“التحرش بالأطفال” واقع مرير يصطدم به أولياء الأمور، فيتسبب في خوف ورهبة من الانتهاك الذي قد يتعرض له أحد أبنائهم، وكل فترة تأتي واقعة جديدة لتهز الرأي العام.
قبل أيام، انتشر على مواقع التواصل مقطع فيديو لمعلم مسن وهو يتحرش بطفلة، ما تسبب في حالة غضب واسعة، وسط مطالبات بإعدامه تحت هاشتاج حمل عنوان “إعدام الدرس المتحرش”.
ووثق الواقعة أحد جيران الطفلة، الذي فوجئ بالواقعة أثناء وجوده بمنزله، حيث استمر المقطع لمدة 8 دقائق تقريبًا، وبعد 12 ساعة من انتشاره استطاعت قوات الأمن ضبط المتهم، وتبين أنه مدرس متجول يبلغ من العمر 76 عامًا يعيش في منطقة الخليفة، وليس مقيدًا في وزارة التربية والتعليم.
ومن خلال نص التحقيقات، أوضحت الأم أنها تعمل في بيع الخضار، وأن المسن الذي أقدم على التحرش بابنتها مدرس لغة إنجليزية، وكانت تثق به، لذا تركته مع ابنتها حيث استعانت به لإعطائها درسًا خصوصيًا.
وقائع مشابهة
لم تكن تلك الواقعة هي الأولى من نوعها، حيث يشهد مجال “الدروس الخصوصية” وقائع تحرش عدة بالطالبات، كان من أشهرها تحرش معلم في حي الأربعين بمحافظة السويس عام 2018 بطالبة بالصف الرابع الابتدائي عمرها 10 أعوام.
وتقدم والد الطفلة ببلاغ حينها يفيد بتحرش المعلم بابنته وملامسة أجزاء حساسة من جسدها أثناء الدرس.
62% من ضحايا التحرش والاعتداء الجنسي في مصر لا يتجاوز عمرهم 20 عامًا بحسب المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية المصري
وخلال عام 2019 ألقى ضباط مباحث قسم شرطة أول العاشر من رمضان بالشرقية، القبض على معلم لاتهامه بمحاولة التحرش بطفلة أثناء درس خصوصي، وذلك عقب تلقي مدير أمن الشرقية، اللواء عاطف مهران، إخطارًا يفيد بتلقي بلاغ من والد الطفلة “ي.ع.س” 6 سنوات بقسم شرطة أول العاشر من رمضان، اتهم خلاله المعلم “إبراهيم.ع.ع” بمحاولة التحرش بابنته، أثناء درس خصوصي بالمجاورة 13 دائرة القسم، وتم ضبط المتهم وتحرر عن ذلك المحضر رقم 10569 إداري أول العاشر من رمضان لسنة 2019.
“بيدوفيليا”
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن تحرش كبار السن بالأطفال يعد اضطرابًا نفسيًا يطلق عليه “بيدوفيليا”، وهو الانجذاب الجنسي للأطفال، وتم تشخيصه وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية منذ عام 1968 كاضطراب.
ويقصد بـ” البيدوفيليا” النشاط أو الممارسة الجنسية مع الأطفال، وتم اعتباره اضطراب نفسي لأن الطفل لا يمتلك أي دلالات جذب جنسية، لذا فإن أي سلوك جنسي تجاهه يعتبر غير مبرر أو سوي.
بالإضافة إلى أن الطفل لا يمتلك وعيًا بتلك الممارسات الجنسية، لذا يعتبر اعتداًء جنسيًا، وبحسب الدراسات فإن المعتدين جنسيًا على الأطفال قد عانوا من تجارب مؤلمة خلال طفولتهم.
كبت جنسي وعجز
ووفقًا لقسم الطب الجنسي في جامعة كييل في ولاية شليسفيغ هولشتاين، الذي يعمل بتقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الخاصة بتصوير صور مقطعية لأدمغة المشاركين في هذه الدارسة، أثبتت الاختبارات أن مرضى البيدوفيليا يعانون من بعض التشوهات العصبية ونسبة الذكاء عندهم أقل بحوالي 8% عن المتوسط، بالإضافة إلى الكبت الجنسي والعجز عن ممارسة الجنس بشكل طبيعي بسبب العزل الاجتماعي.
