قدم 50 خبيرا في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية توقعاتهم بخصوص عام 2021، على مستوى قضايا الإقليم والعالم، وتركزت التوقعات على طرح رؤية للعالم والشرق الأوسط ومصر تنطلق من حقيقة الانتقال من الأزمة الصحية (فيروس كوفيد-19) والاقتصادية المستحكمة إلى ما بعد الجائحة. بناء على توقعات بصعوبة المهمة محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا، علاوة على الأوضاع الإقليمية وسياسات دول الجوار العربي والمنافسة بين الدول الكبرى في ظل إدارة أمريكية جديدة.
وذكر الدكتور خالد عكاشة مدير المركز أن العدد الأول لعام 2020 حقق نسب توقع متميزة إقليميًا ودوليًا، ما دفع المركز إلى منح التوقعات أهمية في مستهل عام جديد، مضيفا أن عدد 2021 يشمل رؤية واسعة للقضايا المصرية العالمية، في ظل تفاقم أزمة كورونا التي ألقت بظلال قاتمة على المشهد الدولي. ما يستدعي اليوم أكثر من ذي قبل نظرة فاحصة للأوضاع الدولية، وتبصير الرأي العام بمستجدات غير مألوفة على كل المستويات.
اقرأ أيضًا.. هل 2020 هي أسوأ سنوات البشرية؟
اقرأ أيضًا.. بعد إعلانه الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة.. محطات بايدن نحو البيت الأبيض
مصر 2021- تحديات اقتصادية بسبب (كوفيد-19)
من المتوقع أن يواجه الاقتصاد المصري خلال عام 2021، بحسب توقعات الخبراء المشاركين، تحديًا بفعل تداعيات الوباء، حيث تشهد قطاعاته الأساسية خاصة التشييد والبناء والسياحة، تباطؤًا مُرتبطًا بالوضع الصحي العام. وفي الوقت ذاته، تُعاني المصادر الأساسية لتدفقات النقد الأجنبي اضطرابًا مصدره انخفاض أسعار النفط، ما يضعه أمام سيناريوهات عدة تتفق على عدم قدرته على استعادة مُعدلات نمو ما قبل كورونا، إلا في عام 2021/2022.
التكيف مع تغيرات البيئة الخارجية
علاوة على وجود إدارة أمريكية جديدة في يناير 2021 بقيادة الديمقراطي جو بايدن لديها أولويات مختلفة، سيكون على مصر مضاعفة جهودها لشرح سياساتها الوطنية لمراكز التأثير في السياسة الأمريكية.
ومن ناحية أخرى، فإن الخيار الاستراتيجي المصري في تعزيز الشراكة مع أوروبا قد تظهر نتائجه في المرحلة المقبلة. كما أنه من المتوقع شرق أوسطيًّا أن تستمر الموازنة المصرية بين المشاعر الرافضة للتطبيع والمصالح الوطنية في الأمن والاقتصاد.
بينما يرجح أن يكون المحور الجنوبي، خاصة السودان وإثيوبيا، هو الملف الأكثر أهمية للسياسة الخارجية المصرية، في ظل الهدوء النسبي لأزمة ليبيا. بينما لم يسفر المسار السياسي للأخيرة عن نتائج فعلية.
تطورات الأداء السياسي الداخلي
من المتوقع أن يشهد عام 2021، تطورات متعددة. فمن المنتظر أن تبدأ أثار قانون الجمعيات الأهلية في الظهور خلال هذا العام، حيث يتوقع أن يشهد انفتاحًا لعمل المجتمع المدني. بينما ستكون الطريقة التي يعمل بها مجلسا النواب والشيوخ محددًا للانفتاح السياسي.
كما أنه من المنتظر إصدار القانون الجديد للمحليات، وانتخابات المجالس المحلية قبل نهاية العام. أضف لذلك الانتقال المتوقع للحكومة إلى مقراتها الجديدة في العاصمة الإدارية ما قد يساهم في تحديث وإعادة هيكلة الجهاز الإداري.
