في يناير الماضي، تم تنصيب هيثم بن طارق آل سعيد (65 عاما) سلطانًا لعمان، خلفا للسلطان قابوس، الذي توفي عن عمر ناهز 79 عاما، بعد ما يقرب من نصف قرن قضاها في حكم السلطنة استطاع خلاله القفز ببلاده إلى عصر الإنجازات والإعمار بعد عدة تحديات كثيرة في الداخل والخارج.
ومنذ ذلك التاريخ ورغم صعوبة التوقيت خاصة في ظل انتشار جائحة كورونا والتي أثرت بالسلب على اقتصاديات العالم أجمع، بما في ذلك سلطنة عمان بطبيعة الحال، إلا أن “بن طارق” والذي سبق وتولى رئاسة اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية “عمان 2040” ثم وزيرا للتراث والثقافة منذ فبراير 2002، كما شغل العديد من المناصب في وزارة الخارجية ومنها الأمين العام، ووكيل الوزارة للشؤون السياسية ووزير مفوض، كان أمام تحديات كبيرة اقتصادية وسياسية تصل إلى إعادة ترتيب أوراق عمان الداخلية من جديد.
تغييرات طارئة في بنية الحكم
فطوال فترة تولى السلطان قابوس والذي يكن له العمانيون محبة كبيرة، كان كل شيئ تحت سيطرته حتى النشيد الوطني يتغنى باسمه “أبشري قابوس جاء فلتباركه السماء واسعدي والتقيه بالدعاء”، لذا كان على السلطان الجديد قبول التحدي الأول كيف سيتعامل مع كل الملفات التي لن تخلو بكل تأكيد من بصمة السلطان الراحل.
ورغم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي عاشتها سلطنة عمان في ظل جائحة كورونا إلا أنها لم تمنع الرجل الهادئ من التغيير الجري والمؤثر بداية من الإعلان عن تغيير النشيد الوطني القديم والإعلان عن نشيد جديد بعد شهر تقريبًا من توليه السلطة.
#النشيد_الوطني بناءً على المرسوم السلطاني رقم (٢٠٢٠/٢) pic.twitter.com/7zZfXZ6W2I
— وزارة التربية والتعليم (@EduGovOman) February 20, 2020
قوبل النشيد الجديد الذي لا يذكر اسم حاكم البلاد، بالثناء والترحيب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبره العديد من المغردين العمانيين نشيدا جامعا يصلح لأي زمن، لكنه كان إشارة على ما ستعيشه السلطنة خلال الفترة القادمة فدون مبالغة كان على السلطان الجديد أن يعيد حتى تقسيمة المناصب والحكومات وضخ دماء جديدة والتخلص من الوجوه القديمة، وربما ساعده في ذلك الطبيعة الهادئة للسلطنة.
كما كان على الرجل الحفاظ على سياسة عمان والتي عرفت بها طوال تاريخها (الحياد)، وجميعها ملفات هامة، لكن بقى أهم الملفات هي كيف تختار السلطنة “السلطان الجديد”.
اقرأ أيضًا: الخليج في أسبوع| سلطنة عمان تطوي حقبة قابوس.. واستقالة الحكومة الكويتية بعد شهر من تكليفها.. والمرأة السعودية تقترب من تولي منصب القاضي
طي صفحة قابوس بنظام جديد
فالنظام القديم والذي أقره السلطان قابوس (لم يكن له وريث) هو أن “مجلس العائلة” مرسوم له آلية الاختيار، وحين توفي قابوس قام مجلس العائلة المالكة بالاجتماع للاختيار، والمجلس كان وفق الآلية أنه وخلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان يحدد من ينتقل إليه الحكم حسب الدستور العماني، وإذا تباينت الآراء في المجلس، تُفتح رسالة تركها السلطان وحدد فيها اسم خليفته، ثم يعين في منصب السلطان.
لكن ذلك النظام لم يعد قابل للتحقيق وباتت السلطانة في حاجة إلى آلية جديدة تساعد في استقرار الحكم في حال حدث أي مكروه للسلطان وهو ما دفع السلطان هيثم بن طارق بعد عام فقط من توليه الحكم لإصدار مرسوم بتحديد “النظام الأساسي للدولة”.
وتضمن النظام الجديد تعديلات على آلية انتقال الحكم، تشير إلى أن ولاية الحكم تنتقل من السلطان إلى أكبر أبنائه سناً، ما يجعل أكبر أبناء السلطان هيثم بن طارق، ولياً للعهد.
وكان السلطان أصدر مرسوماً الاثنين قضى بوضع آلية محددة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة ولتعيين ولي عهد للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وذلك بعد مرور عام على توليه مقاليد الحكم في السلطنة.
ووفقاً لما نشرته الجريدة الرسمية، فقد نص النظام الأساسي الجديد، في المادة الخامسة منه، تنتقل ولاية الحكم من السلطان إلى أكبر أبنائه سناً، ثم أكبر أبناء هذا الابن، وهكذا طبقة بعد طبقة».
وأضاف نص المادة الخامسة «إذا توفي الابن الأكبر قبل أن تنتقل إليه ولاية الحكم، انتقلت إلى أكبر أبنائه، ولو كان للمتوفى إخوة». وفي حال لم يكن للمتوفي أبناء، ينتقل الحكم إلى أكبر إخوته. وفي مادة أخرى، جاء في النظام الأساسي “إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة السلطان صلاحياته، يحل محله ولي العهد”.
وتلتفت المواد المعدلة في المرسوم السلطاني على إنشاء لجنة تابعة للسلطان مباشرة تقيم أداء الوزراء ووكلائهم والعاملين في الجهاز الإداري للدولة، ويأتي هذا بجانب تشكيل «جهاز الرقابة المالية والإدارية» الذي يختص بالمتابعة المالية والإدارية لوحدات الجهاز الإداري للدولة.
اقرأ أيضًا: الخليج في أسبوع| اتفاق العلا يلم الشمل.. وأزمة بين الكويت والإمارات بسبب صحيفة “العرب”.. وسلطنة عمان تبدأ مرحلة جديدة من ترشيد الرواتب
وتشير السيرة الذاتية لـذي يزن، إلى أنه أكبر أبناء السلطان هيثم، وهو من مواليد 21 أغسطس 1990، وعُيّن بمنصب وزير الثقافة والرياضة والشباب التي تشكلت من اندماج وزارة الثقافة ووزارة الشؤون الرياضية ووزارة شؤون الفنون واللجنة الوطنية للشباب، منذ أغسطس الماضي.
وعمل ذي يزن سكرتيرا ثانيا في السفارة العُمانية لدى بريطانيا، ورعى حفل يوم الشباب العُماني في أكتوبر 2019، وكذلك كأس السلطان لكرة القدم في الشهر ذاته.
ويحمل ذي يزن درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة أكسفورد في بريطانيا، كما أنه أصغر وزير في حكومة سلطنة عُمان الجديدة.