على أهمية رأس المال حاليا في معارك الدعاية، فمجلس النواب الحالي يضم نحو 98 نائبًا لهم علاقة بالنشاط الصناعي والتجاري، وبعضهم لعبوا أدوارا هامة في الإنفاق على قوائم انتخابية كاملة والوصول بهم إلى مقعد البرلمان، وتكرر الأمر ذاته في انتخابات مجلس الشيوخ.
مجلس الشيوخ
ضمت انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة عددًا كبيًرا من الصف الأول والثاني لأعضاء الغرف التجارية واتحاد الصناعات، ورجال الأعمال البارزين مثل أحمد أبوهشيمة، رئيس مجلس إدارة شركة حديد المصريين وأحمد صبور نائب رئيس شركة الأهلي للتنمية العقارية، ومحمد المنزلاوى العضو المنتدب لشركة طيبة للصناعات الهندسية، وأحمد قطب العضو المنتدب للمجموعة العالمية القابضة، ومحمد المرشدي، صاحب شركة معمار المرشدي، والدكتور محمد منظور، رئيس شعبة الأمن والحراسة ونقل الأموال بالغرفة التجارية، والدكتورة صبورة السيد رئيس مجلس أمناء مدارس طيبة الدولية.
الدولة والأحزاب
ويقول الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية، إن الدولة تريد من الأحزاب السياسية دعم الشباب من أجل ضخ وجوه جديدة في الحياة البرلمانية لكن ذلك يتنافى مع رغبة رؤساء الأحزاب السياسية الذين يبحثون عن مظلة حزبية لخوض انتخابات البرلمانية تحتها، ووجدوا ضالتهم في بعض الأحزاب لتمويلها من أجل الهروب فقط من اسم مرشح مستقل.
يشغل الدكتور محمد منظور، منصب نائب رئيس حزب مستقبل وطن، والدكتورة صبورة السيد تشغل منصب أمين مساعد حزب مستقبل وطن بالجيزة، ومحمد المنزلاوي أمين الصناعة والتجارة بأمانة حزب مستقبل وطن بالقاهرة، وأحمد قطب هو الأمين المساعد لحزب مستقبل وطن محافظة الجيزة.
فكرة ضم رجال الأعمال للأحزاب لا تخلو منها حزب حاليًا فـ”الوفد” على سبيل المثال أصدر قرارًا بتعيين رجل الأعمال مصطفى السعيد عضوًا بالهيئة العليا للحزب، وقلبها ضم رجل الأعمال عبدالباسط الشرقاوي، لينضم لمجموعة من رجال الأعمال الذي يضمهم الحزب مثل رضا إدوارد، عضو الهيئة العليا رئيس مجلس إدارة مدرسة “”بي بي سي” الدولية، وفايز أبو خضرة، النشط في مجال العقارات، وقبلهم كان الراحل محمد فريد خميس رئيس مجلس إدارة النساجون الشرقيون.