شئون إقليمية.. القضية الفلسطينية
حمل عام 2020 حمل تطورات عديدة حول القضية الفلسطينية، قد تلقي بظلالها على مسارات القضية في 2021. على سبيل المثال طرحت إدارة ترامب في يناير الماضي، خطة سلام أمريكية عُرفت إعلاميًّا بـ”صفقة القرن”، وبدا جليًّا انحياز الصفقة لمصالح إسرائيل وأمنها على حساب الفلسطينيين، ما عرضها للرفض العربي والفلسطيني.
وبينما استمر ملف المصالحة الداخلية بين الفصائل الفلسطينية جامدًا دون حراك، أخذ مسار التطبيع الإسرائيلي-العربي صعودًا لافتًا، مع إبرام إسرائيل لاتفاقات التطبيع مع دول عربية كالإمارات والبحرين والسودان والمغرب؛ إلا أن ذلك المسار بدا مبتعدًا عن المسار الفلسطيني، ومراهنًا على مصالح ثنائية.
بايدن وإسرائيل
وحفّزت هذه السياقات إسرائيل على المضيّ في سياساتها الاستيطانية، والضغط أكثر ماليًّا وأمنيًّا على السلطة الفلسطينية. كذلك جاء فوز إدارة ديمقراطية برئاسة جو بايدن، ليطرح تغييرات متوقعة خلال عام 2021، سواء على المسار الداخلي الفلسطيني، أو العلاقات مع إسرائيل أو الدول العربية أو أمريكا. بينما من المتوقع أن تتراجع السياسة الأمريكية في عهد بايدن المتشددة تجاه الفلسطينيين.
كما أنه بالإضافة إلى اتخاذ بعض الخطوات الإصلاحية، وعودة التنسيق الثنائي، من الممكن أن يمارس ضغطًا على الفلسطينيين لتخفيف حدة الخطاب المعادي لإسرائيل، واستئناف التفاوض على أساس حل الدولتين.واستحدث المركز المصري في عدد التوقعات الجديد محور الأمن البحري في الإقليم.
وتقول الدكتورة دلال محمود، مشرفة المحور، إن التوقعات تتجه حول مستقبل الأمن البحري في الشرق الأوسط لعام 2021 إلى ازدياد تأثيره كمسرح أساسي في صياغة معادلة التوازن الإقليمي بين دوله الفاعلة. بينما يستمر غياب نظام أمني واضح الملامح يضبط إيقاع التفاعلات الدولية المختلفة بين القوى الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، فإن هناك ملامح يمكن تمييزها على النحو الآتي:
أولًا: من المرجّح أن يشهد عام 2021 تبلورًا لترتيبات أمنية واضحة في مجال الأمن البحري، بالإشارة إلى عدد من المتغيرات، أبرزها: توتر العلاقات بين تركيا والدول الأوروبية بصفة عامة، وفرنسا خاصة في شرق المتوسط.
كما أن تولي إدارة أمريكية جديدة للحكم بداية من يناير القادم، قد يفرز سياسات مؤثرة على الأمن البحري على وجه الخصوص. في النهاية يرتبط الأمن البحري في 2021 بالتغيرات التي شهدها الأمن الإقليمي في 2020.
شرق إفريقيا 2021
خلص الباحثون إلى أن شرق إفريقيا تستقبل 2021 بأوضاع استثنائية فرضتها العديد من التطورات متعددة المستويات. كما تنبئ بتحولات كبرى قد تشهدها المنطقة بحلول نهاية العام على عدة اتجاهات. من أبرزها تحديات الاستقرار السياسي.
كما أنه لا تزال العديد من المهام الرئيسية تنتظر كلًّا من السودان وجنوب السودان لإتمام الانتقال السياسي الصعب، كما تستعد الصومال وجيبوتي للانتخابات الجديدة. بينما ينتظر إثيوبيا جدول أعمال مزدحم بفعل تداعيات الصراع في إقليم تيجراي، وإجراء الانتخابات العامة التي تأجلت أكثر من مرة.
من ناحية أخرى هناك مخاوف من العجز الأمني بعد انسحاب القوات الأمريكية من الصومال في 2020، كما أن توتر العلاقات الإقليمية ما زال قائمًا ويُشكل مصدرًا للتوتر في العلاقات البينية أبرزها مشكلة سد النهضة.
