10 سنوات مرت على ثورة 25 يناير، واليوم في ذكراها يحتفى عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بها، في الوقت الذي غاب فيه الإعلام الرسمي والحكومة، حيث فضلوا الاحتفال بعيد الشرطة، وبعيدًا عن ذلك فالسؤال الذي يبقى ملحًا ما هي مصائر وجوه ثورة يناير، فما بين مطاردين وفي السجون وفي الظل اختفوا تمامًا، ومجموعة تغيرت قناعتها واليوم بعضهم أعضاء في مجلس النواب ونجوم في القنوات الفضائية، فيما أصبح آخرون على قوائم الإرهاب، فما الذي حدث؟
وائل غنيم.. مؤسس كلنا خالد سعيد
ارتبطت الثورة باسم الناشط السياسي وائل غنيم، الذي أسس صفحة “كلنا خالد سعيد”، والتي يمكن تسميتها بالشرارة الأولى للثورة، وخرج في عدة برامج أشهرها مع منى الشاذلي وبكاءه على الشهداء والضحايا، ولكن لم يبق الحال كما هو عليه، فتحول غنيم فكريًا، وعدل عن فكرة الثورة، وأصبح الأمر واضحا في منشوراته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والبث المباشر الخاص به.
بدأ التحول في شخصية غنيم، عندما ظهر في فيديو بعدما حلق شعر رأسه وجابيه أيضا، وأبدى أسفة ويأسه عن ما حل بأحوال البلد، وبث العديد من الفيديوهات لاحقا، عدل خلاها عن فكرة الثورة، وفي الذكرى العاشرة للثورة، كتب “اللي بيدمن احساس الذكرى بيعيش موهوم .. واللي مؤمن بالفكرة بيعيش عشان يصلح نفسه حتى لو مهزوم وائل غنيم – ٢٥ يناير ٢٠٢١ – كاليفورنيا”.
اقرأ أيضًا: كيف حول الربيع العربي خارطة الخطاب الديني؟
تحولات آراء غنيم تقبلها البعض بأنها صدمة لأنه واحد من رموز الثورة، وأطلق عليها آخرون أنها هروب من الهزيمة وربما يحتاج صاحبها لنوع من الدعم النفسي أو العلاج، ولكنه خرج يؤكد عدم حاجته للعلاج، وأنه أصبح متصالحًا الآن مع آرائه وأفكاره التي تغيرت مع الوقت.
طارق الخولي.. عضو مجلس النواب
طارق الخولي عضو سابق في حركة شباب 6 أبريل، ثم أصبح معارضًا للحركة في 17 أبريل 2011، وانفصل عنها وأسس “6 أبريل الجبهة الديمقراطية”.
برز الخولي كعضو مؤسس عقب ذلك في عدد كبير من الحركات الشبابية التي عارضت نظامي مبارك والإخوان، وكان أحد أعضاء المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة الذي ظهر ككيان شبابي معبر عن ثورة 25 يناير حينها.
بعد ذلك انضم الخولي لحملة المشير عبدالفتاح السيسي أثناء ترشحه لرئاسة الجمهورية حينها، وتولى لجنة الشباب في الحملة الرسمية للسيسي، أثناء ترشحه لانتخابات الرئاسة في عام 2014، ثم ترشح في الانتخابات البرلمانية الماضية، مرشحا على قائمة في حب مصر في قطاع القاهرة الكبرى. وحافظ على مقعده في برلمان ٢٠٢١ بعد انضمامه لحزب مستقبل وطن وترشحه على القائمة الوطنية من أجل مصر.
يوسف الحسيني.. مذيع الثورة في مجلس النواب
نفس الحال مع المذيع يوسف الحسيني الذي كان يطلق عليه مذيع الثورة، وقدم العديد من البرلمج منها “السادة المحترمون”، حتى أصبح عضوا في البرلمان.
عارض الحسيني عبر برنامجه “السادة المحترمون”، الذي كان يذاع على قناة “أون تي في”، تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ليختفي عن الشاشة لفترة قصيرة؛ لاتهامه من قبل مناصري نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإهانة الجيش والشعب، قبل أن يعود لتقديم برنامجه من جديد.
عاد الحسيني مجددا لشاشة التليفزيون، ثم ترشح للانتخابات البرلمانية الماضية عن القائمة الوطنية، وقال في أول تصريحات له، إن نواب البرلمان يقومون بدور رقابى حقيقي على الحكومة، وتسعى لتحقيق معدلات نمو جيد لاستكمال مسيرة التنمية، ومن خلال البرلمان تتم متابعة الحكومة بشكل أكثر قربا ودقة.
اقرأ أيضًا: الأعباء القانونية والتشريعية لثورة يناير
علاء عبد الفتاح.. ضيف دائم على السجن
في المقابل لم تتغير قناعات أو آراء علاء عبد الفتاح، أحد رموز الثورة والمشاركين بها، والذي يدفع ثمن إيمانه بها حتى الوقت الحالي، بتواجده في السجن، وبدأت الملاحقة الأمنية للناشط السياسي علاء عبد الفتاح منذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وتواصلت الملاحقة الأمنية ضد عبد الفتاح، والذي تم التحقيق معه في عهد الرئيس محمد مرسي ، ثم القبض عليه مرة أخرى في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، ثم القبض عليه وحبسه احتياطيا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كان قد ألقي القبض عليه عام 2013، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات، وبعد خرجه من السجن أعيد القبض عليه مجددا.
لم تتغير قناعات عبد الفتاح برغم الملاحقة الأمنية المستمرة له، فبعد خروجه من السجن بدأ التدوين عن نظام المراقبة، وكيف أنه يعد عقوبة جديدة، حتى تم إلقاء القبض عليه مجددا، ووضع مؤخرُا ضمن قوائم الإرهاب.
