ارتبط اسم دولة قطر خلال السنوات القليلة الماضية، بدعم التنظيمات الإرهابية، ليس في دولة معينة، ولكن على مستوى العالم، ما أثار الاستياء حول هذا الكيان الصغير الذي يقع شرق شبه الجزيرة العربية، ويجاهد للوصول بعدد سكانه إلى 3 ملايين نسمة في مساحة أرض لا تتخطى 12 ألف كم.
خريطة التنظيمات
وسّعت قطر من دعمها للمنظمات والحركات المتطرفة خلال الفترة القلية الماضية، وباتت طرفًا رئيسيًا في مفاوضات تلك الجماعات مع الدول المتنازعة معها، خاصة وأن الدعم القطري موجه لكل ما هو متطرف دون التمييز للأيدولوجية التي يتبعها.
جماعة الإخوان
وتعد جماعة الإخوان الإرهابية، أكثر الجماعات التي تقوم قطر بدعمها على مستوى العالم، خاصة عقب سقوط حكمها في مصر، وقد ساعدت الجماعة الدولة الصغيرة على التواصل مع كافة التيارات المتطرفة، التي خرجت في الأساس من العباءة الإخوانية.
وقدمت قطر دعمًا كبيرًا للجماعة، تمثل في رفع مكانة قادتها مثل يوسف القرضاوي عراب الجماعة وأحد أبرز رموزها، والذي وضعت له مكانة كبرى، حتى صارت فتاواه تتحكم في تحركات العائلة الحاكمة، هذا بخلاف دعم الجماعة فور وصولها للحكم في مصر، والدخول في عداء مباشر مع النظام المصري عقب سقوط حكم الجماعة.
وفرت الجماعة المأوى لقيادات الإخوان، وقامت بتعديل قانون الجنسيات الخاص بها، حتى يتمكن أعضاء الجماعة من الإقامة المشروعة غير المكلفة، كما وفرت لهم وظائف ومراكز عمل مرموقة، وفتحت أبوابها لكل الهاربين من أعضاء الجماعة.
كما خصصت قناة إعلامية للهجوم على مصر، ونظامها، انتقامًا من إسقاط حكم الجماعة، تقوم ببث الأخبار المفبركة، والبرامج المهاجمة لمصر، بخلاف التركيز على الأزمات، وإبراز شرعية عودة الإخوان للحكم، مع توفير التواصل بينهم وبين المؤسسات الدولية الهامة لدعم الإخوان أمام مصر، وتقديم الدعم المالي للتحركات الإخوانية، والوفاء بالتزاماتها حتى لا تفقد قواعدها الشعبية.
التيار السلفي
كما كان للتيار السلفي أيضًأ نصيب من الدعم القطري، وهو دعم طبيعي للدولة التي كانت تعمل وجميع دول الخليج تحت راية السعودية التي تتبنى الفكر السلفي، وتمثل في دعم حركة القاعدة، والذى تجلت نتائجه، في دعم قطر خلال أزمتها مع دول المقاطعة، بعدما شنت القاعدة هجومًا على موقف الدول المقاطعة لقطر، عبر مجلة “المسرى”، الناطقة باسم القاعدة، في عددها الصادر في 6 يونيو 2017، في موضوع حمل عنوان “قطر في مرمى النيران، وأكبر انقسام سياسي تشهده دول الخليج العربي”.
“داعش” و”طالبان”
تنظيم “داعش” أيضًا ساند قطر بعد دعمها له، فقد قام الداعية الكويتي حامد عبدالله العلي المعروف بتأييده لأبي مصعب الزرقاوي (الأب الروحي لداعش)، بإصدار فتوى في ما اسماه حصار قطر واعتبره أمرًا جائرًا.
أما تنظيم طالبان، فقد توثقت علاقته كثيرًا بقطر، والتي قامت مؤخرًا بالتوسط بينه وبين الحكومة الأفغانية لعمل تصالح ينهى الخلافات التي دامت لعقود بين الطرفين.
الداعم الأول
يقول الدكتور أيمن سمير، المتخصص في العلاقات الدولية، إن قطر الداعم الأول لكل الحركات الإرهابية في العالم، والوسيط الحصري للتفاوض مع كافة التنظيمات المتطرفة.
ويتابع “فقط كانت قطر الوسيط في التفاوض بين طالبان والولايات المتحدة، ثم الحكومة الأفغانية، ولو لم يكن لها علاقة بالتنظيم، ما سمح لها القيام بدور الوساطة، كذلك هذا بخلاف أن العديد من قادة داعش كانوا يقيمون في الدوحة لفترات طويلة، وبعد تشكيل التنظيم لم تنقطع علاقتهم بالنظام القطري”.
ويستطرد: “التنظيمات الإرهابية كانت تستمع لقطر وتنفيذ ما تقول، فعندما دخلت عناصر داعش مدينة الموصل قتلت جميع من صادفتهم في طريقها، ماعدا البعثة الدبلوماسية التركية والقطرية، كذلك ما يسمى براهبات معلولة اللاتي تم إطلاق سراحهن من قبل داعش بعد تدخل قطر، وعندما قامت الجماعات المتطرفة في الصومال باختطاف سيدة إيطالية تدخلت قطر وتركيا لإنهاء الأزمة”.
