طالبت الطبيبة منى مينا، العضو السابق بمجلس نقابة الأطباء، الحكومة المصرية بالتوسع في إجراء المسحات الطبية لمحاصرة انتشار فيروس كورونا. مؤكدة أن اللقاح الصيني يظل حلاً لا غنى عنه لمواجهة الجائحة في مصر.
تحدثت منى مينا أيضًا، في حوار مع “مصر 360″، عن أعداد الأطباء الذين توفوا نتيجة الفيروس “اللعين”. كما تطرقت لأساليب مواجهة انتشاره، ودور الأطباء في هذه المعركة التي لا نعلم موعدًا لنهايتها.
وتحتفظ مينا بمكانها كـ”متطوع” في لجنة الشكاوي نقابة الأطباء. فهو المكان الذي تراه مناسبًا ويمكنها من مواصلة تقديم المساعدة لكل من تواصل معها من الأطباء. وما تأمله من الواقع هو تحسين أوضاع الأطباء بشكل عام. أيضًا لم تنس شهداء الكادر الطبي ممن سقطوا ضحايا للفيروس، محاولة تأمين مستقبل أسرهم بمباردة “معاش شهيد”.
وفيات الأطباء المصريين 3%
يبلغ عدد شهداء الأطباء المثبتة وفياتهم بسبب الإصابة بكورونا حتى اليوم 247، كما ورد عبر الصفحة الرسمية لنقابة الأطباء. لكن منى مينا تتوقع أن تكون الأرقام الحقيقية أكثر من ذلك، بالنظر إلى أطباء أصيبوا واستشهدوا قبل إجراء الفحوص المؤكدة لإصاباتهم.
وتوضح العضو السابق بمجلس نقابة الأطباء أن معدل وفيات الأطباء مقارنة بإجمالي الوفيات في مصر يتعدى 3%. وهو معدل عال جدًا. كما تشير إلى نسبة الـ 0.5% وفيات بالفرق الطبية في إنجلترا -وليس الأطباء فقط- وهي نسبة تفوقها وفيات الأطباء المصريين بستة أضعاف. الأمر الذي يشير إلى خلل شديد في إجراءات مكافحة العدوى بالمستشفيات.
مكافحة العدوى بالنسبة لعديد من الخبراء وبينهم منى مينا، ليست “ماسك و جوانتي فقط”. بل أن المكافحة الحقيقية تتضمن وجود نظام دقيق لعزل مرضى كورونا عن غيرهم من أصحاب الأمراض العادية. فضلاً عن ضرورة توفير آلية مناسبة للتأكد من كون المرضى المترددين للكشوف العادية حاملي عدوى كورونا أم لا، قبل دخول الجراحة مثلاً أو الخضوع لأي إجراء طبي آخر. وذلك حتى تتخذ الإجراءات الوقائية المناسبة.
أيضًا تستلزم مكافحة العدوى العزل والتحليل لأي عضو في الفريق الطبي، غذ كان يعاني أي من أعراض اشتباه كورونا. حتى لو أعراض اشتباه خفيفة. وهو ما لا يحدث كما تشير منى مينا.
سلالة كورونا البريطانية
اكتشفت بريطانيا في الأيام الماضية تحورًا جديدًا لفيروس كورونا، وأصبح العالم يواجه السلالة الثالثة. وهو ما يعزى إليه ارتفاع الإصابات في بقاع مختلفة في العالم. إلا أن منى مينا لا ترى ضرورة الربط بين الظاهرتين حاليًا، مؤكدة أن الإجابة على هذا السؤال تقتضي بداية رصد كل حالات الإصابة (عمل تحليل PCR) لكل من يعاني من أعراض اشتباه كورونا، ولكل مخالطيه أيضًا. ثم تحليل بعض العينات المأخوذه من مرضى كورونا؛ للتأكد من وجود تحور في التركيبة الجينية من عدمه.
الفرق بين اللقاح الصيني وفايزر
رئيس لجنة الشكاوى بمجلس نقابة الأطباء لا تتبنى الشكوك التي تساور قطاعات من المصريين بخصوص اعتماد الحكومة المصرية اللقاح الصين. إذ ترى أن اللقاحات (صيني أم غيره) هي الحل الوحيد على مستوى العالم حاليًا للحد من كارثة كورونا. وتوضح أن الاعتماد الذي حصلت عليه كل اللقاحات إلى الآن لا يزال اعتماد “طوارئ” فقط. وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى عمر التجارب والاختبارات لكل اللقاحات، والذي لم يكمل عامًا واحدًا. وتضيف أن البشرية جمعاء في ظروف طارئة خطيرة، تدفع كل السلطات الصحية في الدول المختلفة إلى الاتجاه للقاحات وإن كانت في مرحلة “اعتماد الطوارئ”.
