انتقادات كثيرة طالت انتخابات مجلس النواب 2020، ما بين استياء بسبب تقسيم الدوائر الذي كان أكبر من قدرة بعض المرشحين وأعاق وصولهم إلى الناخبين، وصولًا إلى سيطرة أصحاب السلطة المالية على العملية الانتخابية، كما شكك بعض المرشحين في النتائج النهائية لبعض الدوائر سواء المستقلين أو المعارضين أو الموالين للقيادة السياسية في مصر.
تقسيم الدوائر يصعب الوصول للناخبين
الأزمة الأولى في انتخابات مجلس النواب، بالنسبة للنظام الفردي، تمثلت في التغييرات التي أقرها قانون تقسيم الدوائر، وتسببت في اتساع الدوائر لتشمل إلى جانبها أكثر من مركز أو مدينة على غير المعتاد، وهو ما أثار الشكوك وقتها في نفوس العديد من المرشحين بأن القانون يخدم أطراف بعينها.
كما حذر عدد من المرشحين بأن التوزيع الجديد يخدم أصحاب القدرات المالية ومن لديه القدرة على الوصول إلى أكبر قدر من الناخبين.
صفوت عمران، عضو الهيئة العليا لحزب حماة وطن، الذي خاض الانتخابات عن دائرة “جهينة، وطهطا، وطما” في محافظة سوهاج، قال إن دائرته اتسعت بشكل كبير عن الماضي فـ”جهينة” وحدها كبيرة وتستحق مقعدين في الفردي والقائمة.
وأضاف عمران، أن جهينة كانت قبل 2010 تحصل على مقعدين في مجلس الشعب ومقعد في مجلس الشورى، والآن تتبع مركز آخر وبسبب التقسيم الجديد لم يترشح أحد من أبناء جهينة في مجلس النواب.
حديث صفوت عمران، القيادي بحزب حماة الوطن، يتفق مع ما أكده هيثم الحريري النائب السابق بمجلس النواب الذي خاص الانتخابات ووصل إلى الإعادة عند دائرة “محرم بك وكرموز ومينا البصل”.
وقال الحريري في تصريحات لـ “مصر 360” إن التقسيم الجديد أضاف مركزين إلى الدائرة عن الانتخابات الأخيرة في 2015، ما صعب الأمور ومنح أصحاب المال السياسي اليد العلي في الانتخابات، فضلا عن ضيق الوقت.
من جانبه، أوضح رئيس حزب التحالف الشعبي مدحت الزاهد، أن التقسيم الجديد بالقانون سواء على مستوى الفردي أو القائمة صعب الأمور بالنسبة للمرشحين والأحزاب بصورة كبيرة، وجعلها تميل ناحية أصحاب السطوة المادية.
وأضاف الزاهد أن القائمة المغلقة جعلت الأمور أشبه بالتعيين كما حدث في انتخابات مجلس الشيوخ.
انتخابات البرلمان.. المال السياسي يحسم مقاعد برلمانية
شهدت الانتخابات هجوما من قبل بعض المرشحين على بعضهم، وتعمد تمزيق اللافتات الانتخابية. كما قدم عدد من المرشحين شكاوى إلى اللجنة العليا للانتخابات بسبب بعض الممارسات الانتخابية “السيئة”.
سمر فرج فودة مرشحة لانتخابات مجلس النواب عن دائرة مدينة نصر، أكدت أن العديد من المرشحين لم يلتزموا بالقوانين المقررة في العملية الانتخابية، فيما يخص استخدام “المال السياسي” للتأثير على إرادة الشعب، بما يخالف القانون، والإساءة للمنافسين.
وأشارت سمر فرج فوده إلى أن بعض المسؤولين في الدولة دعموا عددًا من المنافسين على حساب آخرين برغم التشديد على ضرورة الالتزام بالحياد.
وذكرت في حديثها مع “مصر 360″، أن العملية الانتخابية في المجمل كان بها العديد من الإيجابيات، بخلاف السلبيات تمثل في التواصل مع المواطنين، بالرغم من عدم وجود دعم مالي أو حزبي، ما مكنها من الوصول إلى العملية الانتخابية، مبينة أن استغلال “حاجة المواطنين” كان أمرًا كارثيا بالنسبة لها خلال العملية الانتخابية.
وتابعت سمر فرج فودة أن حزب مستقبل وطن كان أكثر المستخدمين للمال السياسي وهذا نذير شؤم على البلد، مشيرة إلى أن الممارسات المخالفة للقانون التي قام بها مستقبل وطن “موثقة” بالصوت والصورة ومثبته بالمحاضر.
