لم يكن قانون الانتقال الديمقراطي في السودان، الذي أقره الكونجرس الأمريكي مؤخرًا، سوى خطوة مكملة لأخرى سابقة، انتهت بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. إلا أنه في الوقت ذاته بداية جديدة لإزالة أو تقويض اقتصاد الجيش في البلاد. وهو شرط تضعه واشنطن لإعادة هيكلة أو تأجيل أو إلغاء ديون السودان لدى المؤسسات المالية الدولية.
يأتي ذلك -وفق القانون- في سبيل تقوية الحكومة المدنية في مواجهة أي حكومات شمولية. الموقف الذي تراه الإدارة الأمريكية معززًا للنظ ام الديمقراطي في السودان، الذي شهد انقلابات عدة وثورة شعبية أرهقته بالأزمات.
ما هو قانون الانتقال الديمقراطي؟
سُمي هذا القانون بـ”قانون الانتقال الديمقراطي في السودان والمساءلة والشفافية المالية للعام 2020″. وحظي بدعم واسع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري والكونجرس الأمريكي.
ويمهد القانون الجديد الانتقال الديمقراطي في السودان. وفي سبيل ذلك يرى ضرورة تشديد الرقابة على قوى الأمن والاستخبارات السودانية. كما يتضمن تقييمًا لإصلاحات القطاع الأمني في البلاد من قبل الحكومة. ولتحقيق ذلك هناك بعض خطوات منها تفكيك الميليشيات، وتعزيز السيطرة المدنية على القوات العسكرية.
أيضًا، يُلزم القانون وزارة الخارجية الأميركية بتقديم استراتيجية تفصّل الدعم الأميركي لعملية انتقالية نحو حكومة بقيادة مدنية في السودان. كما يعرب عن دعم المشرعين الكبير لتقديم مساعدات تسهل هذه العملية الانتقالية السياسية.
اقرأ أيضًا.. السودان.. حكاية 27 عامًا في قوائم العقوبات
تقويض اقتصاد الجيش مقابل تسوية الديون
وفق القانون الجديد، فإنه لابد من مراقبة أموال الأجهزة الأمنية والعسكرية. وذلك للوصول إلى عملية انتقالية سياسية سلسة تضمن للسودان قيادة مدنية مستقلة. كذلك يجب الكشف عن أسهم هذه الأجهزة في جميع الشركات العامة والخاصة. وهي خطوة تستهدف نقل إدارة هذه الأسهم إلى وزارة المالية على أن تقع تحت السلطة المدنية.
يشدد القانون كذلك على ضرورة وقف أي ضلوع لقوى الأمن والاستخبارات في الاتجار بالموارد المعدنية. بما فيها النفط والذهب.
كما يسعى إلى رسم وتطبيق خطة يمكن من خلالها للحكومة السودانية استرجاع أي ممتلكات أو أرباح للدولة تم تحويلها لحزب المؤتمر الوطني أو لأي مسؤول فيه. وذلك كله في إطار تحقيق الشفافية فيما يتعلق بأي موارد مالية خارج السودان تعود لقوى الأمن والاستخبارات.
بناءً على ذلك، سيكون على السودان التصديق على خطوات سالفة الذكر فيما يخص اقتصاد الجيش. وذلك إذا ما أراد أن تدفع وزارتا الخزانة والخارجية المؤسسات المالية الدولية لإعادة هيكلة، أو تأجيل، أو إلغاء ديونه.
المالية تسيطر على 18% من إيرادات الدولة
في أغسطس 2019، توصل العسكريون والمدنيون الذين قادوا الحركة الاحتجاجية في أبريل من العام نفسه ضد الرئيس السابق عمر البشير إلى اتفاق تاريخي. نص هذا الاتفاق على انتقال تدريجي للسلطة إلى المدنيين. لكن في الأشهر الأخيرة، تدهورت العلاقات بين الحكومة التي يديرها مدنيون، والعسكريين. وكان انتقاد اقتصاد الجيش أحد محطات هذا التدهور في العلاقات.
وفق تقارير إعلامية محلية، فإن للجيش والأجهزة الأمنية السودانية 250 شركة تعمل بقطاعات حيوية. منها تصدير الذهب واللحوم واستيراد دقيق القمح. إضافة الى الزراعة. وهذه الشركات معفاة من الضرائب. كما أنها لا تخضع للمراجعة، ما يجعلها تعمل في سرية تامة بعيدة عن الأزمة الاقتصادية الضاربة بالبلاد.
