أجبر تعلق الجماهير بلاعبي كرة القدم، لاسيما الموهوبين منهم، صناع السينما في دول كثيرة في العالم، على تحويل قصص أساطير اللعبة إلى أفلام سينمائية، تضمن شباك التذاكر، كما يروق للمنتجين في مصر تسميتها، استغلالا منهم لشعبية اللعبة، ودغدغة مشاعر بعض الشرائح بلافتات أو عبارات كروية تربطهم بالعمل الفني.
أنتجت السينما العالمية أفلاما تؤرخ للعديد من الأساطير الكروية الأشهر في العالم، والحديث بشكل عام عن الأحلام الكروية التي راودت الجميع، وقد حققت بعض هذه الأفلام النجاح الكبير وكانت لأخرى النصيب من الفشل وعدم تحقيق إيرادات.
زيزو
زين الدين زيدان، هو أهم لاعب كرة القدم في تاريخ كرة القدم الفرنسية، وهو الذي ساهم بالكثير من النجاح الكروي لهذه الدولة، ولكن كان هناك بعد درامي للمباراة النهائية التي لعبها”زيزو”، كما كان يُطلق عليه، ضد منتخب إيطاليا في نهائي كأس العالم. بعد طرده إثر مشاجرة بينه وبين اللاعب ماركو ماتيرازي.
في عام 2006، إنتاج فيلم وثائقي يدور حول زين الدين زيدان، ولكنه يتمحور بشكل أكبر حول هذه المباراة التي التي انتهى بها مشواره الكروي وكان العمل تحت اسم ” Zidane: A 21st Century Portrait”.
وكان الأسطورة الأرجنتينة دييجو مارادونا، الذي رحل قبل ساعات قليلة، هو من أهم الشخصيات الكروية التي يمكن أن تؤرخ حياتها فنيًا لأجل محبيه في جميع دول العالم، وأيضَا لمواقفه المختلفة من الحياة العامة، ليتم إنتاج فيلم ” Maradona”، عام 2008.
وكان هذا العمل بين حافتي التأييد والانتقاد، وذلك بعد أن قام بتلميع بعض التفاصيل التي اعتبرها البعض غير هامة في حياة الساحر الأرجنتني والتي كان يمكن التغافل عنها.
وعلى اتجاه المقابل، يرى بعض النقاد أن العمل لم يتستر على أعمال مارادونا التي اعتبرها البعض جامحة ليكن من ضمن مشاهد العمل، تواجده في أحد الحانات ويلتف حوله عدد من الراقصات العاريات، وأنه كان يقوم بتناول الخمور وغيرها من الأشياء، ولكنه في النهاية تم عرض هذا العمل في حياة بطله الذي لم يعترض أو يكذًب أي من أحداثه.
وداعا دييجو | الصعود الأخير لمارادونا
Escape To Victory
ومن الأفلام الأمريكية أيضًا التي وضعت عالم كرة القدم بين ضفتي الدراما وعالم الساحرة المستديرة هو ” Escape To Victory”، والذي لم يناقش حياة أحد مشاهير كرة القدم ولكنه قدم عمل درامي متميز عن مخيم نازي لأسرى الحرب، من بطولة سلفستير استالون.
سلفستير يجسد شخصية لاعب كرة قدم محترف تعرض للأسر في الحرب ويتم دفعه لتنظيم مباراة استعراضية يقومون فيها بمواجهة الحراس، وسرعان ما تصبح هذه المباراة ذائعة الصيت في الأوساط الألمانية، ليشاركه فيما بعد كل من بيليه اللاعب البرازيلي الشهير، ومايكل كاين، وتم إنتاج هذا العمل عام 1981.
حياة المدربين
“The Damned United”، لم يتوقف الأمر في السينما العالمية على تأريخ حياة لاعبي الكرة فقط، بل أيضًا تم التطرق إلى حياة المدربين الكرويين الذين كانوا من أصحاب التجارب المميزة، وقد كان منهم المدرب الإنجليزي المتميز Brian Clough، صاحب التاريخ التدريبي لنادي The Leeds United، في عام 1974، وفي ذات الوقت ذات السمعة السيئة أخلاقيًا، ليتم مناقشة مهاراته الكبيرة في تدريب الفريق بالإضافة إلى فترات حياته المتهورة التي أدت إلى تأزم الوضع بين اللاعبين في بعض الأحيان، وتم عرض الفيلم بالسينمات عام 2009.
