كشفت وزارة المالية، اليوم الأحد، عن إجراءات لطرح سندات خضراء سيادية حكومية لتكون الدولة الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تلجأ لذلك النمط من التمويل، مستهدفة من خلاله جمع 1.9 مليار دولار.
ما هي السندات الخضراء؟
و”السندات الخضراء” صكوك شبيهة بأدوات الدين التقليدية طويلة الأجل في توفير تمويل مقابل الحصول على فائدة، لكنها تختلف في ارتباطها بنوعيات خاصة تتصل بالمناخ، والحفاظ على البيئة ومشروعات الطاقة المتجددة والإدارة المستدامة للنفايات والمياه وقضايا التغير المناخي.
وتوفر سندات البنك الدولي الخضراء للمستثمرين الفرصة لدعم الحلول البيئية من خلال سند يستفيد من التصنيف الائتماني الممتاز (AAA)، فالسندات الخضراء تولد تدفقات جديدة لتمويل التنمية منخفضة الكربون، وتحظى بدعم من المؤسسات الدولية لتحويل دفة التمويل العالمي في اتجاه أكثر نظافة بعيدًا عن الاستثمارات التقليدية بالوقود الأحفوري وتوجيهه للمشاريع التي ستبني مستقبلًا منخفض الكربون.
وتتشابه طريقة تسعير السندات الخضراء كثيرًا مع التقليدية، فسعر العائد وفقًا لظروف السوق وقت الإصدار مثل أي سند عادي، لكنها تجتذب مستثمرين معنيين بالمشروعات التي تساعد على التصدي لتحدي تغير المناخ، وتعمل على تنويع المخاطر بجذب مستثمرين جدد من خارج السوق التقليدية.
وتمتلك مصر محفظة من المشروعات الخضراء المؤهلة للسندات الخضراء تسعى لتمويلها بقيمة 1.9 مليار دولار، منها 16% في مجال الطاقة المتجددة، و19% للنقل النظيف، و26% للإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي، و39% للحد من التلوث والسيطرة عليه.
تعزيز تجارب المدن الخضراء
وتسعى مصر لتعزيز تجارب المدن الخضراء التي تعتمد على الترشيد في الطاقة والمياه، بإعادة تدوير مياه الصرف المعالجة وزيادة كفاءة الري واستخدام نباتات زينة قليلة الاستهلاك لها وعزل الحوائط بوسائل تقلل من الاحتياج إلى وسائل التبريد في الصيف.
ويقول محمد معيط، وزير المالية، إن طرح السندات الخضراء الحكومية السيادية بالأسواق العالمية، يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري ودعم مستويات نموه الحالية والمستقبلية، ويساعد أيضًا في جذب المزيد من المستثمرين الذين يهتمون بالعوائد البيئية والمالية، وتحسين التصنيف البيئي لمصر.
وأجرى مكتب “Vigeo Eiris” أحد الجهات التابعة لوكالة موديز، المراجعة المستقلة والتقييم اللازم لإطار العمل ليتماشى مع أولويات الاستدامة الاستراتيجية لمصر، كما حصلت مصر على رأي طرف ثانٍ قوي عن جودة المشروعات صديقة البيئة المؤهلة وإطارها.
ويُستخدم العائد من السندات الخضراء في تمويل المشروعات التي تعكس التزام مصر بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها: الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية على ضوء “رؤية مصر 2030”.
وقال الوزير إنه تم وضع إطار العمل الخاص بالتمويل الأخضر السيادي، بعد عقد العديد من الاجتماعات والمشاورات مع وزارات التخطيط، والتنمية الاقتصادية، والبيئة، والكهرباء والطاقة المتجددة، والنقل، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية التي أعدت قوائم بالمشروعات صديقة البيئة المؤهلة، والمعلومات المطلوبة وفقاً للاستشارات المقدمة من مستشاري هيكلة الطرح “Crédit Agricole CIB and HSBC”.
مواجهة التغيرات المناخية
ويقول الدكتور مصطفى أبوزيد، الخبير الاقتصادي، إن السندات الخضراء تساعد الدول على مواجهة التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري، فهي معنية بمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة والطرق صديقة البيئة.
وتخطط الحكومة لإنشاء أول مدينة خضراء تراعي التنمية المستدامة عبر العاصمة الإدارية الجديدة، مع تحويل مدينة شرم الشيخ إلى مدينة خضراء، ومراعاة الحيز العمراني كأول مدينة سياحية تتبع برامج التنمية المستدامة وتدوير المخلفات.
ويضيف أن ذلك التمويل سيساعد الحكومة على تحويل المنشآت السياحية لتكون صديقة البيئة والوصول للنقل الأخضر الصديق للبيئة المعتمد على الكهرباء بدلاً من الوقود التقليدي، وحسن استغلال موارد المياه.
والبنك الدولي أحد أكبر الجهات المصدرة للسندات الخضراء في العالم، وعبأ ما يزيد على 16 مليار دولار من خلال إصدار أكثر من 200 سند أخضر منذ عام 2008 لصالح استثمارات مرتبطة بالمناخ والبيئة.
على مستوى العالم
يبلغ حجم إصدارات السندات الخضراء منذ 2018 على مستوى العالم 123.9 مليار دولار مقابل 162 مليار دولار و87.2 مليار دولار في عام 2016، وانضمت إلي مصدريها دول مثل فرنسا، وبلجيكا، ونيجيريا، وإندونيسيا، وهونج كونج، وروسيا والسويد والبرازيل.
وتعتبر “فيجي”، الدولة الصغيرة الواقعة في المحيط الهادي، أول سوق صاعدة تُصْدر سنداً أخضر سيادياً، حيث حصلت على 100 مليون “دولار فيجي”، أو 50 مليون دولار، لمساندة تدابير التخفيف من تغير المناخ والتكيف مع آثاره، وتُستخدم حصيلة هذا السند في تمويل انتقالها إلى اقتصاد منخفض الكربون مع بناء قدرتها على مواجهة الآثار الناشئة عن تغير المناخ في الوقت نفسه.