ينقص الرأي العام المصري الكثير من المعلومات عن شركة الحديد والصلب المصرية، وفي إطار الحملة الضخمة التي يتم تنفيذها لقبول المجتمع بقرار تصفية الشركة، لن نجد معلومات كثيرة إلا عن خسارة الشركة، والزعم بأن تصفيتها هو السبيل الوحيد الصحيح في التعامل مع هذه الشركة العريقة.
من ثم، هناك عبء على عاتق كل المهتمين بتاريخ التصنيع المصري، وكل العاملين بقطاع الصناعات المعدنية، وكل الرافضين لقرار التصفية، بنشر ما لديهم من معلومات عن الشركة وتاريخها، وإنتاجها، ومراحل تطورها، وما آلت إليه الأحوال بها، ومدى إمكانية الحفاظ عليها، وسداد ديونها، وتعظيم أرباحها.
لعل ذلك يكون المعادل للحملة التي تدعم التصفية، بما يساعد الرأي على تكوين رؤية حقيقية عن مصير الشركة، ويساعد كذلك متخذي القرار على إرجاء خطوات التصفية وإعادة النظر في هذا القرار.
لذلك أدعو كل من لديه الرغبة والمعلومة الموثقة في المشاركة بالكتابة عن الشركة.
هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية…؟
من هنا أبدأ بنفسي:
(١) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية تمتلك عدد أربع محطات أكسجين، تعمل حاليًا واحدة فقط منها، وتمد المصانع ومستشفيات وزارة الصحة والسكان بغاز الأكسجين، مما كان له الأثر في مساعدة الدولة المصرية لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، بالإضافة لإنتاج غازات أخرى متنوعة مطلوبة في صناعات عدة مثل الأرجون والنيتروجين.
(٢) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية تعتبر الشركة الوحيدة في مصر التي تنتج الصاج البقلاوة بمقاساته المختلفة، وتستخدمه جميع شركات المقاولات في المنشآت المعدنية، والبديل الوحيد لهذا الصاج في السوق المصري هو الاستيراد من الخارج.
(٣) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية هي أحد ركائز الصناعة في مصر، وهناك قيمة عظمى في استمراريتها، فهي الشركة الوحيدة في مصر التي تستخدم تكنولوجيا الأفران العالية، وتعتمد فى تشغيلها على خام الحديد المستخرج من المناجم، لذلك فهي السبيل لخلق قيمة مضافة على الحديد المستخرج من المناجم المصرية، حتى لا يباع كخام فقط بأثمان بخسة، حيث يوجد في المناجم رصيد استراتيجي من خام الحديد يقدر بـ ٢٠٠ مليون طن، وفي المقابل فإن جميع الشركات العاملة في مجال الحديد والصلب في مصر تعتمد على الخردة المستوردة ومكورات الحديد المستوردة، حيث تتعرض الخردة المحلية والمستوردة لنضوب الكميات وارتفاع أسعارها بصورة متصاعدة، وكذلك مكورات الحديد مما يجعل ضرورة استمرار الشركة قيمة عظمى لحماية الصناعة المصرية بل والاقتصاد القومي المصري.
(٤) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية تتفرد عن كافة مصانع الصلب المصرية بأنها تقوم بإنتاج الحديد من الخامات المحلية (خام الحديد، والحجر الجيري، والدولوميت). كما تتميز بتعدد مراحل الإنتاج وتنوع منتجاتها، والتي تشمل أكثر من خمسين منتجًا رئيسيًا وثانويًا أشهرها (الكمر، المتوازيات، القطاعات الثقيلة والمتوسطة، خطوط السكك الحديدية، وفلنكات خطوط السكة الحديد والمترو بمقاسات مختلفة، والمباريم ذات الأطوال والمقاسات المختلفة، وكذلك الصلب المستخدم في صناعة كافة المدرعات، وإنتاج الزهر من الحديد المحلي المستخرج من المناجم المصرية).
(٥) هل تعلم أن اختيار موقع شركة الحديد والصلب المصرية لم يتم إلا بعد دراسات معمقة لعمليات التشغيل والنقل والتسويق من وإلى الشركة والمناجم والمحاجر، ومن وإلى الشركة وعملائها، وأنها على مقربة من كافة سُبل النقل البحري والبري كخطوط السكك الحديد، ومجرى نهر النيل، وشبكة خطوط المواصلات، وقد تعاظمت هذه القيمة منذ إنشاء وتطوير شبكة الطرق من التبين إلى الكريمات إلى الصعيد وكافةالمحاور الدائرية بالشبكة القومية للطرق.
