بعد ضجة كبيرة أثارها مقطع فيديو يجمع مطرب المهرجانات عمر كمال بالراقصة لورديانا، كإعلان لأغنية “أنت معلمة”، الذي يشترك فيه مع صديقه حمو بيكا، اعتذر عمر كمال عن ظهور “لورديانا”، استجابة لجمهوره، على حد قوله.
نشر مطرب المهرجانات صورة لبوستر الأغنية، عبر حسابه على “إنستجرام”، وكتب: “استجابة ليكم هنزل أغنية (( أنتى معلمة )) من غير الفنانة الاستعراضية لورديانا ومش هنصور الكليب فيه رقص أو أي حاجة تزعلكم تاني”.
الراقصة البرازيلية ظهرت من قبل وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، قبل ظهورها صحبة مطرب المهرجانات، في وصلة رقص على واحدة من الأغاني الشعبية بإحدى صالات التجميل.
تصدرت حينها محركات البحث، وبحث عنها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، لتعود في الظهور من جديد مع مطرب المهرجانات الذي أثار ضجة من قبل، بسبب أغنية “بنت الجيران”.
بعد إعلان مطرب المهرجانات إصدر الأغنية بدون ظهور الراقصة البرازيلية، علق العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، على الكليب الجديد، ومن بين التعليقات “يعني لما تشيلوا الرقاصة كده الأغنية بقت محترمة”، و”أنت بوظت الأغنية بحمو بيكا”.
إلا أنه بعد إصدر الأغنية، تخطت المشاهدات عدد مليون مشاهدة.
يأتي اعتذار عمر كمال، بعد أزمة كان بطلها هو وصديقه حسن شاكوش بسبب أغنية “بنت الجيران”، وعبارة “وأشرب خمور وحشيش”، والتي اعتبرها العديد من النقاد والفنانون غير ملائمة للتقاليد وغير لائقة.
وغنى الثنائي الأغنية نفس المقطع في ستاد القاهرة، ما أثار حفيظة الجمهور والنقاد أيضًا.
بعد اختياره لإحياء احتفالات أكتوبر.. هل انتصرت الدولة لـ”حمو بيكا” على هاني شاكر؟
بعد إعلان صدور أغنية عمر كمال وحمو بيكا بدون الراقصة البرازيلية، خرجت الأخيرة لتؤكد أنها علمت أنه تم الاستغناء عنها بعد تصوير الكليب الأولي للأغنية “البرومو”، والذي لاقى نجاحًا وانتشارًا كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبعد ذلك علمت أنه تم الاستغناء عنها بسبب عدم حصولها على تصريح، ووصفت الأمر بأنه “حجة”، للاستغناء عنها.
اعتذار وحذف
السطور التالية تشهدت وقائع مماثلة، ترتبط باعتذار عن الأعمال الفنية، أو حذف أجزاء منها، لإثارتها غضب قطاع من الجمهور، أو العاملين بالقطاع الفني.
وهو ما حدث مع المطرب مصطفى شوقي، الذي طرح كليب “ضارب عليوي”، مع الراقصة ليندا، التي شاركته في الحركات الاستعراضية بالأغنية.
وبعد نشر الأغنية، هاجمه عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، فأصدر الأغنية مجددًا بعد حذف مشاهد الراقصة.
وقالت مصادر حينها إن “شوقي” صور أغنية جديدة مع الراقصة كان في طريقه لإصدارها، ولكن بعد الأزمة التي حدثت عدل عن الأمر.
سيرة الأراجوز
وفي أزمة مماثلة مع فريق “عمدان النور الغنائي”، حملت أغنية “سيرة الأراجوز”، مقطع “كنت جايب دبلة وغويشة.. كنت شارب خمرة مغشوشة”، وبعد إبداء بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي والموسيقيين رفضهم المقطع، قرر الفريق استبداله بـ”كنت شارب حاجة مغشوشة”.
هذا الأمر يأخذنا لأزمات عدة مماثلة سواء لفرق غنائية أو مطربين، اصطدموا بما يعتبره البعض مخالفة لقواعد المجتمع أو القيم، وحتى التعاليم الدينية في بعض الأحيان.
بالصفحة الرسمية لصفحة عمر كمال، نجد الكثير من التعليقات تدور حول المحتوى الذي يقدمه على أنه يخالف الدين، وتعليقات أخرى بأنه يخالف التقاليد المجتمعية.
