لليوم الـ16 على التوالي، واصل عمال شركة الدلتا للأسمدة والصناعات الكيماوية بطلخا، محافظة الدقهلية، اعتصامهم بمقر الشركة، رفضًا لما وصفوها بمحاولات تصفية الشركة و”تشريد” 2500 عامل، فضلًا عن طرد مئات الأسر من عمال المعاش، الساكنين بالمدينة السكنية التابعة للشركة منذ سنوات طويلة.
المعتصمون والذين اصطحبوا أسرهم خلال الاعتصام على مدار الأسبوعين، نصبوا عدد من الخيام للمبيت في مقر الشركة، ونظموا خلال أيام الاعتصام وقفات ضمت آلاف من العمال وأسرهم، رددوا خلالها هتافات رافضة لـ”تصفية الشركة”، مؤكدة على استمرار الاعتصام حتى تحقيق مطلبهم بتطوير الشركة.
ومن أبريل الماضي، توقفت شركة الدلت عن الإنتاج، بعد احتراق وتلف الفرن الرئيسي، نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي. ولا تزال النيابة العامة تباشر التحقيق في هذه القضية للتوصل إلى المسؤول عن عدم اتخاذ إجراءات الأمان اللازمة.
شبح تصفية الدلتا للأسمدة
بعد حادث احتراق الفرن وتوقف الشركة عن الإنتاج، بدأ الحديث عن عمليات تحديث للشركة. وبحسب أحمد عمارة، أحد عمال الشركة، ومن بين المعتصمين، طُرحت بالفعل كراسة شروط من قبل الشركة القابضة، واطلعت عليها بعض الشركات، من بينها شركة ألمانية. وهو ما أكده عبدالواحد الدسوقي، رئيس مجلس إدارة الشركة، في تصريحات صحفية نهاية شهر أغسطس.
تأخر إحلال وتجديد الشركة، رافقته أنباء عن نية تصفيتها وبيع أراضيها. فقبل نحو أسبوعين، طالب عماد حمدي، رئيس النقابة العامة للعاملين بالكيماويات، وعضو مجلس إدارة الشركة، رئيس الوزراء بـ”وقف محاولات تصفية أو نقل الشركة”. وأشار حمدي إلى أن التصفية قد تهدد مصير العمال البالغ عددهم 2500، إضافة إلى ضعف العدد من العمالة غير المباشرة، وقاطني المدينة السكنية التابعة للشركة. هذا ولم يتأكد رسميًا تصفية الشركة أو نقلها.
وقال محمد موافي، أحد العمال المعتصمين بالشركة، إن “المؤشرات منذ توقف الشركة، كانت ترجح أن هناك نية لتصفيتها”. وفي نوفمبر الماضي، قال عماد حمدي، إن محافظ الدقهلية، أيمن مختار، أصدر توجيهات بنقل الشركة إلى محافظة أخرى، وأنه تواصل مع وزراء قطاع الأعمال العامة والبيئة والإسكان بخصوص هذا الشأن. جاء ذلك بعد خطاب توجهت به نقابة العاملين بالكيماويات، لرئيس الوزراء.
ويشير موافي إلى أن قرار تصفية الشركة أو تطويرها، يعود إلى الجمعية العمومية، صاحبة الحق في تحديد مصير الشركة، لافتًا إلى أنه منذ بدء الاعتصام الذي تلا زيارة ضابط القوات المسلحة الذي قال لهم إنه تابع للهيئة الهندسية؛ لم يرَ العمال رئيس مجلس إدارة الشركة، عبدالواحد الدسوقي، ولا أحدًا من أعضاء مجلس الإدارة.
خسائر الشركة
رغم أن صناعة الأسمدة من بين أكثر الصناعات تحقيقًا للربح، إلا أن شركة الدلتا للأسمدة واجهت خسائر خلال الفترة الماضية، ذلك أن اعتمادها الرئيسي على الغاز الطبيعي كمادة خام لإنتاج الأمونيا. ووفقًا لخالد صالح، أخصائي الإنتاج بالشركة، فإن كل طن أمونيا ينتج من الشركة يستهلك 48 مليون وحدة حرارية، في حين يستهلك في المصانع التي تعتمد على أجهزة وآلات حديثة، ما بين 25 مليون إلى 28 مليون وحدة حرارية. بذلك تتفاقم خسائر الشركة، خاصة وأنها تورد الأسمدة بسعر مدعم لوزارة الزراعة، مقابل غاز طبيعي بسعر غير مدعم.