هذا الأمر انتقده رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في ديسمبر الماضي. وقال إنه “غير مقبول”.
وفي أغسطس الماضي، أعلن حمدوك أن “18% فقط من إيرادات الدولة تحت سيطرة وزارة المالية”. وأكد أن “الأولوية” هي استعادة الحكومة للشركات العائدة للقطاعين العسكري والأمني.
هذا الأمر آثار غضب الجيش، ورد عليه رئيس مجلس السيادة الانتقالي -أعلى سلطة في البلاد- عبد الفتاح البرهان. وقال إن أي محاولة لنقل شركات الجيش إلى تبعية وزارة المالية مرفوضة. وأضاف أن شركات الجيش “مستعدة لدفع الضرائب”.
ويدفع أنصار الإبقاء على اقتصاد الجيش بأن شركات الجيش الأكثر استقرارًا من بين كل الشركات العاملة بالسودان.
ردود فعل الداخل المتباين
يرى نائب رئيس الحركة الشعبية ياسر عرمان أن القانون الأمريكي يعمق الشقاق بين المدنيين والعسكريين. وهو ما ألمح إليه أيضًا رئيس أركان الجيش الفريق أول محمد عثمان الحسين. وقال في معرض حديثه في تخريج دفعة من كبار الضباط: “هناك من استعان بالأجنبي والأمريكي وجلب القوانين من وراء البحار”.
رغم ذلك، كشف ضابط رفيع في الجيش عن وجود وفد من وزارة الدفاع الأمريكية يتفاوض مع القوات المسلحة. كما أشار إلى اتفاقات تُمضي لتوقيع بروتكول عسكري يسمح للجيش الأمريكي بحرية الحركة بالسودان. إلى جانب صفقات أسلحة وتدريب للاستخبارات على مكافحة الإرهاب وصيانة طائرات حربية.
وأبدى هذا الضابط اطمئنانه لاستعادة السودان علاقته الوثيقة مع الجيش الأمريكي مثل ما كان الحال في الثمانينيات.
اقرأ أيضًا.. “الفشقة”.. قصة قديمة لنزاع متجدد بين السودان وإثيوبيا
كبير مستشاري السياسات في مؤسسة “كفاية” سليمان بلدو يرى أن أهمية هذا التشريع تنبع من سعيه لإنشاء آلية شفّافة لمُراقبة إدارة هذه الشركات العسكرية ومنع الفساد. وقال: “في غضون ستة أشهر، سيقدم الرئيس الأمريكي تقريرًا إلى الكونجرس”. وهو تقرير يحدد الأفراد والكيانات التي ترتكب انتهاكات مخالفة لهذا القانون، وتعيق الانتقال الديمقراطي بالسودان.
ونوه بلدو إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن التزم خلال حملته الانتخابية بمحاربة الفساد المؤسسي في دول العالم بالتعاون مع الحلفاء.
على الجانب الآخر، يقول القيادي في جبهة المقاومة السودانية محمد صالح رزق الله إنه مهما فعلت دول الخارج ومهما أتت به من عملاء ومحاولة إرجاع السودان لمنصات البنك الدولي ومؤسسات الرأسمالية، فإن هذا لن يحل مشكلة السودان. ويضيف: “نحن نراعي ونشجع على أن يكون لنا علاقات مع كل دول العالم تتوافق مع مصلحة السودان”.
سلطة غير موفقة
ويؤكد رزق الله أن السلطة الانتقالية الموجودة حاليًا في البلاد “غير موفقة”. لأن رأس السلطة في الحكومة هو موظف أممي أتى من أجل أن ينفذ برنامج محدد. وهو إرجاع السودان إلى مؤسسات البنك الدولي وتسليمه للرأسمالية العالمية. لذا فإن معظم الشارع السوداني يعرف أن هناك مؤامرة بدأت منذ عهد النظام السابق تتمثل في خطة “الهبوط الناعم” على مؤسسات الدولة، على حد قوله.
