كان اقتحام الكابيتول (الكونجرس) الأمريكي من قبل أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب محطة فارقة في التاريخ الأمريكي، وأيضًا في مصير ترامب نفسه الذي قد يواجه المحاكمة على تصرفاته، بينما أصبح حاليًا منبوذًا حتى من دائرته المقربة وحزبه الذي تخلى عنه في سبيل إنقاذ الديمقراطية الأمريكية.
حول هذا الوضع الأمريكي الحالي والفريد من نوعه حاور “مصر 360” مهدي عفيفي المحلل السياسي الأمريكي وعضو الحزب الديمقراطي بواشنطن، والذي أطلعنا على الداخل الأمريكي وكيف تدير المؤسسات الأمريكية أزمتها الراهنة مع ترامب.
كيف رأيت اقتحام الكونجرس الأمريكي؟
الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب حرض على هذا العنف بدعوته أنصاره للاحتشاد في العاصمة واشنطن. وهي محاولة لإيقاف نشاط الكونجرس أثناء الموافقة على التصويت على الانتخابات. ما حدث يوم الأربعاء لم يحدث في أمريكا من قبل. هذه عملية روتينية سهلة تحدث داخل الكونجرس. لكن بسبب دعوة “ترامب” حدث هذا الهجوم واستغرفت العملية التصويتية والموافقة هذه المرة 14 ساعة، حتى أعلن رسميًا فوز بايدن وهاريس بالانتخابات الأمريكية. هنا لا خط رجعة.
هل سيبدأ الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن فترته الأولى في ظل انقسام داخلي شديد؟
بالطبع، بايدن سيبدأ ولايته بانقسام داخلي شديد تسبب فيه دونالد ترامب، الذي كان يتعامل مع المواطنين بمبدأ أنت معي أو ضدي. فترة ترامب تشبه إلى حد كبير فترة الإخوان في مصر.
ترامب كان يستقطب المقربين له وليس الأكفاء. من يعطونه الولاء وليس من يقدمون النصيحة. هو ومن معه لديهم استعداد لفعل أي شئ حتى إن كان غير قانوني.
اقرأ أيضًا: الانتخابات الأمريكية: اتهامات متبادلة بين ترامب وبايدن في أول مناظرة انتخابية
كيف سيتعامل جو بايدن مع هذه العراقيل؟
المسألة صعبة بالنسبة لبايدن. لكنه رئيس عاقل ولديه خبرات ولا يعمل كرجل واحد. من المتعارف عليه في السياسة الأمريكية أن هناك فريق كامل يدير الأمر. وقد رأينا إن اختيارات بايدن لهذا الفريق موفقة وبها تعددية بشكل كبير.
أعتقد أن المؤسسات الأمريكية فاعلة وستتعامل مع الأمر بواقعية شديدة. من كانوا يظنون إن بايدن ليس هو الرجل المناسب بسبب شخصيته الهادئة أيقنوا الآن كما قلت إنه الرجل المناسب في المكان والوقت المناسب.
ماذا عن تعامل المؤسسات الأمريكية التي تواجه الوضع الراهن؟
رأينا تعامل المؤسسات الأمريكية وعلى رأسها الكونجرس؛ فالجميع وقف خلف الرئيس المنتخب. حتى القيادات الكبرى في الحزب الجمهوري بداية من نائب الرئيس مايك بينس الذي أبلى حسنًا، ورؤساء اللجان المختلفة وعلى رأسهم السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي جميعهم أكدوا أن العملية الديمقراطية ستمر وسيجرى انتقال السلطة كما هو المعتاد.
ما هى السيناريوهات المطروحة في تعامل ترامب مع الوضع وصولاً ليوم التنصيب 20 يناير؟
لا أتوقع سيناريوهات أخرى في الأيام المقبلة. ترامب أصبح “شبه منبوذ” حتى من أقرب الأقربين. وهناك استقالات عديدة يواجهها في إدارته. كانت هناك محاولات حثيثة داخل دائرة صنع القرار في إدارته لمحاولة إثناءه عما قام به. لكنه هوس السلطة الذي يشغله.
اقرأ أيضًا: أسقطته جورجيا مجددًا.. 60 دقيقة تكشف آخر فصول مؤامرة ترامب على الديمقراطية الأمريكية
بعد اقتحام الكونجرس لن يحدث جديد. المؤسسات الأمريكية على أهبة الاستعداد لأي تحرك آخر. ولا أعتقد إنه سيتم السماح لترامب بأخذ قرار مصيري لأنه أصبح في شبه عزلة، يحاول هو والمقربون منه النجاة؛ لأنه مؤكد سيتم توجيه تهم له بعد الخروج من البيت الأبيض.
ما تحليلك لإعلان ترامب عدم حضور يوم التنصيب في 20 يناير؟
هذه تدوينة رد عليها بايدن والحزب الديمقراطي. حضوره قد يتزامن بأحد تصرفاته غير المتوقعة التي قد تحرج الولايات المتحدة وبايدن. ترامب أصبح غير مرغوب فيه.
رغم ذلك، هناك أخبار من مكتب نائب الرئيس بايك بنس إنه سيحضر حفل التنصيب.
ماذا عن موقف ترامب بعد غلق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي؟
غلق حساباته على مواقع التواصل نتيجة طبيعية لتصرفاته غير المسؤولة. كان من المفترض أن تغلق حساباته في الأساس منذ فترة طويلة. لكن تويتر وفيسبوك وإنستجرام تسامحوا معه لأنه الرئيس الامريكي ولديه شعبية. إلا أنه حينما استخدم هذه الشعبية بشكل خاطئ كان لابد من التدخل.
