تشهد حركة الاستيراد والتصدير العالمية أزمة غير مسبوقة حاليًا، مع ارتفاع أسعار خدمات الشحن بنسبة قياسية وصلت إلى 100% للبضائع الواردة من الهند وأوروبا. ونحو 400% للسلع التي يتم استيرادها من الصين. ذلك تزامنًا مع ما يعانيه المستوردون حاليًا من تناقص أعداد الحاويات الفارغة في آسيا وتحديدًا الصين. الأمر الذي كان سببًا رئيسيًا في مواصلة أسعار الشحن ارتفاعها بوتيرة متسارعة خلال الأسابيع الأخيرة.
ففي بريطانيا، بات المستوردون يدفعون 1600 جنيه إسترليني لكل حاوية في نوفمبر. الأمر الذي يكبد تجار التجزئة خسائر بيعية كبيرة لرفع أسعار السلع في النهاية، وذلك بصورة لا تتناسب مع القدرات الشرائية للجمهور.
صناعة الشحن تواجه أزمة غير مسبوقة منذ عقدين
تشهد الموانئ العالمية حاليًا اختناقات كبيرة وأزمة لم تشهدها صناعة الخدمات اللوجيستية عالميًا منذ عقدين. خاصة في ظل تنامي التسوق عبر الإنترنت، وزيادة الطلب على البضائع من الصين. بينما تشكو شركات أوروبية عجزها عن امتصاص تكاليف الشحن الباهظة التي تفرضها خطوط الشحن. ما يترتب عليه ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين أو الشركات التي يتعين عليها الإغلاق.
تزامنًا مع ذلك، فقد أدى انتعاش الطلب العالمي على السلع بعد ركود العام الماضي إلى عجز واضح في الحاويات العالمية المتاحة. خاصة مع عودة قطارات الشحن الصينية إلى أوروبا للعمل بأقصى قوة.
أيضًا، لم يواكب تزايد الطلب على البضاعة الصينية تزايدًا في حجم التبادل التجاري. بمعنى أن الحاويات التي تذهب تظل لفترة بموانئ الاستيراد دون توفر بضائع تعود بها في الاتجاه المعاكس.
إلى ذلك، تواجه صناعة الشحن العالمية أيضًا عبئا جديدًا أضافته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي وضعت خطة لفرض ضريبة على الشركات متعددة الجنسيات.
شركات الشحن العالمية.. مليون وحدة مكافئة
تدير شركات الشحن العالمية مئات السفن (المملوكة والمستأجرة)، والتي تصل سعة حاوياتها إلى أكثر من مليون وحدة مكافئة للحاوية سعة 20 قدمًا. وفي مقدمة تلك الشركات (A.P Moller-Maersk Group) وهي شركة دانماركية ولديها 651 سفينة، منها 249 سفينة مملوكة للشركة، و402 سفينة مستأجرة. وأيضًا شركة (Mediterranean Shipping Company) السويسرية، ولديها 507 سفن، بما في ذلك 189 سفينة مملوكة لها، و318 سفينة مستأجرة.
وتمتك CMA CGM Group سفنًا يبلغ عددها 494 سفينة، بما في ذلك 116 سفينة مملوكة لها، و378 سفينة مستأجرة، وتعمل في 200 طريق شحن، بين 420 ميناء في 150 دولة. وقد حققت الشركة إيرادات بلغت 16 مليار دولار.
كما تمتلك (China Ocean Shipping Company) عدد 331 سفينة، من بينها 82 سفينة مملوكة للشركة، و249 سفينة مستأجرة، و(Hapag-Lloyd) ولديها 213 سفينة، و(Evergreen Line) ولديها 195 سفينة بينها 105 سفن مملوكة لها، و90 سفينة مستأجرة.
