أنهت السودان جولة المفاوضات حول سد النهضة قبل أن تبدأ اعتراضاً منها على المنهج الذي تصر إثيوبيا على فرضه بتهميش دور الخبراء الدوليين، واقتصار الأمر على الخبراء الممثلين للاتحاد الأفريقي، الأمر الذي بات ينذر بالدخول لنفق مسدود في المفاوضات.

الجولة الحالية من المفاوضات والمنتظر أن تستمر لأسبوع بداية من الأمس، وفقًا لما تم الاتفاق عليه في اجتماع سداسي لوزراء الخارجية والمياه الأحد الماضي، ستكون بمثابة الفرصة الأخيرة لجنوب أفريقيا لحسم النزاع حول سد النهضة من خلال وسطاتها كرئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، إلا أن عدة جولات من المفاوضات منذ يونيو الماضي كشفت عدم القدرة على التوفيق بين مواقف الدول فضلاً عن وضع مبررات للمواقف الإثيوبية المتعنتة، وعدم وضع أي ضوابط للممارسات الإثيوبية الأحادية التي كانت خرقاً لجولات المباحثات.

وفي تعليقها على سبب عدم حضور جولة اليوم من المفاوضات قالت وزارة الموارد المائية والري السودانية في بيان صدر أمس الإثنين: “”عقب اجتماع الوزراء أمس طالب السودان بعقد اجتماع ثنائي مع خبراء الاتحاد الأفريقي والمراقبين مساء نفس اليوم ولم يتلق السودان رداً على طلبه، وبدلاً عن ذلك تسلم السودان دعوة لمواصلة التفاوض الثلاثي المباشر مما دفع السودان للتحفظ على المشاركة تأكيداً لموقفه الثابت بضرورة اعطاء دور لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض وتقريب الشقة بين الأطراف الثلاثة”.

اقرأ أيضًا: سد النهضة: من الدعم إلى المعارضة ومخاوف الجفاف.. تحولات الموقف السوداني

إثيوبيا لن تتراجع حتى لو فشلت المفاوضات

وأضاف البيان: “السودان تتمسك بالعملية التفاوضية برعاية الاتحاد الأفريقي اعمالاً لمبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية على أن يلعب الخبراء دوراً أكثر فعالية في تسهيل التفاوض”.

ورداً على الموقف السوداني طالبت مصر بإنهاء الاجتماع الذي انعقد بعد أن تم الاتفاق على رفع الأمر لوزيرة العلاقات الدولية بدولة جنوب إفريقيا بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي لبحث الخطوات المستقبلية خلال الاجتماع السداسي الوزاري المقرر عقده يوم 10 يناير.

 

وفي بيان لها ردت وزارة الخارجية الأثيوبية على البيان السوداني قالت:” إثيوبيا وافقت على اعتماد وثيقة الاتحاد الأفريقي التي كانت بمثابة إطار للاتفاق رغم عدد من التحفظات تم ابلاغها للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي”.

وقال وزير المياه والطاقة الإثيوبي، سيلاشي بيكيلي أن بلاده لن تعطل أي انشاءات في موقع سد النهضة بسبب تعثر المفاوضات مع مصر والسودان، مؤكداً على جهود حكومته في إنهاء الأعمال بموقع السد وفق الجداول الزمنية المقررة لإدخال السد في مرحلة انتاج الكهرباء والاستعداد لمليء المرحلة الثانية في بحيرة التخزين.

اقرأ أيضًا: سد النهضة: أمريكا توقف التمويل بسبب تعنت إثيوبيا في المفاوضات مع مصر والسودان

تنسيق مصري سوداني 

التعثر المتوقع لهذه الجولة من المفاوضات يأتي في وقت تزيد فيه الاتصالات والتنسيق بين القاهرة والخرطوم في عدد من الملفات على رأسها الملف الأمني والتعاون العسكري، حيث وصل إلى الخرطوم ظهر اليوم وفد أمني برئاسة رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل.

خلال زيارته للسودان التقي رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء عباس كامل، بالنائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني، قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتى لبحث سبل دعم وتطوير قوات الدعم السريع وتعزيز قدرات الجيش السوداني.

زيارة كامل تأتي في وقت يخوض فيه الجيش السوداني حربا  مع ميليشات إثيوبية على الحدود الشرقية للسودان بولاية القضارف لاستعادة أراضي منطقة الفشقة من السيطرة الإثيوبية والتي تسببت في توتر العلاقات الإثيوبية السودانية بعد عقود من الانسجام في عهد الرئيس المعزول عمر البشير.

ويتوقع مراقبون أن ينعكس التنسيق المصري السوداني بنتائج إيجابية على ملف سد النهضة والمفاوضات المتعثرة التي طالما ضربت فيها إثيوبيا عرض الحائط بممارسات وقرارات احادية ترى فيها أن لها مطلق السيادة على ملئ وتشغيل سد النهضة من دون أي التزامات تعيقها.

تحركات مصرية .. “نؤمن بالحوار”

مصادر معنية بملف مياه النيل بوزارة الخارجية المصرية، أكدت أن مصر لا تزال مؤمنة بالحوار كسبيل لحل المشاكل العالقة وكان هناك التزام مصري قوي بألية الحوار تحت مظلة الاتحاد الأفريقي وحل القضايا الخلافية، وإطلاق دور الخبراء والمراقبين الدوليين في تسهيل عملية الحوار إلا أن التعنت الإثيوبي لم يكن مبشراً بالتوصل لأي حلول.

وأكدت المصادر أن كافة الجلسات والمباحثات التي تمت على مدار العام الماضي منذ أن عرضت مصر مواقفها أمام مجلس الأمن الدولي، وإفشال إثيوبيا لمفاوضات واشنطن، مسجلة وموثقة وسيتم عرضها على المجتمع الدولي مرة أخرى عقب القمة المقبلة للاتحاد الأفريقي في حال عدم التوصل لاتفاق خلال شهر يناير الجاري.

ومن المنتظر أن تعود الأطراف الثلاثة في اجتماع سداسي آخر في 10 يناير برئاسة جنوب أفريقيا لصياغة مذكرة يتم عرضها على مجلس الاتحاد الأفريقي خلال القمة المنتظر عقدها نهاية يناير الجاري.