لم تكن زيارة الدكتور مصطفى مدبولي لمجلس النواب اليوم، كسابقتها، التي كانت تشبه النزهات فعلى مدار 5 سنوات كاملة لم يكشر المجلس السابق أنيابه، وكانت الأمور تمر بهدوء في الغالب، لكن المجلس الحالي قرر أن يبدأ بداية ساخنة مستغلًا زيارة الحكومة.
البرلمان يستدعي الحكومة
لم يمر على انتهاء انتخابات رئاسة البرلمان واللجان سوى أيام معدودة، ثم قررت اللجنة العامة للمجلس استدعاء رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ووزراء حكومته، لعرض موقف كل وزارة من تنفيذ برنامج الحكومة عملاً بالمادة 136 من الدستور.
وقالت اللجنة في بيانها الرسمي، إنه بعد بحث التزام الحكومة بتنفيذ البرنامج، تبين وجود العديد من السلبيات والملاحظات والقصور في تنفيذ البرنامج، بحسب قولها، ما دفع اللجنة العامة، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، استدعاء رئيس مجلس الوزراء، وأعضاء الحكومة، لعرض موقف كل وزارة من تنفيذ البرنامج، على أن يتم ذلك في جلسات عامة متتالية على النحو سوف يحدده مكتب المجلس، ويخطر به مجلس الوزراء.
اقرأ أيضًا: مدبولي يدافع عن الحكومة.. والبرلمان يبدأ عمله بتفعيل الأدوات الرقابية
هذا الاستدعاء ربما يكشف النقاب على رؤية جديدة للبرلمان وإشارة إلى أنه لن يكون كسابقه، في مهادنة أغلب الأوقات مع الحكومة، لكنه سيستدعيها عادة ويناقشها ويواجه رئيس الحكومة بسلبيات إن وجد ذلك.
الحكومة في البرلمان بعد 24 ساعة
بدوره لم يكذب رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي الخبر، فقرر وبعد 24 ساعة فقط التواجد في البرلمان، وهي البادرة التي أثنى عليها رئيس مجلس النواب حنفي جبالي، مشيدًا أيضًا بسرعة استجابة مدبولي وتأكيده على احترام دور “النواب”.
وقال المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، إن المجلس وافق على استدعاء وزراء الحكومة لعرض الموقف التنفيذي للحكومة والوزراء من برنامج الحكومة، ومقارنتة بما ورد في برنامج الحكومة بما تم تنفيذه على أرض الواقع وفقا للجداول التي حددها جدول المجلس، معلنا عن جدول حضور الوزراء خلال الجلسات العامة للمجلس، والتي تستمر لنهاية الأسبوع الجاري.
من جانبه، قال أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن جلسة اليوم عقدت لإبراز المشكلات وليست الإنجازات بالنسبة لنواب المحليات، واصفًا المناقشة بأنها ساخنة على مستوى وزارة التنمية المحلية أو التموين، وذلك في الملفات المتعددة.
وأكد السجيني أن السلطات تمارس أعمالها تحت حالة من الأخذ والعطاء.
وعن بيان وزير التنمية المحلية أمام البرلمان، أوضح أن التعقيب على البيان شهد اعتراضًا من قبل رئيس البرلمان على بعض الملفات، وبالتالي أحال حنفي الجبالي بيان محمود شعراوي إلى اللجنة المختصة بشئونه، ذاكرًا أن هذا يعني أن البرلمان جاد في إعمال أدواته الرقابية، ولديه الإرادة في أن يكون هناك نوع من التعاون مع الحكومة.
وتوقع أن يمثل وزيري الدولة للإعلام والتعليم العالي والبحث العلمي أمام البرلمان غدًا، مضيفًا أن وزير قطاع الأعمال سيمثل أمام البرلمان أيضًا خلال اليومين المقبلين.
وربما يرى البعض بأن هذه البداية للنواب طبيعية على طريقة “الغربال الجديد”، إلا أن عددا من النواب لا يرون ذلك، مستشهدين في ذلك بالدور الذي يقوم به رئيس المجلس الجديد من ضبط الأداء في المجلس ومناقشة كل كبيرة وصغيرة مع رئيس الوزراء، كما ستكشف الأيام القادمة مع توالي حضور الوزراء النية الحقيقة للمجلس.
النائب مصطفى بكري أوضح أن المهندس مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء تفانى في عمله، وقدم جهدا لا يمكن إنكاره بأي حال من الأحوال، رغم ملاحظتنا على أداء بعض الوزراء، وبالتالي سيكون هناك تعديلا وزاريا لن يزيد عن 10 حقائب وزارية.
وانتقد عضو مجلس النواب، سياسيات وزير قطاع الأعمال في التعامل مع شركات قطاع الأعمال، مطالبا بتشكيل لجنة تقصى حقائق برلمانية لشركة الحديد والصلب، معقبًا: “هذا الوزير يسعى إلى تصفية جميع الشركات، وهناك حل لمشكلة شركة الحديد والصلب، ولكن الوزير رفض جميع خطط التطوي”.
مدبولي يقول كلمته أمام النواب
الظهور الأول للدكتور مصطفى مدبولي أمام مجلس النواب استعرض خلاله إنجازات الحكومة خلال العامين الماضين، مضيفا أن العام الماضي كان من أصعب الأعوام التى مرت على تاريخ البشرى حيث ظهرت جائحة كورونا.