واختتمت فودة تصريحاتها قائلة: “من لا يتعلم من التاريخ (غير واعي سياسيا) بوضع مصر طوال عمرها ويستهين بالحالة السياسية في مصر”.
من جانبها، قالت النائبة دينا عبد العزيز، مرشحة ونائبة سابقة عن دائرة حلوان، إنها تقدمت بطلب إحاطة في مجلس النواب بسبب ما شهدته العملية الانتخابية من مظاهر سلبية، مكنت “البلطجية وغاسلي الأموال وناهبي ثروات مصر والمعتدين على حرمة الوطن” من خوض الانتخابات، على حد وصفها.
ولفتت النائبة إلى انتشار العديد من الفيديوهات التي تبين مدى استغلال احتياج المواطنين وشراء أصواتهم، فضلا عن الرشاوى الانتخابية وتزوير إرادة الناخبين، مؤكدة أن الممارسات السابقة تسببت في وجود تجاوزات وتلاعب في صناديق الاقتراع، وخروج النتائج بعيدة عن المنطق.
اقرأ أيضًا
البرلمان في 5 سنوات.. غابت الرقابة وانتصر التشريع
انتخابات 2020.. لغز تضارب أعداد الناخبين
ومع الوصول إلى لحظة الحسم بفرز صناديق الاقتراع، شكك العديد من المرشحين في النتيجة النهائية والتي تم إعلانها من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات، فالحزب المصري الديمقراطي المنضم إلى “القائمة الوطنية من أجل مصر”، والتي يتزعمها حزب مستقبل وطن، قدم طعنًا على نتيجة انتخابات مرشحه بدائرة العمرانية النائب محمد فؤاد.
وذكر الحزب في بيان أن الطعن المقدم نيابة عن النائب محمد فؤاد والمقيد برقم 6 لسنة 90 قضائية طعون مجلس النواب في صحة عضوية نواب العمرانية لدورة 2020، ارتكز في مضمونه الأساسي على مغايرة النتيجة المعلنة من قبل اللجنة العامة لما استقرت عليه كشوف الفرز المُسلمة من اللجان الفرعية، مطالبا بإعادة احتساب الأصوات الواردة من اللجان الفرعية لبيان صحة النتيجة المعلنة.
المشكلة ذاتها، أكدها عضو مجلس النواب تامر الشهاوي، والمرشح بالدائرة السادسة بمدينة نصر ومصر الجديدة، مبينا في طعن قدمه إلى مجلس الدولة إلى أن عدد المشاركين في عملية التصويت في دائرته لا يتعدى 60 ألف ناخب، بعكس ما أعلنته اللجنة العامة للانتخابات بأن المشاركين في الانتخابات وصلوا إلى 155 ألف ناخب بأكثر من 150% عن الرقم الحقيقي، بحسب قوله.
وقال الشهاوي لـ”مصر 360” أن الطعن المقدم منه شمل كل المخالفات التي شهدتها العملية الانتخابية، وكان مدعوما بـ48 مقطع فيديو رصدها سواء من تقديم الرشاوي ووجود حالات منع للناخبين، وغيرها، لافتا إلى أنه الإدارية العليا حكمت بقبول الطعن المقدم في نتيجة الانتخابات وأحالته إلى محكمه النقض.
مستقبل وطن.. نصف مقاعد البرلمان؟
المشهد الأبرز في العملية الانتخابية، كان لحزب مستقبل وطن، والذى حصل على ما يقرب من نصف مقاعد البرلمان بمفرده، متخطيا أقرب منافسيه بفارق شاسع، واشتكى عدد كبير من طريقة إدارته للعملية الانتخابية بما في ذلك بعض أعضائه؟
ياسر عمر أمين الحزب في أسيوط، قال في مقطع فيديو خلال مؤتمر انتخابي عقد بقرية بني محمد بمركز أبنوب، ضمن الدائرة الثانية بأسيوط، والتي ترشح فيها 3 نواب: “إحنا دولة مش حزب.. هو ده مستقبل وطن علشان تبقوا عارفين، والتنظيم بتاعنا مسيطر على المحافظة بالكامل”، متابعا: “البلد اللي هتصوت للحزب بالكامل هتاخد حقها بالكامل، والبلد اللي مش هتصوت للحزب حقها هديه للبلد اللي جنبها”.
تصريحات ياسر عمر مرشح القائمة الوطنية بقطاع الجيزة والصعيد، ووكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب لم تتوقف عند هذا بل امتدت إلى انتخابات المحليات المنتظر إجراؤها عقب إقرار قانون الإدارة المحلية المتعطل في مجلس النواب على مدار أدوار انعقاده الست، قائلا: “ده هيحصل في البرلمان وكمان في انتخابات المحليات الجاية”.