صاحبة طلة برئية في شبابها، وأم صارمة في نضجها، وصديقة لا مثيل لها.
تمتلك عبلة كامل عجينة خالصة من الفن والتلقائية والتقمص، ربما تبدو من القلائل اللواتي استطاعن انتزاع الحب من قلوب المشاهدين بسلاسة دون أي مجهود، لذا حصلت على المحبة والاحترام من مختلف الأجيال.
أثارت عبلة كامل الجدل أكثر من مرة مؤخرًا، من خلال الشائعة التي أصبحت كالنار في الهشيم بمرضها بأحد الأورام الخبيثة، لتظهر محبتها الصادقة والخالصة من الناس على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، ليهدأ الرأي العام بمجرد سماعه لصوتها وطمأنته عليها ونفيها هذا المرض.
نفي شائعة المرض جاء بعد فترة قليلة من نفي شائعة أخرى خاصة باعتزالها الفن، لتؤكد أنها لم تعتزل الفن ولكنها تنتظر العمل الجيد الذي تظهر من خلاله.
لاشك أن ابتعاد الفنان عن الإعلام يجعله مادة خصبة دائما للاجتهادات الصحفية، حيث لم يسلم الفنانون الكبار الذين توارو عن الأنظار من شائعات الوفاة والاعتزال والمرض، وكلما زادت درجة نجوميتك كلما حاصرتك الشائعات.
تلقائية الفن التي حصدت قلوب الجمهور
“لو بصت للكاميرا وعنيها جت عليها مبتعرفش تكمل المشهد، هي تلقائية جدًا والتمثيل لعبتها باحترافية”، هذا ما قاله الفنان محمد سعد في أحد اللقاءات التليفزيونية عن عبلة كامل وذلك بعد أن شاركها في عدة أفلام، مثل “اللمبي” و”اللي بالي بالك”.
لم يكن ما قاله سعد مجرد كلمات يصف بها عبلة كامل فقط بل هي حقيقية شهد الجميع بها، فكل ما قدمته عبلة كامل من أعمال فنية تميزت فيه بالتلقائية الشديدة، والعفوية بالتعبير والأداء، فآمن الجمهور بأنها شقيقتهم “فاتن”، كما في التعويذة، وأنها رقية البدري الفتاة الطيبة التي تشبه الكثيرات، وهي المُعلمة التي تسعى إلى الحفاظ على العادات والتقاليد ومظهرها أمام الجميع.
وتكتشف أنها زوجة لطبال ليحدث لها الصراع الذي كسبت من خلاله شعبية كبيرة مع الجمهور بهذا العمل المميز والأداء الذي شهد له الجميع به، وطدت به دراميًا من خلال دور”إخلاص” في مسلسل “أبناء ولكن”، ببكاء يصدر منه النحيب الذي يجعلك تبكي معها من فرط المصداقية والإيمان بما تقدمه.
نقطة التحول
“فاطمة كشري”، زوجة الحاج عبد الغفور البرعي، كان هذا الدور الذي أبدعت به عبلة كامل هو نقطة التحول الكبرى في حياتها الفنية، بعد أن قدمت دور الفتاة الرومانسية المُحبة، ثم قدمت الأم بصورة نراها في كل أم مصرية، تعيش معنا بمنازلنا، ليكن هذا العمل هو الأهم في حياتها مهما قدمت من قبله، ومن بعده بسبب المصداقية وسهولة الأداء الممتنعة التي عاشت بها عبلة في المسلسل.
الفتاة الرومانسية التي تشبه المصريات
بالرغم من تصنيفها فنانة كوميدية بسبب الحضور الممتاز في كثير من الأعمال، وذلك بسبب أدوارها في فيلم “كلم ماما” و”اللمبي” ومن قبل “الستات” ومسرحية “وجهة نظر” وغيرهما من الأعمال، إلا أنها كانت الفتاة المصرية ذات الظروف الاجتماعية القاسية والتي تسعى إلى الحب من أجل الحب والإحساس بالأمان وظهر هذا جليًا في فيلم “هيستريا”، الذي شاركها به أحمد زكي، ثم قدمت العاشقة للرومانسية المعذبة ابنة الطبقة الارستقراطية صاحبة الإعاقة في مسلسل “هوانم جاردن سيتي”، من خلال دور شكران مرتجى الفتاة السلسلة ذات التمثيل السهل الممتع.
استكملت عبلة كامل أدوار السيدات من قلب الشارع المصري ليأتي دور لبيبة في “امرأة من زمن الحب”، تلك الفتاة التي يحاول أهل “البندر” التنمر عليها بشكل مستمر عفويتها وسجيتها القروية.
الصديقة
“جليلة”، هو الرمز الفني الأصدق والأقوى في التعبير عن الصداقة منذ أن إذاعة مسلسل “حديث الصباح والمساء” للمرة الأولى عام 1991.
استطاعت من خلال هذا الدور التخلي عن سنها الصغير في مقابل أن تقدم دور أم لأبطال يقتربوا من سنها، لتُخرج لنا دور “جليلة” السيدة التي تقوم بالعيش مع الجن وتؤمن بهم، وقدمت من خلال هذا الدور أقوى مشاهد الصداقة حين غادرت صديقتها الحياة والتي أدت دورها “دلال عبد العزيز”، في مشهد لا يمكن محوه من ذاكرة المشاهدين.
عبلة كامل المُقدرة بحب الجمهور
ورغم هذا الكم من الأعمال التي التي وصل عددها إلى 100، إلا أن التقدير الأكبر في حياة عبة كامل جاء من الجمهور وإجماع النقاد عليها في الكثير من الأعمال، ولكن هذا المجهود لم يحظ بالتكريم من مؤسسات الدولة.
يقول الناقد محمد عدلي، إن عبلة كامل من أفضل فنانات جيلها التي عاصرها واستطاعت أن تتفوق عليهم جميعًا فوجدنا أنها تقدم الكوميدي بتفوق واكتساح والتراجيدي والميلودراما وغيره الكثير من الأعمال التي لا يمكن أن ينساها لها الجمهور، فتكون هي “الألفة” بامتياز.
وأضاف أنه بالرغم من كل هذه الطاقات الجبارة في التمثيل، والتي حجمّها البعض بأنها كوميدية، إلا أنها قدمت أدوار يصعب على الكثير تقديمها، فقدمت المصابة بالسرطان في بداية حياتها، والأم في سن صغيرة، فكانت هذه الأدوار مهرًا لكي تتربع في قلوب الجمهور.
وبرأي عدلي، فإن عبلة اكتفت بتقدير الجمهور وحبه الذي تراه في أي عمل تقدمه أو أي شائعة تظهر عنها، فمن أصعب الأشياء التي يمكن أن يحصل عليها الجمهور هو حب الناس، أما التقديرات والجوائز فكم من نجوم عظام مثلها أفنوا حياتهم بالفن ولم يحصدوا تكريمات.