خلال السنوات الماضية، تسارعت الخطوات السياسية لأشرف رشاد الأمين العام لحزب “مستقبل وطن”، حتى وصلت إلى تنصيبه رئيسًا لهيئة الحزب البرلمانية وزعيمًا للأغلبية في مجلس النواب. الأمر الذي يفتح الباب بحثًا عن مسيرة الرجل، في ظل الوضع الراهن والجديد تمامًا على الحياة السياسية في مصر، دون معارضة تُذكر تحت قبة البرلمان.
بدايات أشرف رشاد.. لعبة السياسة وانتخابات الجامعة
التحق أشرف رشاد بكلية الهندسة جامعة أسيوط، ليبدأ هناك تحسس الطريق نحو العمل السياسي من أبسط أبوابه؛ الانتخابات الطلابية. وقد حصل رشاد -حينها- على منصب رئيس اتحاد طلاب كلية هندسة، ومن ثم أصبح رئيسًا لاتحاد طلاب جامعة أسيوط.
منذ هذه اللحظة، بدا واضحًا أن “رشاد” يهوى السياسة وعالمها. “منذ اقتحمت المجال السياسي من خلال الانتخابات الطلابية سألني أحد ممارسيها: ماذا يفعل الشيخ داخل الملهى الليلي؟ ما زلت أتذكر إجابتي: إما أن يصلوا خلفي أو أن أرقص خلفهم”؛ يقول أشرف رشاد عن بدايته السياسية.
هذه إجابة تفضي إلى فلسفة خاصة وضعها الرجل حاكمة لمسيرته السياسية. فهو يتماشى مع الوضع الراهن، ويضع قواعد تسمح له بأن يلين وقت اللين ويشتد وقت الشدة، ما جعله في النهاية أحد الخيارات الأساسية في يد النظام.
رشاد وبدران.. الصديق ومشروع العمر
لما كان “رشاد” مغرمًا بالعمل السياسي والعام، كان لزامًا عليه أن يجد نافذة يخطو خلالها أولى خطواته نحو العمل السياسي. لم يجد هنا سوى الحزب المصري الديمقراطي سبيلاً، إذ تولى أمانة الحزب بمحافظة قنا في عام 2013. وهناك بدأ يتحرك في المسرح السياسي ويضع الانطباع الأول عنه.
بالعودة إلى الخلف قليلاً، مثل أشرف رشاد اتحاد طلاب جامعة أسيوط في الوقت الذي كان فيه محمد بدران رئيسًا لاتحاد طلاب الجامعات، حيث نشأت علاقة قوية بين الطرفين. تمر الأيام ويدشن “بدران” حزب “مستقبل وطن“، ويصبح أصغر رئيس حزب سياسي في مصر. ثم يفتح الباب لزميل اتحاد الطلاب أشرف رشاد، ليكون رفيقه في تكوين الحزب، ووضع حجر الأساس للحزب السياسي الأول في مصر حاليا.
تولى رشاد منصب المسؤول الإداري والمالي لحملة “مستقبل وطن”. ومن ثم تم تصعيده ليكون الأمين العام للحزب، ليبدأ ظهوره العام الأول. ومعه فصل جديد في مسيرته السياسية.
التصق رشاد بـ”بدران” ووصفه في أحد مدوناته بـ”الصديق الوفي ومشروع العمر”. وراح يجول معه محافظات الجمهورية، ويهلل لتحركات الحزب الذي يضع اللبنة الأولى في حياة سياسية بشكل جديد، بعيدًا عن الأحزاب التي شاب مؤسسيها على مقاعدهم.
حصل الثنائي على ثقة أجهزة في الدولة كوجوه شابة قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة من حزب سياسي ناشئ كمستقبل وطن، لذا فرضت لهما مساحات كبيرة قادت رشاد إلى منصبه الحالي الذي شغله سياسيون كبار أبرزهم كمال الشاذلي.
تقدم “رشاد” خطوة أخرى إلى الأمام واستطاع أن يتولى كافة شؤون الحزب، بعدما غاب بدران على مدار 9 أشهر على خلفية استكمال دراسته في الولايات المتحدة الامريكية.
وتحمل الأمين العام للحزب -آنذاك- على كاهله إجراء بعد التغييرات والتطورات التنظيمية في المواقع القيادية بأمانات الحزب. فضلاً عن إعادة تقسيم قطاعات الحزب على مستوى الجمهورية. خلال تلك الفترة قدم رشاد نفسه إلى الأجهزة المحسوبة على السلطة كأحد القيادات الشابة المؤهلة لأن تصبح ضمن الكوادر التي يمكن الاعتماد عليه.
في ليلة وضحاها، تم إبعاد “بدران” عن الحياة السياسية، وتوجهت الأنظار إلى مقعد رئيس الحزب الشاغر، لتبدأ التساؤلات من يخلف بدران؟ ومن تسند إليه مسؤولية إدارة أكبر حزب في مصر؟ أسئلة لم تحتج إلى إجابات في ظل الدور الذي لعبه رشاد، ليتولي منصب رئيس حزب “مستقبل وطن” في سبتمبر 2016.
أشرف رشاد.. الشيخ وميكافيللي
بتتبع الحساب الشخصي لـ”زعيم الأغلبية”، تجد أن هواه صوفيًا. كما أنه يقتنص من السيرة ما يؤيد مواقفه. ويحاول إظهار أنه ينهل من السيرة النبوية وسيرة الأوليين ما يضئ به لياليه المظلمة. لكنه أيضًا يعتمد على نظريات ميكافيللي سبيلاً للتعلم من قصص الماضي، التي يطبق دروسها على حاضره ومستقبله.
“إنها متعة مضاعفة أن تخدع المخادع”؛ هكذا يرى أشرف رشاد في كتابه “عودة الأمير”.
قراءة مبتكرة.. عودة الأمير
في كتابه “قراءة مبتكرة.. عودة الأمير”، يقول رشاد في مقدمة نشر منها قصاصات عبر صفحته الشخصية على “فيسبوك”: “ربما يكون نيكولو مكيافيللي فخورًا. فبعد كل تلك السنوات ما زال كتابه يتم تداوله وانتشاره على نظاق واسع. ما زال مصدرًا ومنهلاً للمعرفة لكل من يريد أن يغوص بقدميه في مستنقع السياسة”.
مثل الكتاب بالنسبة إلى “رشاد” طريقة مبتكرة لقراءة الواقع السياسي وكيفية تطبيق الأساليب القديمة على الحاضر والمستقبل.
سياسة الأمير.. العودة خطوة للوراء
كانت الأمور تسير في نصابها الطبيعي على الأقل بالنسبة لرئيس حزب “مستقبل وطن”، الذي يسير بخطة ثابتة، ويدعم الدولة في كافة مواقفها الداخلية والخارجية، إلا أن ما حدث في مارس 2020 كان بمثابة صدمة للجميع أو على الأقل بالنسبة إلى رشاد، بعدما تولى المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق، رئاسة الحزب، وتحول رشاد إلى نائب رئيس الحزب الأول والأمين العام للحزب.
ليس سهلا أن تتحول من الرجل الأول إلى الثاني، لكن رشاد أفسد الرأي الذي اعتبر هبوطه من رئاسة الحزب إلى أمانته “كتفًا قانونيًا” أبعده عن الساحة السياسية، وأثبت مجددًا أنه وبفضل سياسة الأمير -ميكافيللي الذي يعشقه- قادر على أن يبدل خسارته انتصارًا. فالرجل بات الآن زعيم الأغلبية البرلمانية في مجلس النواب، الذي سيرسم لمصر خريطتها التشريعية المقبلة.