لم يعبّر عن واقع أحداث موسم الجانزر الكارثي هذا العام ذلك الانتصار المفاجئ الذي حققه أرسنال مساء السبت على ضيفه تشيلسي بـ(3-1) أهداف في ديربي لندن. فبعد الفوز بكأس الدرع الخيرية على البطل ليفربول، توقع الجميع نسخة مغايرة لأرسنال مع مدربه الشاب مايكل أرتيتا. لكن مع مرور الجولات ظهر عكس ذلك تمامًا، ودخل الفريق صراعًا مع الهبوط في ترتيب البريميرليج.
الانتصار الذي كاد ينقلب تمامًا لصالح تشيلسي في آخر 10 دقائق بعدما قلّص النتيجة وأضاع لاعبه جورجينو ركلة جزاء وفرصة خطيرة بالعارضة، في حقيقة الأمر لم يتحقق إلا بحيلة من مدرب الأرسنال أرتيتا، الذي دفع بالنجوم الشابة والبدلاء واستبعد النجوم الأساسية من التشكيل. ولم يكن هذا الاستبعاد إلا لأسباب فنية، بعد أداء سيء طوال 14 جولة مضت من المسابقة المثيرة، تقهقر به ترتيب الجانرز للمركز السادس عشر على بعد مركزين فقط من الهابطين للقسم الأدنى بنهاية البطولة.
وقد أنجح حيلة أرتيتا سوء حالة تشيلسي وبعده عن مستواه. الأمر الذي أنقذ رقبة المدرب الإسباني من الإقالة حال خسارة تلك المباراة. إذ حصد الفريق قبلها 14 نقطة من 14 مباراة بمعدل نقطة واحدة عن كل لقاء. وهو معدل كارثي لنادي كبير بحجم أرسنال.
حتى مع الانتصار فقد تقدم أرسنال مركزًا وحيدًا في سلم الترتيب بـ17 نقطة، ليحتل المركز الـ14. وهو كذلك ترتيب لا يليق بالفريق اللندني الذي يحتاج لخمسة أو ستة انتصارات متتالية تخرجه من كبوته. وهو حلم صعب للغاية يصطدم بمنافسين أكثر قوة وجاهزية في الوقت الحالي. وبالتالي فرص بقاء على المحك لأرتيتا مدربًا للجانزر.
المواسم المظلمة التي يعيشها أرسنال حاليًا منذ رحيل عرابه الفرنسي آرسين فينجر عن تدريب الفريق، كان لها أسبابًا وعوامل عديدة، أبرزها: تخبط المدير الفني الحالي، وهبوط مستوى النجوم. وأيضًا ظروف غياب الجماهير وارتفاع سقف الطموحات.
اقرأ أيضًا: بعد تألقه مع أرسنال.. هل يستعيد النني مكانته مع فينجر رفقة أرتيتا؟
تخبط أرتيتا فنيًا
بعدما كان مستقرًا واثقًا من قدراته وخططه في بداية عمله مع الفريق بداية الموسم. ثم ما حققه بلقبي كأسي الاتحاد والدرع الخيرية، تحول المدرب أرتيتا مع توالي الخسائر والإخفاقات. وبدأ يدخل في مرحلة تخبط فني وضحت جليةً في اختياراته للاعبين والتشكيل الأساسي وإدارة المباريات. وأيضًا على مستوى التكتيك والجانب الخططي وطريقة اللعب. فقرر تجريب كل شيء بحثًا عن توليفة وطريقة مناسبة تعيد أرسنال ثانية للفوز الغائب.
هذا التخبط في كل مباراة بطريقة لعب مختلفة وتكتيك مغاير كليًا عن المباراة السابقة انتقل للاعبين فظهروا تائهين تمامًا. ما عرّض الفريق لخسائر غير متوقعة ومن فرق ضعيفة. فلعب المدرب بطريقته العادية في البداية (4-2-3-1) ثم تحولت إلى (4-3-3) ومشتقاتها.