ويصف رزق الله الوضع الراهن بأنه يدل على أن واشنطن لديها عملاء ولها اليد الطولى في النظام الموجود حاليًا. الأمر الذي دفعها لإصدار الأوامر وتشريع القوانين من الخارج، وهذا ليس في صالح الشعب السوداني ولن يقبله، حسبنما يؤكد.
من السيطرة للصدام.. كيف تطورت الحالة السودانية؟
في يونيو الماضي، أصدر مجلس العلاقات الخارجية التابع للاتحاد الأوروبي تقريرًا حول الحالة السودانية عقب ثورة 19 ديسمبر 2018. أوضح أن البلد المأزوم اقتصاديًا يمتلك قدرًا لا بأس به من الموارد. وأن هذه الموارد قد تغنيه عن الحصول على أي قروض خارجية.
هناك مئات من الشركات المملوكة للجيش والأجهزة الأمنية، كانت تحت أيدي جنرالات الرئيس المخلوع عمر البشير فيما يُعرف بـ”اقتصاد الجيش”، قبل أن يعين البرهان جنرالات جدد في محاولة للسيطرة على تلك الشركات التي تدر أرباحًا بالمليارات، كما أشار التقرير، الذي لفت إلى أن البرهان استخدم عددًا من الوسائل لإحكام سيطرته على تلك الإمبراطورية.
وفق التقرير، صعد البرهان ونائبه عبدالرحيم دقلو الشهير بـ”حميدتي”، باعتبارهما قادة جُدد للمجلس العسكري. وكانا تعرفا على بعضهما خلال اشتراكهما مع القوات السعودية في حرب اليمن،
حاول الرجلان إعادة السيطرة على الشركات المملوكة للجيش، باعتبارها مصدرًا رئيسًا للشرعية والنفوذ، ووسيلة صد أمام أي انقلاب وشيك، والأهم أنها ورقة تفاوض مهمة مع الحكومة، وفق ما يلفت التقرير الأوروبي.
ويقدر عدد هذه الشركات المملوكة للجيش والأجهزة الأمنية بنحو 250 شركة تعمل في قطاعات حيوية مثل تصدير الذهب، واللحوم، واستيراد دقيق القمح، إضافة إلى الزراعة، وإدارة المستشفيات الخاصة.
كانت الخطوة الأولى للبرهان وحميدتي، اللذين جمعتهما علاقة شخصية في فرض سطوتهما في دوائر المؤسسات الأمنية؛ هو ضم الشركات المملوكة لقادة حزب البشير لصالح الجيش وقوات الدعم السريع بالترتيب.
العلاقة بين الرجلين
نشأت العلاقة بين الرجلين في الفترة بين عامي 2003 و2005، بعدما تقاطعت مهامهما حين شغل البرهان عقيدًا في الاستخبارات، وتولى مسؤولية تنسيق هجمات الجيش، ومليشيات الجنجويد غربي دارفور، والتي كان حميدتي أحد قيادييها في تلك المرحلة.
لاحقًا توطدت العلاقة بعد مشاركة قوات سودانية في حرب اليمن دعمًا للتحالف السعودي الإماراتي بقيادة البرهان، الذي أشرف على تلك القوات التي كان يقودها حميدتي.
ربح البرهان معركة النفوذ والهيمنة بسلسلة إجراءات كان أبرزها تعيين مؤسسة الصناعة العسكرية -وهي شركة قابضة تابعة للجيش تمتلك مئات الشركات وتخضع لسلطة البرهان- ككيان مسؤول عن إدارة العديد من الشركات المملوكة من قبل لقادة حزب المؤتمر الوطني وعائلة البشير، كما نجح في إعادة توجيه أرباح شركات القوات المسلحة السودانية التي كانت في ظل النظام السابق موجهة إلى حد كبير إلى حزب المؤتمر الوطني المنحل، وفق التقرير الأوروبي.
اقرأ أيضًا.. السودان على طريق العلمانية.. اتفاق مبادئ يقرّ فصل الدين عن الدولة
كذلك عمد البرهان إلى توسعة الأنشطة الاقتصادية لهذه الشركات، مثل افتتاح شركة الاتجاهات المتعددة. وهي شركة تابعة لمؤسسة الصناعات العسكرية، و”مسلخ كادارو” الصناعي الذي بلغت تكلفته نحو 40 مليون دولار. وذهبت شحنته الأولى إلى المملكة العربية السعودية.