تحتاج الشركة، وفقًا لصالح، إلى فرن بتقنيات حديثة. سيخفض ذلك استهلاك الغاز الطبيعي من 20 ألف متر مكعب يوميًا غلى ثمانية آلاف متر فقط، وفقًا للدراسات الأولية التي أجرتها شركة ألمانية بعد الاطلاع على كراسة الشروط الخاصة بمناقصة الإحلال والتجديد. بمد الخط على استقامته، تركيب فرن حديث سيوفر للشركة 360 مليون جنيه سنويًا، لأنه سيوفر 1250 جنيه من سعر التكلفة لكل طن أمونيا، فضلًا عن أن إعادة تشغيل وحدة توليد الكهرباء المتوقفة، سيوفر 120 مليون جنيه سنويًا تدفع كفاتورة استهلاك كهرباء.
تأهيل متوقف
وفي أكتوبر الماضي، أرسلت وزارة البيئة خطابًا إلى وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، حصلت “مصر 360” على نسخة منه، ردًا على طلب إفادة أرسله الوزير هشام توفيق، إلى وزارة البيئة، لمعرفة رأيها بخصوص إعادة تأهيل شركة الدلتا للأسمدة والصناعات الكيماوية.
وجاء في رد وزارة البيئة، أن جهاز شؤون البيئة وافق العام الماضي، على خطة الإصحاح البيئي المقدمة من الشركة، والتي بدأت في ديسمبر 2019، وتنتهي في نوفمبر 2022.
وأكد رد البيئة على أن هناك إمكانية لإدراج الشركة ضمن الأنشطة التي يقوم بها مشروع التحكم في التلوث الصناعي، إذا ما احتاجت إلى ذلك، وأن الوزارة يسعدها تقديم كافة الدعم للشركة في هذا الشأن.
يتساءل خالد صالح، الأخصائي الفني بالشركة: إذا كانت الدلتا للأسمدة بطلخا ستتوافق بيئيًا بعد تطويرها، وستدر أرباحًا تقدر بالملايين وستخدم مناطق الدلتا كاملة، سواء بتوزيع الأسمدة المدعمة أو تغذية السوق المحلي القريب، علاوة على توظيف الآلاف من العمالة وفتح مجالات لصناعات تقوم على شركة الدلتا بطلخا وتوفير فرص عمل غير مباشرة؛ “فلماذا يتم الحديث عن تصفيتها؟”.
يُذكر أن القانون 203 ينص على منح الشركات الخاسرة أو المتعثرة، فرصة لثلاث سنوات من أجل توفيق أوضاعها. “نحن متمسكون بالفرصة التي منحها لنا القانون”، يقول صالح.
من جانبه، قال الناشط العمالي جمال عثمان (زار اعتصام العمال لدعمهم)، إن “الوضع بلا ملامح واضحة”، موضحًا لـ”مصر360”: “ما يحدث في مثل هذه الأمور، وفقًا للقانون، هو اجتماع الجمعية العمومية وصدور قرار منها بالتصفية مع تقديم بيان تمهيدي يذكر فيها أسباب التصفية، ويتم عرض التقارير الفنية التي تقول باستحالة إصلاح أوضاع الشركة، مع ضمان حقوق العمال في حال التصفية”.
وأضاف عثمان: “لكن أن يصدر قرارًا لا أحد يعرف مصدره، وأن يتحدى المحافظ العمال، ويؤكد في كل مناسبة على نقل الشركة للسويس، فهذا وضع غريب، لأنه ليس ذات صفة لاتخاذ مثل هذه القرارات ولا الحديث فيها”.
هذا وحاول “مصر360” التواصل تلفونيًا مع أشرف الطحان، رئيس قطاع المصانع وعضو مجلس إدارة شركة الدلتا للأسمدة، للتعليق على أنباء مساعي تصفية الشركة أو نقلها، وتوضيح وضعها الحالي، غير أنه رفض التعليق، كما رفض التعليق على إضراب العمال، والرد على مخاوفهم الخاصة بمستقبل الشركة وإهدار حقوقهم، قائلًا: “لا أستطيع الحديث في هذا الموضوع”.
كما حاول “مصر360” التواصل هاتفيًا وعبر واتساب مع عبدالواحد الدسوقي، رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للأسمدة لكنه لم يرد حتى لحظة نشر التقرير.