قبل أن يغير تمامًا إلى (3-4-3) و(3-5-2) و(5-3-2) مع تغيير التكتيك من طريقته المعهودة بالاستحواذ إلى الهجمات المرتدة ثم الكرات الطولية.
جرب أرتيتا كل شيء ممكن في عالم التدريب في تلك الفترة السيئة. الأمر الذي جعل الفريق كله يتخبط مثله، وأودى بالفريق إلى 14 مباراة غاية في السوء. حتى وصل لآخر حلوله بإبعاد أغلب النجوم وطرحهم على مقاعد البدلاء. وقد نجحت حيلته مؤقتًا وحقق فوزًا صعبًا بعد غياب طويل أمام البلوز.
هبوط مستوى النجوم
مع تخبط المدرب حديث العهد بعالم التدريب كرجل أول لناد كبير مثل أرسنال، وسقوطه في دوامة الخسائر، دخل أغلب نجوم الجانرز في حالة من تردي المستوى، فانهار الفريق تمامًا. وهي حالة نادرة لا تحدث للفرق الكبيرة، ولو حدثت لا تطول أكثر من 5 أو 6 جولات. لكن الجانرز استمر لأكثر من 10 جولات بالدوري في هذه الدوامة. حتى وصل للمركز السادس عشر. وهو أسوأ مراكزه على الإطلاق.
أغلب نجوم الفريق بداية من الحارس لينو حتى الدفاع متمثل في ديفيد لويز وبيليرين وكولاسيناك والوسط تشاكا وبارتي وسيبايوس والنني. وأيضًا وصولاً لخط الهجوم والثلاثي ويليان ولاكازيت وأوباميانج نجم الأرسنال الأول في السنوات الماضية، جميعهم سجلوا أداءً باهتًا بشكل كبير.
أما من ناحية الأرقام، فقد سجل المهاجم الجابوني أوباميانج أرقامًا تهديفية منخفضة إلى أدنى مستوى، بهدف كل 389 دقيقة هذا الموسم، ومعدل 0.9 هدف لكل مباراة بكل المسابقات. وهي أقل نسبة له منذ انضمامه للفريق قبل 3 أعوام من الآن. وكأنه بعد تجديد عقده ورفع قيمته المالية كثيرًا تمرد على النادي، ولم يقدم أدائه السابق، ما ساهم بشكل كبير في موسم أرسنال الكارثي حتى الآن.
نتيجة لذلك قرر المدرب أرتيتا الاعتماد على الشباب والبدلاء. فدفع أمام تشيلسي بأكثر من 8 لاعبين غير أساسيين، وأبقى الكبار على مقاعد البدلاء وخارج قائمة المباراة من الأساس. نجح في الفوز أخيرًا بعد فترة معاناة. وهو أمر رآه كثيرون يحمل رسالة لنجوم الأرسنال بأن لا اعتماد مستقبلاً على الأسماء. بل على من يعطي كل ما لديه في الملعب ويتألق ويعود لمستواه.
اقرأ أيضًا: 3 أشياء أضافها أرتيتا لأرسنال غيرت ملامحه وأنقذت موسمه
أيضًا لا يغيب العامل النفسي عن تحليل أزمة أرسنال الحالية. فرغم أن الجوانب الفنية لها الجزء الأكبر في سقوط الجانرز خلال هذا الموسم، كان لرفع سقف الطموحات بعد البداية الرائعة بالفوز بكأس الدرع الخيرية أمام البطل ليفربول بكامل نجومه، مردود سيء على المباريات اللاحقة.
إذ مارست الجماهير والإدارة على هذا الفريق ومدربه ضغطًا رهيبًا وحملوهم أحلام المنافسة على لقب الدوري أو المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، وكذلك الفوز بلقب الدوري الأوروبي وبطولات الكأس المحلية.
كما واجه الفريق كل هذا الضغط والتخبط في الآداء معًا دون جماهير تشعل حماسه داخل الملعب. وذلك في ظل إجراءات مواجهة فيروس كورونا، التي وإن حرمت كل الفرق من مشجعيها، لا تزال مؤثرة في فرق كأرسنال، الذي تأثر نجومه كثيرًا بفعل غياب التشجيع.