وأضاف مصطفى مدبولى خلال كلمته أمام مجلس النواب أن الحكومة المصرية عملت مع البرلمان على تجنيب مصر الآثار شديدة السلبية التى رأينا العالم كله يعانى منها خلال تلك الفترة، مؤكدا أن مصر حققت الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى، ومن المتوقع تحقيق الاكتفاء الذاتى بالكامل من المنتجات البترولية بحلول 2023 ولن نستورد مواد بترولية بعد هذا العام.
وأوضح فى كلمته أمام البرلمان فإن مصر تقترب من الوصول لمليون وحدة سكنية منشأة خلال 5 سنوات، مضيفا أن أكثر من 920 ألف مواطن استفادوا من وحدات الإسكان وأن الحكومة حرصت على التوسع فى إنشاء وتطوير محطات الصرف الصحى والانتهاء من إنشاء محطات لتحلية مياه البحر.
اقرأ أيضًا: الحياة تعود إلى البرلمان المصري بأجندة تشريعية مؤجلة
وأوضح مدبولى، خلال كلمته امام مجلس النواب، أن رؤية مصر 2030 تمثل إطار عمل لكل حكومة حالية أو قادمة، مشيرا إلى أن البرنامج استهدف أن تكون الفترة القادمة هى الانطلاق، والتزمت الحكومة باطلاع الشعب المصرى ونوابه الموقرين على موقف تنفيذ برنامج عملها، فقدمت 3 تقارير لمجلس النواب فى هذا الصدد، وكان أخرها فى نوفمبر 2020.
وتابع: “وضم برنامج الحكومة العديد من المحاور الرئيسية التى تعكس تكليفات رئيس الجمهورية للحكومة”.
مجلس عبد العال سنوات من الهدنة والتوافق
خلال دورة البرلمان الماضي لم نشهد الكثير من الصدامات أو الاستجوابات من البرلمان للحكومة اللهم إلا بعض طلبات الإحاطة قدمها مسئولون، ولم تكن الجلسات مع الحكومة أو الوزراء ساخنة، باستثناء بعض الانتقادات التي وجهها البرلمان للحكومة.
وخلال فترة رئاسة الدكتور مصطفى مدبولي لم يستدعه البرلمان السابق إلا مرة واحدة فكان الظهور الأول له الثالث من يوليو 2018، ليلقي بيانه الأول بعد تشكيل حكومته رسميًّا وأداء اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية في شهر يونيو من نفس العالم، خلفًا للمهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء السابق.
وعبَّر مدبولي خلال كلمته عن سعادته لوجوده بين النواب إرساءً لقواعد دستورية عظيمة تحتم على كل حكومة جديدة أن تقدم برنامجها أمام نواب الشعب؛ لتكون مسؤولة عن تنفيذ هذا البرنامج في حالة إقرار المجلس له.
أما الظهور الثاني فكان بعد 22 يومًا من الظهور الأول للدكتور مدبولي أمام المجلس، وتحديدًا في الخامس والعشرين من يوليو 2018، وذلك للرد على ملاحظات البرلمان، على برنامج الحكومة الذي استعرضه أمام النواب في جلسة الثالث من يوليو الماضي، وذلك بعد أن شهد المجلس إتاحة الفرصة للأعضاء للتعقيب على برنامج الحكومة، وتقرير اللجنة الخاصة، والتي أوصت بمنح الثقة للحكومة على مستوى التشكيل والبرنامج.
وبعد أقل من ثلاثة أشهر من حصول مدبولي على ثقة الحكومة، ظهر رئيس الوزراء في مجلس النواب في الحادي والعشرين من أكتوبر 2019؛ لإلقاء بيان الحكومة بشأن فرض حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، إعمالًا لحكم المادة 154 من الدستور، والتي تنص على ضرورة موافقة المجلس على إعلان حالة الطوارئ، مؤكدًا أن ذلك يسهم في استكمال جهود القوات المسلحة والشرطة في مواجهة الإرهاب والإرهابيين، فضلًا عن تمكين باقي أجهزة الدولة من استكمال خطط التنمية بجميع ربوع مصر.
ولم يكن هذا هو الظهور الوحيد لرئيس الوزراء أمام المجلس لإلقاء بيان فرض حالة الطوارئ؛ حيث عاود الظهور مرة أخرى في الرابع من مايو 2019، والأول من نوفمبر من نفس العام، وكذلك الثالث من مايو 2020، والأول من نوفمبر 2020، وذلك لإلقاء بيان الحكومة بشأن فرض جديد لحالة الطوارئ، وانتهت جميع تلك الجلسات بالموافقة على بيان الحكومة إعمالًا لأحكام الدستور.
وفي الثامن من أكتوبر 2019، ظهر مدبولي أمام البرلمان؛ لعرض ما تحقق خلال 15 شهرًا من تشكيل هذه الحكومة، مؤكدًا أن منهج الحكومة هو استكمال ما بدأته الحكومات السابقة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية؛ حيث تسلم كل حكومة من يعقبها المسؤـولية وَفق ثقافة تكاملية من رؤية ومستهدفات يسعى الجميع لتطبيقها، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الحكومة تعمل على تحقيق الاستقرار الأمني، ودفع عجلة البناء والتنمية في مختلف المجالات داخل الدولة، وذلك بعد فترة عصيبة سابقة شهدت العديد من الاضطرابات السياسية والأمنية.
ولم تكن جميع المرات التي ظهر خلالها مدبولي ساخنة، فغالبية المناقشات كانت عادية في غالبيتها، وربما البرلمان الحالي يتجنب ذلك، ويحاول أن يفرض نفسه وكلمته على الحكومة منذ دور الانعقاد الأول هو ما سيظهر تباعًا.