مشاعر مختلطة من الحزن والقلق تعيشها أسرة الصحفي محمد صلاح، المحبوس على ذمة القضية 855 لسنة 2020. بعد ورود أنباء عن تعرضه للتعذيب هو وكل من معه في زنزانته بقسم دار السلام.
كان قد أُلقي القبض على صلاح العام الماضي، هو والصحفية سولافة مجدي وزوجها حسام الصياد. وأودع ثلاثتهم على ذمة القضية 488، بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
10 أشهر من تجديدات الحبس
القبض على الثلاثي من أحد مقاهي الدقي، جاء تزامنًا مع دعوات المقاول الهارب محمد علي للتظاهر. وهي ما أطلق عليه “دعوات سبتمبر”. ومعها شنت قوات الأمن حملة اعتقالات عشوائية استهدفت شخصيات عدة.
بينما تواصلت حالة القلق بين أفراد أسرة محمد صلاح واستمرت التساؤلات حول أسباب القبض عليه ومتى يمكنه العودة لحياته الطبيعية، مع تواصل سلسلة تجديدات الحبس على ذمة القضية، والتي استمرت 10 أشهر، حتى قررت المحكمة إخلاء سبيله أخيرًا.
“إخلاء السبيل هذا بدل مشاعرنا وحولها من القلق إلى انتظار عودة الغائب”؛ يصف هيثم صلاح كيف أن خبر إخلاء سبيل شقيقه محمد أعاد الأمل إلى الأسرة التي فقدت ابنها لـ 10 أشهر كاملة قضاها في سجن طرة.
انتظرت الأسرة عودة محمد. لكنها تلقت أخبار غير سارة من جديد، بتدويره في قضية جديدة؛ القضية 855 لعام 2020. وهي القضية التي يواجه فيها نفس الاتهامات السابقة. بالإضافة لتهمتي تلقي التمويل، وإجراء اجتماعات داخل محبسه. الأمر الذي نزل على الأسرة كالصاعقة. وبدأت الأسئلة من جديد: لماذا أعيد حبسه؟ وكيف سيواجه وباء كورونا في مثل هذه الظروف من تفشي الفيروس؟
الترحيل.. صدمة جديدة
تم ترحيل محمد صلاح إلى قسم دار السلام، بعد وضعه على ذمة القضية الجديدة. ووفق ما يقول شقيقه هيثم، فإن الأسرة منعت من زيارة ابنها “بقينا مش عارفين نطمن عليه، ولا نعرف أخباره، لحد ما تواصلنا مع رقم شكاوى مجلس الوزراء، وبلغنا شكوتنا إننا مش عارفين نشوف محمد، وخايفين عليه”.
انقطاع الزيارات وأخبار محمد عن أسرته منذ بداية مارس الماضي، كان حملاً ثقيلاً جديدًا على الأسرة، التي استقبلت مؤخرًا اتصالاً من رقم شكاوى مجلس الوزراء، يخبرهم بضرورة توجههم إلى القسم لأنه تم السماح لهم بزيارته.
“بالفعل بابا وماما راحوا شافوا محمد في ديسمبر الماضي، لمدة دقيقتين، وده كان أحسن الوحش، إننا نطمن عليه وإنه كويس الحمد لله، وتخيلنا إنه بعد كده هيتم فتح الزيارات عادي، ويمشي الأمر طبيعي زي الحال في باقي الأقسام والسجون”؛ يقول هيثم، الذي فتحت أسرته باب أمل لعديد من الأسر الأخرى التي تواصلت معهم لمعرفة الخطوات التي اتبعوها لتقديم الشكوى لمجلس الوزراء، حتى يتمكنوا من زيارة أبنائهم المحبوسين.
منع من الزيارة.. ومعلومات عن التعذيب
يوم الجمعة الماضي، توجه هيثم شقيق الصحفي محمد صلاح إلى القسم لزيارة شقيقه. هناك علم من أحد الضباط أن الزيارة “ممنوعة للمساجين السياسيين” دون سبب واضح.
“الضابط قال لنا الأكل بس اللي هيدخل، وده مش رسمي، لو عاوزنها رسمي يبقى ياكلوا من جراية القسم، علشان تبقوا تشتكونا”؛ يقول هيثم، الذي رد على الضابط: “مش مهم المهم يكون محمد بخير، فرد وقالي اطمن لسه مماتش”. هذه الجملة دفعت كل الأفكار السلبية ومشاهد الاعتداء التي قد يكون تعرض محمد إلى خيال شقيقه هيثم “الجملة دي موتتني، وخفت وقلقت هو إيه اللي يخليه يقول جملة زي دي”.
حاول هيثم الوصول لأي معلومات حول وضع شقيقه داخل القسم ومن معه. حتى علم أن شقيقه وكل من معه بزنزانة 6 تم الاعتداء عليهم والتنكيل بهم، بينما جردت الزنزانة من كافة محتوياتها، وجردوا هم من الملابس، ومن الطعام أيضًا، اعتراضًا على تقدم أسرهم بشكاوى لمجلس الوزراء، على حد قول هيثم.
أضاف هيثم: “أنا هموت من الخوف والرعب على أخويا، وأنا معرفش إيه وضعه دلوقتي، ولا بيتم معاه إيه هو وزمايله، وليه كل الانتقام والتعذيب ده، احنا سمعنا كمان إن المساجين حصل لهم جروح من الضرب، والجروح دي عملت لهم التهابات”.
تقدمت أسرة الصحفي محمد صلاح ببلاغ إلى النائب العام للمطالبة بالتحقيق في الواقعة. كما طالبت الأسرة بعرض ابنها على الطب الشرعي لبيان ما به من إصابات. أيضًا طلبت محاسبة الضالعين في هذا الأمر. كما تقدمت الأسرة ببلاغ للمجلس القومي لحقوق الإنسان، وبلاغ آخر لمجلس الوزراء، ومكتب حقوق الإنسان بوزارة الداخلية.
وتحت وسم “حياة محمد صلاح في خطر”، دون أصدقاؤه على صفحات مواقع التواصل منشورات. طالبت بوقف ما يتعرض له من “تعذيب وتنكيل” داخل قسم دار السلام. وأيضًا التحقيق في الواقعة، حفاظًا على حياته التي قد تكون معرضة للخطر.