ماذا لو فُعلت المادة 25 بعزل ترامب ونقل إدارة البلاد لنائب الرئيس؟
تفعيل المادة 25 البند الرابع بشأن تولى نائب الرئيس إدارة البلاد خلال الأيام المقبلة أمر صعب حاليًا؛ لأن المتبقي أيام قليلة. لكن هناك تعليمات لقيادات الجيش من رئيسة مجلس النواب بعدم الخضوع لأوامره، والمؤسسات الأمنية نفسها تتفادى التعامل معه.
برأيك متى يحاكم ترامب؟
إن كان هناك محاكمة بمجلس النواب ستبدأ اليوم، فقد أشارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى أن هناك 200 عضو من مجلس النواب يريدون بدء محاكمته.
يذكر هنا أنه للمرة الأولى في التاريخ تتم محاكمة رئيس أمريكي دستوريًا مرتين. وقد لا تؤدي للعزل لكنها ستكون وصمة عار. ترامب أساء للديمقراطية والولايات المتحدة أكثر من أي فرد على وجه الأرض.
هل ستلاحق الدعاوى القضائية ترامب بعد تسليم مقاليد الحكم؟
القضايا مجهزة بالفعل، وهناك ما يقرب من 71 أو 80 قضية ما بين ولاية نيويورك ومدينة نيويورك ومدينة واشنطن. وفي بعض المدن الأخرى هناك قضايا مالية؛ لأن دونالد ترامب كان يقوم بعقد لقاءات انتخابية في الولايات دون أن تدفع حملته مصاريف الحماية والنظافة. ففي واشنطن العاصمة فقط تقدر الديون بأكثر من 10 ملايين دولار على الحملة الانتخابية.
أما بالنسبة للقضايا الأخرى، فهناك قضايا لا يمكن إلغاؤها ومنها اتهامه بالتحرش، والرشوة، والتهرب من الضرائب وما شابها من قضايا، فالجزء الخاص بالولايات أو بالأشخاص لا يمكن إعفاؤه منه. فلذلك أتوقع أن تكون هناك محاكمات، وهناك ما يتردد بشأن محاولاته السفر خارج البلاد. لكن محاكمته ليس منها مفر لأن القانون لا يتفاهم مع أى فرد حتى إن كان رئيس الجمهورية.
اقرأ أيضًا: “ترامب” ورفع الإنجيل.. تديين السياسة في مواجهة مخاوف السقوط
ما تأثير فوز الديمقراطيين بمجلس الشيوخ والنواب على المجتمع الأمريكي؟
ما حدث يوم 6 يناير غير مفاهيم الأمور، وحصول الديمقراطيين على الأغلبية في مجلس الشيوخ والنواب والرئاسة سيعطيهم فرصة أفضل في تطبيق سياسات تتناسب مع المواطن العادي. هناك قبول من أسواق الأموال لهذا الموضوع.
تقييمك للفريق الرئاسي المرشح الذي أعلن عنه بايدن؟
خبرة بايدن بمجلس الشيوخ وكنائب رئيس يساعده على تكوين فريق ممتاز لإدارة أمريكا، وأنا متفائل بالفريق الجديد وأرى أنهم سيديروا الملفات الداخلية والخارجية بشكل أفضل، كما أن اختيارات بايدن واعية وستفيد الولايات المتحدة الأمريكية.
كيف سيكون أداء بايدن في التعامل مع ملفات البطالة وجائحة كورونا وتحديدًا مع اللقاح؟
ترامب ومنذ أشهر ماضية أهمل كل شئ وكان تركيزه على الانتخابات والفوز، لذلك هناك قصور شديد في مسألة كورونا، وأنا أطلق عليها “جائحة ترامب” لأنه المسؤول الأول والأخير عنها، فقد كانت لديه معلومات من المخابرات المركزية لكنه تجاهلها ما أدى إلى انتشار الفيروس بها أكثر من أي بلد في العالم، لذلك فإن جائحة كورونا على قائمة الملفات تأتي بعدها البطالة.
وماذا عن الملفات السياسية؟
لدى بايدن ملفات خارجية وداخلية سيكون لها أولوية بعد حالة الانقسام التي أصبح عليها المجتمع الأمريكي. وقد بدأ بايدن في علاجها بالفعل بحديثه “أنا رئيس لكل الأمريكين”. هذه رسالة ممتازة. وشكل الإدارة نفسها بتنوعها يجيب عن كيف سيدير بايدن أزمة الانقسام الداخلي. بالإضافة لذكره إنه سيتعامل مع الديمقراطيين والجمهوريين لكي يصل لأفضل الحلول فيما يخص المشاكل الداخلية.
أما الملفات الخارجية، فعلى رأسها روسيا والصين ثم الاتفاق النووي الإيراني الجديد، وأركز عليه لأنه لابد من نسيان الاتفاق القديم وهناك شروط جديدة لابد أن تلتزم بها إيران من جديد.
تولي بايدن للرئاسة هل سيمثل انفراجة بشكل مباشر في ملف الحريات في مصر؟
الديمقراطيون بشكل عام يدعمون الحريات، وترامب كان حالة خاصة بين رؤساء أمريكا، لأنه يؤمن بالديكتاتورية، وكان يريد أن يصبح ديكتاتورًا.