قال رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، إن إسقاط عضويته البرلمانية قبل ثلاث سنوات كان تصفية لحسابات سياسية، ومؤشرًا على استحالة العمل البرلماني في ظل أوضاع، أكد أنها تحسنت كثيرًا في الفترة الأخيرة، ما دفع حزبه -المصنف ضمن المعارضة- إلى التحالف مع القائمة الوطنية من أجل مصر، في الاستحقاق البرلماني الأخير، أملاً في الحفاظ على “معارضة عاقلة” داخل البرلمان الجديد.
وفي حواره مع “مصر 360″، وصف السادات حزب “مستقبل وطن” بـ “مارد” من الصعب تمكن أي تحالف انتخابي من منافسته، مضيفًا أن انضمام حزبه لهذا التحالف كان مشروطًا بعدم تغيير المبادئ التي تأسس عليها الحزب.
-بعد 3 سنوات من إسقاط عضويتك في البرلمان.. كيف تقيم الأزمة الآن؟
الأيام أثبتت أنني كنت على حق. خلافي مع رئيس مجلس النواب علي عبد العال، وما حدث من توابع بـإسقاط العضوية، لم يكن لمجرد اعتراض على قانون الجمعيات الأهلية. فقد تأكدت صحة موقفي برفض الرئيس لمقترح القانون، ومطالبته بإعداد قانون جديد.
خلال وجودي في مجلس النواب مررت بفترات صعبة، ولم أشعر أنني أؤدي دوري التشريعي والرقابي بالشكل المطلوب. كان استمراري في المجلس مستحيلاً، وما حدث كان “تلكيكة” لإخراجي.
-وما الذي تغير في المشهد الحالي ودفعكم للعودة إلى البرلمان ضمن “القائمة الوطنية”؟
الجميع توقع بعد إسقاط عضويتي أنني قد أسافر أو استقوى بالخارج، وهو ما لم يحدث. أظهرت استعدادي لأي مساءلة ومارست دوري الطبيعي في الحياة السياسية والعمل الأهلي. وبعد التأكد من صحة موقفي، تلقيت اعتذارات من عدد كبير من النواب المنتمين إلى أحزاب الأغلبية عما بدر في حقي. وأخبروني أنهم اضطروا إلى التصويت على إسقاط العضوية.
الدولة مؤخرًا اتخذت قرارًا بدعوتي إلى التحالفات التي تمت في انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب. حزب مستقبل وطن لن يقدم على خطوة ما لم تكن هناك “مباركة” من الدولة. وقد تمت الاستجابة إلى بعض الحلول والمبادرات التي أطلقتها مؤخرًا. وهذا كله يؤكد أن أرائي حاليًا محل تقدير من الدولة وأجهزتها، وأن الوضع تغير عن السابق.
اقرأ أيضًا: انهيار تكتل 25-30 | صدمة أنصار الطنطاوي.. وداوود والشرقاوي يمثلان الائتلاف
بالتأكيد.. إسقاط عضويتي كان يحمل العديد من الرسائل. وكانت في مقدمة هذه الرسائل أنه على قوى المعارضة الموجودة في البرلمان الالتزام بالجانب الأيمن. وأنه ممنوع الخروج عن المشهد المطلوب.
-قبل دعوتك لتحالفات الانتخابات.. هل تواصلت مع الدولة في السنوات الثلاث الماضية؟
لم يحدث أن تواصلت مع أجهزة الدولة المختلفة “نهائيًا” سوى خلال الأشهر السبعة الماضية. كانت هناك رسالة بأن الدولة تريد فتح صفحة جديدة، ما دام التعاون من أجل مصلحة البلد. ولم يكن لدي أي رفض لهذه الدعوة. فأنا مع مصلحة البلد. لكننا أكدنا على أن مبادئنا لا تتغير، وإلا كان من الأولى أن نسير من البداية في إطار “لا أسمع لا أرى لا أتكلم”. كنا هنبقى وزراء وقتها.
