“يا ترى الدور على مين؟”.. بتلك العبارة عبر عمال شركة “الحديد والصلب” عن مخاوف آلاف من زملائهم في شركات قطاع الأعمال العام، عقب إعلان تصفية “قلعة الفولاذ” و”القومية للإسمنت” في أكتوبر 2018 وقبلهما “المصرية للملاحة” في فبراير 2020.
وتتزايد مخاوف العمال بعد تعديل قانون شركات قطاع الأعمال رقم 203 لسنة 1991، وتخفيض مشاركة العاملين في مجالس الإدارات إلى عضوين على الأكثر، ما أدى لحرمانهم من اتخاذ أي قرارات مؤثرة.
8 شركات قابضة هي المتبقية من 37 استحدثت في التسعينيات لتضم الشركات الحكومية المنتجة ضمن برنامج الخصخصة، بينما تقلص عدد الشركات التابعة لـ119 شركة، بحسب موقع وزارة قطاع الأعمال.
وأظهرت مؤشرات إدارة شركات قطاع الأعمال في 2017/2018، أن عدد العاملين في القطاع يبلغ 209 آلاف. كما تبلغ الإيرادات 102 مليار جنيه، محققة 11.4 مليار جنيه أرباح. بينما ارتفعت صادراتها من 11.2 مليار جنيه إلى 16.2 مليار جنيه.
اقرأ أيضًا.. على أنقاض آلات الإنتاج.. محطات انهيار شركة “الحديد والصلب”
شركات النسيج في المقدمة
وبحسب هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، فإنه لابد من تصفية الشركة الخاسرة لأكثر من رأس مالها، مضيفًا أن خيار التصفية يكون عقب استنفاذ كل الخيارات الأخرى المتاحة.
ووفق تصريحات لمسئول في وزارة قطاع الأعمال العام سيشهد العام المالي 2020-2021، انخفاضًا في عدد الشركات من 119 إلى 90 شركة فقط نتيجة دمجها.
الدمج بدأ قبل عامين بدمج 4 شركات تابعة للقابضة للسياحة في شركتين هما صيدناوي وبيع المصنوعات وهانو بنزايون، كما تم دمج عدد من الشركات التابعة للقابضة للصناعات المعدنية.
اقرأ أيضًا.. “الحديد والصلب”.. صورة مصر وقاعدتها الفولاذية التي انهارت
في يونيو 2020 بدأت الشركات القابضة دمج الشركات التابعة ذات النشاط المتشابه بهدف زيادة تنافسيتها وقوتها داخل وخارج مصر.
وتتصدر شركة “مصر للغزل والنسيج” بالمحلة الكبرى، التي تأسست عام 1927 كإحدى شركات بنك مصر، الخسائر برأس مال قدره 300 ألف جنيه، وسجلت خسائر بلغت 2.6 مليار جنيه على مدار 4 سنوات.
تعاني الشركة التي تضم قرابة 20 ألف عامل، من نفس مشكلات الحديد والصلب المصرية، أهمها الآلات المتقادمة التي يعود بعضها إلى عام 1947 والإنتاجية الضعيفة، بجانب ضعف التسويق وعيوب التصنيع وعدم مواكبة الموضة.
“غزل المحلة”
“غزل المحلة” مختلفة إلى حد ما، في ظل الاستحواذ على 40% من خطة هيكلة القطاع المقدرة بـ21 مليار جنيه. كما تقيم وزارة قطاع الأعمال حاليًا مصنعًا على مساحة حوالي 62.5 ألف متر مربع بطاقة إنتاجية 30 طن غزل يوميًا.
وتأتي شركة “صباغي البيضا”، في المرتبة الثانية بخسائر 639 مليون جنيه، بعد أن أغلقت مصنعها بكفر الدوار 9 أشهر، ونقله لمنطقة البيضا أخيرًا لدواعي التطوير.
“الدلتا للغزل” تمتلك مصنعًا للغزل بطنطا، وآخر للنسيج تأتي في المرتبة الثالثة. بينما تعاني من تهالك الآلات، ولا توجد بيانات حديثة عن خسائرها. كما تشير آخر الأرقام المنشورة إلى خسائر بـ131.2 مليون جنيه.