وهو نفس الأمر الذي حدث مع أغنية “بنت الجيران”، والتي وصفها نقيب الموسيقيين بأنها تخص “مستمعي الغريزة”، وتستخدم كلمات موحية لترسيخ عادات غير أخلاقية، مخالفة لقيم المجتمع، تسبب انحدار فني وأخلاقي، ووصفها أيضًا بـ”الإسفاف”.
أغاني المهرجنات والمجتمع المصري
الباحثة عصمت يوسف، أعدت دراسة حول أغاني المهرجانات، وظهورها بالمجتمع المصري، وقالت إن أغاني المهرجانات الشعبي هي أغانى تشبه أغاني الراب، لكنها استخدمت إيقاع المقسوم المصري.
كما أنها غير مكلفة من الناحية المادية على الإطلاق، فهى تحتاج لمجرد كلمات تشد المستمع فقط، وتكون معبرة أيضًا عن حال الشارع المصري، وتتحدث بصوته.
وهذه الأغانى تتم صناعتها من خلال جهاز الكمبيوتر، وإذاعتها عبر الإنترنت في البداية، وبالتالي جعلت أي شخص قادرًا على صناعة الأغاني، لأنها لا تدخل في دوائر الإنتاج المعروفة. وهنا لعب موقع “يوتيوب”، دورًا كبيرًا في انتشارها بين قطاعات كبيرة من المجتمع.
علاقة الفن بالجمهور والمجتمع تتداخل مع ما يطلق عليه القيم المجتمعية، وأيضًا الأحكام الدينية التي تلقى ترحيبًا من قطاع ليس بالقليل في المجتمع، ويمكن أن نطلق عليها الضوابط الأخلاقية للفن.
يبدو هذا جيدًا في الفترة التي ظهر فيها الشيخ محمد متولي الشعراوي، ووضع ضوابط لسماع الغناء والموسيقى، لتكون بعيدة عن الغرائز وإثارة مفاتن المرأة.
أغاني المهرجانات.. حقوق مكفولة ومحاكمات شعبية
الفن والجمهور
السطور السابقة ربما تحاول شرح علاقة الفنانين بالجمهور، وعلاقتة بالفن ذاته، وفي كتاب “سوسيولوجيا الفن: طرق للرؤية”، من تحرير ديفيد إنجيلز وجون هينجستون، وترجمة الدكتورة ليلي الموسوي، ذُكر أن الفن فعل اجتماعي ثقافي، مثله مثل غيره سواء في كونه يولد في رحم تاريخي وجغرافي محدد، أو سواء في كونه قابلاً لفك شفراته الفنية عبر التحليل الاجتماعي بإرجاع الدال إلى أصله الاجتماعي المشار إليه، سواء بشكل مقصود أو غير مقصود قبل المبدع.
الكاتب والناقد أيمن الجندي، يقول إن هناك علاقة بين الفن والمجتمع، لكنها لا يمكن أن تتحول لعلاقة وعظ، أو يتحول الفن لواعظ.
ومن الطبيعي أن يتقاطع الأدب والفن مع الجنس باعتباره نشاطًا إنسانيًا طبيعيًا، ولكن يمكن وصف العلاقات الجنسية مثلاً بشكل غير مثير، كما يتم مثلاً في روايات علاء الأسواني أو نجيب محفوظ وغيرها، وأن تكون نهاية العمل الفني أخلاقية، وعدم التشجيع على محاكاة الأخطاء، والفن أيضًا يمكن التلميح مثلاً للعلاقات الجنسية دون ألفاظ صريحة.
ويتفق الأديب أحمد الخميسي على أن الفن ينطوي على رسالة أخلاقية، ولكنه ليس أخلاقيًا بالمعنى المطروح فى زمن ما، أو فى مجتمع معين، لأن القيم الأخلاقية متغيرة ومتنوعة ومختلفة، وبعضها يندثر وبعضها يستمر.
ولهذا لا يجوز لنقابة مهنية أن تحاسب شخصًا بمنظور أخلاقي حتى لو كان مدعيًا، وذلك لأن القيم الأخلاقية متغيرة.
فمثلا في وقت ما كان تعليم الفتيات في مصر مرفوض، مع أنه أمر دعى إليه قاسم أمين، ومع زيادة ثقافة المجتمع سيطون لجمهوره الكثير من الوعي الذي يمكنه من تقييم الأعمال الفنية أو مناقشتها والحكم عليها بشكل أكبر، خاصةً وأنه لا يوجد تعريف يسع القيم الأخلاقية التي تعد مصطلحًا مطاطًا يختلف من فرد لآخر، وأيضًا من وقت للثاني، فالقيم الأخلاقية متغيرة ومتنوعة ولا يجوز ربط الفن بها.