حالة من التأهب تشهدها محافظات مصر المعرضة لخطر الفيضان، بسبب التحذيرات المتتالية من ارتفاع منسوب مياه النيل، ما يترتب عليه غرق أماكن عدة بها.
في بداية انطلاق التحذيرات، أعلنت وزارة الري عن كون الفيضانات المحتملة تهدد ثلاث محافظات، على رأسها البحيرة ودمياط وكفر الشيخ.
وزارة الموارد المائية والري، أخطرت الوحدات المحلية في المحافظات الثلاث، بضرورة إخلاء المباني، المنازل، حظائر الماشية، الأقفاص السمكية، والأراضي الزراعية الموجودة على أراضي بالقرب من طرح النهر خارج خط التهذيب، وذلك لتفادي الأضرار التي قد تنتج عن غرق الأراضي الزراعية، حفاظًا على أرواح المواطنين.
“موسم الفيضان يبدأ من 1 أغسطس ولمدة 3 أشهر حتى نهاية شهر أكتوبر.. المتحدث باسم وزارة الري”
المتحدث باسم وزارة الري، محمد السباعي، قال إن عدد المحافظات التي ستتأثر بفيضان النيل أصبح 13 محافظة، وتم إصدار تحذيرات لحماية المواطنين من خطر الفيضان.
ووفقًا للقانون رقم 100 لسنة 1964، فإن أراضي طرح النهر هي تلك الأراضي الواقعة بين جسري نهر النيل وفرعيه، ويحولها النيل من مكانها بحيث تتكون في مجراه.
خلال الأيام الماضية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا من فيضان النيل وغمره للأراضي في عدة محافظات.
ففي المنوفية فوجئ الأهالي بغمر الطريق الجديد لربط جزيرة أبونشابة بقرية أبونشابة، على الرغم من أن الأهالي بالتعاون مع الوحدة المحلية لقرية الخطاطبة التابعة لمركز السادات في المنوفية، انتهوا من تعلية الطريق المذكور سلفا منذ أيام.
وأما عن أهالي البحيرة، والذين اعتادوا على ارتفاع منسوب المياه خلال الوقت الحالي من السنة لكن لمرة واحدة، فوجئوا بأن منسوب المياه ارتفع أربع مرات متتالية وأنه يزداد في كل مرة عن سابقتها.
ارتفاع منسوب المياه تسبب في تلف المحاصيل بالأراضي الزراعية بالبحيرة، وذلك قبل حصادها بأيام قليلة.
سبب الفيضان
بدأت السلطات المصرية في التحذير من فيضان نهر النيل عقب غرق عدد من المدن في السودان.
“الحكومة السودانية أعلنت حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر بسبب الفيضانات التي ضربت البلاد”
وزارة الري أكدت خلال بيان أن ارتفاع منسوب مياه نهر النيل يشكل خطورة كبيرة، وأن ذلك بسبب تصريف كميات كبيرة من مياه فيضان العام الحالي، حيث جاءت كميات المياه المصرفة أعلى من المتوسط بصورة غير مسبوقة منذ نحو قرن من الزمن.
مصب نهر النيل يقع عند فرع رشيد في محافظة البحيرة، ويعتبر شاطئ البحر المتوسط المحطة النهائية لمياه النيل القادمة من بحيرتي فيكتوريا وتانا في منابع النهر.
وعلى الرغم من أن بحيرة السد العالي تعد الخزان الأول لحصة مصر من مياه النهر بعد مرورها بالسودان، لكن السد يسمح بتصريف كميات من المياه عند وصول منسوب بحيرة السد إلى أعلى مستوى له، حيث يبدأ في تصريف كميات المياه الزائدة إلى مفيض توشكى والذي يوازي المجرى الطبيعي للمياه.
وتتصرف المياه الزائدة إلى محافظات دلتا النيل الواقعة بين فرعي دمياط ورشيد والتي تعتبر أماكن منخفضة، لذا تكون معرضة للغمر بالمياه عند تصريف كميات زائدة في مجرى النهر المائي.
الاستفادة من الفيضان
محمد السباعي المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية والري، قال إن مصر لديها منظومة كاملة للاستفادة من مياه الفيضانات عن طريق تخزينها وتوزيعها على الترع والمصارف ورصدها.
وأكد على أن الوزارة رفعت درجة الاستعدادات القصوى بالمحافظات، وأنها تتبع وسائل حديثة في مراقبة منسوب المياه على طول مجرى النهر، وذلك عن طريق منظومة متطورة للرصد الآلي تدعى “التليمتري” حيث يتبعها 250 محطة رصد في نقاط حاكمة والفاصلة بشبكة الري.
وعن آلية عمل “التليمتري” فإنه يتم من خلالها توفير بيانات دقيقة كل ساعة، عن طريق توضيحها لحالة سريان المياه في المجاري، وتوفر صور لكل مسؤولي وزارة الري على الهواتف دون تدخل بشري، وتم تشكيل وتفعيل غرفة عمليات لمراقبة تشغيل المنظومة.
الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، قال إنه في حالة زيادة منسوب المياه في بحيرة السد العالي عن اللازم يتم تصريف المياه من خلال السد، لذا تشهد أراضي الطرح المنخفضة نسبيًا غرقها بالمياه.
“تصريف المياه مفيد لإزالة الملوثات من المجاري المائية، وتقليل الملوحة، وكذا في ملء قنوات الري، ومن بينها ترعة السلام”.. هكذا علق “شراقي” على فائدة الفيضان.
سد النهضة
تساءل بعض رواد منصات التواصل الاجتماعي عن إمكانية استغلال الفيضانات الحالية كورقة في مفاوضات سد النهضة التي لازالت مستمرة حتى الآن دون أي نتائج.
“شراقي” قال “إن تدفق الفيضان من أعلى سد النهضة في استمرار، في حين أنه باقي أسبوع على انتهاء موسم الأمطار الغزيرة على الهضبة الاثيوبية، وبدأت الأمطار في التناقص إلا أن المياه مازالت تفيض من أعلى الممر الأوسط، كما بدأت حواف البحيرة في التراجع قليلا”.
وأكد “أن الأمطار المتوسطة ستستمر خلال شهر أكتوبر ويمكن فتح البوابات الأربع السفلية للسد لتمر من خلالها أمطار شهر أكتوبر وتصريف بحيرة تانا مع الاحتفاظ بالخمسة مليارات متر مكعب الى أن يتم زيادة ارتفاع الممر الأوسط من 70 إلى 100 متر لتصل سعته التخزينية للملء الأولى 18 مليار متر مكعب في أغسطس القادم، ومن المتوقع الانتهاء من تركيب التوربينين والبدء في تشغيلهما في مارس 2021 عندما يصبح التخزين 7 مليار متر مكعب”.
الخبير المائي أضاف أن الفيضان الحالي ليس له علاقة بمفاوضات سد النهضة، لأنها تضع قواعد مستقبلية حول طرق الملء والتشغيل، حيث إنه حالة ارتفاع الفيضان هناك قواعد معينة، وأخرى في حالة الجفاف وفق ظروف هيدرولوجية.
وأكد أنه خلال الفترة الحالية سيعوض الفيضان الـ 5 مليارات متر مكعب التي احتجزتها إثيوبيا، لكن هناك مخاطر إذا زاد الفيضان عن معدل تحمل السد الذي يبلغ 74 مليار.
وتابع أن دعوات استئناف الملء في الوقت الحالي غير مجدية، لأن الجزء الأوسط من السد لم يكتمل بعد، ولن يكتمل إلا بعد الفيضان.