قائمة خسائر الشركات تضم 246 مليون جنيه لشركة مصر حلوان للغزل، و139 مليون جنيه لمصر للحرير الصناعي، و74 مليون جنيه للدقهلية للغزل و66 مليون جنيه لدمياط للغزل و480 مليون جنيه لمصر للغزل، و180 مليون جنيه للمصرية للغزل.
القابضة للتشيد والتعمير
فيما ستتم الشركة القابضة للتشييد والتعمير دمج 12 شركة تابعة وتحويلها لـ5 فقط.
وبحسب تصريحات صحفية لهشام أبو العطا رئيس مجلس إدارة القابضة للتشييد فإنه جار دمج شركة العربية للأساسات، مع النصر العامة للمقاولات، والعامة للمشروعات في السد العالي للمشروعات الكهربائية، ورمسيس لإدارة المشروعات في النصر للمباني.
اقرأ أيضًا.. حقوق العمال| ممنوعة بأمر كورونا.. “هني ويل” توقف رواتب موظفيها
وأضاف أبو العطا أنه تم الانتهاء فعليًا من دمج شركتي أطلس العامة للمقاولات والمصرية العامة للمباني في المساهمة المصرية، ودمج القاهرة للمقاولات والعامة للإنشاءات في مصر لأعمال الأسمنت المسلح.
كما تواصل الشركة القابضة الغزل والنسيج، إجراءات دمج 32 شركة في 10 فقط، 9 منها للغزل وواحدة لحليج وتجارة الأقطان في النهاية.
“الغزل والنسيج” تحتل المرتبة الأولى في قائمة الشركات الخاسرة، التي تقدر خسائرها المرحلة لشركاتها التابعة بـ40 مليار جنيه.
الصناعات الكيماوية.. خسائر فادحة
كما تواجه “الدلتا للأسمدة” التابعة للقابضة للصناعات الكيماوية، خسائر قدرت بـ484 مليون جنيه، في ظل رغبة المحافظة لاستغلال أراضيها لبناء مشروع سكني.
يأتي هذا في ظل دعوة عدد من الشركات العالمية لتطوير وتحديث مصانعها بمركز طلخا في الدقهلية، فيما تنتظر عروض تلك الشركات لبدء عملية الإصلاح.
المحافظ اقترح نقل مصنع السماد إلى محافظة السويس، لاستغلال مساحة المصنع ومساحات مجاورة لإنشاء منطقة سكنية جديدة ما سيتطلب نقل العمال وعددهم 2700 عامل.
كما يوجد مقترح بدمج “الدلتا” مع “النصر للأسمدة” لكن الجمعية العامة قررت استمرار العمل بسبب ارتفاع سعر الغاز بحانب إجبار الشركة على توريد السماد لوزارة الزراعة بخسارة 1000 جنيه في الطن.
اقرأ أيضًا.. الداخلية وأمن الدولة في السينما المصرية: علاقة حياة أو موت!
“النصر للأسمدة”
“النصر” تمكنت من تخفيض خسائرها لنحو 135 مليون جنيه، مقابل 189 مليون جنيه بانخفاض 20%.
الشركتان تعانيان من تقادم الآلات وعدم استغلال الطاقات المتاحة. علاوة على ارتفاع الديون حيث ارتفعت قيمة القرض الكويتي إلى 781 مليون جنيه بنهاية العام المالي بسبب احتسابه بالجنيه المصري.
في قطاع الصناعات المعدنية، تحولت شركة مصر للألومنيوم إلى خسائر بلغت 1.671 مليار جنيه بالعام المالي الأخير بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء.
“شيني”
كما زادت خسائر شركة “شيني للخزف الصيني” التي سجلت خلال 9 أشهر خسائر بلغت 33 مليون جنيه من بداية يوليو حتى نهاية مارس الماضي، مقابل 26.75 مليون خسائر.
اقرأ أيضًا.. الموازنة العامة تتجاهل الفقراء.. خطط الحكومة خالية من “كورونا”
المصرية للمواسير والمنتجات الأسمنتية
يكشف حال مصانع شركة المصرية للمواسير والمنتجات الأسمنتية – “سيجوارت”، الحال الذي وصلت إليه بعدما أصبحت شبيهة بالأطلال.