محاولات تركية للاستفادة من أزمة الحاويات
حاولت تركيا الاستفادة من أزمة الحاويات، ودخلت وزارتا الصناعة والتجارة التركيتان في مفاوضات مع الشركات المصنعة المحلية لإنتاج حاويات الشحن، وفي مقدمتها شركتا “Dorçe” و”Karmod” المحليتين اللتان تنتجان الحاويات منذ سنوات، وتبحثان حاليًا عن شهادة CSC التي صدرت في أعقاب الاتفاقية الدولية للحاويات الآمنة عام 1972، قبل أن تبدأ بإنتاج حاويات الشحن الدولية.
تنفذ الصين 85% من تجارة الحاويات في العالم. لكنها قلصت الإنتاج بنسبة 40% خلال الوباء. بينما يتراوح الطلب السنوي على الحاويات في تركيا بين 5 و10 آلاف حاوية من أجل تصدير منتجاتها. خاصة بعدما أفلست شركة كانت تنتجها في ولاية إزمير. ذلك بعدما كانت تنتج الحاوية بتكلفة 1200 دولار وتبيعها مقابل 1500 دولار، حينما خفضت بكين أسعار الحاويات إلى 800 دولار.
تأثر محلي بتكاليف النقل الباهظة
وفقًا لشعبة مستخلصي جمارك بورسعيد بالغرفة التجارية، فإن اتجاه دول أوروبا لتطبيق سياسات مواجهة كورونا أثر على حجم صادراتها. أو بمعنى آخر معدل دوران الحاوية الواحدة. وتراجعت أعداد السفن بالموانئ الصينية بوجه عام. ذلك بسبب حملات الصيانة التي تجريها لتغيير نوع الوقود الذي تستخدمه إلى أنواع أقل ضررًا للبيئة، وفق تعليمات المنظمة البحرية الدولية.
يقول مصطفى المكاوي، رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بكفر الشيخ، إن الاستيراد والتصدير يمران بمرحلة حرجة لعدة أسباب أهمها تداعيات جائحة كورونا والرسوم الجديدة التي تم فرضها.
أضاف أن تلك الزيادات سببها جشع “الشركات متعددة الجنسيات” والتي تستحوذ على النقل بالعالم. وهذا يؤدى إلى زيادة النفقات على المستورد وبناء عليه الزيادة الجبرية من ناحية المستورد ليغطي تكاليف النقل الباهظة. ما يتطلب تفعيل الشباك الواحد وتشغيله بطريقه صحيحة، حتى لا يحدث تكدس بالموانئ المصرية والتي يتحملها المستورد وبالتالي يتم تحميلها على سعر البضاعة.
مخاوف من أزمة بصادرات الحاصلات الزراعية
ويقول أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين، إن تأثيرات كورونا مستمرة على التجارة العالمية، وكانت السبب في أزمة الشحن، فبعض السفن التي تصل طاقتها لــ 7 آلاف حاوية تغادر بعدد محدود من الحاويات، وبالتالي يتم تقسيم التكلفة على كل منها.
وفق بيانات شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، فإن التكلفة ارتفعت من ألفي دولار إلى ما بين 8 إلى 10 آلاف للحاوية الواحدة. كما يحدث تفاوت في أسعار الشحن فبعض الحاويات تأتي إلى العين السخنة بسعر 5500 دولار، وفي المقابل نفس الحاوية تذهب إلى الإسكندرية بأسعار تصل إلى 9500 دولار.
يخشى المصدرون أيضًا أن تنعكس الأزمة عليهم وأن تسبب مشكلة لصادرات الحاصلات الزراعية مع ارتفاع سعر نولون شحن الحاوية 40 قدمًا لجنوب شرق آسيا إلى 3 آلاف دولار. بينما قفز للموانئ مجاورة في سلطنة عمان بنحو 450% إلى مستوى 1800 دولار.
وأشار شيحة، لـ”مصر 360″، إلى الأعباء التي تحملتها صناعة الشحن العالمية بسبب الإجراءات الاحترازية التي تشهد فحص الحاويات أكثر من مرة. وأشار إلى أن تأثيراتها ستظهر في الأسواق على اعتبار أن المستورد يحمل تكلفة الشحن لسعر السلعة التي يبيع بها بضاعته.