الدكتور محمد هاني استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، يقول إن الرجل المسن يعاني أيضًا من “المراهقة المتأخرة”، وهي حالة تنشأ في الأعمار المتقدمة خاصة الذين لم يعيشوا فترة مراهقة طبيعية في صغرهم، ويتسب ذلك في غرائز جنسية وحالة من اللاوعي، وفقدن السيطرة على التصرفات.
كيف تحمي طفلك من التحرش؟
لحماية طفلك من تحرش أشخاص قريبين منه مثل أحد أفراد العائلة، أو المعلم أو السائق وغيرهم من الأشخاص، هناك خطوات يجب اتباعها.
الدكتور فتحي الشرقاوي، أستاذ الطب النفسي، يقول إن التربية الجنسية السليمة هي الحل لعدم تعرض الأطفال للتحرش، عن طريق تعريفه بأجزاء جسده المختلفة، وتعريفه أنه هناك أعضاء لا يمكن لأحد غيره أن يراها أو يلمسها، وأن يتعود على ألا يدخل أي شخص معه الحمام أو يراه عاريًا.
“اللعب مع الدمية بطريقة تحمل دلالات جنسية، الشعور بالخوف، الرغبة في العزلة، فقدان الشهية، استخدام أسماء جديدة لأعضاء الجسم لم يكن يعرفها”.. علامات تعرض الطفل للتحرش.
أستاذ الطب النفسي، أكد على أن الأم أو الأب عليهما التواصل مع تربويين أو متخصصين والقراءة في التربية الجنسية السليمة، ولمعرفة المعلومات التي يجب أن يعرفها الطفل في كل عمر، كما يجب تقسيم اللمسات لنوعين آمنة وغير آمنة.
وذلك عن طريق تعريفه بأنه لا يمكن لأحد أن يلمس أجزاء معينة من جسده إلا والدته أو والده عند مساعدته في الاستحمام أو غيره، أو الطبيب في حضور والديه، وأنه لا يجوز لأحد رفع ملابسه أو تقبيله من فمه.
“الشرقاوي” أكد أنه يجب على الطفل أن يعلم أنه أيضًا لا يمكن لأحد إجباره على لمس أعضائه، أو تقبيله، أو تعريضه لأفلام لا تناسبه، وأن يشرح له والداه أنه لا يمكن أن يتحدث مع الغرباء أو يذهب معهم لأي مكان إلا بعد إخبارهما، وأن يحافظ على مسافة آمنة بينه وبين الآخرين.
وأضاف: “يجب أن يتعلم الطفل كيف يتصرف إذا فعل معه شخص فعلًا لا يرغبه، أن يقول لا بصوت عالي، ويذهب لوالديه ليخبرهما بما حدث، بالإضافة إلى فحص ملابس الطفل للتأكد من خلوها من الإفرازات، وكذا فحص جسده للتأكد من عدم وجود كدمات أو خدوش به، ويجب مراقبته أثناء تواجده مع معلمه أو غيره من الأشخاص”.
“البحوث والدراسات الاجتماعية الحديثة التي أجرتها منظمة اليونيسكو (2007) أثبتت أن التربية الجنسية تؤدي إلى تأخير ظهور السلوك الجنسي عند الأطفال واتسامهم بالمزيد من المسؤولية“.
اختبارات نفسية للمعلمين
وطالب البعض من متابعي القضية، وزارة التربية والتعليم بإجراء اختبارات نفسية للمعلمين الجدد والقدامى، خاصة لمعرفة ميولهم الجنسية، وما إذا كانوا مصابين بخلل أم لا.
البوابة الإلكترونية للتوظيف بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أعلنت عن مواعيد وأماكن الاختبارات النفسية التابعة لجهاز الطب النفسي التابع للقوات المسلحة، لعرضه للاختبار النفسي لكونه متطلبًا أساسيًا للتعيين.