ويضيف “بخلاف ذلك كله، قطر داعمة لتنظيم الإخوان بقوة، وتنظيم بوكو حرام في إفريقيا، وتنظيم الشباب في الصومال وفى الفلبين تدعم حركة أبو سياف التي حاولت عمل إمارة لداعش في منطفة ماروى في اندناو أقصى جنوب الفلبين، وكل دول العالم الآن، كل من لديه مخطوف، أو أسير، أو قتيل، على يد داعش، أو القاعدة، أو أي تنظيم في العالم، تطرق باب الدوحة من أجل عقد صفقة أو دفع أموال أو لإطلاق سراح هؤلاء”.
أسباب الدعم
دفعت قطر فاتورة كبيرة نتيجة دعمها الجماعات الإرهابية، واستخدامها لزعزعة استقرار البلدان الأخرى، والتدخل في شأن العديد من الدول العربية، الأمر الذى أدى لتدهور علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع تلك الدول، ما جعل الرباعي العربي مصر والإمارات والبحرين والسعودية، يعلن قطع العلاقات مع قطر، ثم انضمت إليه كل من ليبيا واليمن والمالديف، الأمر الذى ظهرت تبعاته في تعرض قطر لأزمة اقتصادية كبيرة، وبدلًا من التراجع عن تلك التصرفات، قامت الدوحة بتوطيد علاقتها بتركيا، الداعم الثاني للإرهاب في المنطقة، وإيران، وحزب الله في لبنان.
ويشير الدكتور أيمن سمير، إلى أن قطر تقوم بدعم الجماعات المتطرفة لعدة أسباب، فهي “دولة لديها أموال طائلة وتعتقد أنها عن طريق هذه المليشيات والجماعات المتطرفة، يمكنها تكوين إمبراطورية عالمية تدعمها في كل مكان حتى في أوروبا، التي تعاني مؤخرًا من وجود خلايا إرهابية كثيرة على أراضيها”.
ويضيف “سمير” هذا “التوجه يجعل قطر تتخلص من شعورها بالتبعية كونها دولة صغيرة، وتجعل لها دور محوري ومؤثر في العالم، يجعل دول العالم تطرق أبوابها طالما ذاقت وبال الإرهاب”.
أدلة إدانة
لم يعد العالم يغفل عن دعم قطر للجماعات الإرهابية، ولم تعد الأخيرة تهتم ببراءة ساحتها من تلك التهمة، وقد قامت العديد من مراكز الأبحاث برصد تحركات الجماعات المتطرفة، لتجد أنها تعمل وفقًا لأجندة قطرية تركية إيرانية، تحرك تلك الجماعات، مقابل الحصول على تمويل.
وحذرت مراكز ألمانية وفرنسية من وجود خلايا إرهابية تجمعها روابط مع الدول الثلاث تركيا وقطر وإيران، حيث تلاقى الدعم المالي من قطر، والتدريب من تركيا، والتحرك التكتيكي ينظمه الإخوان، حيث يعملون على تغيير حياة الوافدين والمقيمين بدول مثل فرنسا وألمانيا، ويجعلونهم يرفضون الحياة طبقا للقيم الألمانية أو الفرنسية، وبالتالي تحول المسلم الذي يذهب إلى تلك الدول، إلى شخص متقوقع، فيتجه للجماعات المتطرفة ويحصل منها على دعم، ومن ثم يمكن السيطرة عليه وتجنيده وتنفيذ مخطط الثلاثي القطري التركي الإيراني بالمنطقة.
ويقول الدكتور أيمن سمير، “إن تلك التحركات تشبه ما كانت تقوم به الدول الاستعمارية، فيما يسمى بالاستثمار السياسي الرخيص بمعنى يتم تجنيد وتدريب المليشيات، ثم يتم توظيفها للقيام بعمليات الدول الكبرى التي تنأى بنفسها أن تقوم به، مثلما فعلت الولايات المتحدة بعد طرد الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، واستخدمت ما يعرف بالأفغان العرب لتنفيذ عملياتها التخريبية، وانهيار الاتحاد السوفيتي”.
وأضاف “وفى هذا الاستثمار الرخيص بهيئته الجديدة، تتولى قطر عملية التمويل للمليشيات المسلحة، لتكوين إمبراطورتيها في المنطقة، وقد قام معهد السلام الدولي في استكهولم بإصدار إحصائية في نهاية 2018، قال فيها إن قطر أنفقت 210 مليار دولار على شراء السلاح، في حين أن القوات القطرية جميعها، سواء العسكريين أو المدنيين يصلون إلى 11 ألف شخص، ما بين جندي وموظف مدنى، ما يجعلهم لا يستوعبون أسلحة بهذا المبلغ الضخم، وبالتالي كانت الخلاصة التي انتهى إليها المتخصصون في مبيعات السلاح في العالم، أن هذه الأسلحة ذهبت لتنظيمات إرهابية معروفة بعينها”.