فيما ضمت قوات الدعم السريع برئاسة حميدتي بعض الشركات التي كان يديرها سابقًا جهاز الأمن والمخابرات الوطنين، بالتزامن مع تسهيل عمل الشركات الخاصة له ولأسرته التي تستثمر في قطاع الذهب، والتي تساهم في دعم قوات الدعم السريع ماليًا أيضًا.
وعلى سبيل المثال، باعت شركة الجنيد، وهي شركة أسسها حميدتي، حوالي طن من الذهب في دبي، بقيمة تقارب 30 مليون دولار، خلال 4 أسابيع العام في 2019. وسط تقديرات لحجم مبيعاتها السنوية بنحو 390 مليون دولار.
تنشيط الدور الاجتماعي لتحسين الصورة
من أجل تحسين صورة هذه الشركات، عمد البرهان -وفق التقرير- إلى تنشيط أدوارها الاجتماعية عبر تقديم الخدمات وبناء مشاريع خدمية، وتنوعت مظاهر هذه الخدمات التي كان أبرزها افتتاح مخبز في عطبرة، مهد الانتفاضة التي أسقطت البشير، وكذلك إنشاء عيادات صحية وصندوق لدعم المزارعين. إلى جانب توزيع إمدادات غذائية تحمل علامة قوات الدعم السريع، في بعض الولايات، في إطار إجراءات مواجهة كورونا.
اقرأ أيضًا.. أثيوبيا تسبح ضد التيار وتملأ السد في موسم الأمطار
كذلك قدم البرهان مليار دولار لدعم لموازنة الدولة هذا العام، وأودع حميدتي، في مارس 2020؛ ما يبلغ 170 مليون دولار في البنك المركزي لزيادة الاحتياط النقدي، عقب التدهور والانخفاض غير المسبوق الذي لحق بقيمة الجنيه السوداني. وهو الدور الذي صعد بنائب رئيس المجلس السيادي لمنصب رئيس للجنة الاقتصادية الطارئة، وفق التقرير الأوروبي.
كما دعم البرهان الحملة الترويجية للشركات بعقد مؤتمرات مع جنود القوات المسلحة. ودافع عن دور هذه الشركات المملوكة للجيش والأجهزة الأمنية. وقال: “شركات الجيش لا تحتكر شيئًا، ولم تحتكر تصدير المواشي أو الذهب، ولم تحجر على أحد للاستفادة من موارد البلاد. الفاشلون هم من يريدون أن يجدوا شماعة ليعلقوا عليها الفشل، ولا أحد يمكنه تعليق فشله على القوات المسلحة”.
الدفع بالموالين على رأس الشركات
إحدى الوسائل التي عزز بها البرهان سيطرته على هذه الإمبراطورية الاقتصادية، الدفع بجنرالات جُدد موالين له، رؤساءً لهذه الشركات المملوكة للجيش، محل الضباط المحسوبين على البشير وحزب المؤتمر المنحل، لتحميه هذه الوسيلة من أي انشقاقات محتملة أو تفكيك لهذه المجموعة المالية. والأهم أنها جعلته متفوقًا على منافسه حميدتي في السيطرة على الموارد المالية داخل القطاعات الأمنية، وفق التقرير.
وتصدر قائمة الجنرالات الجُدد اللواء الميرغني إدريس، وهو صديق قديم للبرهان خلال مرحلة الدراسة بالكلية الحربية، الذي أعاده الأخير للواجهة بتعيينه رئيسًا لمنظومة الصناعات الدفاعية. وهي الذراع الاستثمارية للجيش، التي تُملك عشرات الشركات التي تستثمر في قطاعات متنوعة وحيوية.
منح قانون مُرر عام 2017 عبر البرلمان السوداني، منظومة الدفاع حق الاستثمار بأموالها دون الخضوع لسلطات المراجع القومي، وقوانين الشراء والتعاقد والإجراءات المالية والمحاسبة، وحصانات واسعة للعاملين بها فيما يتصل بعملهم.
وسعى الميرغني خلال الشهور اللاحقة لتعيينه في هذا المنصب إلى توسعة استثمارات الشركات التي تندرج تحت رئاسته، سواء في الداخل أو الخارج عبر تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية والتجارية مع الشركات المصرية على سبيل المثال.