وفقًا لآخر البيانات المتاحة عن الشركة فإنها تكبدت صافي خسارة مجمعة 638 مليون جنيه، لتتجاوز نصف رأس المال البالغ 2.3 مليار جنيه، ومديونيات قروض بلغت 668 مليون جنيه.
وتنتظر الشركة قبلة الحياة من هيئة السكك الحديدية بعد التعاقد على توريد 150 ألف فلنكة خرسانية في ظل سياسة استبدال الفلنكات الخشبية المتقدمة.
“العربية المتحدة للشحن”
تواجّه الشركة العربية المتحدة للشحن والتفريغ مصير التصفية أيضًا ولدى مجلس إدارتها فرصة أخيرة، بعدما صافي خسائر بلغ 6.58 مليون جنيه.
وتعتبر الشركة، التي تمتلك الشركة القابضة للنقل البحري 52% من رأسمالها، أقدم شركة للشحن والتفريغ في مصر. كما يرجع تاريخ تأسيسها لـ1963.
يذكر أن صندوق الاستثمار الألماني وافق على وضع 50 مليون يورو تحت تصرف الشركة لتنفيذ خطتها الاستثمارية. كما وافق على خفض الفائدة على المبلغ الممنوح إلى %4.
لكن الأمر لا يزال صعبًا أمام انطلاق الشركة فالمرحلة الأولى من الخطة الاستثمارية لها تتكلف 352 مليون جنيه من إجمالي الاستثمارات المخصصة للعام المقبل.
اقرأ أيضًا.. هجرة الأطباء.. هروب من أوضاع سيئة لا من مواجهة الجائحة
“راكتا للورق”
ارتفعت خسائر الشركة العامة للورق “راكتا” إلى 569.5 مليون جنيه، بنسبة 380% من رأس المال المصدر. كما توقفت عن الإنتاج منذ سبتمبر 2019 مع امتالاكها مخزون وصل نهاية يونيو 2019 إلى 5163 طنًا غير مباع.
وتحتاج الشركة التي تضم 800 عامل إلى رفع تصنيف منتجاتها من حيث التوافق البيئي؛ بجانب استيراد المادة الوسيطة لتصنيع أوراق التواليت من الخارج، ما حملها أعباء ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه.
اقرأ أيضًا.. حقوق الإنسان تسبق الاقتصاد بأول رئاسة عربية لقمة العشرين
لا يمكن ربط خسائر الشركة إلا بقرار حكومة عاطف عبيد بعد قرار إغلاق مصنع “لب الورق” الذي كان ينتج الورق من قش الأرز، وهو النشاط الأساسي الذي أنشأت من أجله الشركة.
كما ارتفعت خسائر شركة “راكتا للورق” إلى 569.5 مليون جنيه، بنسبة %380 من رأس المال المصدر. كما توقفت الشركة عن الإنتاج منذ سبتمبر 2019 مع امتالاكها مخزون وصل نهاية يونيو 2019 إلى 5163 طنًا، وعدم استطاعتها بيع المنتج لركود السوق.
نقابة العاملين في القطاع الخاص
ويطالب شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، بإصدار بيان لتفسير قرار الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية بتصفية الشركة.
خليفة أكد أن القرار سيترتب عليه آثار سلبية على الطبقة المتوسطة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، ومنهم 7500 عامل بالمصنع وأسرهم.
“الجمعية العمومية اختارت التصفية كحل سهل دون بديل خارج الصندوق لانتشال الشركة”. يقول خليفة. إذ بلغت إجمالي الخسائر 9 مليارات جنيه، وكان من الممكن مناقشة حلول أخرى كالشراكة مع القطاع الخاص، أو منح الدولة تسهيلات للشركة في مجال التصدير.
اتحاد عمال مصر يرفض التصفية
من جهته، رفض الاتحاد العام لنقابات عمال مصر قرار تصفية الحديد والصلب بعد 67 عامًا على إنشائها. بينما قال إن القرار يأتي في إطار مناخ عام تصنعه الحكومة لتصفية القطاع العام الذي كان درعًا وسيفًا للوطن. وإذا كان القطاع يخسر فبسبب سوء الإدارة وعجز الحكومة عن التطوير واستغلال الموارد والمقومات، والنهوض بالصناعة الوطنية.