تواجه منظومة التأمين الصحي الشامل عقبات بعد مرور عام من إطلاقها بصورة تجريبية في مقدمتها تهالك المنشآت الطبية في المحافظات الريفية وصعيد مصر التي يفترض أن تشملها المنظومة، والأعباء التي قد يتحملها المواطن في سبيل الحصول على الخدمة.
انطلقت المنظومة قبل عام في بورسعيد، شهدت تطورات إيجابية بينها ضم ٧٠٠ ألف شخص من بين ٩٥٠ ألفًا مستهدفة لكن المحافظة الصغيرة التي تتكون من مدينة واحدة دون توابع أو ظهير ريفي لا يمكن تعميم نتائجها ويبقى المحك في التطبيق بالمناطق الريفية.
تمثل منظومة التأمين الصحي نظاما تكافليا اجتماعيا، تقدم من خلاله خدمات طبية ذات جودة عالية لجميع فئات المجتمع دون تمييز، وتتكفل الدولة فيه بعلاج غير القادرين، عبر حزمة متكاملة من الخدمات التشخيصية والعلاجية، وتتيح للمنتفع الحرية في اختيار مقدمي الخدمة الصحية.
قال وزير المالية محمد معيط، في مؤتمر صحفي اليوم الخميس، حضرته “مصر 360″، إن أي منظومة للرعاية الصحية في العالم تواجه عقبات ومشكلات ويبقى النجاح في كيفية التغلب عليها، واستدامة التمويل، حتى لا تتوقف في منتصف الطريق دون تحقيق النجاح.
يرى الوزير أن المنظومة الحالية للتأمين الصحي التي تعود لعام 1964 تسببت في هجرة أصحاب الدخول المرتفعة وبقاء أصحاب الدخل المنخفض والمحالين للمعاش فقط، وهو ما تم تلافيه في النظام الجديد، الذي يعتمد على تمويل ثلاثي، بجانب مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمة.
يقوم التأمين الصحي الشامل على ثلاثة مصادر تمويل، أولها اشتراكات العاملين وأصحاب الأعمال، بجانب إيرادات ضريبية غير مباشرة يتم توجييهها لها خصيصًا دون مرودها على الموازنة مثل الضرائب على السجائر والتبغ، والتمويل الثالث من الموازنة العاملة وموجه تحديدًا لغير القادرين.
يقول وزير المالية إن تمويل المنظومة يتسم بديناميكية شديدة ويقوم على التكافل بحيث تدعم أصحاب الدخل المرتفع الأقل دخلاً على عكس المنظومة الحالية التي فر منها أصحاب الدخول المرتفعة لسوء الخدمة الصحية المقدمة.
يدفع الشخص في “التأمين الصحي الشامل” نحو 1٪ من راتبه بجانب 3% لصاحب العمل، حال ضمه لأسرته يتم حساب الابن بـ 1% أيضًا، أما الزوجة إذا كانت ربة منزل فيتم حسابها بـ 3%، وإذا كانت موظفة فينطبق عليها 1%.
لجنة دائمة لتسعير الخدمات الطبية
اختارت وزارة المالية لجنة دائمة لتسعير الخدمات الطبية لتلافي المشكلة الأساسية في المنظومة القديمة التي كانت تسعر فيها الدولة الخدمة بمبلغ مقطوع ثابت لا يتناسب مع التكلفة، وتتولى اللجنة حساب حجم التضخم، وتكلفة وجودة الخدمات الصحية المُقدمة، ومتغيرات السوق المصرفية.
وتضم اللجنة في عضويتها خبراء مصريين ودوليين بعضهم ممثلين لمقدميّ خدمات الرعاية الصحية بالقطاع الخاص، والهيئة العامة للرعاية الصحية، وخبراء تكاليف بالمستشفيات، والمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية والقطاع الصحى، ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي وأساتذة جامعات متخصصين فى حساب تكاليف الخدمات الطبية.
يقول الوزير إن تشكيل اللجنة سيجعلها تضع أسعار عادلة للخدمات الطبية من خلال أسس علمية صحيحة، بحيث تكون هذه القوائم المرنة التي تخضع للتحديث المستمر مرجعًا للتسعير فى سوق الخدمات الطبية بمصر.