ماهينور المصري.. من الثورة للسجن
ماهينور المصري من الفتيات التي يطلق عليها النشطاء فراشة الثورة المصرية، التي آمنت بالثورة، وبمبادئها وظلت ثابتة على تلك القناعات حتى تم إلقاء القبض عليها.
المصري كانت من أوائل من كشفوا عن وقائع مقتل خالد سعيد، وهو الحدث الذي أشعل ثورة يناير، ثم حكم عليها بالسجن لمدة عام في 2013، ثم سجنت مجددا لمدة عامين في 2014، ونالت جائزة “لودوفيك تراريو” الفرنسية الدولية في 2014، وفي سبتمبر عام 2019 اعتقلت مجددا.
إسراء عبد الفتاح.. من المعارضة للسجن
تعتبر إسراء واحدة من مؤسسي حركة شباب 6 أبريل، وتعرضت للاعتقال عدة مرات قبل اندلاع ثورة يناير وأثناء حكم مبارك، وتحولت عبد الفتاح لواحدة من معارضي حكم جماعة الإخوان المسلمين.
ابتعدت عبد الفتاح عن النشاط السياسي، حتى ظهرت مجددًا في عام 2019، أثناء القبض عليها، وقالت في التحقيقات إنها تعرضت للتعذيب وسرقة سيارتها، ولا تزال داخل السجن حتى الآن، مع وضعها أيضا على قوائم الإرهاب.
أحمد دومة..السجن المشدد
أحمد دومة واحد من رموز الثورة أيضا، وهو صحفي وناشط سياسي مصري، ومتحدث سابق باسم “ائتلاف شباب الثورة”، والتي تعد إحدى الحركات الشبابية التي ظهرت عقب ثورة يناير.
اعتقل دومة وسجن عدة مرات، في عهد مبارك وفي فترة حكم المجلس العسكري وفي عهد مرسي، وأدين بالسجن المشدد 15 عاماً وبغرامة مالية قدرها ستة ملايين جنيه، في قضية التعدي على مبان حكومية ومنها مبنى مجلس الوزراء.
تزوج دومة قبل القبض عليه بما يقرب من 6 أشهر، من نورهان حفظي الصحفية والناشطة السياسية أيضا، وانفصلا بعد فترة طويلة من سجن دومة، وكتب حينها دومة في خطاب له، أن انفصاله يراه واحدة من هزائم الثورة التي تلقاها.
اقرأ أيضًا: بعد 25 يناير.. ما الذي تغير في السينما المصرية؟
أحمد ماهر.. تحت المراقبة
يمكن أن تكون التحولات الفكرية البعد عن السياسة، وهذا ما تم مع المهندس أحمد ماهر، مؤسس ومنسق حركة شباب 6 أبريل، والتي ارتبط اسمها واسمه بثورة يناير، برغم وجود الحركة من عام 2008 مع احتجاجات عمال المحلة.
اعتقل ماهر ثلاث مرات في عهد مبارك ومرة في عهد مرسي. وفي نهاية عام 2013 حكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة “التحريض ومخالفة قانون التظاهر”. وتم إطلاق سراحه عام 2017، مع المراقبة الشرطية لمدة ثلاث سنوات أخرى.
خرج منسق حركة شباب 6 أبريل من السجن، وقرر الابتعاد عن العمل السياسي، فلا تصريحات له في الصحف أو حتى آراء عبر صفحته الشخصية، فقط ينشر صورا لهوايته المفضلة وهي ركوب الدراجات، وينصح بها، ومن حين لآخر يكتب رسائل قصيرة تطلب الإفراج عن أعضاء الحركة الذين ما زالوا داخل السجن.
أسماء محفوظ.. العودة إلى الظل
اتخذت أسماء محفوظ موقفا مشابها لماهر، فبعد أن كانت واحدة من الأسماء التي تتردد كثيرا في الإعلام، وارتباطه بثورة يناير، ابتعدت عن السياسية، وخصصت صفحتها الشخصية للحديث عن أسرتها وطفليها، وقالت في إحدى المنشورات الخاصة بها، إنها قررت بالفعل الابتعاد عن هذا العالم، والبحث عن طريقة تسقط من عليها قرار منع السفر.
محفوط كانت ناشطة سياسية، وعضو مؤسس في حركة 6 أبريل، وفي عام 2011، كانت محفوظ ضمن خمسة من ناشطي الثورات العربية الذين فازوا بجائزة ساخاروف لحرية الفكر التي يمنحها الاتحاد الأوروبي.
محمد البرادعي.. الاكتفاء بتدوينات تويتر
عاد محمد البرادعي إلى مصر في 2010 وأصبح رئيس الجبهة الوطنية للتغيير المعارضة التي شاركت في الدعوة لإسقاط نظام مبارك، وفي عام 2012 أسس حزب الدستور تحت راية جبهة الإنقاذ الوطني التي شكلت المعارضة الرئيسية ضد مرسي، وعين بعدها نائباً للرئيس المؤقت للشؤون الخارجية، لكنه استقال وغادر إلى فيينا.
البرادعي دبلوماسي وسياسي حصل على جائزة نوبل للسلام 2005 بالمشاركة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال عمله مديرا لها.
وفي تدوينته الأخيرة في ذكرى الثورة كتب “ثار المصريون لحريتهم وكرامتهم عندما سُدت أمامهم أبواب التغيير. واجهوا تحديات وعقبات عديدة وخُدعوا كثيراً واخطأوا كثيراً وضحوا كثيراً ولكن في كل ذلك تعلموا وتغيروا كثيراً. مسيرة الشعوب نحو الحرية دائما طويلة وإذا كان من الممكن تعطيلها فانه من المستحيل وأدها الثورة يناير”.