-لماذا قبلت بالانضمام إلى القائمة الوطنية في انتخابات البرلمان الأخيرة؟
تلقينا دعوة من حزب “مستقبل وطن”، ضمن مجموعة من الأحزاب. ورحبنا بالفكرة منذ البداية ما دامت على أرضية وطنية واحدة. ولم يكن لدينا مشكلة أو مانع من التعامل مع “الشيطان” ما دام في مصلحة البلد.
لكن كانت لنا شروط محددة، تمثلت في أن مبادئنا واحدة ولا تتغير، وأن تكون مشاركتنا في البرلمان حقيقية وليست مجرد تمثيل مشرف، وأن يسمح لنا بأداء دورنا بالشكل الذي نؤمن به.
-البعض انتقد قبولكم الانضمام إلى القائمة الوطنية ورأى فيه هدمًا لتحالف “الحركة المدنية”.
لم يكن لدينا خيارات كثيرة للمنافسة في الانتخابات خارج القائمة الوطنية. حاولنا أن نستقل بأنفسنا كقوى مدنية، ونأسس قائمة ننافس بها في الانتخابات. لكن لم يكن هناك إمكانات أو كوادر. أيضًا بعض القوى المدنية كان يرى أن المشاركة في الانتخابات “عديمة الفائدة”. وكان رأي أعضاء الحزب لدينا أن نشارك ما دمنا سنحتفظ بمواقفنا ومبادئنا واستقلاليتنا، وخصوصًا أنه تحالف انتخابي وليس سياسي.
أيضًا، أود الإشارة هنا إلى أننا منذ بداية المشهد في التجهيز للانتخابات، أدركنا أنه من الصعب تمكن أي تحالف انتخابي أن يواجه “مارد” بإمكانات حزب “مستقبل وطن” ومن معه.
-بانضمامكم إلى القائمة الوطنية ورد الفعل المعارض.. هل انتهى أمل القوى المدنية الموحدة؟
العبرة بالممارسة والأداء. أتمنى للآخرين التوفيق إذا استطاعوا أن يكونوا رقمًا في المعادلة السياسية خارج البرلمان. هذا أمر يسعدنا. لكنني أؤكد أننا نحمل لجميع أحزاب الحركة المدنية سواء في القائمة أو خارجها كل مودة واحترام. العمل السياسي ليس حكرًا على أحد.
نحن مرحبون بالجميع، ولا نمارس السياسة بأيدولوجيات “جامدة”، بل نقيم الأمور. وخلال الفترة الأخيرة، رأينا أن الوضع يحتم علينا التعامل بمرونة فانضممنا إلى القائمة الوطنية. هناك كثير من المحبوسين وآخرين لديهم مظالم يحتاجون إلى من يتحدث عنهم ويساعدهم. لن يجدي أن يكون وجودنا مجرد إصدار بيانات “لا تنفع ولا تشفع”.
وفي النهاية، أود التأكيد على أن التجربة التي شاركنا فيها ضمن “الحركة المدنية” كانت تجربة طيبة جدًا. وجميعنا تعلم منها.
-ما رأيك في خسارة بعض نواب أحزاب “تكتل 25/30″؟
سقوط بعض النواب المميزين والمحترمين ترك علامة استفهام كبيرة حول نتيجة الانتخابات البرلمانية. البعض منهم قدم الطعون في المحاكم، وبالتأكيد لو كان لهم حق فسيتم إنصافهم.
-هل تعتقد أن حزب “مستقبل وطن” حاليًا هو الأجدر بقيادة الحياة السياسية؟
بالأرقام، “مستقبل وطن” لديه من الكوادر والإمكانات ما يسمح له بامتلاك الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ. لكن تاريخيًا، نحن شاهدنا في مصر من هو أقوى من مستقبل وطن -الحزب الوطني- وعندما دقت الساعة اختفى وتلاشى من الحياة السياسية بالكامل “محدش عارف بكرة فيه إيه”.
-هل تخطط أحزاب المعارضة إلى تشكيل تحالف سياسي داخل مجلسي النواب والشيوخ؟
بالفعل.. نجهز حاليًا لتحالف سياسي بين أحزاب المعارضة: “الإصلاح والتنمية” و”المصري الديمقراطي” و”التجمع” و”العدل”. وذلك إضافة إلى مجموعة من النواب المستقلين الذين أبدوا رغبة بالانضمام إلينا. وسيتم الإعلان عن هذا التحالف قريبًا. أؤكد أن المعارضة سيكون لها مواقف محل تقدير واستحسان الجميع.