“اللقاح الصيني هو المرشح أكثر من غيره للاستخدام في مصر ودول العالم النامي”،ذلك وفق ما توضح منى مينا لأنه شروط حفظه ونقله (في درجة حرارة تتراوح بين 2-8 درجة مئوية) أيسر بكثير من مثيلتها التي يحتاجها الاعتماد على لقاح “فايزر” الذي يتطلب حفظ في درجات حرارة 80 تحت الصفر و 20 تحت الصفر. وهذا بالتأكيد يحتاج إمكانات صعبة التوافر جدًا في كل دول العالم الثالث.
وتشير منى مينا إلى أن القلق حول اللقاح الصيني سببه الضعف الشديد في المعلومات المتاحة عنه. وكذلك النتائج التفصيلية لمراحل التجارب الإكلينيكية على المتطوعين من البشر. لذا فإنها تدعو المسؤولين في مصر للإعلان عن نتائج التجارب. بما فيها نسب المضاعفات التي قد تحدث. مع إتاحة كل هذه المعلومات للمناقشة العلمية الجادة والشفافة.
بيد أنها ترى أيضًا نسبة مخاطر أي مضاعفات قد يسجلها اللقاح أقل وطأة بكثير من مخاطر الفيروس نفسه. فاللقاح هو طوق النجاة الوحيد حاليًا للبشرية كلها. “فقط نحتاج إعلان النتائج بشفافية لطمأنة الناس، لأن الوقت الراهن لا يستلزم أبدًا التكتم وحجب المعلومات كي لا يحجم الناس عن تلقي اللقاح”، على حد قولها.
تأخر شديد في فرض الإجراءات الاحترازية
لدى منى مينا ملاحظات كثيرة على التعامل الحكومي مع جائحة كورونا في مصر. والذي عانى -حسب ما تشير- من تأخرها شديد في فرض الإجراءات الاحترازية الازمة. وتضوح أنه كان من المفترض أن يتم منع أي تجمعات (مهرجانات، أفراح، عزاءات، حفلات، اجتماعات ) منذ بداية ظهور المرض. مشيرةً إلى المنشآت التجارية” المولات” وقاعات السينما وما شابه التي لا تزال مفتوحة إلى الآن. هذا إلى جانب ضرورة التعامل الجاد والصارم مع فرض ارتداء الكمامة في المواصلات والأماكن العامة والمغلقة.
تحتاج المواجهة الجادة للجائحة إلى توسع في إجراء المسحات وتحليل PCR لكل من يعاني أيًا من أعراض اشتباه إصابة أو خالط مصابين. حتى نتمكن من عزل أي حامل للعدوى سواء كان يعاني من أعراض مرضية أم لا، وفق منى مينا.
هنا، يساعد توسيع دائرة التحليل لاكتشاف الإصابات والعزل في تقليل انتشار العدوى من جهة. ويمكننا معرفة الأرقام الحقيقية لمعدلات الإصابة من جهة أخرى. وهو شئ ضروري حتى ينتبه المواطنون لخطورة الوضع ويتعاملون معه بجدية وحذر لازمين.
اقرأ أيضًا: “وصيتي أطفالي”.. حملة استغاثة جديدة لإنقاذ حقوق أطباء سقطوا في معركة كورونا
حملة “معاش شهيد”
تنتقد منى مينا أيضًا عدم مبادرة الدولة لتأمين مستقبل أسر هؤلاء الشهداء في ظل الجائحة الخطيرة التي يمثل الأطباء حائط صدها الأول. وذلك بتأمين صرف معاش يقي أسر الأطباء شر الحاجة بعد فقد عوائلهم. وهي خطوة تأخرت كثيرًا -كما تقول- لذلك كانت المبادرات والمطالبات المتعددة بمعاش شهيد.
“نطالب في هذه الحملة باتخاذ القرارات والخطوات القانونية التي تمكن أسر الشهداء من صرف معاش إصابة عمل، كما نطالب بصرف معاش استثنائي لشهداء كورونا من الأطقم الطبية أسوة بشهداء الإرهاب” تقول منى مينا.
وفق الحسابات الأولية لقيم المعاش الاستثنائي المطلوب لأسر الضحايا من الأطباء، يتبين أن التكلفة لن تتجاوز 20 مليون جنيه سنويًا. و”إذا فرضنا خطأً ما في حساباتنا فلنقل أن المبلغ قد يصل إلى 30 مليون أو حتى 40 مليون جنيه سنويًا. هذا مبلغ زهيد بالنسبة لميزانية الحكومة، لكنه يؤمن احتياج ضروري جدًا يتعلق بحياة كريمة لأسر وأبناء من ضحوا بحياتهم لحمايتنا من الفيروس اللعين” تختتم منى مينا حديثها.