(٦) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية ما زالت تمتلك مقومات نجاح وفرص جذب استثمارات عظيمة، وقد تقدمت بالفعل شركات عالمية بعروض للاسثمار فى الشركة، منها:
عرض شركة ALLWE الروسية بمشاركة الهيئة العربية للتصنيع.
عرض شركة فاز ماش الأوكرانية.
عرض شركة ميت بروم الروسية بالشراكة مع وزارة الإنتاج الحربي.
عرض شركة MEC بتمويل من مجموعة شركات الجارحي.
عروض توريد فحم الكوك من شركات عدة مقابل منتجات تامة ومختلفة النوع، مع تسهيلات في التوريد والتمويل مثل عرض شركة WNW للتوريدات.
(٧) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية تمتلك قطاعات من الورش الإنتاجية والصيانة، والتي تشمل ورش إنتاج قطع الغيار، وورش الصيانة المركزية، وورشة الكهرباء المركزية، ومحطات إنتاج الأكسجين، وهو ما يميزها بتكامل القطاعات، بما يساعدها على تقديم خدماتها للشركات الأخرى بمجالات عدة لإنتاج قطع الغيار وصيانة المحركات الكهربائية.
(٨) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية لديها ديون متراكمة كان من السهل ليس فقط سدادها بل وتعاظم أرباحها لو تم العمل جديًا على إنشاء خطوط إنتاج حديثة، ورفع كفاءة استغلال الخامات والمواد، وتخفيض الأجور من خلال زيادة الانتاج، وتحسين جودة الإنتاج، وفتح أسواق جديدة (محلية ودولية) لمنتجاتها، وضخ استثمارات مالية لإنشاء وحدات جديدة، وإجراء عمليات إحلال وتجديد الوحدات القائمة بغرض الوصول بالطاقة الانتاجية إلى ٦٨٠ ألف طن منتج نهائى معد للبيع لتحقيق نقطة التعادل، والعمل على التطوير المرحلى لأساليب الاستخراج والاستخلاص وإنتاج الصلب وتحقيق جودة إنتاج عالية وخفض استهلاكات الطاقة بما يحقق للشركة القدرة على المنافسة،والاهتمام بعمليات التطوير الفني والإداري، وتحسين عمليات البيع والتسويق.
ورغم وضع الشركة الحالي ما زالت قادرة على سداد كافة ديونها من خلال تعظيم استثمار الأصول غير المستغلة من أراضي وشقق وفيلات ومخازن تملكها الشركة.
(٩) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية تقدمت للشركة القابضة بخطة إنقاذ عاجلة، وخطة إنقاذ قصيرة الأجل لاستمرارية الشركة، وتطوير إنتاجها وبما يساعدها على سداد ديونها وتعظيم أرباحها، وأن مقترح الخطة الاستثمارية لتحقيق نقطة التعادل مدته عامين فقط من ٢٠٢١ حتى ٢٠٢٣.
(١٠) هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية لديها عدد من التحديات والمشكلات أهمها هو ارتفاع أسعار الطاقة المشتراه (كهرباء – غاز طبيعي) مما أدى لارتفاع تكلفة الإنتاج، وانخفاض الإنتاج نتيجة انخفاض كميات الفحم الموردة من شركة الكوك إحدى شركات قطاع الأعمال العام، وتقادم التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج، لعدم قيام الدولة بتطوير قطاعات الشركة بالتكنولوجيا الحديثة، وأنها ما زالت تعمل بقطاعات إنتاجية منذ عقدي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ولو تم تحديث التكنولوجيا سوف ينعكس ذلك على جودة الإنتاج وتعظيمه وتخفيض أسعار استهلاك الطاقة، ومن ثم تخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية لمنتجات الشركة.
كل ما هو مكتوب بهذا المقال هو مجرد جزء من معلومات وردت بتقرير الشركة الذي أعدته وعرض على الجمعية العمومية غير العادية، والتي عقدت في ١١ يناير ٢٠٢٠ للنظر في استمرارية الشركة، مرفقًا به جميع المستندات والإحصائيات والدراسات والعروض، لكن يبدو أن الإرادة السياسية لوزارة قطاع الأعمال من قبل انعقاد الجمعية متجهة إلى تصفية الشركة والإبقاء على نشاط المحاجر والمناجم بها لاستغلاله تجاريًا، وأتمنى أن يحظى مصير الشركة بنقاش مجتمعي يعين الدولة على إعادة النظر في قرار تصفيتها حماية للتصنيع المصري والاقتصاد القومي المصري.