سنسعى أن يكون التحالف الجديد “معارضة عاقلة”، وليس فقط المعارضة التي تطلق التصريحات وترفض. سنقدم البدائل والحلول. وأرغب في التنويه أنه بعد فوز بعض الرموز “المحترمة” في الانتخابات، سيشهد مجلس النواب والشيوخ حوارات ومواقف جيدة.
-ما تقييمك لفترة حكم الرئيس حتى الآن وهل تحققت مطالب ثورة 25 يناير؟
دون أدنى شك، كثير مما كان يحلم به الناس في ثورة يناير تحقق. كما حقق الرئيس نجاحات كثيرة لا يستطيع أحد إنكارها. لكن هناك بعض الملفات تطلب اهتمام ومعالجة وإصلاحات.
نحن اتخذنا خطوات وقرارات شجاعة في الإصلاح الاقتصادي وغيره. وما جاء على حساب المواطن فيما يخص الإصلاح الاقتصادي والضغوط في صعوبة المعيشة أمر “مؤقت” سينتهي عندما تتجاوز البلد المرحلة الحالية.
اقرأ أيضًا: كيف سقطت أحزاب المعارضة من آخر عربات قطار برلمان 2020؟
عندما نقول دولة مدنية ديمقراطية حديثة فهذا يعني أن يتم احترام الدستور وسيادة القانون، ويشعر الجميع أن هناك مؤسسات، فضلاً عن وجود فصل بين السلطات. وأعتقد أن هذا ممكن؛ فمصر منذ 5 سنوات غير مصر الآن. وبالتأكيد عندما تكون الأوضاع أكثر استقرارًا وقوة على المستوى الأمني والاقتصادي سيسمح بحدوث تغيير.. خلينا نقول يارب.
-هل ترى أن سياسة الدولة وأجهزتها تغيرت مؤخرًا بشأن التعامل مع القضايا المختلفة؟
بالفعل.. تغيرت سياسة الدولة على مستوى المؤسسات والأجهزة الأمنية أيضًا. وأصبح هناك من يستمع ويقيم الحوارات والنقاشات ويتخذ قرارات إيجابية محترمة لمصلحة الدولة، باتت محل تقدير من الجميع “مؤيد ومعارض”. وقد لمست أنه عندما يكون هناك طرح جيد وعاقل لقضية من القضايا يتم التفاعل معها بشكل جيد.
-هل سنشهد خلال الفترة المقبلة تحركات للإفراج عن بعض المسجونين السياسيين؟
بالتأكيد. هذا هدف مهم وأساسي بالنسبة لنا جميعنا، نسعى إليه للتخفيف عن المسجونين وأسرهم. هناك جهود مخلصة تبذل حاليًا للإفراج عنهم. وقريبًا ستكون هناك أخبار سارة في هذا الشأن.
-بخصوص وضع منظمات المجتمع المدني.. هل هناك استجابة حالية بشأن المبادرة الضمنية المعلن عنها مؤخرًا؟
أستطيع أن أخبرك الآن أن هناك الكثير من المنظمات أبدت استعداداها لتقنين أوضاعها كجمعيات خاضعة للدولة ورقابتها، وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية. هذه ظاهرة إيجابية جدًا، ستساهم في تقليل الفجوة بين منظمات المجتمع المدني والدولة في المستقبل.
أتمنى أن تبدأ منظمات المجتمع الدولي نشاطها بحرية. وأعتقد أن تطبيق قانون الجمعيات الأهلية ولائحته التنفيذية الصادرة مؤخرًا هما ما سيحددان إن كانت ستمارس هذه المنظمات عملها بحرية باعتبارها من أسس التنمية ودعم الدولة، أم سيكون هناك تضييقًا عليها.
اقرأ أيضًا: بعد دعوة نجاد البرعي.. ما هي آفاق التقارب مع الدولة لبدء استراتيجية جديدة في ملف حقوق الإنسان؟