“لا داعي للاحتفال”، “لم تعد هناك ثورة”، “تحولت إلى مجرد ذكرى” هزيمة الثورة” ما بين كلمات يأسة وأخرى ما تزال تحلم وتحمل الألم تأتي الذكرى العاشرة لثورات الربيع العربي، الكثير من الشباب كفر بها، وبعضهم ما يزال يأمل في أن تحقق المراد، وبعضهم يعاني من ويلات إلى يومنا.
من تونس إلى مصر، وليبيا واليمن سوريا، لم تتوقف الشرارة تغيرت أنظمة وجاءت أنظمة أخرى وبعض هذه البلاد حالة لا يسر أحد، وبعضها الأخر ما زال تائهًا وقليل هو الذي استعاد بعض من قوته واتزانه.
بداية شرارة “الربيع” العربي كانت من تونس بعدما أشعل البائع المتجول محمد البوعزيزي النار بجسده، بعد صب الوقود على نفسه في ولاية سيدي بوزيد، احتجاجاً على احتجاز السلطات المحلية بضاعته في 17 من ديسمبر 2010، وهو أثار غضباً واسعاً غير مسبوق، خاصةً بعد وفاة البوعزيزي متأثراً بإصابته في الرابع من يناير لتبدأ بذلك حركة الاحتجاج ضد الرئيس زين العابدين بن علي الذي بقي في السلطة لمدة 23 عاماً، عمت أنحاء البلاد. وفي الشهر ذاته اندلعت احتجاجات في كل من مصر وليبيا قبل أن تمتد للمغرب وكذلك إلى الجزائر.
واليوم بعد 10 سنوات ما الذي تغير في بلدان الربيع العربي؟
اقرأ أيضًا: ثورة يناير بين فشل السلطة وسلطة الفشل
تونس.. صراع النهضة والرئيس
في تونس تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الشعبية في عدد من مدن وشوارع تونس، خلال الأيام القليلة الماضية، بالتزامن مع الذكرى العاشرة لثورة الياسمين وسقوط نظام الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، وقع على إثرها العديد من أعمال العنف واعتقلت الشرطة ما يقرب من 1000 تونسي خلال 4 أيام فقط.
الجزء الأكبر من المشكلة أيضًا هو الخلاف القوي وعملية الاستقطاب بين الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي وحزبه النهضة المسيطر على الحياة السياسية هناك، وهو ما يوقع مؤسسات الدولة، التشريعية والتنفيذية، في متوالية إخفاق وفشل متكررين، تشل فعاليتها.
وتزامنت المظاهرات في تونس مع تغييرات وزارية، أعلن عنها رئيس الحكومة، هشام المشيشي، السبت الماضي، وقد عين 12 وزيراً جديداً، شملت وزيري العدل والداخلية والذي لم يمض على تعيينه سوى أربعة أشهر، تبرز جانباً من الصراع بين مؤسستي الرئاسة (قيس سعيد) والبرلمان (راشد الغنوشي).
وحذر مراقبون من تفاقمه في ظل نفاد صبر التونسيين الذين تعاقب عليهم 5 رؤساء و9 رؤساء حكومات بعد ثورة 2011، دون أن يتمكن أحدهم من إقناع السواد الأعظم من الشعب أنه يعمل على ضبط بوصلة البلاد في الاتجاه الذي يرتقي لتحقيق تطلعات التونسيين، فالوضع يزداد تدهورا والأفق يزداد انسدادا، بحسب الكثير من المراقبين”.
اقرأ أيضًا: في ذكرى ثورة الياسمين.. شوارع تونس تفيض بالمحتجين ضد خلافات الغنوشي والرئيس
مصر تتخلص من الإخوان وعهد جديد للسيسي
خلال 10 سنوات ماضية مرت مصر بالعديد من التحولات بعد سقوط نظام مبارك وتولي المجلس العسكري السلطة ثم الإخوان المسلمين الذين حاولوا السيطرة على كل مؤسسات الدولة، ومع تزايد الضغوط الاقتصادية وفشل الجماعة في التعامل معها، باتت الإنفجار وشيكًا.
