ظهرت الزميلة الصحفية بسمة مصطفى في نيابة أمن الدولة العليا بضاحية التجمع الخامس، ظهر اليوم، بعد 10 ساعات من اختفائها بمحافظة الأقصر أثناء توجهها للقيام بعمل صحفي في المدينة، حسبما أعلن المحامي الحقوقي وزوجها السابق كريم عبدالراضي.
ولم تعلن نيابة أمن الدولة الاتهامات الموجهة إلى الصحفية الثلاثينة، إلا أن عمرو بدر، مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، رجح أن تنسب لها الاتهامات الاعتادية في مثل هذه القضايا وهي: “نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية”.
وكان موقع “المنصة” أعلن في الساعات الأولى من صباح الأحد، أن الصحفية بسمة مصطفى التي تنشر معه قصصا صحفية اختفت صباح السبت أثناء عملها على تغطية ميدانية في محافظة اﻷقصر وتعذر الوصول إليها حتى وقت نشر الخبر، إذ لا تجيب على الاتصالات الهاتفية.
وذكر الموقع أن آخر مكالمة هاتفية أجرتها مصطفى في الساعة الحادية عشرة والربع صباح السب، قالت فيها إن شرطيا استوقفها في مدينة الأقصر، واطلع على بطاقة هويتها ثم سمح لها بمواصلة سيرها، لكنه ظل يلاحقها.
وبحسب الموقع ذاته، فإن قسم شرطة اﻷقصر أنكر وجودها به أو علمه بمكانها.
وحاول “مصر 360” التواصل مع المسؤولين عن “المنصة” لاستجلاء الموقف الأخير للصحفية، لكن لم يجب أحد على اتصالاتنا حتى نشر هذه السطور.
وبحسب زوجها السابق كريم عبدالراضي، فإن قوات الأمن ألقت القبض عليها فور وصولها لمحطة قطار الأقصر أثناء توجهها للقيام بعمل صحفي، لم يحدده، لكنه ألحق منشوره بصور وتعليقات أخرى ربط بها الاختفاء بتغطية أحداث مدينة العوامية التابعة لمحافظة الأقصر، بعد انتشار خبر وفاة مواطن يدعى عوبس الراوي على يد قوات الأمن أثناء اعتقال أخيه.
وانتشرت قصة مقتل الراوي بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، لكن وزارة الداخلية لم تعلق على هذه الرواية حتى الآن.
وروى شهود عيان لموقع مدى مصر أن التظاهرات بدأت في 20 سبتمبر في ميدان الصنايع القريب من قسم الشرطة ومديرية أمن الأقصر، ما أسفر عن القبض على عدد من شباب قرية العوامية.
وبحسب ما نشر، توجهت قوة أمنية لمنزل عائلة الراوي فجر الأربعاء، 30 سبتمبر، بحثًا عن ابن عمه المتهم بالمشاركة في الاحتجاجات. وحين لم تجده القوات، قررت القبض على شقيق عويس الصغير لكن الأسرة حاولت إثناء القوة عن القبض على الشاب الصغير، لكنهم رفضوا واصطحبوه إلى الخارج، وهو ما دفع عويس للخروج خلفهم حتى نشبت مشادة كلامية بينه وأحد ضباط القوة، الذي أخرج سلاحه وأطلق 4 رصاصات، منهم رصاصة أصابت عويس في رأسه.
وتعمل بسمة حاليا لموقع “المنصة” حيث نشرت عدة تقارير عن قضية اغتصاب فتاة الفيرمونت المتهم فيها عدد من أبناء المشاهير ورجال الأعمال، كما نشرت بعضا من تفاصيل واقعة مقتل إسلام الاسترالي في قسم شرطة المنيب، التي قررت فيها النيابة العامة حبس 4 أمناء شرطة على ذمة التحقيق.
وسبق لمصطفى نشر تحقيقات في عدد من المواقع المصرية والعربية من بينها استغلال الخادمات في أعمال منافية للآداب، كما أعدت تحقيقا من قبل بعنوان “من قتل ريجيني؟.. روايات متضاربة” روت فيه قصص المقتولين الخمسة في حادث الباحث الإيطالي جوليو ريجني على لسان ذويهم.
وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها الصحفية الاحتجاز، حيث سبق وأن ألقي القبض عليها خلال تغطيتها احتجاجات قوى سياسية على قرار ترسيم جزيرتي تيران وصنافير بالقرب من ميدان التحرير في 25 أبريل من عام 2016.
ومن جهته، قال عمرو بدر، مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، إن النقابة لم تصل إلى أية معلومات بخصوص احتجاز الصحفية بسمة مصطفى في محافظة الأقصر، إلا أن السائد في قضايا احتجاز الصحفيين خلال العمل الميداني توجيه اتهامات بنشر أخبار كاذبة ومساعدة جماعة إرهابية على تحقيق أغراضها وتكدير السلم العام.
وأضاف بدر، في اتصال هاتفي مع “مصر 360” أنه بمجرد إعلان موقع “المنصة” الذي تعمل لصالحه الصحفية المختفية عن الواقعة المنشورة، حاول الاتصال بهاتفها لكنها لم تجب وأغلق الهاتف بعدها مباشرة إلى وقتنا هذا.
وطالبت نقابة الصحفيين، ممثلة في مقرر لجنة الحريات، الجهات المعنية بالإعلان عن موقف الصحفية، وإخلاء سبيلها طالما لم ترتكب فعلا مخالفا للقانون المصري يستوجب حبسها، مشيرا إلى أن النقابة ستتواصل مع جميع الجهات المعنية للاطمئنان على وضعها القانوني.
وتتشابه قصة احتجاز بسمة مع تفاصيل قضية صحفي موقع “درب” إسلام الكلحي، الذي ألقي القبض عليه خلال تغطية وقائع الاشتباكات الدائرة بمحيط قسم المنيب على خلفية مقتل الشاب إسلام الاسترالي.
وتنظر نيابة أمن الدولة العليا، اليوم الأحد، أمر تجديد أمر حبس الزميل إسلام الكلحي، المحبوس على ذمة القضية رقم 855 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، والمتهم فيها بنشر أخبار وبيانات كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة جماعة إرهابية.
وقال موقع درب، في بيان، إن إسلام انتقل لتغطية تداعيات الواقعة بتكليف من إدارة الموقع فقام أفراد من الشرطة بالقبض عليه أثناء ممارسته لعمله، وظل محتجزا بمكان غير معلوم بضع ساعات حتى تم إحالته لنيابة أمن الدولة العليا.
وبحسب مصدر نقابي، يقبع نحو 20 صحفيا نقابيا خلف الجدران، يرتبط معظمهم بقضايا نشر الأخبار الكاذبة.
استمرار وقائع ملاحقة الصحفيين في السنوات الأخيرة دفع المحامي الحقوقي نجاد البرعي إلى مطالبة نقابة الصحفيين ورؤساء تحرير الجرائد والمواقع الصحفية بإعلان منع نزول الصحفيين الميدانيين إلى الشارع، حفاظا على سلامتهم وأمنهم الشخصي، في ظل التضييق المستمر على عملهم.
وقال البرعي، في تصريحات لـ”مصر 360″ إن الوقت قد فات على انتقاد السلطات لاحتجاز الصحفيين، لذا ما نملكه الآن هو دعوة المسؤولين عن صالات التحرير بالحفاظ على سلامة المحررين والاكتفاء بنشر القصص المكتبية دون النزول إلى الميدان، قائلا: “لا أملك تفسيرا واحدا لنزول صحفي في الوقت الحالي من مكتبه لتغطية قصة ميدانية في أحداث ساخنة”.