صديق آخر على رأس الساطي
والميرغني ليس الوحيد الذي أعاده الجنرال من أصدقائه لدوائر الحكم، فقد استعان بصديق مُقرب آخر له هو الجنرال عباس عبدالعزيز، الرئيس السابق لقوات الدعم السريع، في رئاسة شركة الساطي، وهي إحدى الشركات القابضة المملوكة للقوات المسلحة، وأعاد أيضًا اللواء مهلب حسن أحمد، في منصب رئاسة منظمة الشهداء، وهي شركة قابضة مولت سابقًا حزب المؤتمر الوطني، ولديها استثمارات في تعدين الذهب، وأماكن الترفيه.
أدت سلسلة قرارات البرهان التي عززت من سيطرته على جميع الشركات المملوكة للقوات المسلحة، إلى نشوب خلاف بين جناحي الحكومة الانتقالية في السودان (المدني والعسكري). بعدما رفض قائد القوات المسلحة السودانية إلحاق هذه الشركات بمثيلاتها من الشركات التي تتبع للحكومة، وبالتبعية إدراج أرباحها في موازنة الدولة.
وخرج هذا الخلاف للعلن بعدما انتقد عبدالله حمدوك، رئيس الحكومة، استثمارات الجيش والأجهزة الأمنية في القطاعات المنتجة في البلاد منذ أعوام، معتبرًا أنه “أمر غير مقبول”.
وقال: “كل الجيوش لديها استثمارات، ولكنها استثمارات في الصناعات الدفاعية، هذا أمر مقبول ومطلوب، ولكن من غير المقبول أن يقوم الجيش أو الأجهزة الأمنية بذلك في القطاعات الإنتاجية ومنافسة القطاع الخاص”.
أمام هذه الانتقادات خرج البرهان، القائد العام للقوات المسلحة السودانية، مدافعًا عن حق إدارة هذه الشركات بلغة حاسمة معتبرًا أن هذا الأمر “خط أحمر”.
الحلول الوسط غير ممكنة
من جانبه، قال رياض محمد، الباحث السياسي العراقي المتخصص في الشأن الأمريكي: “لا أعتقد أن هناك حلول وسط في قضايا صوت عليها الكونجرس الأمريكي، خصوصًا أننا نمضي إلى إدارة جديدة ستكون مختلفة عن سابقتها بكثير”. وأكد أنه من المحتمل أن تحاول بيروقراطية وزارة الخارجية الامريكية إفهام البرهان أنه لابد عن امتثال ما للكونجرس. وذلك فيما يخص اقتصاد الجيش.
وأضاف محمد، وهو كاتب بمجلة “foreign affairs” أن الورقة التي ستسخدمها واشنطن ضد السودان هي ورقة المساعدات الاقتصادية لإرضاخ قادة الجيش والأجهزة الأمنية بالشروط التي تُفرض على اقتصاد الجيش، ومن ثم القبول بدمج شركاتهم في الموازنة العامة للدولة.
أما الصحفي السوداني عمار عوض الشريف، قال إن القضية مثار “شقاق” بين المكونين العسكري والمدني، ولكلٍ رؤيته حول الأمر.
وأوضح: “أعتقد أن الأمر سينتهي إلى تقسيم هذه الشركات لثلاث فئات، لتشمل شركات التصنيع العسكري التي ستترك كما هي مملوكة للجيش حصرًا، وشركات أخرى تعود أصولها لصناديق الخدمات في القوات المسلحة، لتصبح شركات مساهمة عامة، تُوزَع أسهمها لجنود القوات المسلحة، من في الخدمة والمعاشيين؛ ليكونوا الأغلبية التي تسمح لهم بتشكيل مجلس الإدارة مع وجود أسهم تطرح في سوق الخرطوم للأوراق المالية”.
وأكد الشريف أن الفئة الثالثة ستطرح ابتداء للاكتتاب العام في السوق المالية دون تقييد بنسبة حملة الأسهم وإلى أية جهة يتبعون، مؤكدًا أن هذا هو الطريق الأمثل، من وجهة نظره، وفق سياسة تجعل الجميع رابحًا، ما يحول دون أي تنازع أو صدام.