فلم تكتف مصر بثورة واحدة في 25 يناير، بل أصبحت جماعة الإخوان في مهب الرياح بعدما خرج الشعب المصري في 30 يونيو للمطالبة بإسقاط نظام جماعة الإخوان المسلمين، وهو الأمر الذي استدعى تدخل القوات المسلحة بقيادة وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي، لتبدأ مصر مرحلة جديدة بتولي عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية الحكم لحين، إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة.
وبالإضافة للأزمات الاقتصادية الكثيرة التي عانت مصر منها، فإنها عانت أيضا ويلات الإرهاب في سيناء وفي العديد من محافظات مصر، مع تنامي قوة التنظيمات الإرهابية داعش، وحسم، وقبلهم وأنصار بيت المقدس.
وطوال تلك السنوات عانت مصر من الإرهاب ومن مشاكل اقتصادية مع أيضًا تراجع سقف الحريات إلى حد بعيد، وعلى الرغم من ذلك فإن السنوات الثلاث الأخيرة هي الأفضل في العقد الأخير حيث شهدت مصر استقرار أمني كبير، ونمو اقتصادي في عدد من القطاعات بغض النظر انه لم يظهر بشكل واضح على مستوى المعيشة.
لكن وفوق كل هذا تأتي الذكرى العاشرة تحمل الإحباط لدى قطاع كبير من الشباب الذي شارك في ثورة يناير حالة من الإحباط بشكل عام، كما أن الدولة بكل أجهزتها تجاهلت المناسبة تمامًا.
اقرأ أيضًا: كيف حول الربيع العربي خارطة الخطاب الديني؟
سوريا.. ما تزال تحت القصف
حين اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف مارس 2011، لم يتخيل المتظاهرون أن مطالبهم بالديمقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الواحد والعشرين، وأن حراكهم الذي سرعان ما واجهته قوات الأمن بالقوة والقمع سيتحول حربا مدمرة تشارك فيها أطراف عدة خصوصا مع صعود نفوذ التنظيمات الجهادية”.
على مدار 10 سنوات تحولت سوريا إلى ساحة حرب كبيرة ومرتع لعدد من جيوش العالم، أمريكا، روسيا، وتركيا، بالإضافة لتنظيمات جهادية من جبهة النصرة لداعش، وحركات كردية تدعوا للاستقلال بينما ملايين السوريين في الداخل يعانون الجوع والفقر ونقص الكهربا والوقود ومجموعة أخرى يعاملون كلاجئين في الخارج.
وعلى الرغم من كل ذلك فما تزال السلطة السورية كما هي على رأسها بشار الأسد دون تغيير أو تغيرات كبيرة تطرأ على سوريا، إلا انها اوشكت على التخلص من التنظيمات الجهادية وتبحث عن طريق جديد للخروج من نفق الحرب.
اليمن الفقير يعاني الجوع والحرب
وصلت رياح الربيع العربي إلى اليمن بسرعة في العام 2011، لكن بعد عشر سنوات على هتاف اليمنيين مطالبين بإسقاط سلطة حكمتهم لعقود بيد من حديد، يغرق البلد الفقير في مستنقع حرب دامية دفعته إلى حافة المجاعة.
خرج علي عبد الله صالح من الحكم، ومات مقتولا فيما بعد، وسقطت اليمن في يد الحوثيين ودخلت بعدها مرحلة جديدة من الفقر والجوع والحرب، بعدما أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية عن شن الحرب على تنظيم الحوثي المدعوم من إيران.
سنوات 10 عانى فيها اليمنين من الحروب والجوع والفقر والأمراض، وإلى اليوم لم تستقر اليمن حتى الأن.
اقرأ أيضًا: ليلى سويف تكتب: عشر سنوات على ثورات الربيع العربي
ليبيا.. تبحث عن طريق للخروج
خرج الليبيون، ومات القذافي، انتشرت التنظيمات الإرهابية في كل مكان وعانت ليبيا حتى يومنا من الإرهاب والانقسام وبين سيطرة جماعة الإخوان والتنظيمات الليبية كما أصبحت اليوم بين حكومتين.
على مدار 10 سنوات عانت ليبيا بشكل كبير من الصراع المسلح على أرضها، وحتى اليوم فشلت كل المفاوضات لتشكيل حكومة موحدة والاستقرار على نظام حكم ورئيس واحد للبلاد وباتت ليبيا منقسمة.