كما ينتظر احتدام التنافس الدولي بسبب اتجاه العسكرة المتصاعد الذي كان آخره إعلان تأسيس قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر في بورتسودان السودانية. هكذا أصبحت روسيا ضمن القوى الدولية الحاضرة في الإقليم كالولايات المتحدة والصين وفرنسا.
القوى الكبرى والإرهاب والتسلح 2021
ويتوقع محور القوى الكبرى أن تستمر تداعيات أزمة كورونا على سياسات الداخل والخارج لدى القوى الكبرى في النظام العالمي. علاوة على الموجة الثانية من الفيروس، وتصاعد التنافس الدولي حول توزيع اللقاحات، وركود الاقتصاد العالمي.
في النهاية سيضيف 2021 متغيرات جديدة لعلاقات الدول الكبرى، مع تولي إدارة بايدن التي لها أولويات مختلفة. علاوة على تفاقم التحديات الاقتصادية والأمنية، سواء لروسيا أو الاتحاد الأوروبي وقواه الرئيسية. بينما تتمثل الاتجاهات الرئيسية المتوقعة لسياسات القوى الكبرى، خاصة أمريكا وروسيا، وأوروبا، والصين، خلال العام الجديد، في أولوية الداخل الأمريكي استمرار التوجهات العامة للسياسة الروسية، مراجعات داخلية وخارجية في أوروبا.
أما محور مواجهة تنظيمات الإرهاب يشير الدكتور خالد عكاشة إلى أنه على غرار سنوات العقد الأخير، لا يزال الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر مناطق العالم التي شهدت نشاطًا إرهابيًّا في 2020. خاصة مع استمرار نشاط تنظيمات “داعش” و”القاعدة” و”الإخوان”.
اقرأ أيضًا.. هل يتخلى العالم أخيرًا عن خرافة الربط بين «الإرهاب والإسلام»؟
الاقتصاد العالمي 2021
تركز توقعات الاقتصاد العالمي في عام 2021 على ثلاث قضايا. على سبيل المثال تهتم الأولى بتوقعات النمو الاقتصادي العالمي، حيث تتناول ما أصدرته المؤسسات الدولية من توقعات بشأن معدلات نمو الاقتصاد العالمي خلال عامي 2020 و2021. حيث أشار صندوق النقد الدولي إلى انكماش الاقتصاد العالمي والاقتصادات المتقدمة والصاعدة عام 2020 بنحو 4.4% و5.8% و3.3% على الترتيب، ثم يتعافى كلٌّ منهم عام 2021 بحوالي 5.2% و3.9% و6% على التوالي، فضلًا عن توقع تقلص التجارة العالمية بنسبة 10.4% عام 2020 لتتعافى بنحو 8.3% في 2021. بينما تعرض القضية الثانية لتوقعات حركة سلاسل الإمداد، إذ انخفض حجم التجارة العالمية إلى أدنى مستوياته في شهر أبريل 2020، بعد تكدس الضغوط الناتجة عن أزمة كورونا مع الحرب التجارية.
في النهاية فرض إعادة التفكير في العولمة التجارية والاستراتيجيات المتعلقة بإدارة سلاسل التوريد، بحيث بدأت تظهر مُطالبات جدية بتوطين سلاسل الإمداد وخاصة للسلع الاستراتيجية.
اقرأ أيضًا.. “منحة كورونا”.. الصين على بعد خطوة من إزاحة أمريكا عن قمة اقتصاد العالم
النفط والأسعار
ويتناول الموضوع الثالث سوق النفط العالمي والأسعار، حيث تتنازع هذا السوق عوامل عدة على جانبي العرض والطلب تخلق تأثيرات مُتضاربة على الأسعار. كذلك فأن سيطرة الغموض رفعت من توقعات الصادرات خاصة الإيرانية والفنزويلية.
أما على جانب الطلب، يُسيطر التفاؤل بعد إجازة لقاح فايزر-بيونتك. هذه المؤثرات شديدة التضارب أسفرت عن توقعات مُتضاربة للأسعار في 2021. وفي المتوسط جاءت توقعات 67 مؤسسة جرى استقصاء توقعاتها في حدود 47.4 دولارًا/برميل، بينما الوسيط بلغ 48 دولارًا/برميل.