كرة القدم بين الملعب والمدرجات
لم يكن اهتمام صناع السينما منصب بشكل جزئي على المربع الأخضر فحسب، بل ذهب أيضًا إلى القائمين على أحياء هذه اللعبة وكانت من الأعمال التي تحدثت عن التعصب الكروي فيلم ” Looking for Eric”، الذي تم إنتاجه عام 2009، وأيضًا فيلم ” Fever Pitch “.
وهناك أعمال تناولت الأمر بشكل خيالي دون اعتماد قصة حياة مدرب أو لاعب معين، ولكن تم تناول الأمر على أنه حلم للكثيرين من المواطنين وخاصة الفقراء منهم الذين يسعون للشهرة وإظهار موهبتهم وجني المال.
إهانة الساحرة المستديرة في مصر
وفي اتجاه آخر إذا نظرنا إلى مصر والتي تعد الرياضة الأولى بها هي كرة القدم، نجد أنه تم تداولها في السينما بشكل ساخر، ولم يقدم لها جديدا، بل أنه على العكس تمامًا حطت من قدرها في أعين معجبيها.
وأظهرت السينما المصرية لاعبي الكرة أما على أنهم مسار للكوميديا والسخرية أو أنهم أصحاب علاقات نسائية متعددة نتيجة شهرتهم.
فظهر لدينا حارس مرى النادي الأهلي في فيلم “إشاعة حب”، عادل هيكل على أنه الشخص الذي يثور غضبًا من أجل حبيبته بسبب الغيرة، في إطار كوميدي للغاية.
شحاتة أبو كف
ثم يظهر لدينا الشخصية الكروية الأشهر في السينما “شحاته أبو كف”، بفيلم “غريب في بيتي”، والذي ناقش حياة الكثير من اللاعبين الحقيقية، ذلك القروي القادم إلى القاهرة للبحث عن فرصة، ولكن مع توغله في حياة المدينة ساءت حالته الفنية وتحول إلى شخص آخر يحاول الحفاظ على آخر خطواته لينتهي مشوار الكروي سريعًا.
كما نرصد تجارب أخرى كوميدية لا تتطرق إلى أهمية الرياضة أو تفاصيلها أو حتى بعض شخصياتها الأشهر والأهم في مصر، ليشارك حارس مرمى النادي الأهلي إكرامي، بدوره في عدة أفلام منها “يارب ولد” و”الرجل الذي فقد عقله” ولكنه يؤدي دوره في إطار درامي كوميدي.
الزمهلاوية
ومن الأعمال التي حاولت النزول إلى أرض الملعب حقًا هو “424” و “الزمهلاوية”، وهي التي لا تخرج أيضًا من الإطار الكوميدي، وكأن حياة أصحاب الساحرة المستديرة لا يمكن سردها إلا بهذا الإطار، باستثناء عملين فقط تحدثا عن حياة لاعبي الكرة بشكل حقيقي وواقعي وهما “الحريف” للزعيم عادل إمام، الشاب الذي طمح إلى أن يصل إلى الملاعب حقًا ولكنه فشل في ذلك، و”العالمي” ليوسف الشريف الذي ناقش حكايات مجمعة للاعبين مصريين احترفوا خارج البلاد.
بين تأليه الرياضيين والإهمال المعرفي
وعن سوء تداول الأفلام المتعلقة بلاعبي كرة القدم في مواجهة الأعمال العالمية، قال الناقد الفني رامي المتولي، إن لدينا في مصر مشكلتين، أولهما أن نقوم بإنتاج أعمال سير ذاتية، فنحن نميل إلى تأليه الشخصيات العامة التي نحبها، وعرضها بشكل أحادي، دون حدوث توازن بين إيجابيات وسلبيات الشخصية المقدمة، وبالتالي فهي تفقد البعد الدرامي الخاص بها، ويؤدي إلى وجود إقبال جماهيري عليه وهذا على عكس تمامًا ما يحدث في الأعمال الأجنبية.
وأضاف المتولي أن السبب الآخر حول عمل أعمال فنية لها علاقة بعالم الساحرة المستديرة هو عدم الاهتمام من الأساس بتقديم أعمال عن لاعبي كرة القدم أو الرياضة ذاتها من الأساس، وحين يتكون هناك محاولات لذلك لا يتم الأخذ برأي محترفي الرياضة أنفسهم ومشاركتهم في السيناريو والتفاصيل التي تخصهم ومن المفترض أن يتم إظهارها على الشاشة وبالتالي يظهر العمل أمام الجمهور بشكل ساذج جدًا لا يحظي بقبول الجمهور.