“الفساد فعل إجرامي لا أخلاقي وخيانة للأمانة المستودعة من الشعب، وضرره أشد جسامة في أوقات الأزمات. كما في الوقت الحالي الذي نكابد فيه جائحة كوفيد-19”. جانب من كلمة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في ذكرى اليوم العالمي لمكافحة الفساد:
تحل اليوم ذكرى اليوم العالمي لمكافحة الفساد، والتي بدأ إحياؤها قبل 17 عامًا، بعد أن اعتمدت الجمعية العامة في 31 أكتوبر 2003 اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وطلبت من الأمين العام أن يكلف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتولي مهام أمانة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية، التي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 2005.
اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة 9 ديسمبر يومًا سنويًا دوليًا لمكافحة الفساد، والتوعية بأزمته ودور الاتفاقية في منعه.
التعافي تحت راية النزاهة
في سياق جائحة كوفيد-19، نشرت منظمة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بيانًا للأمين العام حول الاحتفال بهذا اليوم. حمل عنوان “التعافي تحت راية النزاهة“، وأشار فيه إلى انتشار الفساد في أوقات الأزمات، ومنها أزمة الوباء العالمي المتواصل لفيروس كورونا.
وعلى سبيل المثال، فإن الدول المختلفة حشدت على عجل أموالاً بالمليارات لشراء المعدات الطبية وبناء شبكة أمان اقتصادية للمواطنين والشركات المنكوبة. غير أن الاستجابات العاجلة المطلوبة دفعت بعض هذه الدول إلى التساهل في الشق التجاري والرقابة والمساءلة لتحقيق تأثير سريع. وهو ما أدى بالتالي إلى وجود فرص كبيرة للفساد، كما أوضح بيان جوتيريش.
وشدد الأمين العام على أن التعافي الشامل من فيروس كورونا (كوفيد-19) لا يمكن تحقيقه إلا من خلال اعتماد مبادئ النزاهة. وكذلك ضمان دعم وحماية المبلغين عن الفساد والصحفيين الذين يكشفونه أثناء الجائحة. وجعل أطر مكافحة الفساد الوطنية متماشية مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
من جانبها، قالت الدكتورة غادة والي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة المدير التنفيذى لمكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة، إن اليوم الدولى لمكافحة الفساد لعام 2020 يأتي فى ظل أزمة تهدد بدفع أكثر من 100 مليون شخص إلى هوة الفقر المدقع خلال هذا العام وحده.
وأضافت خلال كلمة لها نشرتها هيئة الرقابة الإدارية، اليوم الأربعاء، إنه في مثل هذه الأوقات يؤجج الفساد المزيد من عدم الاستقرار. ولذلك، تحتاج الحكومات إلى استخدام الأدوات التي توفرها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وأشارت والي أيضًا إلى دعم مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة – بصفته قائمًا على الاتفاقيه – 179 دولة حتى الآن لتنفيذ هذا الإطار العالمي. وأكدت: “نعمل مع الحكومات لتكثيف إجراءات مكافحه الفساد خلال مرحله التعافي من كوفيد 19”.
اقرأ أيضًا: “المحليات ” .. تركة الفساد واغتيال الحقوق..70 جلسة لاتكفي”القانون”
الأداء المحلي
في 2014، تبنت مصر “الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد”، التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتضمن ذلك الدستور المعدل في 2014، الذي شمل فصلاً كاملاً حول الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، بمواد تبدأ من المادة 215 حتى 221. بينما ألزمت المادة 218 الدولة بمكافحة الفساد من خلال أجهزتها الرقابية المختصة.
وفي 2018، أطلق الرئيس خلال منتدى أفريقيا، وبالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد، المرحلة الثانية من الاستراتيجية الوطنية. وقد تضمنت أربع سنوات أخرى.
وبناءً على ذلك، قفزت مصر 12 مركزًا في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، لتحتل المرتبة الـ 105 من أصل 180 دولة بعدما كانت تحتل المرتبة الـ 117 في مؤشر العام الماضي 2019، بحسب منظمة الشفافية الدولية.
منظمة الشفافية الدولية هي مجموعة من 100 فرع محلي، مع سكرتارية دولية في برلين. تأسست في عام 1993 بألمانيا كمؤسسة غير ربحية، ترفض فكرة تفوق الشمال فيما يتعلق بالفساد، وتلتزم بكشف الفساد حول العالم.
وبالأمس، دشنت الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد التابعة لهيئة الرقابة الإدارية موقعها الإلكتروني الجديد على شبكة الانترنت، وذلك في إطار الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد. الذي أشارت إليه باعتباره إضافة تُثرى العملية التدريبية للدارسين.
جريمة الفساد
وفي بيان للخارجية اليوم، جددت مصر تأكيد التزامها بمكافحة جريمة الفساد اتساقًا مع قوانينها واستراتيجيتها الوطنية في هذا الشأن. وكذلك اتساقًا مع تعهداتها الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة.
ووفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، تبلغ تكلفة الفساد ما لا يقل عن 2.6 تريليون دولار أو 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ووفقًا للبنك الدولي، تدفع الشركات والأفراد رشاوى تزيد قيمتها على تريليون دولار كل عام.
وأشارت الخارجية المصرية، في بيانها اليوم، إلى أنه انطلاقًا من اهتمام مصر الراسخ بأهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، تتولى حاليًا رئاسة المؤتمر العاشر للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وذلك منذ أكتوبر 2020، والتي تستمر لمدة عامين.
كما ستتولى مصر رئاسة المؤتمر التاسع للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وهو المزمع استضافته في مصر خلال الفترة من 13 إلى 17 ديسمبر 2021.
اقرأ أيضًا: محمد بن سلمان عرّاب مكافحة الفساد في السعودية.. خارج حسابات الشفافية
أداء الدول العربية
حلت أربع دول عربية ضمن قائمة أشد عشر دول فسادًا في العالم، وفق التقرير السنوي لمؤشرات مدركات الفساد للعام 2019، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية. وهي السودان وليبيا واليمن وسوريا.
ورصد التقرير الصادر في يناير 2020، تراجع سوريا بـ 13 نقطة مقارنة بعام 2012. كما تراجع اليمن 8 نقاط خلال الفترة ذاتها. وفي المقابل، كانت الإمارات العربية المتحدة هي الأقل فسادًا بين الدول العربية، تليها قطر بفارق 9 نقاط. بينما حققت المملكة العربية السعودية تقدمًا في مكافحة الفساد، وتقدمت في درجات المؤشر بـ4 نقاط مقارنة بالعام الماضي.
في 2017، دشن ولي العهد، محمد بن سلمان، حملة ضد الفساد، كجزء من خطته الإصلاحية في البلاد. وأعلنت المملكة أن هذه الحملة نجحت في استعادة حوالي 106 مليارات دولار أمريكي من الأصول والثروات “المنهوبة”. لكن العملية تمت في غياب كل أنواع الشفافية. ولم يُعلن عن أي تحقيقات أو محاكمات عادلة للمشتبه بهم.
وقالت الهيئة العامة لمكافحة الفساد الكويتية (نزاهة)، إن تراجع درجة الكويت في مؤشر منظمة الشفافية الدولية، يعود إلى عدة أسباب. أبرزت منها تأخر صدور جملة من التشريعات القانونية.
وإجمالاً، كشف التقرير تقدم 22 دولة في محاربة الفساد، على رأسها اليونان وغوايانا وإستونيا. في حين تراجعت 21 دولة بينها كندا ونيكاراغوا وأستراليا.