بعد خمسة أشهر منعت فيها زيارات السجون بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، بات بإمكان آية علاء أخيرًا رؤية زوجها، مرة واحدة في الشهر، ولمدة 20 دقيقة فقط.
التعليمات الجديدة التي أصدرتها وزارة الداخلية على خلفية كورونا، جعلت نصيب السجين 20 دقيقة من رؤية الأهل الذي عادة ما يظلون في ساحة الانتظار لأكثر من أربع ساعات حتى يأتي الدور عليهم.
أربع ساعات من تكدس الأهالي في الخارج، ثم زيارة خاطفة من وراء القضبان، هكذا تروي آية علاء لـ”مصر 360″ تفاصيل زيارتها الأولى بعد خمسة أشهر، لزوجها الصحفي حسن القباني، نزيل سجن طرى تحقيق منذ عام وشهرين تقريبًا، تالية على سجن أول دام ثلاث سنوات، قبل أن يفرج عنه سنتين، ثم يعود للسجن مرة أخرى في نوفمبر 2019.
زيارات السجون.. 10 دقائق ثم 10 أخرى
عندما أعيدت الزيارات مرة أخرى بعد توقف خمسة أشهر، بدأت بعشر دقائق فقط. تقول آية علاء: “كنت أرى حسن لعشر دقائق فقط، في غرفة بها حوالي سبعة مساجين آخرين مع ذويهم”. بعد ذلك طالت المدة لتصل إلى 20 دقيقة.
لكن هذه الـ20 دقيقة غير كافية لمقابلة تحدث مرة واحدة في الشهر: “لا أستطيع التحدث إلا في أمور عامة وعلى عجالة”، تقول آية، مضيفة: “أضطر إلى رفع صوتي حتى يتمكن من سماعي”. لا مجال هنا لأي حديث عاطفي.
خلافات أسرية بسبب مرة في الشهر
لم تقتصر الإجراءات المستحدثة بسبب كورونا على تقليل مدة الزيارة وجعلها زيارة واحدة شهريًا، بل أيضًا امتدت لتشمل عدد الزائرين، بحيث لم يعد مسموحًا سوى بزيارة فرد واحد في كل مرة.
“يتسبب ذلك في مشاكل داخل الأسرة”، تقول الكاتبة إكرام يوسف والدة المحامي المسجون زياد العليمي. السبب في المشاكل هو الوقوف على من سيزور هذه المرة. تصف إكرام يوسف مشهدًا رأته في إحدى الزيارات: “تفاجأت بزوجة تصرخ لأن حماتها سبقتها ودخلت الزيارة”، هكذا لم يعد بإمكان الزوجة أن ترى زوجها إلا بعد شهر.
صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية؟
وفقًا للمادة 60 من اللائحة التنفيذية للقانون 396 لسنة 1956، والخاصة بتنظيم السجون، فيجوز منع الزيارات بصورة مطلقة أو مقيدة في أوقات معينة لأسباب صحية أو أمنية.
يرى المحامي ياسر سعد أن ما أسماه بـ”القصور التشريعي” سواء في قانون الإجراءات الجنائية أو لائحة السجون، يعطي صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية لتقييد حقوق السجناء “الأصيلة والمنصوص عليها في الدساتير والاتفاقيات الدولية”، على حد قوله.
وقال سعد لـ”مصر 360” إن منع السجين من الزيارة أو تقليل مدتها “هي انتهاك بغض النظر عن المبررات”، لافتًا إلى ضرورة بحث السلطات التنفيذية طرقًا بديلة لتحقيق التوازن بين الإجراءات المعنية بالتخفيف من أثر جائحة كورونا، وبين تنفيذ الالتزامات الدستورية والقانونية الخاصة بكفالة الحقوق الأصيلة للمساجين.
نظام الزيارات الآن، بعد الإجراءات المستحدثة، يجعلها تسير وفقًا لـ”الصدفة” بتعبير سعد، الذي أوضح أنه في السابق كان الموعد يحدد عن طريق الهاتف بعد أن خصصت وزارة الداخلية الرقم 118 للاستعلام عن موعد الزيارة.
لكن، وفقًا لسعد، لم يعمل نظام الهاتف سوى لشهرين على الأكثر، وأصبح على أهل السجين إجراء زيارتين للسجن، الأولى لحجر موعد الزيارة، والثانية للزيارة نفسها. يصبح الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأهالي الذي يضطرون للسفر من محافظة لأخرى.
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد المحبوسين احتياطيًا، لكن هناك تصريحات نسبت للبرلماني علاء عابد أنهم ما بين 25 ألف إلى 30 ألف.
وتنفي الحكومة وجود معتقلي رأي في السجون، وتؤكد التزامها بتطبيق القانون على جميع الأشخاص دون تمييز.
اقرأ أيضًا:
أطلقوا سراحهم قبل أن يحول كورونا سجونهم إلى مقبرة
وخلال عام 2017، أفاد المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهو مجلس شبه حكومي، أن معدل الإشغال بمراكز احتجاز الشرطة بلغ 150 في المائة من السعة القصوى، وبلغ في السجون 300 في المائة من السعة القصوى.
ودشنت منظمات حقوقية حملة للمطالبة بالإفراج عن المحتجزين تحت شعار “خرجوا سجناء حرية التعبير”، في ظل الانتشار الواسع لوباء كوفيد-19 في مصر، وتزايد أعداد المصابين والمتوفين نتيجة الإصابة بفيروس كورونا المستجد، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة.
وسبق وطالب عدد من الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني “المنظمات غير الحكومية”، بالإفراج عن المحبوسين احتياطيًا خوفًا من تفشي فيرس كورونا المستجد، بين المحبوسين وزيادة عدد الوفيات،
يرجع الحبس الاحتياطي، إلى المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية والتي أتاحت بعد التعديل الذي أجراه المستشار عدلي منصور، الرئيس المؤقت، في ذلك الحين، أن يتم حبس المتهم احتياطيا لمدة 45 يومًا قابلة للتجديد دون التقيد بمدد محددة.
وتعتمد معظم قرارات الحبس الاحتياطي على محاضر التحريات دون أى أدلة حقيقية.