3 هيئات تتسبب في حالة تضارب
المشكلة الأساسية التي تواجه الهيئة الجديدة هي وجود تضارب بين صلاحياتها لضمها ثلاثة هيئات هي هيئة الرعاية الصحية وتكون معنية بمنافذ تقديم الخدمة، والثانية هيئة الجودة والاعتماد وتمنح المستشفيات الاعتماد وفق معايير الجودة المعمول بها، والثالثة هيئة التأمين الصحي التابعة لوزارة الصحة التي تتولى إدارة وتمويل المنظومة القائمة .
وتواجه المنظومة أيضًا مشكلة في الحاجة لاستثمارات ضخمة لتأهيل المستشفيات الحكومية أو الحاجة لبناء أخرى، بجانب كونها تعتمد على الاختيارية فمنظومة التأمين الصحي أساسها الشمولية، لكن المنظومة الجديدة اختيارية ومتروكة للمواطن.
ووفقا لآخر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بلغ إجمالي عدد المستشفيات بالقطاع الحكومي والخاص في المحافظات نحو 1848 مستشفى موزعة على محافظات الجمهورية بعدد أسرة نحو 131 ألف سرير، حصة الحكومة منها 691 مستشفى حكوميًا.
ويبلغ عدد المنتفعين بالتأمين الصحي في شكله التقليدي الحالي نحو 55.6 مليون فرد، لكن الرقم مرشح للارتفاع مع ضم المنظومة الجديدة الأسرة كلها وليس الفرد فقط.
مظلة التأمين الصحي الشامل
وكانت النائبة إيناس عبدالحليم، عضو مجلس النواب، قد قدمت طلب إحاطة قالت فيه إنه يفترض حصول المؤمن عليهم على كل الخدمات التي تُوفرها منظومة التأمين الصحي، بصرف النظر عن قدرة الشخص المالية.
لكن منظومة التأمين الصحي تصر على أن يدفع المواطن الاشتراك السنوي، و10% مُساهمات بحد أقصى ألف جنيه شهريًا بالنسبة للأدوية، و10% بالنسبة للتحاليل الطبية بحد أقصى 750 جنيهًا، و10% بالنسبة للأشعة بحد أقصى 750 جنيهًا، عدا الأمراض المزمنة والسكر.
ووفقًا للنائبة، التي قدمت استجوابًا لمجلس النواب حينها، فإن المواطن يتكلف في المتوسط نحو 1000 جنيه شهريًا نظير علاجه، وهذا ينسف فكرة التأمين الصحي، فالتأمين الصحي يعني تكافل الدولة لأجل علاج المواطنين. كما أنّ المرحلة الأولى لا تُمثل 10% من سكان مصر، بعكس المرحلة الأخيرة التي يكون فيها التطبيق في محافظات تُمثل نحو 70% من سكان مصر، وهذا سوء توزيع.
لكن معيط أكد، في المؤتمر الصحفي، اليوم الخميس، أن الهيئة العامة للتأمين الصحي لم يضع سقفًا للإنفاق على تقديم الخدمات الطبية والرعاية الصحية للمرضى المنتفعين به حيث تعتمد فلسفته على توفير الرعاية الصحية الشاملة وتحمل أي أعباء مالية عن كاهل رب الأسرة.
ويقول إن المواطن تحت مظلة التأمين الصحي الشامل لا يدفع أكثر من ٣٠٠ جنيه ف أكبر عملية جراحية حتى زراعة الأعضاء، كما أن الخزانة العامة للدولة تتحمل اشتراكات غير القادرين، ويُتيح هذا النظام علاج المنتفعين بالخارج لمن يتعذر علاجه بالداخل.
وأكد معيط أن لغة الأرقام لا تكذب فنصف مليون مواطن على العيادات الخارجية في بورسعيد كما تم وإجراء أكثر من ٦٠٠ ألف فحص طبى، و١٧٧حالة العلاج الإشعاعى، و٤ آلاف و٧٨٦ حالة غسيل كلوى، وأكثر من ٣٢ ألف عملية جراحية منها ٧ حالات زرع نخاع، و٣ آلاف عملية عيون، و١٣١ عملية قلب بالمستشفيات المعتمدة المنضمة للمنظومة خلال شهر واحد.